من أحد أسباب تباعد الجمهور عن قاعات عرض الفن التشكيلى ندرة وجود فن البورتريه فى المعارض، الذى هو الأقرب إلى ذهن وفكر العام، ويسعد المتلقى حين يعرف أن الفنان رسما شخصا معينا، ولكن بعد ظهور فن ما بعد الحداثة تحكم من بيده السلطة التشكيلية وحجم ظهور فن البورتريه، لدرجه أنهم أطلقوا شائعات لاستبعاده مثل شائعة انتهاء عصر «لوحه الحامل « أو لوحه التصوير الزيتي، وذلك من أجل الترويج لمجالات معاصرة من الفنون، أدى ذلك لاستبعاد الجمهور وانتشار مذاهب فنية بعيده تماما عن مذهب الواقعية، وبدون قرارات رسمية منع البورتريه من المشاركة فى الفعاليات الدولية، وأصبح بذلك «الفن المهجور». ورغم كل هذه الحروب إلا أن قله محدودة من الفنانين الشباب الذين يملكون قدرات فنية وتشكيلية وإبداعية تمسكوا بموهبتهم ولم ينجرفوا نحو العولمة الفنية،وأكملوا مسيرة رواد المدرسة الكلاسيكية والواقعية والتأثيرية فى فن البورتريه واللقطة الإنسانية، وهما الفنان التشكيلى خالد السماحى والفنان التشكيلى أحمد روميه، كلاهما يجمعهما عشق للإنسان، لوحاتهما التصويرية تؤكد أنهما على علاقة وثيقة وقويه بملامح وتعبيرات وانفعالات البشر، وان الملهم لأعمالهم هو الموديل والإنسان، ويختلفون فى اختياراتهم للموضوع والأسلوب الفنى والتقنى تحت عنوان «السماحى وروميه « فى قاعه «خان مغربى» بالزمالك عرض كل منهما لوحاته التصويرية الزيتية التى تفوح منها عطر لزمن الفن الجميل الذى كاد أن يختنق ويندثر لولا ما قدموه على مدى سنوات من أعمال تصويرية. «السماحى» يعد امتداد لرائد فن البورتريه الفنان احمد صبري، إلا انه لم يتأثر بدرجة كبيرة واستطاع أن يكون لنفسه خصوصية تشكيليه تميزه لأنه يملك أسرار المدرسة التأثيرية، عرض مجموعه من لوحاته التصويرية الزيتية التى تحمل عناوين توحى بالدفء والإنسانية مثل «الجدة – الأمومة – مواقف – انفعال – عازف الكمان – ملامح من الجنوب – موديل – فلاح مصري- كبرياء» وغيرها من الموضوعات، ففى لوحه «الجدة « رصانة واتزان فى التكوين، تجلس الجدة فى ركن بعيد عن رفاهية الأشياء، تفصح أوراق العمر التى جمعتها داخل صندوق للذكريات، أضفى « السماحى « سمة شجن على المجموعة اللونية القاتمة التى وزعها بالأسلوب التأثيرى على هيئه بقع صغيرة متجاورة مع توزيع إضاءة وظلال خافته هامسة،وجدران الغرفة يبدو عليها تجاعيد الزمن، وبهذا الشجن والضوء الخافت لم يشغل بصر الملتقى بأى تفاصيل حتى تصله رسالة ومضمون اللوحة وجدانيا. أما الفنان «احمد روميه» هو باحث تشكيلى احتضن المدارس الفنية التى تعتمد على وجود موهبة فنية، فمزج ما بين التعبيرية والرمزية والتأثيرية فى أعماله التصويرية، وهذا المزج والخليط ليس بالأمر السهل للفنان، لأنه يتطلب فنان يمتلك أدواته، اللوحات المعروضة جمعت بين رصانة الكلاسيكية فى التكوين والتعبيرية التى منحته مساحه من الحرية لتصوير الحياة والإنسان. «روميه « تشغله قضية الإنسان بكل ما فيه من متناقضات وانكسارات وانجازات وأحلام، جسد المواقف الذاتية للإنسان وهذا يتضح فى عناوين اللوحات مثل الحياة بين الغروب والشروق (1)– الحياة بين الغروب والشروق (2)- روحانيات – ترقب – حلم الأصيل – روح الحياة – سرب الطغاة – سلام – وغيرهما. لا يسعى «روميه» للمحاكاة بالرغم من وجود موديل يتصدر التكوين فى كل لوحه إلا انه يعكس على الموديل العديد من التساؤلات ويحيطه بالاحتواء الرمزي، مثل لوحه «روح الحياة « لامرأة تحمل على رأسها طاووس، كما استخدم رموز من العنصر البشرى وزعه فى عده اتجاهات متحاورة، وفى مجموعه لونية متوافقة مضيئة تجذب العين وتحاور العقل، وفى تتابع وهرمونية فلسفية.