عقب زيارة سابقة إلي أوغندا ولمنابع النيل بها كتبت مقالا في نفس المكان في 2007 عن الأهمية الاستراتيجية للنيل ودول حوضه لمصر. وجدد الشجون انضمام بوروندي لمعظم دول الحوض في التوقيع علي تعديل لاتفاقية مياه النهر ومخاطر ضياع امتيازات وحقوق تاريخية وعملية لمصر دولة المصب. وقد حبا الله مصر بنيلها الخالد واعتمدت الحضارات المصرية عليه منذ أقدم العصور وقامت الحياة علي ضفافه ومثل شريان الحياة للانسان والحيوان والزرع. وللنهر أسماء عديدةIteru (النهر) باللغة المصرية القديمة وPiaro باللغة القبطية ويظن أن اسم "النيل" مأخوذ من الاسم الأغريقي نيلوس Neilos وواقع الأمر أنه يمكن أن يطلق عليه نهر الحياة. وهو أطول (وفي قول ثاني أطول) أنهار العالم وإن كان ليس أكثرها حجما أوتدفقا وينبع من شرق أفريقيا من منطقة البحيرات العظمي الاستوائية ويمتد حتي البحر المتوسط..ويتدفق من الجنوب إلي الشمال خلافا للأنهار الأخري التي تنساب من الشمال للجنوب ويعزو ذلك إلي التضاريس وارتفاع مستوي الأرض في الجنوب عنه في الشمال خلال مساره ولذلك سمي جنوب مصر بمصر العلياupper وشمالها بمصر السفلي lower . وروافد النيل الرئيسية هي النيل الأزرق وينبع من بحيرة تانا في أثيوبيا (هضبة الحبشة) ويكون معظم مياه النيل وغرينه..والنيل الأبيض وينبع من البحيرات الاستوائية الكبري بأواسط أفريقيا..ويلتقي الرافدان قرب الخرطوم فيكونان النيل الرئيسي الذي نعرفه في مصر حتي الدلتا ثم مصبه في البحر المتوسط عند رشيد ودمياط..والمياه في نهر النيل الرئيسي عموما 85% منها من النيل الأزرق و 15% من النيل الابيض في فترة الفيضان وحوالي 70- 90% منها من النيل الأبيض في موسم الجفاف يناير الي يونيه وككل فنسبة مياه النيل من النيل الأبيض تبلغ حوالي 31%. ومنبع النيل (النيل الأبيض أو النيل الفيكتوري) عند مدينة جينجاJinja ببحيرة فيكتوريا بأوغندا ومنطقة شلالات بوشجالي Bujegali Falls بقي بل واوغندا ذاتها غريبة علي الأوروبيين حتي 1860 تقريبا إذ اكتشف البريطاني جون سبيكSpeke حوالي عام 1862ما يطلق عليه منبع النيل source من بحيرة فيكتوريا (اسم ملكة بريطانيا الذي أطلق علي البحيرة) عند شلالات ريبونRipon التي غمرت عام 1947 بعد بناء سد أوينOwen الذي استكمل عام 1954..وتأخذ رحلة المياه من تلك النقطة حوالي 6400 كم لتصل إلي نهايتها عند المصب في البحر المتوسط ويستغرق ذلك حوالي 3 أشهر..إلا أنه يظن أن منطقة البحيرات العطمي برواندا هو المنبع أو المصدر الحقيقي للنيلtrue source وأحيانا يذكر لذلك نهر أكاجيرا Akagera. ويمثل نهر النيل وتأمين منابع ومصادر المياه أحد أهم قضايا أمن مصر القومي سواء في الحال أو الاستقبال وكما كان في الماضي ويزيد من أهمية الأمر أن معدل تزايد السكان في مصر أعلي من معدل تزايد إنتاج الغذاء مما قد يسبب عجزا في المياه..فضلا عن خطط لمشروعات مقترحة لبعض الدول الأخري علي النهر مما قد يؤثر علي حصة مصر المائية. وتؤكد ذلك الأهمية الاستراتيجية لدول حوض النيل بالنسبة لمصر وتشمل أوغندا والسودان وجنوب السودان وأثيوبيا والكونغو وكينيا وتنزانيا ورواندا وبوروندي..وحتمية الاتجاه جنوبا وأفريقيا لتعزيز العلاقات والتعاون المشترك معها. والدور الفعال للتواجد المصري وزيادة التبادل التجاري والثقافي والتعاون الفني معها وما قد يشمله من تقديم مساعدات ومعونات مالية وخبرات فنية وطبية وارسال بعثات وخبراء واستقدام متدربين ومبتعثين واقامة مشروعات مشتركة مما يزيد من وحدة أبناء حوض النيل ووجوب تعزيز ذلك. وتظهر أهمية تنسيق السياسات المائية hydro politics والاستخدام المشترك multi/bi-lateral use للمياه والسيادة المشتركة عليها فاستخدام واستغلال الأنهار الدولية والمشتركة تحكمه معاهدات واتفاقات يتم مراجعتها علي فترات والسبيل إلي ذلك هو المناقشة والتفاوض وعمل خطط مشتركة متكاملة والأخذ في الاعتبار تأثير المشروعات والسدود المقامة والعوامل الجوية علي أن يتواكب مع ذلك ترشيد الاستهلاك الزراعي والفردي للمياه ودراسة مشروعات التحكم في الفواقد وغيرها وهذا موضوع حيوي آخر. أستاذ بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية