نتيجة المرحلة الأولى 2024 أدبي كاملة.. مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025    محافظ الجيزة: وزارة الكهرباء أمدتنا بسيارات طوارئ ومولدات.. والأزمة في طريقها للحل    بسبب الإجراءات.. وزير السياحة: المطارات المصرية من أفضل المطارات في العالم    «تنظيم الاتصالات» يعلن إيقاف 13 ألف موبايل والاشتباه في 60 ألفًا    متابعة جهود التحول إلى الري الحديث في زراعات قصب السكر بمنطقة بلوخر أسوان    غدًا.. انطلاق ثاني قطارات عودة السودانيين الطوعية    زعيم كوريا الشمالية خلال إحياء ذكرى الهدنة مع سيئول: لا ننسى جهود الصينيين    أمريكا.. احتجاز رجل متهم بطعن 11 شخصا في ولاية ميشيجان    حكومة غزة: المجاعة تزداد شراسة وما يجري مسرحية هزلية    موقف الزمالك من بيع أحمد فتوح.. إعلامي يكشف مفاجأة    رتوش أخيرة.. إعلامي يكشف رحيل نجم الأهلي إلى أوروبا    مواعيد وملاعب مباريات الزمالك في الدوري المصري.. والتوقيت    لاعب الاتحاد: جماهير الزمالك ظلمت مصطفى شلبي    لويس دياز يقترب من الانتقال إلى الدورى الألماني    رابط مفعل الآن.. رغبات المرحلة الأولى لتنسيق الجامعات 2025    بيان مهم بشأن موعد انكسار الموجة الحارة وحالة الطقس في القاهرة والمحافظات    مصرع طفلة وإصابة 5 آخرين في انهيار جدار منزل بقنا    عاش «أزمة نسب» ورفض الخضوع لجراحة دقيقة.. 6 محطات من حياة زياد الرحباني    وائل جسار: عمرو دياب بحس دماغه شبابية.. وتامر حسني قلبه قلب طفل (فيديو)    انطلاق مهرجان الأوبرا الصيفي باستاد الإسكندرية بأغاني الفلكلور ونجوم الشباب    في ذكرى رحيله.. يوسف شاهين "فلسفة إخراجية طرقت أبواب العالمية"    "وصلة" مع الأجيال.. المهرجان القومي للمسرح يحتفي بمسيرة المخرجين عصام السيد وإسلام إمام    هل الحر الشديد غضب من الله؟.. عضو بمركز الأزهر تُجيب    قافلة عاجلة من «بيت الزكاة والصدقات» محملة بآلاف الأطنان من المواد الغذائية في طريقها إلى غزة    هل تجوز الصلاة بالبنطلون أو «الفانلة الداخلية»؟ أمين الإفتاء يُجيب    فريق طبي بجامعة أسيوط يعيد الأمل لشاب بعد إصابته بطلق ناري نتج عنه شلل بالوجه    الدكتور «أحمد البيلي» وكيلاً لوزارة الصحة ب الشرقية (تفاصيل)    للرجال فوق سن الثلاثين.. 5 أطعمة تساعدك على إنقاص دهون البطن    حرارة الشمس تحرق الاحتلال.. إجلاء 16 جنديا من غزة بسبب ضربة شمس    "تركوه غارقًا في دمائه".. كواليس مقتل سائق "توك توك" غدرًا بأبو زعبل    محافظ الوادي الجديد ينعى مدير الأمن الراحل إثر حادث سير بالمنيا    هولندا تصنّف إسرائيل ك"تهديد لأمنها القومي".. فما السبب؟    