تمردا علي واقع شهد انتقادات عديدة لانفصال الفن التشكيلي عن الجماهير، خطي الفنان التشكيلي وليد عبيد طريق تشكيل حزب سياسي أسماه "التحرير"، هدف من خلاله توعية المجتمع إلي كافة المستويات وخاصة الثقافية منها، هنا نناقش عبيد في أسباب إنشاء الحزب، ونتعرف منه علي تفاصيل المؤتمر الشعبي الذي يدعو له للمصالحة بين الشرطة والشعب، وكذلك رأيه فيما يحدث في نقابة "الفنانين التشكيليين"، فإلي نص الحوار كنت عضو لجنة التنظيم لثورة "25 يناير" واليوم أسست حزب "التحرير"، لماذا؟ - أنا حزب ضمن خمسة أحزاب تقريبا أنشئت من عصب الثورة لشباب مستقلين في الأساس، فهو حزب ذو هيئة استشارية من اعضاء متنوعين ومختلفين في الاتجاهات والمجالات والأفكار لكن متفقين في المبادئ العامة للحزب مما يعطيه القوة، فلقد قصدت تعدد المرجعيات لتوعية المجتمع علي كافة المستويات، فالحزب هو في الأساس نوع من العمل العام والخدمي للمجتمع، وأنا مهتم أكثر بالنواحي الثقافية، إيمانا مني بأهمية الثقافة والفكر النقدي للإنسان. هناك شائعة عامة تقول إن الفنان لايجب أن ينتمي لتيار سياسي، هل انت رافض لهذه الفكرة؟ - الفنان دائما مرتبط بالشأن العام، فالفنان «جويا» شارك بالثورة الأسبانية ورسم عنها، «بيتهوفن» كان مهتما بالأدب وله مقالات، فلايجب أن يكون الفنان مغيبا وإلا فهو مزيف، فكيف سيستطيع التعبير عن مجتمعه، لكن هناك فنانين لا تعبر فنيا إلا بعد فترة، وهذا أنا، لكنني انسانيا أكون أسرع في تعبيري، فنزولي الثورة وتأسيسي للحزب بدافع انساني وطني وليس كتشكيلي. ماهي الخطوات الحالية التأسيسية للحزب؟ - نقوم حاليا بتجهيز المقر بجهودنا وأموالنا الخاصة، فلقد رفضنا كل التمويلات غير الموثوق فيها، ونقوم بالتجهيز لمؤتمر شعبي كبير بغرض المصالحة بين الشرطة والشعب، وذلك بالتنسيق مع مديرية أمن الجيزة وقسم العجوزة فهناك ضباط شرفاء يستطيعون حماية الشعب بإخلاص. ماهي قراءتك لما بعد الثورة، وما يسمي بالثورة المضادة؟ - هناك نوعان من الثورات علي مستوي العالم، الأول له قيادة كثورة «الخوميني»، والثاني تظهر قيادتها من رحمها، أما الثورة المصرية فهي ثورة شعبية، وهناك ثورات ذات طابع دموي كالثورة الفرنسية، ومنها السلمي وهي ثورتنا، لهذا قامت الثورة المضادة والتي استخدمت فيها كل الأساليب من سحب قوات الشرطة إلي البلطجية والترويع وتهريب المساجين وغيرها، لكنني موقن أن هذه الثورة التي أنجحها الله لن تموت، فلم يتوقع أحد كل ما حدث، " إن الله لايغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم" ولقد تغيرنا. كيف تري الانقلابات والاحتجاجات التي حدثت بنقابة التشكيليين وحاليا بأتيليه القاهرة؟ - المطالب الفئوية للتشكيليين ليس وقتها عموما، لأنها تشتت مباديء ثورة "عظيمة" قامت بمصر، فما يحدث أعتقد أنه نوع من انفتاح شهية البعض وببراءة شديدة للثورة، فأراد هذا البعض أن يعلي صوته هو الآخر، لكن بالنسبة لما يحدث بالأتيليه فعليه علامة استفهام كبيرة!!!