البنك الأهلي المصري يقود تحالفاً مصرفياً لتمويل «مشارق للاستثمار العقاري» بمليار جنيه    نائب رئيس اتحاد الدواجن: انخفاض غير مسبوق في الأسعار وتحقيق الاكتفاء الذاتي    قائمة أكبر المتاجر المشاركة في البلاك فرايداي وأسعار لا تُفوَّت    إيران تحذر من تداعيات التحركات العسكرية الأمريكية في منطقة الكاريبي    الدفاع الروسية: إسقاط 36 طائرة مسيرة أوكرانية فوق عدة مناطق    بينهم مصريان، غرق 4 وإنقاذ العشرات في انقلاب قاربي مهاجرين قبالة سواحل ليبيا (صور)    تعب معايا جدا، تريزيجيه يكشف ما فعله الخطيب مع النادي التركي حتى يعود إلى الأهلي    أهلي جدة يبدأ خطوات الحفاظ على ميندي وتجديد العقد    فيران توريس بعد دخوله نادي العظماء: الطموح لا يتوقف مع الماتادور    ليفربول يحسم موقفه النهائي من بيع سوبوسلاي    آسر محمد صبري: والدي جعلني أعشق الزمالك.. وشيكابالا مثلي الأعلى    تريزيجيه: الأهلي سألني عن بنشرقي.. وهذا ما دار بيني وبين زيزو قبل مواجهة الزمالك    "ضد الإبادة".. ظهور حمدان والنبريص والدباغ في خسارة فلسطين أمام الباسك    الداخلية تضبط المتهمين بسرقة أبواب حديدية بإحدى المقابر بالشرقية    القبض على أبطال فيديو الاعتداء على شاب ب"الشوم" في المنيا    أسفرت عن إصابة 4 أشخاص.. حبس طرفي مشاجرة في كرداسة    بدون إصابات.. السيطرة على حريق في برج سكني بفيصل    عمرو أديب بعد حادث أحمد سعد: واخد عين.. حوادثنا قاتلة رغم الطفرة غير الطبيعية في الطرق    محمود حميدة عن إحراج الناس بردوده: مش قاصد    المستشار ضياء الغمرى يحتفل بحفل زفاف نجله محمد علي الدكتورة ندى    السفارة المصرية تضيء روما.. فعالية كبرى للترويج لافتتاح المتحف المصري الكبير.. صور    العرض العربي الأول لفيلم "كان ياما كان في غزة" فى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    أطعمة تزيد حدة نزلات البرد يجب تجنبها    فوري تعلن نتائج مالية قياسية للأشهر التسعة الأولى من 2025    سويسرا تكتسح السويد 4-1 في تصفيات كأس العالم 2026    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. إسرائيل: لا إعادة إعمار لقطاع غزة قبل نزع سلاح حماس.. قتلى وجرحى فى انزلاق أرضى فى جاوة الوسطى بإندونيسيا.. الجيش السودانى يسيطر على منطقتين فى شمال كردفان    رئيس الوزراء المجرى: على أوروبا أن تقترح نظاما أمنيا جديدا على روسيا    الاتحاد الإفريقى: المؤسسة العسكرية هى الكيان الشرعى المتبقى فى السودان    الطفل عبدالله عبد الموجود يبدع فى تلاوة القرآن الكريم.. فيديو    تلاوته أبهرت اللجنة.. الداعية مصطفى حسني يقبل يد متسابق ببرنامج دولة التلاوة    البنك الأهلي يقود تحالف مصرفي لتمويل المرحلة الأولى من مشروع "Zag East" بقيمة مليار جنيه    وزير الصحة يعلن توصيات النسخة الثالثة للمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    وزارة العمل تسلّم 36 عقد عمل لشباب مصريين للسفر إلى الأردن ضمن خطة فتح أسواق جديدة للعمالة    المتسابق محمد وفيق يحصل على أعلى الدرجات ببرنامج دولة التلاوة    الأمم المتحدة: 30 مليون شخص بالسودان بحاجة إلى مساعدات    تساقط أمطار خفيفة وانتشار السحب المنخفضة بمنطقة كرموز في الإسكندرية    مجموعة مكسيم