عيد الأضحى المبارك من الأعياد الدينية التى تتضمن طقوساً وشعائر ومظاهر احتفالية نجدها فى الأحياء الشعبية التى تحرص على الاحتفال بطريقتها، هذه الاحتفالات سجلها بعض الفنانين التشكيلين فى أعمالهم الفنية، حول هذا تحاورنا مع مجموعه من التشكيليين أين الاحتفالات الدينية كموضوع فنى تشكيلي، وما هى ذكرياتهم فى أيام العيد، وما هو شعورهم بالعيد اليوم. ورغم أن التشكيليين نادراً ما يجتمعون على رأى واحد،إلا أنهم أجمعوا اليوم على رأى واحد هو: «إننا نعيش العيد بذكريات الماضى الجميل، ونعبر عنه فنياً كماض، ونعتبر الماضى هو الفرحة التى غابت وتأخرت».
الفنان حازم فتح الله العميد الأسبق لكلية الفنون الجميلة ونائب رئيس جامعة حلوان الأسبق: السبب الرئيسى فى عدم وجود احتفالات العيد فى الأعمال الفنية.. هو عدم الاهتمام بالتراث والهوية المصرية رغم إننا فى هذه الفترة الحرجة والصعبة تحتاج لأعمال فنية تتسم بتواجد التراث والموروث الشعبى الذى نحارب فيه وكأن الموجودين على الساحة أصبحوا أعداء أنفسهم، يؤسفنى تجاهل التراث والفنون الشعبية، فى بدايتى الفنية لم تخل أعمالى من وجود فرحة العيد أو رموز عنها، أما الرواد فعبروا عن الاحتفالات أمثال راغب عياد وغيرهما لان بالتأكيد المناخ العام فى مصر فى الفترة التاريخية التى عاشها الرواد كانوا بالفعل يشعروا بفرحة العيد، إنما نحن اليوم نفتقد المحبة والحميمة والرومانسية ونفتقر الإحساس بالفرحة، أشعر أن العيد مشكلة وليس فرحة، كل أسرة اليوم عندما يأتى العيد يشعرون بوجود مشكلة بل عدة مشاكل.. فمن أين تأيتهم الفرح الحقيقى، وسط هذا الكم من الإحباط، أصبح حتى حوارنا فى الأعياد عن ذكريات التى لم تتكرر، يبدو أن الذكريات هى آخر ما تبقى لنا. هذه الأيام أتذكر» شبرا «عندما كنت أعيش فيها وان الأعياد فيها بلا تعصب، بمعنى العيد للجميع كنا لا نعرف هل هى أعياد مسلمين أم أعياد مسيحيين هى فقط أعياد للكل المصرين، هذا ما نفتقده اليوم العيد للجميع ، وندرة التواصل الاجتماعى والنفسى أبعدنا كثيرا عن بعض، الصديق الوحيد وشريكى فى كل الأزمات والذى يرافقنى الأعياد هو «الرسم» الذى يجعلنى أتحمل ما نمر بة فى مصر اليوم، وأكثر ما يؤلمنى شعورى أن مصر أصبحت «مطار» لا أعرف موعد إقلاع الأزمات من مصر، لتعود مصر فى آمان. الفنان حمدى أبو المعاطى نقيب الفنانين التشكيليين: بداخل الكثير من الأعمال الفنية قد نجد بعض الرموز والتعبيرات تدخل ضمن الرموز الشعبية.. وقد تكون ليس تعبيراً مباشرًا عن الأعياد ولكنها رموز تحمل دلالات ومعانى تخص الفن الشعبى، أجد ان الفنانين ليسوا مقصرين فى التعبير عن موضوع العيد كموضوع فنى.. لأن ربما حدث عند بعض الفنانين حاله إشباع بصرى، الاحتفال بالأعياد يتم واقعيا ومعروف كل إشكاله، وهذا الإشباع البصرى والنفسى قد يكون أسهم فى تقليل مساحة الإبداع الفنى، الفنانون الذين اهتموا بالتراث الشعبى هم أكثر الفنانين الذين عبروا عن الأعياد الدينية والطقوس الشعبية.. حيث إننا لا نجد هذه الاحتفالات إلا فى بعض الأحياء الشعبية التى لها خصوصية، منهم الفنان حامد ندا الذى عبر عن الطقوس الشعبية السحر والشعوذة وحكايات شعبية، إنما لو قارننا بين عيد الفطر وعيد الأضحى فى الفن التشكيلى.. نجد أن شهر رمضان يحمل الكثير من الطقوس والمظاهر اليومية التى عبر عنها الفنانون، أما عيد الأضحى فهو محدود جدا ومقتصر على الأضحية.. ربما يكون هذا أحد أسباب عدم تناوله فنياً، أنا انتظر العيد لأسافر الى بلدتى وقريتى (قليوبية) التى اعتز بها وأتذكر فيها ذكريات خاصة.
