** "مانويل جوزيه" يكره الصحفيين.. هذه حقيقة مؤكدة، لم يعد هناك شك فيها، أو جدال حولها.. فقد أثبتت التجارب، الواحدة تلو الأخرى.. أن الرجل كان بين الحين والآخر قاسما مشتركا فى وقائع خلافية مع صحفيين، سواء فى مؤتمرات صحفية، أو فى مقر الأهلي، أو حتى وهو يدلى بتصريحات هنا أو هناك.. ثم وصل الأمر إلى تلك الحكاية التى راجت فى الإمارات.. عندما شكا أحد الصحفيين المصريين من قيام "جوزيه" بتوجيه "لفظ خارج" له، بعد أن وجه أى الصحفى سؤالا له.. بدا وكأنه لم يكن على هوى المدرب البرتغالى!! مثل هذه الواقعة من الممكن تفسيرها فى اتجاهين.. الأول: ربما كان "جوزيه".. مثل كل واحد فينا، يعاني نوعا من الضغوط النفسية، التى قد تدفعه إلى عدم احتمال بعض التصرفات، أو الكلمات، أو حتى الأسئلة التى يوجهها إليه الصحفيون، وأنا ألتمس له العذر فى ذلك.. فكلنا قد تنتابه هذه الحالة، ويحدث أن يبدو فى غير حالته الطبيعية، ثم سرعان ما يعود سيرته الأولى، كما يعرفه الناس كل الوقت.. ولكن الغريب فى هذه الحالة، أن السيد "جوزيه" لا ينفعل فى كل مرة إلا مع الصحفيين، وكأن الحالة النفسية غير المستقرة، لا تنتابه إلا مع الصحفيين، وهى مسألة جديرة بالملاحظة، وينبغي أن يسعى الرجل إلى تغييرها، أو السعى لعمل استثناء لها حتى لا يلصق به الاتهام بأنه يكره الصحفيين فعلا!! التفسير الثانى: ربما أن "مانويل جوزيه"، وصل إلى مرحلة متقدمة من تضخم الذات، بحيث لم يعد يقبل من داخله أن يسمع إلا ما يريد أن يسمعه، وهى الحالة التى تصيب من يشعر بحب الناس الجارف له، وهو ما حدث بالفعل فى مواضع كثيرة.. فقد أثبت جمهور الأهلي أنه يعشق الرجل لدرجة الجنون، وهم يقدرونه كل التقدير لما قدمه للنادى، وهذا حقه وحقهم.. ولا يمكن لأحد أن يناقشه، أو يفاصل فيه.. فهو بالفعل صاحب إنجازات تاريخية بكل معنى الكلمة، إلى جانب مواقفه الرجولية، التى لا تخرج إلا عن "ابن بلد" حقيقى.. وكان آخرها تبرعه الضخم لضحايا استاد بورسعيد.. ولعل هذا الحب الأسطوري الجارف، هو الذى يهيئ للرجل أن يصنع ما يريد.. أو يفعل ما يشاء، ويصبح حساسا للنقد.. رافضا لمجرد أن يوجه إليه أحد سؤالا يعكر مزاجه.. وهذا من حقه أيضا، لأنه بإمكانه أن يرفض الاجابة عن سؤال بعينه، أو يمتنع باحترام عن التعليق، كما يفعل كل المدربين فى العالم كله.. أما أن يضع نفسه فى مواجهة مباشرة مع الصحفيين، فمن المؤكد أن الأمر لن يكون فى مصلحته، باعتبار أن الأمر يتكرر كثيرا، وفى كل مرة تشتعل الأجواء بشدة.. وتستمر هكذا لبعض الوقت.. طال أم قصر، ثم تتجه الأمور نحو الهدوء.. لتبدأ محاولات الصلح، أو قيام واحد من مسئولى الأهلي بالاعتذار بالنيابة، أو بممارسة العبارة الشهيرة.. عفا الله عما سلف، وهكذا يتكرر الموقف، صورة طبق الأصل.. من "مانويل جوزيه"، ووصل الكلام إلى خارج مصر، وبالتحديد إلى الإمارات خلال معسكر الأهلي، وحدث نفس السيناريو بالحرف.. ولم تتغير أى تفصيلة فيه، وانتهى الأمر باعتذار كالعادة، دون أن نحل المشكلة.. وهو الشىء الذى أظن أنه يتعين أن تهتم به إدارة الأهلي فى الفترة القادمة، حتى لا تتفاقم الأمور، خاصة مع تغير الأحوال فى مصر، بعد 25 يناير.. وكلام الناس عن الكرامة، والعدالة، وحقوق الإنسان، فلم يعد مقبولا أن تتعرض كرامة أحد من المصريين للانتهاك، أو التجاوز من أى طرف، فما بالنا لو أن هذا الطرف هو واحد من الأجانب.. نعم هو شخص استثنائى، وله مكانة تختلف عن أى أجنبى آخر.. أو أى مدرب أجنبى حضر إلى مصر، ولكن المعانى لا تتجزأ فى النهاية.. كرامة المواطن واحدة، واحترامه فى بلده لا ينقسم، واحترام الرجل لأهل البلد لا يخل بحب الناس الجارف تجاهه.. أقول هذا الكلام بكل إخلاص، وحرصا على الرجل، وعلى صورته، وعلى تقدير الجميع له، وفى نفس الوقت أخشى عليه بشدة، ففى نفس الوقت الذى رفعت فيه ثورة 25 يناير الكثير من المعانى والشعارات الجميلة، فقد تركت فى ذات الوقت حالة من الانفلات السلوكى غير المتوقع، وأوحت بشكل أو آخر أن الحرية، والديمقراطية أن تفعل وتقول ما يحلو لك.. وقد شهدنا حالات الخروج عن النص يوميا على كل المستويات، وفى كل المجالات، حتى بدت مثل هذه السلوكيات غير المقبولة هى الأساس، أو أنها كل ما جاءت به الثورة، وحدث أن شهدنا بالفعل كمًا من التجاوزات المذهلة، الخارجة عن كل الأعراف، والقواعد، والقوانين فى ملاعب الكرة، وكان من بين نتائجها، سقوط عدد من الضحايا فى مباراة لكرة القدم، لم تشهده ملاعب مصر عبر تاريخها على الإطلاق، من هنا.. قد يتكرر الخروج عن المألوف من أى طرف من الأطراف.. وفى أى موقف، وتجاه أى أحد، ولذلك وجب تنبيه "مانويل جوزيه".. بأنه من الوارد جدا، بل من المؤكد.. أنه سيفاجأ بأنه يتعرض لأقذع الشتائم، وأحط السباب.. فور أن يخونه لسانه من جديد، ويدفعه للتجاوز مرة أخرى فى حق أى صحفى.. كما كان يفعل من قبل، كثير من الناس فى مصر تغيروا تماما، وتبدلت نظرتهم للأشياء.. بشكل حاد، وهناك من فهم الأمور على غير حقيقتها، وهناك من يخطئ فى تقديراته للأشياء، والحقيقة أنه صار هناك قدر هائل من التجاوز فى السلوك، ولم يعد من السهل توقع ماذا سيفعل هذا أو ذاك فى هذه المواقف أو تلك!! من هنا وجب التحذير.. لأننا نحترم الرجل، ونقدره ولا نريد له أن يذوق مرارة ما نعانيه يوميا من انفلات تحت شعار الحرية.. لا تخطئ من جديد وإلا هايشتموك يا "جوزيه"!! مقالات أخرى للكاتب تواصل مع الكاتب عبر صفحته على الFacebook