للاستثمار راعٍ بلاتيني للمؤتمر العالمي للسكان والصحة PHDC'25    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    الأرصاد: تحسن في الطقس وارتفاع طفيف بدرجات الحرارة نهاية الأسبوع    (كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا) موضوع خطبة الجمعة المقبلة    مؤتمر جماهيري حاشد ل"الجبهة الوطنية " غدا بستاد القاهرة لدعم مرشحيه بانتخابات النواب    محافظ الدقهلية خلال احتفالية «المس حلمك»: نور البصيرة لا يُطفأ ومصر وطن يحتضن الجميع| فيديو    استشاري أمراض صدرية تحسم الجدل حول انتشار الفيروس المخلوي بين طلاب المدارس    وزير الصحة يشهد إطلاق الأدلة الإرشادية الوطنية لمنظومة الترصد المبني على الحدث    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    قضية إبستين.. واشنطن بوست: ترامب يُصعد لتوجيه الغضب نحو الديمقراطيين    عملات تذكارية جديدة توثق معالم المتحف المصري الكبير وتشهد إقبالًا كبيرًا    الأمن يوضح حقيقة فيديو متداول بشأن سحب دراجة نارية بالجيزة    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    دعت لضرورة تنوع مصادر التمويل، دراسة تكشف تكاليف تشغيل الجامعات التكنولوجية    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيرست: بندر بن سلطان أمير الفوضي السعودي

هاجم الكاتب البريطاني ديفيد هيرست، في مقال له، الأمير السعودي بندر بن سلطان، بسبب ترويجه للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وانتقاده للفلسطنيين.
وكتب هيرست مقاله بعنوان: "بندر بن سلطان.. أمير الفوضي.. ينقض من جديد"، ميدل إيست أي البريطاني، أن الأمير المتمرس تم جلبه إلى الساحة الإعلامية مجددا، لكي يهاجم القادة الفلسطينيين لرفضهم صفقات التطبيع الجديدة.
النص الكامل للمقال:
طوال فترة عمله التزم بندر بمبدأ واحد ألا وهو التفاني في خدمة سيده سواء كان الملك السعودي أو الرئيس الأمريكي، أو كليهما معا
خلت جعبة دونالد ترامب، رئيس تلفزيون الواقع في أمريكا، من الألعاب البهلوانية المثيرة.
بدأ الناس يصطفون في طوابير طويلة بانتظار الاقتراع، ويبدو أن المرشح الرئاسي الديمقراطي جو بايدين يحقق تقدما لا يُنازع، فالتجأ ترامب إلى الاستعطاف والمناشدة: "يا نساء الضواحي، هلا أحببتموني، من فضلكن؟".
وقف في مهرجان جرى تنظيمه في جونستاون ليقول: "رجاء، رجاء. لقد أنقذت حيكم الملعون، أوكيه؟ الشيء الآخر، لم يعد لدي الكثير من الوقت حتى أكون لطيفا كما يجب. تعلمون أن بإمكاني ذلك، ولكن علي أن أذهب بسرعة."
المزاج في الرياض وفي أبوظبي كالح، فلربما لن يلبث بعيدا "سطحهم" – والسطح هنا مصطلح روسي يعني زعيم المافيا – الذي يستر قصورهم المجوفة حتى يطير، تاركا مالكيها في انكشاف، ولن يكون هناك جاريد كوشنر، صهر ترامب وكبير مستشاري البيت الأبيض، ليتلقى مكالماتهم الهاتفية الواردة بعد منتصف الليل، يسألونه فيها إن كان بإمكانهم غزو قطر.
ولم يعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعبأ كما كان من قبل؛ فهو يعلم، وقد مر عليه في منصبه أربعة من الرؤساء الأمريكيين؛ اثنان منهم ديمقراطيان، كيف يكون الشتاء في واشنطن. فنتنياهو رجل كل الفصول، ولن يسأم جلب ملابسه القذرة لينظفها في مغاسل البيت الأبيض.
