حين يخلع الناس أقنعة الخداع (1) - حملة قاسية وظالمة ووصلت إلي حد الابتزاز والإرهاب وتشويه السمعة، صبر عليها الدكتور زاهي حواس، لم يتركوا صغيرة ولا كبيرة إلا وتناولوها بالهجوم والتجريح. - شهر كامل كان أطول من الدهر كله، ظل الرجل فيه حبيسًا بمنزله، لا يتكلم ولا يدافع عن نفسه، ولديه إيمان كامل بأن الله سبحانه وتعالي سيظهر الحق. - الصحافة المسعورة وجهت إلي صدره كل السهام، ولهث وراءها بعض الفضائيات ووسائل الإعلام الأخري.. الكل يبحث عن ثغرة ينفذ منها إلي الرجل الشريف لينقض عليه. (2) - هذه هي أحوال بلادنا، العاطل بالباطل، والبريء بالمذنب، والشريف باللص، وأصبحت الاتهامات مثل البندقية العمياء التي تصوب رصاصها في كل اتجاه. - فجأة صمتت التليفونات، وظهر الناس علي معادنهم الحقيقية، وأحس الرجل المصري العملاق الذي كان الجميع يتهافتون عليه، أن بعضهم يتجنبه ويبتعد عنه. - ملعون أبوالخسة والندالة والأندال، ملعون أبونكران الجميل والجحود، فنحن نعيش في عالم من الوحوش التي تبحث عن جثة تنهشها. (3) - فجأة.. وبالتحديد صباح أمس «الأربعاء»، عادت تليفونات الدكتور زاهي حواس إلي الحياة، مشغولة طوال النهار.. الكل يخطب وده من جديد، ويبحث عنه. - فجأة.. أصبحت الدنيا كلها أصدقاء، والذي كان يتعمد الابتعاد، أصبح يتمرغ في تراب القرب، ومن كان يتجنب اللقاء، أصبح يطلب موعدًا عاجلاً. - سبحان مغير الأحوال.. أهكذا أنت يا مصر.. أصبح بعض شعبك مجموعة من المتسلقين والمنتفعين، الذين لا يعرفون إلا مصلحتهم ولا يعشقون إلا ذواتهم؟ (4) - هل يفعل آخرون في أي بلد في الدنيا، مثلما فعلناه في الدكتور زاهي حواس في فترة الابتعاد عن منصبه الوزاري لمدة شهر؟ خصوصًا من صحافة الغل والتلون؟ - لم يجدوا في السيرة الوظيفية للرجل شائبة، فألفوا له حكايات وروايات كاذبة لتلويث سمعته، وللقضاء علي البقية الباقية من الرجال المحترمين. - صحافة الغل والحقد التي أصبحت مثل الثور الهائج الذي يدوس هنا وهناك، ولا يعلم بالضبط ماذا تدمر أقدامه.. ألا لعنة الله عليها وعليهم. (5) - أخيرًا ظهر الحق وعادت الحياة، ودبت الروح في التليفونات بمجرد إذاعة خبر تكليف الدكتور زاهي حواس بوزارة الآثار من جديد.. مبروك. - انقلبت الدنيا رأسًا علي عقب، وزاهي الذي كان متهمًا بالأمس أصبح فوق الأعناق اليوم، والذين اتهموه كانوا أول من حملوا مباخر التهنئة والفرح. - يا سلام.. هكذا مصر اليوم.. الذي يدخل قفص الاتهام بشائعة ويخرج منه بشهادة حق.. اختلط الحابل بالنابل، وضاع شرفاء كثيرون في الزحام. (6) - الدكتور زاهي حواس، علامة بارزة في دنيا الآثار في العالم، تفتخر به الدنيا، وتزهو به الدول الكبري التي يزورها سفيرًا لمصر ولآثارها العريقة. - زاهي حواس الذي ظلموه، عاد مرفوع الرأس، عالي القامة، بينما الخزي والعار للذين تظاهروا ضده وقالوا له «ارحل.. مش عايزينك».. لهم الخجل وله الفخر. - عاد إلي المكان الذي يحبه وأفني عمره فيه، ورفع رايته وراية بلاده عاليًا، لدرجة أنه كلما ذكرت كلمة «آثار مصرية» ذكر معها اسم زاهي حواس. (7) - أقول لزاهي حواس «لا تحزن» ولكن أيضًا «لا تفرح»، فقد كافأك الله، وأظهر لك المسرح عاريًا علي حقيقته بمن فيه من الأوفياء والأراجوزات والانتهازيين. - خلعوا جميعًا أقنعتهم لأنهم لم يكونوا يتصورون أنك سوف تعود، وظهر معدنهم الحقيقي الذي هو أردأ من الحديد الصدئ.. ويا لقبح الناس حين يخلعون زيفهم. - مبروك للدكتور زاهي حواس ليس المنصب ولكن رد الاعتبار، فالوزارة هي التي كسبته، ويا ريت مصر فيها مائة زاهي حواس. [email protected]