تفاصيل اتفاق ممثل زيزو مع حسين لبيب بشأن العودة إلى الزمالك    ادعى الشك في سلوكها.. حبس المتهم بقتل شقيقته في أوسيم    ظهر بإطلالتين، عمرو دياب يتألق خلال حفله في القرية العالمية بدبي (فيديو وصور)    قصور الثقافة تواصل عروض المهرجان الختامي لنوادي المسرح 32    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    وكيل صحة شمال سيناء يستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد تمهيدًا للتأمين الصحي الشامل    إعلام حوثي: 14 مصابا في القصف الأمريكية على صنعاء    استشهاد 15 فلسطينيا إثر قصف إسرائيلي على مدينة غزة    باكستان تطلب جلسة طارئة مغلقة لمجلس الأمن لبحث التوترات مع الهند بشأن كشمير    بالإجماع.. الكابينت يصادق على الخطط المتعلقة بمواصلة الحملة العسكرية في غزة    ترامب يجدد تهديده باستخدام القوة العسكرية لضم جرينلاند    مبادرة «أطفالنا خط أحمر» تناشد «القومي للطفولة والأمومة» بالتنسيق والتعاون لإنقاذ الأطفال من هتك أعراضهم    رابطة الأندية ردا على هجوم بيراميدز: طبقنا مبدأ تكافؤ الفرص وراجعوا لائحة الدوري    شوقي غريب يقود المريخ للفوز الثاني على التوالي بالدوري الموريتاني    ملف يلا كورة.. الأهلي ينتعش بتعثر بيراميدز.. وظهور زيزو في الزمالك    صراع ثنائي بين ليفاندوفسكي ومبابي.. جدول ترتيب هدافي الدوري الإسباني    ردا على نتنياهو، الحوثيون: إخطار منظمة الطيران واتحاد النقل الجوي بقرار الحظر الجوي على إسرائيل    عنده السكر، التحفظ على مدرسة منعت طفلا من دخول الحمام بالقاهرة    التحريات تكشف ملابسات وفاة شاب إثر سقوطه من الطابق الرابع    مصرع شخص وإصابة 7 في مشاجرة طاحنة بقرية نزلة حسين بالمنيا    رئيس محلية النواب يستنكر فكرة تعويض المستأجرين بمساكن بديلة    وكيل إسكان النواب: ترقيم العقارات ينهي نزاعات الملكية ويُسهل التصدير    بعد إعادة فتح عيادتها.. شام الذهبي تكشف تفاصيل دعم والدتها أصالة    لهذا السبب..ايداع الطفلة "شهد " في دار رعاية بالدقهلية    بعد تعرضه لوعكة مفاجئة.. تطورات الحالة الصحية للفنان صبري عبدالمنعم    سعر الموز والبطيخ والخوخ بالأسواق اليوم الاثنين 5 مايو 2025    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    اعتقال مسئول حكومي بعد انفجار الميناء "المميت" في إيران    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 5 مايو 2025    وزير التعليم: افتتاح 15 مدرسة مصرية يابانية جديدة سبتمبر المقبل    طقس معتدل والعظمى في القاهرة 28 درجة.. حالة الطقس اليوم    جودي.. اسم مؤقت لطفلة تبحث عن أسرتها في العاشر من رمضان    اليوم، محاكمة 28 متهما بهتك عرض شابين وإجبارهما على ارتداء ملابس نسائية بالجيزة    جثة صاحب معرض وفتاة مجهولة داخل سيارة تُشعل الغموض في السنبلاوين    عيار 21 الآن بعد الزيادة الأخيرة.. سعر الذهب اليوم الإثنين 5 مايو في الصاغة (تفاصيل)    قداسة البابا يلتقي مفتي صربيا ويؤكد على الوحدة الوطنية وعلاقات المحبة بين الأديان    هل يغيب ربيعة طويلا؟ فحص طبي يكشف مصير مدافع الأهلي    مواعيد مباريات اليوم الاثنين والقنوات الناقلة    تعادل مثير بين ليل ومارسيليا في الدوري الفرنسي    محافظ الجيزة ووزير الشباب يشهدان حفل ختام مهرجان إبداع بجامعة القاهرة    بسبب سرقة لحن.. الحكم في دعوى مطرب المهرجانات مسلم ونور التوت| اليوم    شام الذهبي تنهار من البكاء بسبب والدتها أصالة.. ما القصة؟ (فيديو)    الرئيس الفلسطيني يبحث مع نظيره القبرصي تطورات الأوضاع السياسية    مجلس الشيوخ يناقش اقتراح برغبة بشأن تفعيل قانون المسنين    أمين الفتوى يوضح حكم الميت الذي كان يتعمد منع الزكاة وهل يجب على الورثة إخراجها    وزير الإسكان: طرح 115 ألف شقة لمحدودي ومتوسطي الدخل    «مكافحة نواقل الأمراض»: عضة الفأر زي الكلب تحتاج إلى مصل السعار (فيديو)    قصر العيني: تنفيذ 52 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    الناطق العسكري باسم الفصائل اليمنية: نعلن فرض حصار جوي شامل على إسرائيل    «في عيدهم».. نائب رئيس سموحة يُكرّم 100 عامل: «العمود الفقري وشركاء التنمية» (صور)    هل يجوز التعاقد على شراء كميات محددة من الأرز والذرة قبل الحصاد؟.. الأزهر للفتوى يجيب    رئيس هيئة الدواء: معدل استخدام المضادات الحيوية بين المصريين 31 جرعة يوميا لكل 1000 مواطن.. الرعاية الصحية: مقاومة المضادات تسهم فى 10% من حالات الوفاة عالميا.. الصحة العالمية تدعو لمواجهة خطر مقاومة الميكروبات    مجلس جامعة الأزهر يوجّه توصيات مهمة بشأن الامتحانات    البابا تواضروس الثاني يلتقي أبناء الكنيسة القبطية في صربيا    هل يجوز وضع ميك أب خفيف أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى تجيب    رئيس مجلس الشيوخ يفتتح الجلسة العامة لمناقشة ملفي الأمن السيبراني وتجديد الخطاب الدينى    جامعة القاهرة تصدر تقريرها الرابع للاستدامة حول جهودها في المجال الأكاديمي    نظام غذائي صحي للقلب بعد جراحة الأوعية الدموية.. تعرف عليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياراتُ الألمان العظيمة ومذابحُ عسكر مصر
نشر في شبكة رصد الإخبارية يوم 29 - 09 - 2013

ذَهبتُ الأسبوعَ الماضِي لممارسةِ رياضةِ الجري فِي الغابةِ المجاورةِ لمبنَى "الاتّحادِ الدّوليّ لكرةِ القدمِ" (الفيفا) في مَدينةِ زيورخَ. بعدَ انتهاءِ التّدريباتِ الرّياضيّةِ توجّهتُ إلى قِسمِ التّدليكِ الرّياضيّ. أثناءَ الانتظارِ لفتَ نظري العددُ الجديدُ لإحدى المجلاّتِ الألمانيّةِ المتخصّصةِ في السّيّاراتِ. تصفّحتُ المجلّةَ بصورةٍ تلقائيّةٍ، برغمِ أنّني لستُ من عشّاقِ السّيّاراتِ. بعدَ
انتهاءِ جَلسةِ التّدليكِ، استأذنتُ صَديقي صاحبَ العيادةِ في استعارةِ هَذه المجلّةِ، بعدمَا شَدّتني روعةُ الموديلاتِ المعروضةِ فيها. تذكّرتُ أثناءَ تصفُّحِ المجلّةِ حكايةً طريفةً عَنْ موضوعِ السّيّاراتِ. فعندَمَا التقيتُ عضوًا بارزًا في البرلمانِ الفيدراليّ السّويسريّ قبلَ نحو عامٍ، لبحثِ إمكانيّةِ دعوةِ صديقي هانس كينج، كبيرِ علماءِ اللّاهوتِ في عصرِنَا، لإلقاءِ محاضرةٍ في زيورخَ - فاجأني صَاحبي البرلمانيُّ السّويسريُّ قائلًا: "أتعرفُ الفارقَ بينَ صديقِكَ كينجَ وبابا الفاتيكانِ بندكت السّادسَ عشرَ؟" قلتُ: "هناكَ فروقٌ كثيرةٌ".
فقالَ: "لكنّي أعنِي الفارقَ بينَ ذوقِهما في السّيّاراتِ. فعندمَا كانا زَميلينِ في جَامعةِ تُوبينجنَ الألمانيّةِ، كانَ هانسُ كينجَ يقودُ سيّارةَ بورشه أنيقةً وغاليةً، في حين أنّ البابا السّابقَ كانَ يقودُ سيّارةَ فولكس فاجن شعبيّةً رخيصةً"! ابتسمتُ متعجّبًا. وَبعدَ ذلكَ اتّصلَ بي أَحدُ تلامذتي السّويسريّينَ الّذي يعملُ حاليًا مديرًا في أكبرَ بنكٍ سويسريٍّ، طالبًا مقَابلتي. فلمّا تقَابلنا، جعلنَا نسترجعُ الذّكرياتِ الجميلةَ، والأيّامَ المجيدةَ.
فذكّرني بحكايتنا مَعَ صديقتي شِيمل، عندَمَا رجاني كبارُ مَسؤولي البنكِ السّويسريِّ "يو بي إس" مساعدَتهم لدعوةِ عميدةِ الاستشراقِ الألمانيّ أنّا مَاري شِيمل لإلقاءِ مُحاضرةٍ لهم فِي سويسرا. قُلتُ له: "كانتِ المرحومةُ لا تطيقُ هَانس كينجَ"! فقالَ: "كانتْ تتهكّمُ عليه بأنّه يعشقُ قيادةَ السّيّاراتِ السّريعةِ"!
تصفّحتُ بعدَ ذلكَ مجلّةَ السّيّاراتِ المذكورةَ بتمعُّنٍ. أدهشتْي روعةُ السّيّاراتِ الألمانيّةِ بالذّاتِ. فَهَذِهِ سيّارةٌ "بي إم ڤيه" (أو بالإنجليزيّة: بي إم دبليو)، وتلكَ سيّارةٌ "مرسيدس"، وبعدَ ذلكَ نجدُ سيّارةً حديثةً ماركةَ "فولكس فاجن"، وأخيرًا تعرضُ المجلّةُ أحدثَ السّيّاراتِ الألمانيّةِ من ماركةِ "بورشيه" العملاقةِ. لقد طوّرَ الألمانُ خلالَ العقودِ الماضيةِ موديلاتِ السّيّاراتِ الّتي يُصنّعونها بطريقةٍ مثيرةٍ للإعجابِ حقًّا. فهي سريعةٌ، وآمنةٌ، ومريحةٌ، وجميلةٌ، وممتعةٌ في آنٍ واحدٍ. بعضُ هذه الموديلاتِ تحملُ ملامحَ الطّائراتِ والصّواريخِ. إنّها باختصارٍ ليستْ سيّاراتٍ، بل هي تحفٌ فنّيّةٌ عظيمةٌ.
عِندمَا ترجمتُ فُصولا من كتابِ الباحِثَينِ السّويسريّينِ: أرنولد هوتينجر وإريك جيسلينج: "بؤرةُ الصّراعِ: الشّرقُ الأوسطُ"، ونشرتُهَا ضِمْنَ فُصُولِ كِتابي: "الإسلامُ في عُيُونِ السّويسريّينَ"، لفتَ نظري قولُ أرنولد هوتينجر إنّ ازدهَارَ الصّناعةِ يعتمدُ في المقامِ الأوّلِ على توفّرِ الأجواءِ الدّيمقراطيّةِ. أَوْ بعبارةٍ أخرى: لا صِنَاعةَ، بلا ديمقراطيّةٍ! هذه العبارةُ قرأتُهَا وترجمتُها مُنذُ أكثر من عقدٍ من الزّمنِ، وَمَعَ ذلكَ فقدْ ثبتتْ في ذاكرتي، وتعوّدتُ أنْ أتذكّرها، كلّما تأمّلتُ الأحوالَ المتردّيةَ الّتي وصلتْ إليها مصرُنا اليومَ. فمجرمُو عَسكرِ مِصْرَ لَمْ يبرعُوا إلّا في شَيءٍ واحدٍ، هُوَ الفسادُ والإجرامُ. لقدْ رأينا فشلَ جميعِ الدّيكتاتوريّاتِ العسكريّةِ في تأسيسِ صناعاتٍ متقدّمةٍ مستديمةٍ.
