** ما كان يساورنى أدنى شك فى أن الألمان سيفترسون منتخب اليونان العنيد فى دور الثمانية لبطولة يورو 2012، فمن الصعب أن تتعرض الماكينات الألمانية التى لا تهدأ ولا تكل لأية مفاجآت غير سارة من منتخب يقل فى التصنيف عنها حتى لو كان قد حصل على هذه البطولة من قبل، وإن كنت أتصور أن الموقف كان من الممكن أن يتغير ويختلف لو لم يسجل أحفاد أرسطو وسقراط وأفلاطون هدف التعادل بعد عشر دقائق من الشوط الثانى، ولو كانوا واصلوا دفاعهم الحديدى وحافظوا على نتيجة صفر/ 1 حتى الدقائق العشر الأخيرة من الشوط الثانى لكان تسجيل هدف التعادل وقتها من الصعب على الألمان أن يعوضوه وربما لعب المنتخبان وقتا إضافيا وضربات ترجيح لا يعلم سوى الله من سيفوز بها! واللافت للنظر ربما منذ فترة ليست بالقصيرة أن منتخب المانشافت الألماني لم يعد يلعب الكرة القوية والجادة والسريعة وكفى وإنما أضاف إليها أيضا الكرة الحلوة الجميلة التى تعجب الجماهير، بفضل نجومه الذين ينحدرون من أصول غير ألمانية مثل مسعود أوزيل (تركيا) وسامى خضيرة (تونس) وكلوزه وبودولسكى (بولندا) وماريو جوميز (إسبانيا). ونقطة الضعف الوحيدة عند الألمان هى دفاعهم وتحديدا قلبى الدفاع إذ يسهل اختراقهما، ويظهر ذلك بصورة أوضح عندما يواجه الألمان أحد المنتخبات العريقة فى كرة القدم مثل إيطاليا أو إنجلترا أو إسبانيا. والألمان الذين لم يحرزوا لقب أمم أوروبا منذ بطولة 1996، يحلمون بحمل الكأس هذه المرة لتكون المرة الرابعة لهم بعد أن فازوا بها أيضا عامى 1972 و1980، ولكن هل كل ما يتمناه المرء يدركه؟ -*- ** للمرة الأولى أرى كريستيانو رونالدو نجم نادى ريال مدريد الإسبانى متوهجا وفى أوج تألقه مع منتخب بلاده البرتغال.. وللمرة الأولى أيضا أرى المنتخب البرتغالى بهذا المستوى الذى لم أشهده منه فى المرات الخمس السابقة التى شارك فيها فى بطولات كأس الأمم الأوروبية أعوام 1984 و1996 و2000 و2004 و2008، حتى وإن كان بينها المرة التى خسر فيها هذا المنتخب فى المباراة النهائية على أرضه ووسط جماهيره فى 2004 عندما نجح منتخب اليونان فى الفوز عليه 1/صفر بعد أن كان فاز عليه فى مباراة الافتتاح 2/1. المنتخب البرتغالى بات أكثر تنظيما على المستوى التكتيكى بفضل مديره الفنى الكفء باولو بينتو الذى نجح فى عمل خلطة رائعة من نجوم البرتغال الذين يطلق عليهم دائما لقب "برازيل أوروبا"، فاللاعبون البرتغاليون معروف عنهم أنهم لا تنقصهم الموهبة والمهارة، بل هم من أفضل نجوم أوروبا على المستوى الفردى والمهارى والموهبة، وهل ينسى أحد الأجيال المختلفة للنجوم البرتغاليين مثل إيزيبيو ولويس فيجو وديكو وغيرهم، ونجوم الجيل الحالى مثل رونالدو ونانى وكوانتراو وبيبى وبوستيجا وغيرهم؟ ونجح بينتو فى أن يطور كثيرا من أدائهم على المستوى التنظيمى والتكتيكى والجماعى فكان الشكل أفضل والأداء أجمل والتمركز فى الملعب أكثر انضباطا. -*- ** الإسبان يفوزون بأى فريق وأى لاعبين و"يتعاطون" كرة مختلفة تماما عن أى فريق آخر.. تلك حقيقة لا غبار عليها وأثبتتها مباريات يورو 2012.. ولكن هل تشهد هذه البطولة مفاجأة خروج الماتادور الإسبانى من الدور قبل النهائى أو من المباراة النهائية؟ احتمال ضعيف جدا ولكنه ليس مستحيلا، الكرة "ملهاش كبير"! -*- ** الفرنسيون يثبتون يوما بعد يوم أنهم لن تقوم لهم قائمة ما لم تلد فرنسا نجما جديدا بحجم زين الدين زيدان أو ميشيل بلاتينى.. نجم يصنع الفارق بموهبته الفذة وبقدرته على قيادة المنتخب وبتعاونه مع زملائه، وهو ما لم نشاهده فى منتخب الديوك الحالى.. فرغم ما يملكه من مواهب كثيرة على المستوى الفردى مثل كريم بن زيمة وسمير نصرى وفرانك ريبيرى ومالودا وحاتم بن عرفة وغيرهم فإنك لا تلحظ أى تعاون مثمر بينهم على مستوى اللعب الجماعى، وتلك مصيبة الفرنسيين منذ اعتزال نجم النجوم زيدان.. فين أيامك يا مايسترو!! ناهيك عن البطء الشديد فى الأداء ونقل الهجمة من الدفاع إلى الهجوم والبطء أيضا فى الارتداد الدفاعى.. والإنجليز أيضا لا يختلفون كثيرا عن جيرانهم الفرنسيين. باختصار شديد.. الديوك والأسود الثلاثة: "حبة فوق.. وحبتين تحت"!! -*- ** عادة الطلاينة أنهم يتسللون وينتهجون سياسة الخطوة خطوة إلى أن يبلغوا المراحل النهائية للبطولات.. فعلوا ذلك فى مونديال إسبانيا 1982 وأيضا فى مونديال ألمانيا 2006 وخطفوا الكأس فى المرتين.. ولهذا لا أستبعد أن يكون منتخب الآزورى طرفا فى المباراة النهائية، بعد أن تأهل للمربع الذهبي ليواجه الماكينات الألمانية.. وعلى أية حال فإن حظوظ أطراف الدور قبل النهائي الأربعة (البرتغال ألمانياإسبانيا إيطاليا) متساوية بدرجة كبيرة. -*- ** خمسة حكام لكل مباراة تجربة جديدة طبقها الاتحاد الأوروبى لكرة القدم فى يورو 2012، ورغم ذلك لم تسد كل الثغرات ولم تنه الأخطاء المتكررة للتحكيم، وبات ضروريا استخدام الفيديو خاصة لتحديد الكرات التى تتجاوز خط المرمى، وظنى أنه آن الأوان للاستعانة بالفيديو بعد أن اقتنع السويسرى جوزيف بلاتر بأن استخدامه أصبح أمرا ملحا خاصة بعد الهدف الصحيح الذى سجله الأوكرانيون فى مرمى المنتخب الإنجليزى ولم يحتسبه حكم المباراة، ولا رآه حامل الراية الواقف خلف المرمى رغم أنه كان على بعد أمتار قليلة منه! وأتصور أن مونديال 2014 بالبرازيل سيكون مناسبة جيدة لاستخدام الفيديو، على الأقل فى الكرات المختلف عليها عند خطى المرمى.