كثيرون من أهل مصر قد انتابتهم أعراض التحول نحو المستقبل بما فيه من أمور أوجدتها ثورة الشباب في الخامس والعشرين من يناير والتي دامت قرابة أسبوعين حتي لاح الفرج بانتقال السلطة تدريجيا إلي نائب للرئيس ولم يوفق ثم إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة بالاشتراك مع تآلف الشباب ومن خلال حكومة شبه ائتلافية من مختلف القوي السياسية المتاحة في مصر والمعروفة نسبيا وهم تحديدا حزب الوفد وحزب التجمع وربما كان هناك آخرون لا تعلمونهم ولكن القيادات تعلمهم وأيضا لم توفق ، ثم اختارت جموع المتظاهرين الثوريين لأول مرة في تاريخ الأممالمتحدة رئيسا من بينهم للوزارة حتي لايتم الطعن عليه خلال خمسة عشر يوما مثل سابقه؟!، ولكن كما سبق القول فنحن بين أنصار نظريات قديمة مستمرة مابين الرأي المتأرجح والرأي المتصلب؟!، لذلك بدأ بعض من الجماهير في ترديد أهازيج التشكك في مآل هذه الثورة، وهل سيلتف عليها كهنة الإخوان أم ملالي الحزب الوثني بما أنهم قد سارعوا إلي تأييد التعديلات في دستور توقف عن العمل بل ومرفوض من شباب الثورة ومن كبار الشيوخ كذلك. يقول الناس إن سقف المطالب الثورية يرتفع كل يوم عما سبق وأقول لهم كل العذر فلقد هوت أرضية المطالب المشروعة كل يوم فيما سبق، فقدت الجماهير ثقتها في الحاكمين جميعا داخل الهرم السياسي والتنفيذي والتشريعي في مصر وانطبق عليهم قول الشاعر (؟) من تلسعه الشوربة ينفخ في الزبادي؟!، ولو شاء الشعب لأحرقهم جميعا وأتي بخلق جديد يخافون يوم الحساب ولو كان بطيئا، ولا عذر لهم طبقا للحديث الشريف لايسرق السارق وهو مؤمن وبالطبع لا يكذب ولا يختلس ولا يضارب ولا يتاجر بل يعرف كافة الوصايا العشر وعليها الوصايا الدستورية والقانونية والإنسانية، ولقد عاني الشعب المصري بكافة طوائفه وأفراده من سوء الإدارة وسيطرة الفساد علي مختلف تفاصيل الحياة اليومية بداية من رغيف العيش وانتهاء بالأنماط السياسية ومرورا بالصحة والتعليم والإسكان والمرافق والاقتصاد والثقافة والإعلام بل جميع القطاعات التي يمثلها أكثر من ثلاثين وزيرًا ووزارة كلها من التردي والانهيار المادي والمعنوي مما خلق فرصة لا تعوض للنقد والمعارضة ثم الثورة علي الجميع بما فيهم رأس النظام الذي كان يتحصن وراء مقولة الاستمرار والاستقرار؟!. ولقد ساقني الحظ الذي يسير في الاتجاه المعاكس لي منذ أسابيع إلي مقابلة في برنامج تليفزيوني باهت كي أتحدث عن الثورة ولكن للأسف كل قناة ولي فيها عفريت؟!، بدأت المذيعة ذات الشكل والصوت والكلمات والأسلوب المتكلف في توجيه السؤال المتشعب جدا في عدة كلمات سريعة متلاحقة وكلها بالطبع خارج المتفق عليه مع فريق الإعداد بل ويقطع تفكيرك المداخلات التي ليس لها علاقة بالموضوع فتزداد الحيرة التي تظهر علي ملامحك وتجلس لبعض الوقت لا تجد ما تقول وتخرج من المبني تلعن الحظ السيئ الذي جعل من المتخلفين أوصياء علي الإعلام كما دعوت لمن اخترع الريموت بالرحمة من عذابات هؤلاء من أهل المحسوبية والتعيين بالواسطة كي يرفعوا من سقف الكراهية للحكومة السابقة وربما يستمرون كي يكره الناس الحكومة الحالية والتي تليها؟!، كيف يتخلي البعض عن موقعه الذي يدر عليه ألوفا مؤلفة من المال نظير كلمة من هنا وكلمة من هناك أمام المونيتور قبل أن يراها الجمهور، في سابق العصر والأوان كانت هناك صفقات تتم بين الزبون وبين المذيعين لكي يظهر علي الشاشة صباحا يامصر أو مساء الفل يا شعب؟!، ولم يمت أي منهم لأنهم لا يختشون وبقي كثير منهم بعد تغيير النظام ولكن في ألوان أخري من الأزياء والأقوال والأفعال، هؤلاء المتحولون من الشرق للغرب ومن اليسار لليمين يضعون الناس في حالة من البلبلة ليس مكانها الآن حيث أن الثورة لاتزال في طور التكوين السياسي وفي حالة من عدم الاستقرار علي مذهب بعينه ولكنها جميعا محاولات للبحث عن الأفضل، وهل من الأفضل إجراء بعض التعديلات علي الدستور الذي توقف العمل به بعد ثورة يناير أم كتابة دستور جديد يتناسب مع المستقبل الشبابي في مصر، الحق يقال أننا بحاجة إلي دستور جديد منذ عقود حتي نأمن للحياة في وطن ليس له مثيل في الماضي والحاضر وربما في المستقبل.