أخبر نتنياهو الكنيست، الذي أقر الصفقة مع الإمارات العربية المتحدة يوم الخميس، إنه مازال يعتقد بأن الفلسطينيين سوف "يصحون من سكرتهم". فهو يمارس لعبة حبالها طويلة. أما ولي عهد السعودية محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، فلا، وما كان بوسعهما أن يفعلا ذلك. يحتاج الرجلان اللذان يخططان للسيطرة على العالم العربي السني، إلى رؤية النتائج في التو.
ما يوشكان على خسارته من مليارات الدولارات التي أغدقوها على ترامب، فيما لو خسر الانتخابات، هي أقل ما لديهما من مشاكل.
تباطأت العربة التي كانوا يعولون عليها في تنفيذ خططهم، تلك العربة المتمثلة باعتراف العرب بإسرائيل؛ فلم تنضم دولة عربية كبيرة واحدة إلى الخطة، ولم يصل إليهم بعد ما يسر، لا من السودان ولا من عُمان ولا من الكويت. فحتى الآن لم تعترف بإسرائيل في هذه الجولة سوى دولتان خليجيتان صغيرتان، هما الإمارات العربية المتحدة والبحرين، ويحتاج ما قامت به الدولتان إلى تثبيت.
عقارب الساعة لا تتوقف، ولا بد من استبدال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) برجلهم هم، محمد دحلان، ولا مفر من التخلص من قادة المقاومة الفلسطينية – أو هكذا يرى محمد بن زايد.
ولذلك؛ عمدوا الأسبوع الماضي إلى جلب أمير سعودي متمرس لكي يشجب القادة الفلسطينيين ويصفهم بالطفوليين، وذلك في محاولة لتطويع الرأي العام العربي وإيجاد أرضية تمضي من خلالها المملكة العربية السعودية في السبيل نفسه الذي سبقتها فيه كل من الإمارات والبحرين.
استعرض الأمير بندر بن سلطان في حديثه مع قناة العربية المملوكة للسعودية سبعة وثلاثين عاما من الدبلوماسية السعودية، قضى هو نفسه منها اثنين وعشرين عاما في منصب سفير المملكة لدى واشنطن.
كانت الفكرة التي طرحها بسيطة، إذ قال: "أعتقد أننا في المملكة العربية السعودية، انطلاقا من نوايانا الحسنة، كنا باستمرار معهم ولهم (يقصد الفلسطينيين). كلما طلبوا منا المشورة والمساعدة قدمناهما لهم دون أن نرجو منهم شيئا في المقابل، ولكنهم كانوا يأخذون المساعدة ويتجاهلون النصيحة، ثم يفشلون ويعودون لنا ثانية، وكنا ندعمهم تارة أخرى، بغض النظر عن أخطائهم وعن حقيقة أنهم عرفوا أنه كان يتوجب عليهم الأخذ بنصيحتنا لهم".
وقال بندر؛ إنه آن الأوان لأن تنهج المملكة العربية السعودية سبيلا خاصا بها، وأن تعمل على خدمة مصالحها القومية.
أثار البرنامج ردود فعل قوية في أرجاء العالم العربي. لو وضعنا الفلسطينيين جانبا، فإن مجرد عودة بندر للظهور بهذه الصورة، ذكّر ملايين العراقيين والسوريين والمصريين كم كانت السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية مكلفة بالنسبة لهم على مدى العقدين الماضيين.
فقد ذكرهم بكل حرب أمريكية أو صفقة قذرة كان بندر ضالعا فيها بشكل شخصي. إن القائمة طويلة، وتمتد على مدى الاثنين والعشرين عاما التي قضاها في عمله في واشنطن، وتتضمن فضيحة إيران والكونترا، وصفقة أسلحة اليمامة، وحرب الخليج الأولى، والغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، وأخيرا الحرب في سوريا.
