بلاغ إلى الله....

يارب أشكو اليك هوان حالى وقلة حيلتى، فى وطن خائب، ينام على وجع ويصحو على فاجعة.. وطن يدفن أجمل من فيه كل صباح، ويعود ليكمل نومه غارقا فى عرق الجوع والجهل والغباء.. وطن يحركه الفاشلون ويستغله اللصوص ويرتع فيه الخونة.
يارب أصبحنا نودع الشهداء كأنهم غرباء، كأنهم ليسوا إخوتنا، لا نمنحهم حقهم حتى فى الحزن عليهم.. نخدعهم بكلمات الرثاء وبالشجب والإدانة ولعن قاتليهم.. وأنت تعلم يا على يا قدير أننا القتلة، وأن بأيدينا نخطف أعمارهم.. وأننا نترك فى بيت كل شهيد حسرة لا تنتهى ووجعا لا يعرفه إلا من ذاق مرارته.
أشكو إليك ممن سفكوا الدماء وكذبوا باسمك وزعموا أنه شرعك.. ممن كرهوا الحياة واحتقروا خلقك ووزعوا أحقادهم على كل من خالفهم.. أشكو إليك من سفاحين يتقربون اليك بقطع الرءوس وإزهاق الأنفس وترويع العباد.. ممن عميت قلوبهم وفرغت عقولهم وظنوا أنهم أوصياء على الناس، وأن اسمك لن يذكر الا بفضل قنابلهم ومدافعهم.
يارب أشكو اليك من فاسدين سلطوا انفسهم علينا.. سرقوا قوت ايامنا واستباحوا كرامتنا وتاجروا بفقرنا وأوجاعنا.. وهم أغبياء وفشلة لا اكثر.. لصوص ورعاع لا أكثر.. تركناهم على كراسيهم فتركونا على بؤسنا.. قتلوا الآلاف بالمرض وشردوا الملايين بالفقر.. سلبوا حريتنا وجرفوا عقولنا وأفسدوا اذواقنا، وهاهم يتسببون فى قتل إخوتنا وأبنائنا بسوء تدبيرهم ورداءة تفكيرهم وأكاذيبهم الفجة.
يا رب أشكو اليك من دعاة الفتنة وتجار الاكاذيب، ممن يملئون آذاننا بضجيجهم صبح مساء.. أشكو إليك أصحاب الوجوه القميئة والقلوب الصدئة، ممن احتلوا الشاشات ووزعوا سمومهم بين السطور.. أنت تعلم انهم مرتزقة لا ينتمون إلا لأنفسهم.. هم تجار كل العصور.. وخدام كل الملوك.. علموا أن لهم سلطانا على الناس وسحرا على عقولهم، فضللوهم وباعوهم لمن يحكم.
يارب أشكو اليك اهلى وصحبتى، ملح الأرض وفقراءها، فهم كجبل يائس لا يحرك ساكنا.. لا يضر ولا ينفع.. قابلون للموت وللهزيمة وللسكوت وللخيانة.. يسقط منهم الشهداء فيبكون ويولولون ثم ينصرفون إلى متاهات أرزاقهم.. طيبون إلى حد البلاهة.. وواثقون إلى درجة الغباء.. لم يمر أمامهم لص إلا عبدوه ولا تاجر دين إلا أطاعوه..
يارب أشكو اليك أشياء أنت تعلمها، لعلك تعفو وتغفر..