اختبارات توجيه طلاب الإعدادية والثانوية إلى أفضل المسارات التعليمية    ننشر أسماء أوائل الشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء.. الطالبات يتفوقن على الطلبة ويحصدن المراكز الأولى    مدبولي يوجه بمراجعة أعمال الصيانة بجميع الطرق وتشديد العقوبات الخاصة بمخالفات القيادة    تأجيل محاكمة 108 متهمين بخلية "داعش القطامية" ل 28 أكتوبر    الكونغو.. مقتل 21 شخصًا على الأقل بهجوم على كنيسة في شرق البلاد    تعرف على طرق الوقاية من الإجهاد الحراري في الصيف    ذكرى وفاة «طبيب الغلابة»    الغربية تستجيب لمطالب أولياء الأمور وتُخفض الحد الأدنى للقبول بالثانوي العام    وزير الثقافة يزور الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم بعد نقله إلى معهد ناصر    رئيس اقتصادية قناة السويس يستقبل وفدا صينيا لبحث التعاون المشترك    «فتح»: غزة بلا ملاذ آمن.. الاحتلال يقصف كل مكان والضحية الشعب الفلسطيني    قبل كوكا.. ماذا قدم لاعبو الأهلي في الدوري التركي؟    بالفيديو.. مركز المعلومات ينشر جهود "التعليم العالي" للارتقاء بالمعاهد    بعد عودتها.. تعرف على أسعار أكبر سيارة تقدمها "ساوايست" في مصر    داليا مصطفى تدعم وفاء عامر: "يا جبل ما يهزك ريح"    لوائح الدوري المصري 2026 – عقوبات الجمهور.. وسلطة مطلقة لرابطة الأندية    مجلس جامعة بني سويف ينظم ممراً شرفياً لاستقبال الدكتور منصور حسن    لمروره بأزمة نفسيه.. انتحار سائق سرفيس شنقًا في الفيوم    وزير البترول يبحث خطط IPIC لصناعة المواسير لزيادة استثماراتها في مصر    الجيش السودانى معلقا على تشكيل حكومة موازية: سيبقى السودان موحدا    وزير التموين يفتتح سوق "اليوم الواحد" بمنطقة الجمالية    «مصر تستحق» «الوطنية للانتخابات» تحث الناخبين على التصويت فى انتخابات الشيوخ    مصر تنتصر ل«نون النسوة».. نائبات مصر تحت قبة البرلمان وحضور رقابي وتشريعي.. تمثيل نسائي واسع في مواقع قيادية    جواو فيليكس يقترب من الانتقال إلى النصر السعودي    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من شكري بلعيد.. إلى المعري وطه حسين
نشر في الأهرام العربي يوم 23 - 02 - 2013

في تونس.. لم يكتف “الظلاميون" بقتل شكري بلعيد، بل هددوا بتدنيس مثواه الأخير.. وآخر أفعالهم الشنعاء، تدمير تمثال خاص بالراحل، أقيم لتكريمه وتخليد ذكراه وتعبيراً عن الرفض الشديد للهجمة الهمجية.. الظلاميون الذين أرادوا إطفاء روح بلعيد الوثّابة، وقتل فكره التنويري الحداثي، أشعلوا من حيث لا يريدون ولا يدرون، مليون شمعة في عقول وقلوب شباب تونس وشاباتها، والمؤكد أن المستقبل لن يكون للمتحدرين حديثاً من الكهوف.
في معرة النعمان، قضى الظلاميون أياماً في شحذ سيوفهم، بانتظار لحظة الانقضاض على رأس شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء، أبو العلاء المعري، ابن المدينة السورية الجميلة، التي أشاع المجرمون في جنباتهم، مظاهر القتل والأشلاء والدمار والخراب، وأرادوا أن يستأصلوها من التاريخ باستئصال تمثال الرجل، الذي منح المدينة، بل وسوريا والمشرق، بعضاً من إرثه وذائقته ولونه.
وأعترف، بأن إحساساً شخصياً بالخسارة قد أصابني وأنا أقرأ فَزِعاً هذا الخبر، كيف ولا وقد تشربت قصائد الرجل في سنّ مبكرة، على يد ولسان الوالد يرحمه الله، الذي لم يتأثر بشاعر أو فيلسوف مثلما تأثر بأبي العلاء، ولم يحفظ لشاعر عربي مثلما حفظ للمعري.
