سؤال جدلى طرحه على نفسه الروائى عمرو العادلى : لماذا لا أحد يعرف شيئا عن مرتضى أو يحيى أو سيد أو حتى يراهم؟!! ... هؤلاء هم بعض شخصيات أو عمال «كتالوج شندلر» روايته الجديدة الصادرة عن دار نهضة مصر التى قضى نحو عامين وعشرة أشهر يكتبها وينحت شخصياتها، منذ 2009 حتى 2012، هذه هى عادة العادلى فى كتاباته التى تستغرق منه وقتا طويلا لكثرة بحثه ومراجعاته التى تتخطى الثلاثين مرة، فى أمسية حفل التوقيع للرواية بمكتبة ألف فرع مصرالجديدة فى حضور عدد من المهتمين والقارئين للرواية وبحضور الكاتبة نشوى الحوفى مدير النشر بدار نهضة مصر والكاتب د.نبيل فاروق والكاتبة والتشكيلية نسمة عبدالعزيز تحدث العادلى عن شخوصه التى هى فى الحقيقة أشخاص حقيقيون لكنهم بأسماء مستعارة احتراما لخصوصياتهم، وكما يصفهم العادلى هم أناس حاولوا أن يعيشوا، «كتالوج شندلر» اسم يميل أكثر للثقافة الغربية بينما الرواية كتبت باللغة العربية الفصحى إنما جاءت الحوارات مكتوبة بالعامية التى لا يخشاها العادلى فى كتاباته وهو ما دارت حوله مناقشات، لماذا لم تكن العامية هى المتسيدة خاصة وأننا نتحدث عن مهمشين، كان الميل نحو أن العربية هى وعاء الأفكار بينما العامية هى لغة التواصل اليومي، عند هذه النقطة تحديدا توقف العادلى وقال: مبدئيا أعتقد أن العنوان كان موفقا جدا لأن «شندلر» هى الشركة التى تدور فيها الأحداث، بالنسبة ل«كتالوج» فى البداية أطلقت عليها ألبوم شندلر إنما وجدت أن «ألبوم» غير ملائمة للموضوع أو أقل إثارة من «كتالوج» الذى ينطوى تحت لوائه التعريف بكائنات شندلر! .. فأنا أردت التعريف بهم وليس مجرد الفرجة عليهم وهو ما كان سيخدمه مرادف «ألبوم»، فهم أشخاص مختلفون على كل المستويات بما فيها فهمهم للحياة، فهم أشخاص عاشوا معى لفترة طويلة، فهذا العالم من عمال الصيانة والتركيب لم يتكلم عنهم أحد بما فيهم باحثو علم الاجتماع، أيضا هؤلاء الأشخاص بقدر ما هم يسعدون الآخرين ويزيدون فى رفاهيتهم وراحتهم فإنهم يعيشون حياة المهمشين إلى أقصى درجة ممكنة، فهم يكادون يكونون ليسوا على قيد الحياة ... فحين نجد «يحيى» يقضى الوقت باحثا عن «شطاطة» لعود كبريته بين أكوام القمامة لأنه أراد توفير «الشلن» اليوم ثمن الكبريت ليضيفه على الخمسة عشر قرشًا «تحويشة» الأمس ليشترى علبة زبادى لأميرة طفلته ذات الخمس سنوات وهو بند لا يمكن أن يقتصد منه، مع الوقت استطاع يحيى أن يشترى عجلة يتحرك بها لعمله توفيرا لاشتراك الأتوبيس.
ذات يوم يحتاج إلى قضاء حاجته وفى إسراعه نحو أحد المراحيض فوجئ بأن عليه أن يدفع خمسين قرشا! الأمر الذى جعله يعود للخلف در، وهو يقول لنفسه أتبول بخمسين قرشا؟! فأنا لا آكل بخمسين قرشا! ... هذه هى إحدى المفارقات فى حياة يحيى أبو أميرة أحد الشخصيات الحقيقية التى تعيش بيننا ولا نشعر بها!
توقف الحضور فى مناقشاتهم عند وجود هوامش بالرواية توضح بعض المصطلحات، وهو أمر غير معتاد بأية رواية مما جعل بعض قارئيها يظن أنه يقرأ بحثا اجتماعيا عن هذه الشخوص، واعترف العادلى أنه إلى حد ما الرواية فيها نحو 20% صبغة علمية نظرا لما فى هذه المهنة من كلمات ومصطلحات لن يفهمها سوى المشتغلين بها بالتالى وضع المصطلح مبهما كان سيضر بالتدفق والمتعة فى القراءة، مما ألزم العادلى باستخدام الهوامش فى بعض الأحيان والأجزاء من الرواية.
كشف العادلى أن ردود الفعل التى فاقت توقعاته والإقبال عليها بمعرض الكتاب جعله يفكر جديا فى تحويل هذه الرواية إلى كوميكس سيبدأ فى الإعداد له من الآن، واختتم لقاءه بالكشف عن روايته الجديدة «تحقيق شخصية» التى يناقش فيها ظروف وأسباب عدم تحقق شخصية البطل الذى يعيش أحداث الرواية بلا اسم!.. بل هو يحمل صفة «المصري».