منذ عدة سنوات خلت كان هناك مشروع قانون معروض علي مجلس الشعب عرف إعلامياً آنذاك بقانون البلطجة وفجأة تعطل المشروع ولم يصدق عليه المجلس الموقر وذلك بسبب عدم دستورية القانون حيث صرح أحدهم وقتها بأن القانون كان يجب أن يعرض أولاً علي مجلس الشوري وتتم مناقشته قبل عرضه علي المجلس التشريعي المفارقة أن الشخص الذي صرح بهذا التصريح يعد واحداً من جهابذة القانون في مصر وكان يشغل وقتها منصباً رسمياً. وفي معرض تبريره لعدم تمرير القانون لم يقل لنا السيد المسئول لماذا لم يتم عرض هذا القانون علي مجلس الشوري قبل عرضه علي مجلس الشعب وكأن المسئولين لا يعرفون وجوب هذا الإجراء وبطبيعة الحال لم يكن هذا المبرر هو الدافع الأساسي لعدم إقرار القانون والدليل هو قبر مشروع هذا القانون في ادراج المجلس لعدة دورات متتالية مما كان له أبلغ الأثر في استفحال ظاهرة البلطجة والتي كانت تعد وبحق أحد أسلحة النظام السابق في استقرار أوضاعه. والآن وبعد أن تغير الحال وتبدلت الأحوال ما أحوج المجتمع المصري إلي إعادة الروح لهذا القانون بعدما أصبحت البلطجة في المجتمع المصري نسقاً من أنساق الحياة اليومية يواجهها المواطن العادي بشكل متكرر ودائم. هناك إحدي المقولات المأثورة التي تقول ( من أمن العقوبة أساء الأدب) وطالما أن البلطجية يشعرون أنهم في مأمن من شديد العقاب علي بلطجتهم فلن يردعهم رادع ولن يوزعهم وازع. ولقد رأي منهم المجتمع المصري في الأيام السالفة ما رأي مما يشيب له الولدان فلقد كانت جرائم البلطجة حتي وقت قريب محصورة في مواقف محددة قد يلجأ إليها البعض انتزاعاً لحق له أو اغتصاباً لما لا يستحق أما الآن فلقد صارت البلطجة أمراً عادياً وتعدت من حالة التعامل الفردي إلي التعامل الجمعي ومن اغتصاب الحقوق الفردية إلي اغتصاب الحقوق الجماعية مثل تلك الحالات التي تعدي فيها البلطجية علي الشقق السكنية المخصصة للإسكان والتي هي من حق مستحقيها القانونيين الذين دفعوا اثمانها مروراً بالاعتداء السافر علي الأراضي الزراعية المكلومة أساساًَ منذ زمن بالاعتداء عليها. لقد اثبتت الأيام الماضية أن البلطجة هي بالفعل العدو الدائم لمصر فما أن تواجه مصر إحدي أزماتها إلا وتبرز عمليات البلطجة ويبرز البلطجية كنجوم لهذه الأزمة. كما ذكرت البلطجة لم تعد حدثاً عارضاً ولا استثناء في المجتمع المصري بل صارت نسقاً كاملاً في التعامل اليومي وأبرز دليل علي ذلك ما يراه المجتمع من سائقي الميكروباص وغيرهم الذين استباحوا الشوارع حلالاً لهم لم تعد البلطجة حلاً يلجأ إليه البعض بعد أن تعيه الحيل بل أصبحت هي الحل الأول لكل أزمة ومشكلة. والخوف كل الخوف من هؤلاء البلطجية في الفترة المقبلة فمن المعروف أن مصر مقبلة علي انتخابات برلمانية مهمة ورئاسية وقد اعتاد البلطجية علي أن تصبح أيام الانتخابات موسماً لهم يمارسون فيه ما يبغون من تعد علي كل شيء بالقول والفعل ونحن في هذا المقام نقوم بدورنا ونحاول أن نبصر أولي الأمر بخطورة هؤلاء البلطجية خاصة في الأيام القادمة صحيح أن وزارة الداخلية بالتعاون مع القوات المسلحة قاموا في الفترة الماضية بحملات كبيرة لمحاولة إعادة الانضباط إلي الشارع المفلوت زمامه. ولكن الأمر يحتاج إلي حملات يومية بلا كلل أو ملل علي أوكار وأسماء هؤلاء البلطجية قبل دخول الأشهر التي سوف تتم فيها إجراء الانتخابات اثبتت التجربة أن التعامل الاستباقي مع هذه الفئة هي أفضل الحلول فهؤلاء الناس لا حل معهم إلا الحلول الباترة التي لا تعرف المهادنة أو التأجيل أو الأمل في تقويم أحوالهم إلا بشديد العقاب ونعود ونذكر بتلك المقولة البليغة.. من أمن العقوبة أساء الأدب.