في المنيا، وعلى مقربة من النيل العظيم، كان فقهاء الظلاميون يتحينون الفرص للانقضاض على قامة فكرية وأدبية سامقة، أحد أهم رموز الحداثة العربية، طه حسين ابن المدينة والمحافظة.. حيث استفاق الأهلون، ليجدوا أن مدينتهم قد فقدت روحها، ودائماً تحت جنح فكر ظلامي تكفيري، يعرف كيف يشيع القتل والخراب والكراهية، ولم ينجح في بناء مدماك واحد في صرح حضارتنا وثقافتنا ومقاومتنا وتقدمنا.
وما أن سمعت الخبر، حتى قفزت إلى ذاكرتي، أول تجربة في مجال “البحث والدراسة والنشر"، عندما نجحت في جمع كوكبة من خيرة العقول العربية، حول “مشروع عيبال للدراسات والنشر"، وأصدرنا كتاباً دورياً حمل اسم “قضايا وشهادات"، خصصنا العدد الأول منه، لطه حسين، أو مدرسة العقلانية والحداثة والتنوير، بمبادرة من كل سعدالله ونوس وفيصل دراج وجابر عصفور وعبدالرحمن منيف وإسهام نشط من لدنهم.
في تونس، كما في مصر وغيرها من دول العالمين العربي والإسلامي، جعل الظلاميون من مراقد الأئمة والصالحين والأولياء، هدفا لسيوفهم وعبواتهم الناسفة، بدعوى التوحيد، والواحد منهم براء.. وقبلها فعلوا شيئاً منكراً في “باميان" والهند والباكستان، وفي كل مكان حلّوا فيه وارتحلوا.
واقترح أن تتنبه دولنا ومجتعاتنا لما ينوي هؤلاء فعله في البقية الباقية من إرثنا الفكري والأدبي والثقافي والروحي.. اقترح أن نحذو حذو تونس، فنسيّر الدوريات الراجلة والمؤللة، دفاعاً عن تماثيل عظمائنا وما تركه لنا الآباء والأجداد المؤسسون، وما خلفته على أرضنا، أمم وحضارات سادت ثم بادت.
اقترح أن ترابط وحدات من الجيش المصري حول تمثال أبي الهول، وأن نصطف طوابير للدفاع عن “البتراء".. وأن ينهض العراقيون لحماية كنوز “ما بين النهرين".. وأن يتحول الصوفيّون منا إلى “ميليشيات مسلحة" ذوداً عن الأضرحة والمزارات والمقامات.. فالخطر داهم، وهؤلاء الذي لم يكرم الله وجوههم بقتل جندي إسرائيلي واحد، يعلنون النفير العام، ضد إرثنا وثقافتنا وذاكرتنا.
أصدقكم القول، أن صوراً من فيلم “فهرنهايت 451" تداعت إلى مخيلتي وأنا أتابع أخبار هذه الاعتداءات الآثمة.. صورٌ تحكي عن مجتمع يخضع لنظام شمولي عبر جهاز التلفاز، وتقوم فرق فاشية سوداء، بالبحث عن الكتب -كل الكتب- لحرقها، و451 هي درجة الحرارة الكافية لحرق أي كتاب على أية حال، مهما كان حجمه أو نوعية المادة المصنوع منها.. أما الرد فيأتي من فرقة طليعية، تقرر تكليف كل فرد منها بحفظ كتاب على ظهر قلب، حتى لا يضيع تراث الإنسانية وفكرها، وهكذا كان، صار كل واحد منهم، يحمل اسم الكتاب الذي يحفظه غيباً.. قضى النظام وانصرف، وظلت التراث الإنساني حياً في عقول وصدور وقلوب من قرروا حفظه وتوريثه للأجيال التالية من الإنسانية.
نقلاً عن "الدستور الأردنية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.