خاطرة مهمة عن التواجد الاستراتيجي الأمريكي-التركي-المصري في القرن الأفريقي - الصومال و مستقبلها جدير بالذكر، أن الصومال في عهد زياد بري كانت تابعة للمعسكر الشيوعي، حتى مالت اثيوبيا لروسيا، و بالتبعية لم يقبل الصوماليون تبعية "العدو" الأثيوبي لنفس الصديق الروسي، فتحولت الصومال للمعسكر الأمريكي. أمريكا كعادتها ايدت النظام القمعي في البلاد، بغض النظر عن ويلاته على الشعب، حتى اتت لحظة الربيع الصومالي في أوائل التسعينات، و دخل لعشرين عاما في زوبعة الدماء و الحرب الأهلية و الحركات التحررية و سحل و قتل جنود السفارة الأمريكية في شوارع مقديشيو في ملحمة يذكرها التاريخ. و خرجت امريكا... لبضعة أعوام من الصومال، و احتاجت ان تعود مع ارتفاع وتيرة حرب الخليج و تهديدات ايران. تواجد استراتيجي لازم في خليج عدن و مياه المحيط الهندي. عادت أمريكا مع العمل على "افشال" دولة الصومال أكثر، أو ابقائها على تلك الحالة، ولم تعترف ابدا بأي من الحكومات الفدرالية التي نشأت إلى ايام قليلة مضت (يناير 2013). كانت الأموال الأمريكية تنفق كالتالي: 650 مليون دولار أمريكي للقوات الأفريقية، و 130 مليون دولار للجيش الصومالي 360 مليون إغاثة إنسانية في سنتين عاجلة 54 مليون للتنمية و أكثر من 200 مليون لكل لاجئي الصومال. (المصدر خطبة هيلاري كلينتون في مؤتمرها الصحفي للاعتراف بدولة الصومال) لاحظ أولا أن أغلب الأموال التي تم انفاقها على "جيوش". و أن الجيوش الأفريقية من جهة كانت تفرض سيطرتها على الصومال برعاية أمريكية و تناطح حركة الشباب أو الحركات التحررية عموما داخل الصومال، إن لم تتسبب نفسها في سقوط احد هذه الحركات (المحاكم الإسلامية). المهم، امريكا غير مهتمة بتاتا "بالتنمية"، أمريكا تريد الصومال دولة "فاشلة" يلجئ إليها كل صاحب فكر "أصولي" أو "إرهابي" ولا تهتم مطلقا بطلبات الصوماليين، اللهم إلا في أعمال إغاثية لا تصل ل 5% من اجمالي المدفوع للجيوش و الإغاثة، وربما ميزانية اعمال التنمية تشمل مصاريف مكاتب السي آي ايه الموجودة بالقرب من سواحل مقديشيو وعلى مسافة نظر من مطار مقديشيو. مكاتب و هناجر طائرات بدون طيار، وكذلك سجون لإخفاء اعداء الحرية. فجأة وبلا مقدمات، قررت أمريكا دعم الحكومة الصومالية الجديدة. فجأة و خير اللهم اجعله خير، هيلاري مع رئيس الصومال معترفة بالدولة الجديدة و بالرئيس المنتخب و برلمانه. فجأة بعد اسبوع واحد من زيارتنا للصومال! حسنا، لدي بعض التوقعات، أسأل لم حدث ذلك، و لا استطيع أن اجزم ولكن اريد ان افندها امامكم: 1. التدخل التركي في الصومال تركيا انفقت حوالي 160 مليون دولار، أغلبها في اعمال "تنموية". و ما رأينا في الصومال أنها قلبت الطاولة راسا على عقب في الصومال. فجأة تملك الصوماليون "حلم الدولة" بعد ان زارها أردوغان، و تملكوا "الثقة" في أنفسهم... و في نفس الوقت يمليلون ميلا عظيما في اتجاه تركيا ولهم كل الحق. 2. قطر فجأة أيضا تدخل قطر بالتعاون مع تركيا، "لتنمية" الصومال. حدث ولا حرج، الصومال ستخرج في غضون سنوات من دائرة الدولة الفاشلة ل ربما دولة مثل "الإمارات" بما فيها من خيرات ينام عليها الصوماليون. 3. أمريكا هل ستقف أمريكا متفرجة؟ أم هل تنسق اصلا في ذلك مع الآخرين؟ 4. الإمارات و مصر و السعودية.... للكل مصالح في الصومال، مصر ستاتي طوعا أو كرها لأن علاقات مصر بالصومال تساوي ضغطا ولو ناعما على أثيوبيا و آمانا لمصر في ملف منابع النيل، و الإمارات تتواجد اينما تواجدت ضرتها -قطر- و ستأتيكم السعودية... ستكون حفلة كبيرة في بلادكم... حفلة أكبر من جيوش ال 26 دولة على سواحل الصومال اليوم... صبرا! تفكير بسيط، يخبرك أنه في كل الأحوال: تغير الصومال قد آن اوانه. بفعل الأتراك، بفعل غيرهم، ستتغير الصومال. خلاص. و النتيجة، أن الصومال قدر له أن يدخل دورة حضارية جديدة من الصفر. سيدخل حالة الاستضعاف، ثم معركة الوعي و محاربة الاحتلال، ثم محاربة الاستبداد حتى الحرية. هو نفس الطريق الطويل الذي يسير فيه كل بلاد الربيع العربي.... دورة حضارية من بضعة عشرات من الأعوام او أقل، وحدهم الصوماليون سيحددون. و الفرق أن الصومال لازالت في المهد. اخلص من كل ذلك، على اخواني الصوماليين، أن يعواا أن للكل مصالح في بلادهم. و أن معركة تحرير الصومال لازالت طويلة، بعيدة المنال. هي معركة اجيال متواصلة. ستبدأ الصومال في تأسيس دولة، يتم اختراقها بالاقتصاد كغيرها، ستسرق ثروات بلادكم اكثر و اكثر... أمامكم معارك وعي، و من ثم معارك استقلال حضاري و سيادي. وفي كل الأحوال عليكم سير الطريق... مع تركيا، مع أمريكا مع قطر... مع اخوانكم العرب... في كل الأحوال: الصومال تتغير. للاحسن. لديكم معارك من نوع مختلف الآن. ربما تقعون تحت شكل مختلف من الاحتلال. لديكم معارك من نوع آخر. بإمكانكم تعجيل وتيرة التغيير.