أتذكّرُ مثلا أنّني زُرتُ بعضَ دولِ أوروبّا الشّرقيّةِ، قبلَ انهيارِ الحكمِ الشّيوعيّ فيها. فهالني المستوى المعيشيّ المنخفضُ للسّكّانِ هناكَ، وصدمني تخلُّفُ هذه الدّولِ الشّيوعيّةِ مقارنةً بدولِ غربِ أوروبّا. لم أرَ في شَوارعِ مَدينةِ براغَ التّشيكوسلوفاكيّةِ إلا ماركةَ سيّاراتٍ واحدةً في منتهى القبحِ والتّخلّفِ. وتذكّرتُ السّيّارةَ الّتي حَاولَ المجرمُ عَبد النّاصرِ إنتاجَها في مصرَ في ستّينيّاتِ القرنِ العشرينَ، وكانتْ تُسمّى "رمسيس" فيمَا أتذكّرُ، وكانتْ هي أيضًا في منتهى القبحِ والتّخلّفِ. "لا صِنَاعةَ بِلا ديمقراطيّةٍ". يقينًا حَاولَ بعضُ الطّغاةِ تأسيسَ صناعاتٍ متقدّمةٍ، مثلما فعلَ هتلر عِندمَا شجّع عائلةَ بورشيه على تطويرِ سيّارةٍ شعبيّةٍ: "فولكس فاجن". لكنّ هذه الصّناعاتِ مستحيلٌ أن تنمو وتزدهرَ، وتتألّقَ، إلّا عندما تسطعُ شمسُ الحرّيّةِ، وتهبُ رياحُ الدّيمقراطيّةِ.
محاولاتُ عَسكرِ مصرَ تأسيسَ صناعاتٍ حَديثةٍ في مصرَ، في عصرِ المجرمِ عبد النّاصرِ، لم تكنْ سوى "مغامراتٍ" صبيانيّةٍ مثيرةٍ للسّخريّةِ، إذا ما قورنتْ بالمستوياتِ العظيمةِ الّتي وصلتْ إليها الصّناعاتُ الحديثةُ في دولِ العالمِ المتقدّمةِ. بالطّبع كانَ من السّهلِ عَلى عَبد النّاصرِ وعصَابتِهِ تسويقُ هذه المغامراتِ الهزليّةِ للشّعبِ المصريّ المقهورِ على أنّها بطولاتٌ فريدةٌ، نظرًا لتفشّي الأمّيّةِ، والجهلِ في قطاعاتٍ واسعةٍ من شعبِنا المسكينِ. لكنَّ واقعَ الحالِ يقولُ إنّ الصّناعةَ مستحيلٌ أن تزدهرَ في ظلّ الحكمِ الدّيكتاتوريّ المجرمِ.
ولنتأمّلِ المنجزاتِ العظيمةَ للألمانِ - الّذينَ بدؤوا معركةَ إعادةِ بناءِ دولتهم بعدَ انتهاءِ الحربِ العالميّةِ الثّانيةِ سنةَ 1945م - في مجالِ صناعةِ السّيّاراتِ، ونقارنْهَا بفضائحِ عسكرِ مِصْرَ المجرمينَ الّذينَ استعبدوا الشّعبَ المصريّ منذُ سنة 1952م. ففِي يومٍ واحدٍ سنة 2013م ارتكبَ عسكرُ مِصْرَ المجرمونَ مذبحةً بشعةً، قتلوا فيها أكثرَ من ثلاثةِ آلافِ مصريّ. هَذا هو القتلُ الجسديّ. أمّا القتلُ المعنويّ، والفكريّ، والنّفسيّ، فقد وصلَ عددُ ضحايا مجرمي عسكرِ مِصْرَ أكثرَ من تسعينَ مليونَ مصريٍّ. لقد أشبعنَا العَسكرُ نهبًا، وترويعًا، وإرهابًا، وإذلالًا، وتضليلًا، وسرقةً، ونصبًا، وإملاقًا، على مَدارِ ستّينَ عامًا. هَذا هُو القتلُ البطيءُ الّذي يستمرُّ سنواتٍ طويلةً، بعكسِ القتلِ الجسديّ الّذي يحدثُ فورًا.
فأيّهما أكثرُ إيلامًا، أيّها القارئُ الكريمُ؟ أبلغني، أيّها القارئُ الكريمُ، أيّهما أكثرُ ألمًا، أنْ يقتلنا المجرمونَ بالرّصاصِ، أم أن يقتلونا جوعًا، ومرضًا، وفقرًا؟ أيّهما أحبّ إليكَ، أيّها القارئُ الكريمُ، أن تموتَ بالرّصاصِ، أم أن تموتَ بالذّلّ، والقمعِ، والاستعبادِ؟ بل دعني أستخدمْ عبارةً شائعةً في أمريكا: أيّهما أفضلُ: أن تموتَ واقفًا على قدميكَ، أم تموتَ راكعًا على ركبتيك؟ والمقصودُ هنا هو: أن تموتَ بكرامةٍ منتصبًا، أم تعيشَ مذلولًا راكعًا كالعبدِ للمجرمينَ.