الفنان سيد قنديل عميد كلية الفنون الجميلة: لم تأخذ الاحتفالات الشعبية بالأعياد حقها فى الأعمال الفنية لأنه تم محاربتها على مدار سنين كثيرة، من عدة جهات ، منها وزارة الثقافة السابقة حيث التوجه كان للفن التجريدى مثل توجه الوزير السابق فاروق حسنى كفنان تجريدى، وان الفنان الذى يقدم فناً شعبياً فى أعماله يهاجم بقسوة، وقد يهان ان هذا موضوع فنى قديم وغير معاصر وغير حداثى، عكس فترة جمال عبد الناصر الذى كانت فيها الدعوات للقومية والاشتراكية أدى هذا المناخ الناصرى أدى إلى تفاعل الفنانين أمثال سعد الخادم ، سعيد حداديه، وكمال أمين وغيرهم، هذا بالإضافة إلى ان مصر كانت تحتفل بالأعياد احتفالاً مصرياً جماعياً مثل الاحتفال بوفاء النيل. واليوم نحن ندخل حرب ثقافية أخرى وصراعاً لابد أن يدركه الشعب ويقاومه حتى لا تسرق منه هويتنا وتراثنا وحضاراتنا، ولن نسمح لأحد أن يحولنا إلى أعداء تاريخنا، ومن جانب آخر إذا أراد الفنان التعبير عن العيد ومظاهره.. فأين الحارة الشعبية واحتفاليتها ، لم تعد الأحياء الشعبية كما كانت الميديا سيطرت عليها واحتلتها شكلاً ومضموناً، إلى أن أخذت الحارة سمات وطباعاً آخرى، بالإضافة الى ان الميديا أبعدت المسافة بين الأسرة الواحدة . أنتظر العيد من اجل وجودى مع اسرتى ويكون الحوار الممتع هو ذكريات الزمن الجميل.
الفنان صلاح المليجى رئيس قطاع الفنون التشكيلية: بالنسبة للقطاع فبعض المتاحف مفتوحة للزيارة فى الأعياد منها متحف سعد زغلول حيث يقام معرض الصالون الأول للفنانين الشباب الذين نتيح لهم الفرصة للعرض الأول، والمتاحف مفتوحة فترتين، اهتمامات الناس أصبحت مختلفة ومشاعرها تجاه المناسبات أيضا تغيرت لما نمر به من تشويش على حياتنا اليومية وحاله عدم الاستقرار، التعبير عن العيد والاحتفالات الدينية لم يختف نهائياً ولكن نجد بعض الفنانين حريصون على وجوده فى العمل الفنى وإنما التعبير عن الاحتفالات الدينية يأتى من خلال طقوس موجودة فى ذاكرتنا ومارسناها ونحن صغار، ومن خلال دراستنا للتراث ومن مخزوننا البصري. الفنان يمكنه التعبير عن فرحة العيد كماض من ذكرياته، وليس كحاضر نعتبر الماضى هو الفرحة التى غابت وتأخرت ، وهذا أصعب ما نشعر به أن الاحتفالات بفرحة العيد سوف تقتصر على حكايات وذكريات، بالفعل نحن بحاجة إلى تفعيل أهمية أحداث العيد ولا نتجاهل تراثنا العقائدى ، ومن الفنانين الذين اهتموا بالموروث الشعبى الفنان حسن راشد وجاذبية سرى وعلى الدسوقى وزينب السجينى ومرجريت نخلة. بشكل شخصى العيد فرصة للقاء الأسرة لأن مسئولياتى تأخذنى منهم كثيرا ، لكنى انتظر إجازات الأعياد وادخل مرسمى الخاص، واحتفل مع أعمالى الفنية احتفالاً تشكيلياً خاصاً جدا يتيح لى تسجيل مشاعرى وانفعالاتى.