جامعة أسيوط تُعلن فتح باب الترشح لمنصب عميد كلية التجارة    80 جنيها لكيلو الدواجن البيضاء.. استقرار أسعار الدواجن بأسواق الإسكندرية    مجلس النواب يرفض اقتراح مصطفى بكري بمد الإيجار للجيل الأول.. وفوزي يدافع: الحكومة خادمة للشعب المصري    حدث أمني صعب في غزة وإصابة 4 جنود جراء انفجار عبوة ناسفة    ممداني: ترامب هددني بسحب الجنسية ولن أقبل الترهيب    الجيش الإسرائيلي: القبض على خلية "إرهابية" تديرها إيران في جنوب سوريا    بورتو يُقيل مدربه بعد الخروج المونديالي    "نورا عصام" طالبة علوم رياضية قناة السويس تُتوج بنوط الامتياز من الرئيس السيسي    جمال عبدالحميد يهاجم إمام عاشور ويُعلق على رحيل زيزو    النيابة العامة تبدأ التحقيقات في حادث غرق حفار البحر الأحمر    مصرع سيدة إفريقية صدمتها سيارة بالتجمع الأول    ضبط سائق سيارة تابعة لشركة نقل ذكى بتهمة التحرش بسيدة أجنبية في القاهرة    آية عبد العزيز تكتب: فيلم " أحمد وأحمد" عودة حميدة للأحمدين    ضبط 62.9 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    تكريم خاص من الزمالك.. عقد شيكابالا يُصرف بالكامل في حال الاعتزال    كامل الوزير يلتقي نائب رئيس "ألستوم" لمتابعة مشروعات النقل وتوطين الصناعات    البورصة المصرية تستهل بارتفاع جماعي لكافة المؤشرات اليوم 2 يوليو 2025    جولة مفاجئة لمحافظ الدقهلية بالمنافذ والاطمئنان على الحالة العامة بالشوارع في بلقاس    وزير التموين: مصر مركز إقليمي محوري في تجارة الحبوب والأمن الغذائي.    خطاب 3 يوليو لحظة مفصلية في استعادة الوطن وتثبيت مؤسسات الدولة    «أنغام وشيرين».. من أزمة صوت مصر لمهرجان موازين    فيلم "ريستارت" ل تامر حسني يواصل تصدره للمركز الثاني بشباك تذاكر السينمات    وزير الإسكان يجتمع لمتابعة الموقف التنفيذي لمشروع حدائق تلال الفسطاط    جامعة القناة تكثف استعداداتها لعقد المؤتمر السنوي للدراسات العليا والبحوث (صور)    "الصحفيين" توقّع بروتوكولًا جديدًا مع المصرف المتحد للتمويل العقاري    "افتخروا بالأحمر".. نجم الأهلي السابق يوجه رسالة قوية: الهلال مشروع دولة    شوبير يكشف آخر تطورات صفقات الأهلي الصيفية ومصير وسام أبو علي    ضوابط منح الترخيص المؤقت للحضانات    مهرجان إعلام 6 أكتوبر للإنتاج الإعلامي يكرم الفنان محمد صبحي    الأعلى للجامعات يعلن إضافة عدد من البرامج الدراسية الجديدة بكليات الجامعات الحكومية    وزير الأوقاف يلتقي وزيرة التجارة والصناعة بالفلبين لبحث سُبُل التعاون    نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس.. تعرف علي التفاصيل    انطلاق امتحان الأحياء لطلاب الثانوية الأزهرية علمي بكفر الشيخ    أمن سوهاج يكشف غموض العثور على فتاة جثة هامدة داخل منزلها بأخميم سوهاج    تعرف على مكافآت لاعبى الهلال بعد التأهل التاريخى فى مونديال الأندية    كندا تسعى لإعفاء كامل من الرسوم الجمركية الأمريكية فى محادثات مع واشنطن    الهيئة الوطنية للانتخابات تُعلن آلية الكشف الطبي لمرشحي انتخابات الشيوخ    كل ما تريد معرفته عن مدارس البترول بعد الإعدادية.. بدائل الثانوية العامة 2025    الخميس.. حفل تأبين الناقد الراحل محمد السيد إسماعيل بالقليوبية    إعلام الاحتلال عن مصدر: المقترح الجديد لا يتضمن تعهدا واضحا بإنهاء الحرب    توقعات الأبراج في شهر يوليو 2025.. أحداث مثيرة تنتظر كل برج    لماذا يستحب صيام يوم عاشوراء؟    فيديو- أمين الفتوى يوضح أحكام القصر والجمع في الصلاة: متى يجوز ومتى لا يجوز    تفقد صحي لطوارئ مطار القاهرة وأجهزة إنعاش القلب    ضمن منظومة «التأمين الصحي الشامل».. 