انشغلَ الألمانُ بتطويرِ بلادهم، وانشغلَ مجرمو عسكرِ مِصْرَ باستعبادِ شعبهم. صنّعَ الألمانُ السّيّاراتِ، وفتحَ مجرمو عسكرِ مصرَ المعتقلاتِ. أصبحَ الألمانُ أبطالَ العالمِ سنواتٍ طويلةً في التّصديرِ، وأصبحَ عسكرُ مصرَ أبطالَ العالمِ في التّقتيلِ. انشغلَ الألمانُ بتوفيرِ وسائلِ الرّاحةِ لشعبهم، وانشغلَ مُجرمو عَسكرِ مِصْرَ باستعبادِ شعبِهم. حَرصَ الألمانُ على تنويرِ شَعبهم، وحرصَ مجرمو عسكرِ مِصْرَ على تضليلِ شعبنا. قادَ الألمانَ بلادَهم إلى الرّخاءِ والرّفاهيةِ، وقادَ مجرمو عسكرِ مِصْرَ بلادنا إلى الهلاكِ والفقرِ والتّخلّفِ. هَذه هي حصيلةُ حكمِ حُثالةِ المصريّينَ لشَعبنا العظيمِ ستّة عقودٍ كاملةٍ. ويا لها مِن حَصيلة أليمةٍ، مريرةٍ، قاتلةٍ، مميتةٍ.
لقدْ جَعَلَ مُجرمو عَسكرِ مصرَ حياتنا كابوسًا فظيعًا. ليسَ يتقنُ هَؤلاءِ المجرمونَ إلّا الكذبَ، والنّصبَ، والتّضليلَ. صَارتْ حَياتنا كذبًا في كذبٍ. يكذبونَ علينا في رواحِنا وغدوِنا. يكذبونَ عَلينا في التّليفزيونِ، والرّاديو، والصّحفِ والمجلّاتِ. يكذبونَ علينا فِي أقسامِ الشّرطةِ والمعتقلاتِ. يكذبونَ علينا فِي المدارسِ والجامعاتِ. يكذبونَ علينا في كلّ شَيءٍ. فمَاذا، فَعلنا، يا إلهي، حتّى تبتلينَا بأسوأ حثالةٍ عَرفتها البشريّةُ على الإطلاقِ، في جهلِها، وكذبِها، وعربدتِها، وإجرامِها؟ ماذا اقترفنَا، يا إلهي، حتّى تبتلينَا بعصابةٍ مِنَ المجرمينَ تحكمنَا منذُ سَنةِ 1952م؟ ولماذا، يا ربّي، ابتليتَنا بهذِه العصابةِ الّتي تتكوّنُ من أجهلِ عبادِ اللّهِ، وأحطّهم أخلاقًا ودينًا؟
إنّ حصيلةَ حكمِ مجرمي عَسكر مِصْرَ مريرةٌ، يا ناسُ. أوصلنا مُجرمو العَسكرِ إلى أسفَل سافلينَ. صِرنا متخلّفينَ جدًّا، وجهلةً جدًّا، وضعفاءَ جِدًّا، وفقراءَ جدًّا. لا مفرّ لنا مِن تَدميرِ هَذه الدّيكتاتوريّةِ العَسكريّةِ المجرمةِ، إن شِئنا استعادةَ مكانتنا تحتَ الشّمسِ. مُستحيلٌ أن نقبلَ بعدَ اليومِ أن تستعبدَنا عصابةٌ من المجرمينَ، مِنْ حملةِ الثّانويةِ العامّةِ بمجموعٍ ضعيفٍ ضعيفٍ ضعيفٍ. ليسَ يتقنُ عسكرُ مصرَ إلّا الكذبَ، والإرهابِ، والتّضليلَ، والفسادَ، والخيانةَ. لقد باعوا الوطنَ بثمنٍ بخيسٍ. وتحوّلوا إلى جيشٍ احتلالٍ خسيسٍ تنحسرُ مهمّته في استعبادِ شَعبنا الأعزلِ، وإذلالِه، وترويعِه. وَلذلكَ لابدّ من سَحقِ هَذه العصابةِ المجرمةِ، وتدميرِ الدّيكتاتوريّةِ العسكريّةِ، ودحرِ الدّولةِ البوليسيّةِ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.