كان بندر غائصا في كل واحدة منها من رأسه إلى أخمص قدميه.
ففي حرب الخليج الأولى، كان مقربا جدا من الأمريكيين، لدرجة أن برينت سكاوكروفت عبر عن ذلك بقوله إن الأمير السعودي كان "بحكم الأمر الواقع عضوا في مجلس الأمن القومي". وفيما يخص غزو العراق، أطلع جورج دبليو بوش بندر على خطط الغزو قبل بدء الحرب في عام 2003. وفي سوريا، كان بندر، بوصفه رئيسا للمخابرات السعودية، هو الذي أطلق سراح 1200 سجين من الذين كانوا ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام، ودربهم وأرسلهم إلى "الجهاد" في سوريا.
كان بندر هو وجه جيع الصفقات السرية التي أبرمتها المملكة العربية السعودية ضد البلدان العربية الشقيقة، إنه الوجه الذي ظل يطل على المشهد بغض النظر عن مدى شناعة الفضيحة أو عدد من كانوا يتكبدون ثمن ذلك، فبندر لم يكن يشعر بالخجل
أخبرني صديق لي فلسطيني بأنه دعي ذات مرة لرؤية بندر عندما كان سفيراً، إذ كانت المملكة العربية السعودية مهتمة بالتواصل مع المنظمة التي كان يعمل فيها حينذاك. وهناك على طاولة بندر، كانت توجد حقيبة كبيرة مملوءة بالدولارات، وكأنما أراد بوضعها هناك التباهي بها.
طوال ذلك الوقت كان بندر يتلقى 30 مليون جنيه إسترليني كل ثلاثة شهور على مدى ما لا يقل عن عشر سنين من قبل شركة بريتيش إيروسبيس الهندسية؛ كرشوة لدوره في إبرام صفقة اليمامة. كان مكتب مكافحة الفساد في بريطانيا يريد من الدولة أن تقاضي المسؤولين عن ذلك، إلا أن طوني بلير، الذي كان حينها رئيسا للوزراء، أمر بوقف التحقيق بحجة "أسباب تتعلق بالأمن القومي".
فما كان من أمير الفساد الكبير إلا أن ضحك شامتا، وقال: "الطريقة التي أجيب فيها على تهم الفساد هي كالتالي. خلال الثلاثين عاما الماضية نفذنا برنامجا للتنمية، وكان ذلك بتكلفة تعادل ما يقرب من 400 مليار دولار، أوكيه؟ انظروا إلى البلد بأسره، أين كان وأين هو الآن".
وأضاف؛ "إنني على ثقة تامة من أنك حين تنظر إلى الأمر فسوف تقول: لم يكن بإمكانك أن تقوم بذلك بأقل من، لنقل 350 مليار دولار. وإذا قلت لي؛ إننا من خلال بناء هذا البلد بأسره وإنفاق 350 مليار من أصل 400 مليار، نكون قد أسأنا استخدام، أو مارسنا الفساد بمبلغ، 50 مليار، فسأقول لك: نعم، ولن أتردد في أخذ ذلك المبلغ في أي وقت. ولكن الأهم من ذلك، من أنت حتى تقول لي هذا؟ فأنا أرى الفضائح هنا، أو في إنجلترا أو في أوروبا. ما أحاول أن أقوله لك هو: من ذا الذي يبالي؟"
طوال فترة عمله، التزم بندر بمبدأ واحد؛ هو التفاني في خدمة سيده. وليس مهما من يكون هذ السيد، فقد يكون السيد هو عاهل المملكة العربية السعودية أو رئيس الولايات المتحدة، أو كلاهما معا. حدّث ولا حرج عن الرجل، ولكن ماذا عن السياسات والحروب والتدخلات التي ساعد في التخطيط لها؟
يوجد التطبيع مع إسرائيل جبهة لمواجهة تركيا وإيران. ولكن كما أشار الأكاديمي الفلسطيني خالد الحروب في مقال طويل مدمر لفكرة بندر نشره له موقع القدس العربي، لماذا لم يشرح الأمير بندر للشعب السعودي لماذا باتت إيران تحيط بالمملكة من كل الجهات وتقبع في حديقتها الخلفية؟
