عندما حصل أحمد حسن على لقب عميد لاعبى العالم.. لم يكن هذا اللقب شخصيا، أو ذاتيا لأحمد حسن بالمعنى الحرفى.. نعم هو الذى حقق اللقب، وهو الذى تعب واجتهد من أجله، وسيبقى دوما مكتوبا باسمه، ولكن الحقيقة.. أن مصر حاضرة فى هذا اللقب، ومستفيدة منه تماما مثلما استفاد منه اللاعب.. أن عمادة العالم، هى تشريف لمصر، وإضافة إلى رصيدها بشكل أو آخر.. وكنت أظن أن هذا الأمر ستجرى معالجته بهذه الصورة فى الإعلام، واعتقدت أن مصر ستحتفى بنفسها فى صورة هذا اللقب كثيرا، وتعطيه حقه من التقدير، والاهتمام، والاحتفاء.. وهو بكل أسف ما لم يحدث.. وأظن أنه لن يحدث، لأن الوسط الرياضى بات مريضا، وتحولت أمراضه إلى أمراض مزمنة، صارت تؤثر على رؤيته، وقناعاته، وقراراته، وكيفية تعامله مع المواقف والأحداث المختلفة، وأعتقد أنه حان الوقت للتعافى من هذه الأمراض، والقضاء عليها. أمراض الوسط الرياضى، جعلت إدراك أصحابها قاصرا عن تقدير وزن مثل هذا التتويج، وقيمته الوطنية، وكونه سيبقى مرتبطا لوقت غير قصير باسم البلد، حتى يأتى آخر ليتمكن من تحطيم رقم أحمد حسن، وهو فى ظنى عمل صعب للغاية، لأن أحمد حسن وصل إلى المشاركة فى 180 مباراة، ولا يزال قادرا على إضافة المزيد، ومن الصعب أن يصل أحد إلى هذا الرصيد، على الأقل فى السنوات الخمس المقبلة.. وهو فى حد ذاته شرف كبير. الوسط الرياضى بكل أسى يعانى من سيطرة الألوان عند النظرة لكل الأشياء.. والألوان عندنا تتسبب فى انحراف الأحكام، والتأثير على رؤيتنا للأمور.. أي أن الناس عندما يشجعون الأهلي والزمالك، فإنهم يتأثرون بهذه العاطفة.. ويبتعدون عن الأحكام الموضوعية التى يصل إليها العقل، وإلى جانب الألوان.. يعانى الوسط الرياضى من غيرة قاتلة بين كثير من شخوصه، ونتيجة لتلك الغيرة.. تتبدل الرؤى، وتتحول النظرة.. وأذكر أننى منذ عدة أشهر كنت أدير حوارا مع لاعب سابق من المعروفين فى مجال الكرة، وكان الحوار تليفزيونيا، ومحوره منتخب مصر لكرة القدم.. والمباريات الودية التى يلعبها، وكنت أؤكد له كيف أنه من المهم، أن يكون من بين أهداف تلك المباريات أن نعمل جميعا من أجل تتويج أحمد حسن عميدا للاعبى العالم.. فلم يكن من صاحبنا سوى أن قابل الكلام بفتور شديد جدا، معتبرا أن مثل هذا الهدف ليس مهمًا بهذه الصورة!! على أى حال.. وأيا كانت الأسباب والدوافع.. يبدو أننا نحتاج إلى إعطاء دروس فى الوطنية، لكل من يرتبطون بعلاقة ما، مع الوسط الرياضى عموما، وكرة القدم على وجه الخصوص.. حتى يقدروا الإنجاز الذى تستفيد منه البلد.. ولو كان باسم شخص من الأشخاص، لابد من تصحيح كل تلك الخطايا لو كنا نريد أن نعيش فى أجواء أفضل.. ولكن من الواضح أنهم لا يريدون. ** الرياضة المصرية كلها واقفة على سور.. لن نتقدم، ولن نعرف بطولة، ولا ميدالية، ولا لعباً فى كأس العالم.. إلا لما نشوف حكاية السور؟ السور هو سور أرض النادى الأهلي فى مدينة الشيخ زايد، والتى تم تحويل أوراق النادى إلى النيابة بسببها.. سور إيه يا سادة؟ إنتوا بتهرجوا.. أو بتقولوا كلام يسبب جنان!! حكاية السور التى اشتعلت، بدت وكأنها أهم من مشكلة فلسطين.. وتتلخص فى القول بأن النادى الأهلي عندما حصل على أرض جديدة غير تلك التى كانت لديه، لم يقم ببناء سور حولها، والأرض القديمة كان حولها سور.. بس خلاص هى دى الحكاية!! تخيلوا أن مثل هذه المشكلات التافهة، هى التى تتسبب الرياضة فى شغل وقت جهات التحقيق بها، والمفروض أن جهات التحقيق هذه لديها ما هو أهم بكثير من مواضيع الرياضة، وهى نفسها أى مشكلات الرياضة التافهة التى تنشغل بها الجهة الحكومية المسئولة عن الملف الرياضى فى البلد، سور وكرسى ومكتب، وجوز قلل، وكام سجادة، هى التى تنشغل بها الجهة الإدارية، ولم يكن هناك حساب عسير عن عدد الممارسين الجدد، الذين تمكن كل اتحاد من إضافتهم إلى عدد ممارسيه الأصليين، ولم تكن هناك مراجعة عن خطط التطوير، والتخطيط للمستقبل، والانفتاح على العالم، لتطوير ما لدينا حتى نصل إلى مستوى ممارسة يساوى أو يوازى الموجود فى العالم.. لم يحدث هذا ولن يحدث، لأن قضية الرياضة الأساسية غائبة تماما، ولن تكون موجودة فى ظل مثل هذه العقليات التى لا تزال تعيش فى الماضى!! آل سور آل..!! ** كشفت البنود التى تم تداولها من القانون الجديد للرياضة، عن نوعية العقليات التى صاغت هذه البنود، والتى بدا واضحا كيف اهتمت بما يعنيها، أو ما يشغلها.. فى المقام الأول، وفى نفس الوقت كشفت كيف أن القانون لم يواكب الحاضر.. ولم يخاطب المستقبل، ولو كنت تابعت ما توافر من هذه البنود قبل عشر سنوات، ما شعرت بأنه مخالف لعصره.. أى قبل عشر سنوات، ولو عدت وفعلتها 10 سنوات أخرى للخلف.. ما شعرت بفرق، ستشعر بأن القانون يساير الزمن، لأن العقلية التى وقفت وراءه، هى نفسها التى كانت وراء القانون القديم، وربما ما قبل القديم.. لقد كانوا حريصين أن يتم إعداد القانون فى المغارة، على طريقة التخطيط لشىء فى تكتم، وكأن ما يتم التعامل معه هو من قبيل الخطط الحربية، عالية السرية، التى لا يتعين أبدا الاطلاع عليها.. أو معرفة ما يدور فيها.. كما جرى التعامل مع الموضوع كله، بطريقة التمويه التى مللنا منها، وعشناها كثيرا من قبل، وكنا نتصور أن الزمن عفا عليها، وهى تمرير نصوص، أو بنود لجس النبض، ومحاولة معرفة رد الفعل تجاهها.. وهو ما يعنى أن المسألة ليست خالصة لوجه الوطن، وأن الموضوع فيه مخاوف من أشياء ما، أو اعتبارات تخص مؤسسات ما.. ولو لم يكن الأمر كذلك، أجيبوا يا أبطال القانون الجديد.. عن هذين السؤالين.. الاول: ما هى رؤية القانون لمستقبل الرياضة المصرية وهل يريدها حكومية كما هى الآن.. أم تعود كما بدأت منذ مائة سنة كنشاط أهلى يستفيد منه المجتمع كله؟ والثانى: ماذا ستفعلون فى بند السنوات الثمانى فى الأندية.. هل ستضعون له نصا أم ستتجاهلونه؟ خوفا من الأهلي.. هل سأجد إجابة أم أنكم ستخافون من مجرد الرد؟.. لو حدث وامتنعتم عن الإجابة.. فمن الأفضل أن تأخذوا هذا القانون وتدفنوه حيا حتى تتخلصوا منه!