«أنفلونزا الخنازير، الأحداث الأمنية المضطربة، والانتخابات الرئاسية».. كلها أسباب غير معلنة تنهش فى عمر العام الدراسي، على الرغم من أن الأسباب المعلنة من مجلس الوزراء هى استكمال المنظومة الأمنية المدنية، والانتهاء من رفع كفاءة المنشآت والمدن الجامعية التى أصابتها تلفيات جراء أعمال الشغب من بعض الطلاب، ليترك أولياء الأمور فى حيرة من أمرهم، تجاه قرار التأجيل. تقول «غادة ممدوح» إحدى أولياء الأمور: إن تأجيل الدراسة كان قرارًا متوقعًا لها، لكن الأمر لم يكن فى القرار ذاته، إنما فى التخبط حول القرار وأسبابه، وتضيف: إن وزير التعليم قال لا نية للتأجيل، وبعدين أجلوها مرة واثنين». كما أعربت عن قلقها فيما بعد 8 مارس، واحتمال تأجيل الدراسة مرة أخرى، وتخبط الأوضاع أيضاً بسبب الانتخابات الرئاسية، أو الأحداث الأمنية «إحنا مش عارفين إيه اللى هيحصل وده اللى قلقانين منه»،وأكدت «غادة» أنه لا مانع من ذهاب الأطفال إلى الدراسة بعد انتهاء الأسبوعين. أما ابنتها «ميرنا» لم تخف فرحتها فور سماعها قرار تأجيل الدراسة، بسبب إطالة مدة الإجازة، وأيضاً بسبب تخوف الفتاة من إصابتها بالأنفلونزا، لكن «معاذ» شقيقها كان له رأى آخر، فهو يريد العودة إلى الدراسة، خاصة لملاقاة زملائه وأصدقائه فى الفصل، ولم يمانع الطفلان من ارتداء الكمامات «السنة اللى فاتت لبسوها عادي، وكانت الأنفلونزا أشد من كدة»، وتشير السيدة إلى أنهما فى مدرسة خاصة ربما توفر لهما سُبل رعاية أفضل. تمنت السيدة والدة الطفلين أن يتم الإعلان عن الأسباب الواضحة من قبل الحكومة، وعبرت عن قلقها من قلة المدة المتبقية من عُمر الدراسة، وأن ذلك سيؤثر على استيعاب أولادها للكم الكبير من المعلومات، مستنكرة النية لحذف أى شىء من المناهج الدراسية، خاصةً أنهمًا فى مرحلة التعليم الأساسى «إحنا أصلاً الدراسة بتنزل لتحت.. مش ناقصين كمان التأجيل». لكن قلق «غادة» بسبب التأجيل كان رضا لدى «سامية» والدة «صابرين وصبري»، والتى تبيع بعضًا من الفطائر والجبن بميدان الجيزة، تقول السيدة -رأيها عند سماع القرار- «إحنا ارتحنا وقلنا لما ربنا يعدل الجو، عشان أى قلق بيحصل فى البلد كلنا بنجرى على المدارس، أو لما بنسمع ضرب نار فى البلد نجرى على العيال، فالحمد لله إنها اتأجلت لحد ما ربنا يهدى الحال». تأتى «سامية» من أوسيم فى الجيزة إلى الميدان برفقة ابنتها «صابرين»، وهى فى الصف السادس الابتدائي، وتؤمن السيدة الأربعينية أن القرار بسبب الأوضاع الأمنية فى البلاد، غير عابئة بمرض أنفلونزا الخنازير وأنه سبب فى تأجيل الدراسة، وتقول «إحنا بيجلنا أنفلونزا عادي، التأجيل بسبب القلق إللى فى البلد». ولم تخش السيدة الريفية على قلة الفترة الدراسية، تاركة الأمر ل«تساهيل ربنا»، وأبدت «صابرين» ابنتها ارتياحًا من القرار، خاصة إنها تساعد والدتها فى عملها ببيع الفطائر والجبن، تقول: «صابرين بتساعدنى فى الشغل، لو محتاجة مياه أو حاجة وأنا قاعدة، وفى البيت عشان ابنى الكبير فى الجيش فى سيناء». ولم تبد «سيدة» التى تصطحب حفيدها «سيف» أى قلق من تأجيل الدراسة، فالطفل مقبل على الحضانة، ولن يدخل هذا العام، لكنه ليس بسبب الأنفلونزا أو الأوضاع الامنية، ولكن لفقر أهله، فتقول «سيدة» إحنا كنا ناويين ندخله مع أخته، بس المصاريف معجزة معانا شوية»، تاركة الأمر للعام الدراسى المقبل. «المدرسة تحصيل حاصل» قالها الأب «محمد على» تعليقاً على تأجيل ذهاب ابنه «يوسف» إلى المدرسة، قائلاً: إن صغيره وإخوته فى المدارس يبدأون الدراسة بالفعل من خلال الدروس الخصوصية، مشيراً إلى أن ذلك سيمثل ضغطًا على الطلبة فى المناهج الدراسية، وسيؤثر تبعاً على سنواتهم المقبلة. «يوسف» استقبل قرار التأجيل بفرحة لطول مدة الإجازة واللعب لكنه يقول «عايز أشوف أصحابى برضه»، وتقول والدة الطفل: «الدراسة بقت زى السوبر ماركت، كله بالدروس الخصوصية، والمدرسة ملهاش دور كبير». «كده السنة ضاعت علينا» أطلقتها «شيماء»، 25 عامًا على مستقبل طفلتها «حسناء»، وهى فى الرابع الابتدائى فى مدرسة السلام بالجيزة، لكن ضياع العام تعوضه الدروس الخصوصية، التى بدأت للفتاة مبكراً بعد انتهاء امتحانات الفصل الدراسى الأول. وتخشى الأم على «حسناء» أن يكون الفصل الدراسى مختصرًا، لكنها تخشى أكثر إصابتها بأنفلونزا الخنازير، خاصةً وأنها أصيبت فى العام الدراسى السابق بالتهاب الغدد من عدوى فى المدرسة، وتقول: إن الانتخابات وأحداث العنف فى البلاد تؤثر على الفصل الدراسى الثانى.