يقول الحروب: "السؤال الكبير هنا: لماذا لم يشرح الأمير للشعب السعودي كيف أصبحت إيران خطرا على السعودية؟ ومن هو الذي تسبب في تمكينها من العراق وسوريا ولبنان؟ وما الدور الذي أداه هو في واشنطن كأداة في يد جورج بوش الابن، خلال التحضير لتدمير العراق وتسليم البلد هدية جاهزة على طبق من فضة لإيران. وفي أعقاب تلك الحرب اندفعت إيران في الهلال الخصيب، تحتل وتسيطر ثم تحاصر السعودية في شمالها الإقليمي. ما هي مسؤولية القيادات السعودية، وهو منها، في تسهيل تلك الحرب وتعبيد الطريق للنفوذ الإيراني؟"
ويضيف الحروب: وهل يستطيع بندر أن يفسر للسعوديين كيف استطاعت إيران أن تبني قوة عسكرية وقوة نووية، وهي تحت العقوبات والمقاطعة والحرب من الغرب، لما يقرب من أربعين سنة؟ لماذا لم تبن السعودية قوتها العسكرية الذاتية، وتعتمد على ذاتها، بما لا يضطرها الآن للجوء والاختباء خلف إسرائيل، أو حتى أمريكا خشية هذا العدو الإقليمي أو ذاك؟ أين ذهبت ثرواتها؟"
التركة السعودية بشأن فلسطين
وإذا كنت تشكو من أن الفلسطينيين يأخذون ولا ينجزون أبدا، فما الذي أنجزه السعوديون بالضبط لفلسطين؟
صدرت عن السعوديين مبادرتان للسلام، أما الأولى فكانت مبادرة الملك فهد في عام 1981، بينما كانت الثانية هي مبادرة الملك عبدالله في عام 2002، التي غدت تعرف باسم المبادرة العربية للسلام. وكانت لكل مبادرة منهما غاياتها المحددة، غير الهدف المعلن الذي يتمثل في تحقيق تسوية عادلة للفلسطينيين.
جاءت مبادرة الملك فهد استجابة لطلب من الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، واشتملت على أول اعتراف عربي ضمني بإسرائيل، من خلال الموافقة على قرارات مجلس الأمن الدولي وتبنيها كإطار للتسوية. تم فيما بعد تبني الخطة بصيغتها المعدلة من قبل القمة العربية في فاس، بالمغرب، في التاسع من سبتمبر / أيلول 1982 بعد الغزو الإسرائيلي للبنان وحصار بيروت وطرد منظمة التحرير. كان الغرض من ذلك هو امتصاص غضب الجماهير العربية.
وكذلك جاءت المبادرة العربية للسلام في عام 2002 لكي تمتص غضب الولايات المتحدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، التي شارك فيها مواطنون سعوديون ووجهت فيها أصابع الاتهام لحكومة المملكة نفسها. ولدت هذه المبادرة ميتة، فقد رفضها رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون منذ اليوم الأول، ومع ذلك لم يغير ذلك من الأمر شيئا.
كان المراد من المبادرتين هو استرضاء الرأي العام العربي، مع ترك المجال مفتوحا للضغط على القادة الفلسطينيين لتطويعهم وإخضاعهم. وفي المحصلة، لم يتخذ من الإجراءات ما يسند أيّا من المبادرتين.
ولعل هذا أحد الأسباب التي تفسر لماذا غدت إسرائيل في وضع من التمكين التام والهيمنة الشاملة، ولماذا باتت المملكة في حالة من الانحناء الشديد.
