كتبت قبل ذلك كثيراً عن اقتناعي التام بأن (مصر أولاً) هي القاعدة الرئيسية التي يجب أن تحكمنا خاصة في العمل السياسي. ومن الواضح أن (مصر أولاً) قد أصبحت هي المعتقد الرئيسي عند البعض وهي (البيزنس) عند البعض الآخر.. في هذه الأيام. الكثير منا.. خلال النصف شهر الأخير قد شعر بالعديد من المشاعر حول حب مصر والخوف عليها وترقب مستقبلها الذي يتم صياغته هذه الأيام. وهو شعور.. جعل العديد من المصريين يفكر في مستقبل مصر بشكل له أولوية عن التفكير في المستقبل الشخصي لكل منا.. علي اعتبار أن تطوير مستقبل مصر وتغييره سيعود بالنفع علي كل مواطن مصري بالتأكيد. والملاحظ أيضاً أن البعض قد استغل الظروف ليتعامل مع مصر بمنطق (البيزنس) وهو ما رأيناه فيما قام البعض من تغيير اتجاهاته حسب الزمان والمكان.. فنجد من يتبرأ من أفكاره القديمة التي كان في وقت من الأوقات من أشد المدافعين عنها؛ بل والمبشرين بها. كما نجد من (يركب الموجة) ليجد لنفسه مكاناً ضمن حالة الصخب الإعلامي الموجودة الآن. والأطرف من ذلك.. من نجده يمسك العصا من المنتصف ليميل إلي أحد الاتجاهات التي تميل كفتها ليكون بذلك رجلاً لكل العصور. والحكايات لا تنتهي عمن تخيل نفسه مرشحاً لمنصب ما.. وعندما تم اختيار غيره.. انقلب علي النقيض علي غرار مواقف سابقة له. والتاريخ لا ينسي.. لقد تغيرت ملامح الحياة السياسية المصرية بالفعل.. وبغض النظر عن مدي اتفاقنا مع المتظاهرين في التحرير؛ فإنهم قد نجحوا في الإسراع بعملية الإصلاح السياسي بشكل غير مسبوق. كما كان لتداعيات كل هذا أن تم فتح ملفات الفساد والتجاوزات علي مصراعيها.. وبغض النظر أيضاً عن مدي صحة ما يتم ترديده من قصص لا نعرف مدي دقتها حول إذا ما كانت حقائق أو شائعات؛ فإن التحقيق فيها من خلال النائب العام هي مرحلة فاصلة لمواجهة أي فساد أو أي انحراف، وإنجاز ليس بعده إنجاز. وهو ما يعني نقلة نوعية أخري يجب ترسيخها وعدم التنازل عنها في أداء الدولة المصرية. أعتقد أنه من المفيد الآن أن تقوم منظمات المجتمع المدني المصري ومراكزه بعمل مقترحات محددة ودقيقة.. فيما يخص التعديلات الدستورية المرتقبة التي من شأنها أن تصيغ مستقبلاً أفضل علي جميع المستويات.. إذا ما حققت الطموح السياسي لجميع القوي السياسية الرسمية والشرعية. وذلك مع ملاحظة أن حالة التشتيت وحالة تعدد لجان الحكماء ليست في المصلحة العامة للإسهام بالمشاركة الفعلية فيما يحدث. ولابد من الاتفاق علي الشخصيات الممثلة لكل تيار أو اتجاه ليمثلهم ويعبر عنهم.. ولكي يصلوا إلي اتفاقات محددة حول مطالباتهم السياسية، ولكي لا تضيع هباء إنجازات الاعتصام السلمي. أسعدني كثيراً خبر ملاحقة من قام بالاعتداء علي المتظاهرين بميدان التحرير.. وجميعنا في انتظار الإعلان عن نتيجة ما توصلوا إليه لمعاقبة من قام بهذا الفعل الإجرامي.. فليس معني الاختلاف في الآراء والتوجهات.. أن يكون العنف هو الوسيلة لمواجهة أي فكر يختلف عن فكرنا. مصر أولاً.. قبل كل شيء.. قبل كل الاتجاهات السياسية والفكرية.. قبل الأحزاب حتي لو كان الحزب الحاكم.. قبل الشخصيات العامة.. فمصر الحقيقية هي الشعب المصري، وليس شيئا آخر.