كنت اسمع عن عم جورج سعد منذ سنوات طويلة دون ان التقي به، او اتعرف عليه.. كان نجماً من نجوم المجتمع.. اري صوره في الجرائد، والمجلات .. واتابع احاديثه للاذاعة والتليفزيون.. ومن سنوات طويلة.. تعرفت عليه.. تحاورنا كثيراً.. تناقشنا وتجادلنا، ومع عم جورج الخلاف في الرأي لايفسد للود قضية. قبل ان تتشر الصحف، والفضائيات.. كانت الأجواء الرياضية أفضل بكثير مما هي عليه الآن، حيث لاتطاول أو قلة أدب.. وانما احترام ومودة، واذا كانت هناك »دعابات« بين أطراف تشجيع هذا الفريق أو ذاك، فهي لاتعدو أكثر من »هزار« لايخلو من الإلتزام. اذكر ان عم جورج كان صديقا للمرحوم طلبة صقر. كان جورج كبير مشجعي الزمالك.. وكان طلبة رئيس مشجعي الاهلي.. كانا صديقان حميمين.. ومنافسان لدودين.. لايحمل كلاهما للآخر أي نوع من الكراهية أو الضغينة، وانما يحمل خفة الظل والافيهات الشكلية.. اما المضمون فهو الحب وليس غيره.. كان جورج وطلبة لاينفصلان في مباريات الأهلي والزمالك.. المدرجات تفصل بين جماهير الناديين، ولكن لاشيء يفرق بين كبيري مشجعي الناديين.. وكانا فور انتهاء المباراة يتعانقان، ولم ينجح أحدهم في أن يوقع بينهما علي الاطلاق لانهما يتعرفان أن الرياضة وسيلة حضارية للتقارب وليست ساحة للجليطة وقلة القيمة. فارق طلبة صقر صديقه جورج سعد منذ سنوات.. وكنت أشعر ان عم جورج خسر كثيرا بفراق صاحبه، او بمعني أصح توءمه. فأخذت الابتسامة تغيب عن شفتيه تدريجياً، خاصة مع تدهور الاوضاع في الشارع الرياضي، وتحديداً داخل نادي الزمالك الذي كان يقضي بين جدرانه اكثر مما كان يقضي في بيته. عم جورج.. له أفضال كثيرة علي الزمالك تحديداً.. فكم اعطاه من دمه ومن ماله دون ان ينظر لأي مردود.. لذلك اصبح علامة ونموذجاً ورمزاً لأجيال قادمة.. واذا كان الرجل العملاق قد رحل.. فها هو نجله.. د.عبدالله جورج يمضي علي طريقه بنفس السلوك.. وبنفس المحبة ليكمل مشوار الراحل الذي حتما سيكرمه نادي الزمالك.. وسيخلده نظير ما اعطي عبر مشوار حياته الطويل. حياة عم جورج حافلة بالدروس والعبر.. واذا ارادت الاجيال الحالية أن تتعلم شيئاً يفيدها فعليها ان تبحث عن مسيرة هذا الرجل لتنقب عن جواهر غنية تغذي العقل والقلب والوجدان بأشياء ثمينة لاتوجد عند الكثيرين من البشر. رحم الله عم جورج سعد