نثر بذور الفوضى
مما لا شك فيه، أن السياسة الخارجية السعودية لم تكن يوما تستهدف حل مشاكل المنطقة، بل كل همها هو الحفاظ على نظام آل سعود أيّا كانت التكاليف. وما الدور الذي أداه بندر طوال عمله الدبلوماسي، إلا تجسيد لتلك الغاية.
لن تتورع المملكة عن الغدر بأي حليف والتخلي عن أي قضية في سبيل الحفاظ على موضع وثروة العائلة كلما أمكنها ذلك، وهي تفعل ذلك من خلال نثر بذور الفوضى؛ فبندر هو الذي عسكر المعارضة السورية، ولكنه تعهد في الوقت نفسه ألا يصل إليها من السلاح ما يكفي لترجيح كفة ائتلاف فصائل الثورة ضد النظام.
ثم في صيف 2015 انقلب محمد بن سلمان، الذي كان للتو قد عين وزيرا للدفاع، على الثوار وراح يشجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الزحف بقواته للحيلولة دون سقوط النظام في دمشق. فيما بعد، وردت أنباء تفيد بأن محمد بن زايد دفع مالا للرئيس السوري بشار الأسد لكي ينتهك الهدنة التي تم التوصل إليها مع تركيا في إدلب، الأمر الذي سبب كثيرا من الامتعاض للرئيس الروسي بوتين. هذه المواقف المتقلبة وما تفضي إليه من فوضى، إنما الغرض منها هو إبقاء سوريا ذاتها في حالة من الضعف الدائم. والأمر نفسه حصل مع العراق.
كتم أصوات الناس في الشارع العربي
يكشف المؤشر السنوي للرأي العام العربي، الذي يصدر عن معهد الدوحة في قطر، أن ستة بالمائة فقط من السعوديين يوافقون على الاعتراف بإسرائيل. وحسبما ورد في المؤشر، بلغت نسبة الرفض في الجزائر 99 بالمائة، وفي لبنان 94 بالمائة، وفي الأردن 93 بالمائة (رغم أن الأردن اعترف بإسرائيل في عام 1994) والشيء نفسه في تونس.
وحتى معهد واشنطن اليميني توصل إلى نتائج مشابهة، فطبقا للأرقام التي نشرها تسعة بالمائة من السعوديين فقط يوافقون اليوم على أن "من يرغب من الناس في إقامة علاقات تجارية أو رياضية مع الإسرائيليين ينبغي السماح لهم بذلك". وفيما يخص العلاقات مع الإسرائيليين أنفسهم، وجد المعهد أن ما يقرب من ثمانين بالمائة من الإماراتيين الذين استطلعت آراؤهم يعارضون فكرة أن "من يرغب من الناس في إقامة علاقات تجارية أو رياضية مع الإسرائيليين ينبغي السماح لهم بذلك".
يعرف النظام الشمولي في المملكة العربية السعودية سبيلا وحيدا لتغيير الرأي العام – كتم الأصوات.
عندما حذفت منصة "شاهد دوت نت" الإلكترونية التابعة لقناة إم بي سي، الممولة من قبل السعودية، من قائمة محتوياتها المسلسل الدرامي "التغريبة الفلسطينية"، كان رد الفعل مدويا، مما أجبرها على إعادتها. وهذا المسلسل الدرامي، الذي فاز بجوائز معتبرة، هو واحد من أشهر الأعمال الدرامية باللغة العربية حول القضية الفلسطينية.
يجسد بندر، مهنيا وشخصيا، الكارثة التي حلت بالعرب خلال العقدين الماضيين. فهذا المكتئب المدمن على الخمر، لم يتورع عن الإلقاء بأفراد عائلته للذئاب؛ بما في ذلك عمه الأمير أحمد، وشقيقته التي هي زوجة محمد بن نايف، والعديد من أبناء عمومته. وحصل بندر على المكافأة على ذلك من خلال تعيين ابنه سفيرا للملكة في لندن، وابنته سفيرة للمملكة في واشنطن.
لن تتعافى المنطقة مما هي فيه من بلاء حتى تبتلع الأمواج أمثال بندر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.