، وعلينا التجرد من الغل الوظيفي لأنه من علامات الفساد الذي انتهي، فلماذا لم تشن هذه الاحتجاجات علي فاروق حسني وهو من أفسد الحياة الثقافية بأكملها؟! ما الذي تنتظره من الدكتور أشرف رضا رئيس قطاع الفنون التشكيلية الحالي؟ - أريد أن يقوم بعمل حصر للتشكيليين الموجودين ونشاطهم الفني، ليعرف حقيقة الحركة في مصر وبالتالي يحدد خطته وبرنامجه للقيام بدور القطاع في دعم التشكيليين ودعم الحركة التشكيلية المصرية، فلست من أنصار تقديم الأفكار بل عليه أن يقدم برنامجه ويعرض أفكاره وكأنه مرشح لنوافق عليها أو ننقدها، فوظيفتي الانتخاب وليس الترشيح. الفن هو التمرد علي الواقع، والثورة قامت لإصلاح هذا الواقع، فمالذي ستتمرد عليه؟ - سلبيات الثورة، فنحن مسئولون علي الحفاظ علي مكتسبات الثورة وعلي عدم الالتفاف عليها. تفضل استخدام اللون الأبيض، فهل ستغير اللون بعد الثورة؟ - بالطبع لا بل سيصبح أكثر بياضا، إنما ستدخل بعض البقع اللونية الأخري كرموز للشهداء وهكذا، لكن الأبيض هو الشكل أو «style» الذي أعمل عليه. لوحظ غلبة الطابع الفني علي الثورة من خلال الهتافات والشعارات المتنوعة والساخرة، أيضا الرسومات المصاحبة لهذه الشعارات، كذلك الكاريكاتير وحتي وجود المالتيميديا بالميدان، أهذه عودة لالتحام الفن بالشارع؟ - كان "كنتاكي" هو مقر فناني الثورة لطلبة الفنون الجميلة والتربية النوعية والفنية، وكانوا يرسمون ويصيغون الهتافات للثوار فالفن احتضن هذه الثورة، المصريون بطبيعتهم شعب مبدع، قامت حضارته بنفض الغبار عنها في سلوكياته العديدة التي عايشناها بالميدان، فالفن هو أداء أكثر مصداقية وأكثر روحانية، ففي القرآن الكريم استخدم الله عز وجل الجماليات اللغوية باسلوب فذ، فثورتنا تختلف تماما عن كل الثورات التي تنتج الفنون بعد انتهائها، إنما هذه الثورة فنونها بداخلها وهو ما ميزها عالميا. أنت بصدد عمل تمثال ونصب تذكاري للشهداء، هل ستقوم بتنفيذه وحدك وهل تم الاتفاق علي مكانه؟ الحقيقة أنا أدعو جميع النحاتين والفنانين لمشاركتي في تنفيذه، لكنني قمت فقط بالتصميم كنوع من الاتحاد في الفكرة، وسيتم التنفيذ من الرخام الأبيض الخالص كرمز للثورة البيضاء، فاللون الأبيض يخلق حالة ضبابية وأثر بصري مميز في ضوء الشمس علي اختلاف التوقيت وكذلك في ضوء القمر، أما المكان فسيكون بالتنسيق مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة ومحافظة القاهرة والأجهزة المعنية عموما لتحديد مكانه. قبيل الثورة كنت قد انتهيت من عملك " معزوفة الأبواق والطبول" تنتقد فيها الوضع العام، كيف سيكون العزف الآن؟ هذه اللوحة كنت قد استوحيتها من قوله تعالي "وافئدتهم هواء.." فلقد كنا نعيش في إيقاع فارغ بلا اتجاه، فاللحن السائد هو الخواء، وفي اللوحة كانت العازفتان جالستين تنتظران اللحن لتعزفاه، أعتقد أننا الآن بصدد سماع لحن حقيقي تعزفه أوركسترا شعبية بحماس كبير وسيكون أكثر عمقا، واتصور أن العازفتين تقرآن النوتة حاليا وتستعدان للعزف.