وسط حالة من المحبة والإخاء وصيحات التكبير والتهليل والفرحة تبادل عارف صيام عن قبيلة الدابودية وأحمد عبد الصمد عن قبيلة بنى هلال التعهد بالعفو والصفح والاتفاق على الصلح كرامة لوجه الله ورسوله، مع الاعتذار لأهل أسوان ولمصر كلها عما بدر من القبيلتين أثناء الاشتباكات التى حدثت فى مطلع إبريل الماضى، وأيضاً اعتذارهم لأبناء الكوبانية والشلالية بالكرور عن الحادث الأخير الذى راح ضحيته 3أشخاص. وتناول طرفا الخصومة أفطارا جماعيا فى الصالة المغطاة بمدينة أسوان بحضور المحافظ اللواء مصطفى يسرى والدكتور عباس شومان وكيل مشيخة الأزهر الشريف والسيد محمود الشريف نقيب الأشراف بمصر واللواء سعد زغلول مساعد وزير الداخلية لجنوب الصعيد و الدكتور منصور كباش رئيس جامعة أسوان ورئيس لجنة المصالحة وأعضاء اللجنة العامة والقيادات الأمنية والدينية والحزبية والقوى السياسية والتنفيذية وعواقل وأجاويد القبائل الأسوانية. وعقب صلاة التراويح بدأت فعاليات الصلح حيث قدم محافظ أسوان فى كلمته بجلسة الصح الشكر والتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسى والمستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية السابق والمهندس إبراهيم محلب ووزارات الدفاع والداخلية والتنمية المحلية والأوقاف تقديراً لدعمهم ومساندتهم لاحتواء الموقف منذ مطلع إبريل الماضى حيث ساهمت توجيهاتهم المباشرة لإتاحة كافة الإمكانيات الحكومية والأمنية، بجانب تنمية وتطوير المنطقة التى شهدت الأحداث. أشار يسرى إلى أن ذلك توازى مع الرعاية الكريمة والمتابعة الدءوبة للموقف أولا بأول من فضيلة الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف الذى كان على اتصال دائم بلجنة المصالحة ليثبت الأزهر الشريف بأنه منارة التنوير والحصن المدافع عن أرض الكنانة من خلال سعيه الكريم لإخماد نار الفتنة وحقن الدماء ومواجهة الإرهاب والتطرف فى كل شبر من أرض مصر. وناشد اللواء مصطفى يسرى أهل أسوان بمختلف أطيافهم بضرورة التكاتف والتماسك فيما بينهم لمواجهة الفتن والإشاعات والدعوات الهدامة من أجل الحفاظ على محافظتهم العريقة، وخاصة أن أسوان فى أمس الحاجة إلى الأمن والاستقرار، ولكل يد تبنى وتعمر لتعود لسابق عهدها كقبلة للسياحة العالمية وقلعة للصناعة المصرية وملتقى للحضارات والثقافات والفنون. كما طالب المحافظ بالاعتذار لكل سيدة أو فتاة أو طفل أو شيخ كبير واجه الترويع والخوف من هول الأحداث المؤسفة بين القبيلتين، وخاصة أن ما حدث يتعارض مع ما توارثه أهل أسوان من أجدادهم على مر التاريخ من الطيبة والسماحة والبشاشة والتماسك والعفو والكرم. مؤكداً على فخره واعتزازه بوعى وحكمة وصلابة أولياء الدم وكبار قبيلتى الدابودية وبنى هلال على وعيهم وحسهم الوطنى الصادق ليعطوا القدوة والمثل بأن نبذ العصبية والقبلية والعنف هو السبيل الوحيد لنعيش جميعاً فى مجتمع آمن لا يعرف الخوف على حياة ومستقبل أبنائه، لأنه بالتكاتف والترابط نستطيع عبور أى أزمات مهما كانت قسوتها وآلامها، وخاصة عندما نتمسك بقيمنا وتعاليمنا الدينية السامية لنثبت بأن ما حدث بعيد تماماً عن الصورة الحقيقية لطباع أهل أسوان الذين أكدوا بهذه المصالحة النهائية بصدق ما يعرف عنهم. ومن جانبه أشاد عباس شومان بدور محافظ أسوان ولجنة المصالحة فى احتواء الأزمة، على الرغم من الضغوط والعقبات التى واجهتهم وهو الذى كان محل تقدير من فضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الذى وضع هذه المصالحة على عاتقه وفى مقدمة أولوياته. متمنياً أن يجتمع شباب بنى هلال والدابودية فى مسجد واحد وعلى مائدة واحدة، وأن يتقدموا بالشكر والحمد لله عز وجل على رفعه العداوة والبغضاء من بين القبيلتين وإتمام هذا الصلح الذى يعتبر فرحة لمصر كلها، والأجر لمن تقدم بالصفح. وفى نفس السياق أكد الدكتور منصور كباش رئيس لجنة المصالحة على أن أسوان على مر التاريخ اشتهرت بالسلام وكان لهذا الحدث المفاجئ والذى لا يمكن تصور حدوثه للعائلتين صدمة مؤلمة للجميع مما حدا بالسرعة الكبيرة للاستجابة والتدخل من قيادات الدولة، فتم العمل على قدم وساق لاحتواء الموقف فى أيامه الأولى ووقف نزيف الدم والسعى الحثيث نحو ترميم الخسائر النفسية والمادية التى تعرض لها كل منهم على حدة، فكان توزيع الأدوار والتخصصات. لافتاً إلى أن اللجنة رأت ومعها الجميع من الطرفين على حصر المشكلة فى مكانها بمنطقة السيل الريفى بين عائلات متجاورة تعيش سوياً منذ سنين طويلة وعدم امتداد هذا الخلاف خارج هذا المكان تحت أى ظرف. وطالب كباش فى ختام كلمته الأطراف المعنية من العائلتين الدابودية وبنى هلال تحمل المسئولية الكاملة نحو تحقيق واستقرار السلام داخل محافظة أسوان حيث أن خدمة السلام أشق وأصعب وتحتاج إلى جهود مستمرة ليلاً ونهاراً. كما أكد كباش أن الأزهر الشريف برعاية كريمة من فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب الذى كان يتابع لحظة بلحظة تطور الأحداث والموقف عقب زيارته لأسوان بعد الاشتباكات الأخيرة التى وقعت بين القبيلتين مطلع إبريل الماضى وأسفرت عن مقتل 26 شخصاًِ وإصابة العشرات. وقال كباش إن الأزهر تكفل بتحديد دية مالية لأسر القتلى ال 26 ، بجانب الشابين اللذين لقيا مصرعهما فى أحداث الخميس الماضى، وأنه لم يحدد المبلغ الذى سيتم إعطاؤه عن كل متوفى.