112 وحدة جاهزة لخدمة أهالي أسوان    عكاوي يوجه بتقديم خدمة طبية متميزة لمنسوبي جامعة جنوب الوادي    تحتوي على مواد قابلة للاشتعال.. إزالة مخازن مخالفة تشكل خطراً على المواطنين بالجيزة    قرارات حاجة لمحافظ الدقهلية في مفاجئة لمستشفى بلقاس..صور    أسعار الذهب اليوم الأربعاء 2 يوليو 2025: استقرار محلي بعد ارتفاع عالمي    سبب وفاة المطرب أحمد عامر.. وموعد تشييع الجنازة    رويترز: الجيش الإيراني أجرى استعدادات لزرع ألغام في مضيق هرمز    وزارة البترول: تفعيل خطة الطوارئ فور انقلاب بارج بحري بخليج السويس    لحظة بلحظة.. بروسيا دورتموند ضد مونتيري 2-1    "بوليتيكو": الولايات المتحدة توقف بعض شحنات الصواريخ والذخائر إلى أوكرانيا    التشكيل الرسمي لمباراة بوروسيا دورتموند ومونتيري في مونديال الأندية    من دعاء النبي.. الدعاء المستحب بعد الوضوء    أمين «البحوث الإسلامية»: الهجرة النبويَّة تأسيسٌ لمجتمع قيمي ينهض على الوعي    هل يحق للزوجة طلب مسكن مستقل لضمان استقرار؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركيا وقطر رسائل سياسية وعسكرية

كان تصويت البرلمان التركي، الأربعاء 7 يونيو/ حزيران 2017، على مشروع قرار يسمح بنشر قوات تركية إضافية على الأراضي القطرية خطوة مفاجئة أدخلت تركيا بقوة على خط الأزمة الخليجية -الخليجية، وبدا وكأن تركياً تقدم موقفاً جديداً، مختلفاً ومتقدماً.
ذلك أن الموقف التركي في اليوم الأول للأزمة قد تأخر نسبياً. فالتعقيب التركي الرسمي الأول على الأزمة التي بدأت في ساعات الفجر الأولى أتى عصر ذلك اليوم على لسان وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو في مؤتمره الصحافي المشترك مع نظيره الألماني رداً على أسئلة الصحافيين، وعبر فيه عن "أسف" بلاده لما حصل و"استعدادها للمساعدة" في تقريب وجهات النظر.
مساءً، وبعد اجتماع المجلس الوزاري الاعتيادي، قال الناطق باسم الحكومة نعمان كورتلموش إن المنطقة فيها من الصراعات والنزاعات ما يغنيها عن أزمات جديدة، شارحاً كيف بدأ الرئيس التركي سلسلة من الاتصالات الهاتفية شملت أمير قطر وملك السعودية وأمير الكويت والرئيس الروسي، من موقع تركيا كرئيس دوري لمنظمة التعاون الإسلامي.
صدرت تصريحات أخرى على لسان كل من رئيس الوزراء بن علي يلدرم والناطق باسم الرئاسة إبراهيم كالين، لكن جملة المواقف والتصريحات التركية لم تخرج عن إطار الدعوة إلى التهدئة والتزام لغة الحوار واحتواء الأزمة، فكانت الحصيلة التركية رسالة دعم لقطر دون استفزاز السعودية. ربما بدا هذا السقف مفاجئاً بالنظر للعلاقة المميزة التي تجمع بين تركيا وقطر، إلا أنه كان مفهوماً جداً في سياق حرص أنقرة على عدم الانحياز الواضح لإتاحة الفرصة لجهود التقريب التي سعت للعبها. ولأن تركيا تدرك أن الدول الخليجية تفضل دائماً الوساطات التي تأتي من داخل البيت الخليجي، فلم تطرح مبادرة محددة أو وساطة فعلية، بقدر ما حاولت دعم الجهود التي يقوم بها أمير الكويت وتدعيمها بجهد تركي وآخر دولي.
بيد أن أنقرة لا تنظر للدوحة على أنها حليف تتفق معه في مجمل السياسة الخارجية وقضايا المنطقة وحسب، ولكن أيضاً كدولة قدمت دعماً واضحاً لتركيا في عدة محطات أهمها المحاولة الانقلابية الفاشلة في تموز/يوليو 2016، فضلاً عن أن صانع القرار التركي يخشى أن توجه له غداً نفس تهم دعم الإرهاب الموجهة اليوم لقطر باعتبار أن تركيا تحتفظ بعلاقات جيدة مع حماس والإخوان المسلمين، وهي من المآخذ الرئيسة على الدوحة في هذه الأزمة وفق ما أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير (1).
من جهة أخرى، يبدو أن تقييم أنقرة لتطورات الأحداث ومستجدات المواقف قدم تصوراً أخطر من مجرد أزمة دبلوماسية تكفي معها الجهود السياسية والمناشدات والتواصل الدبلوماسي، حيث ألمحت بعض العواصم الخليجية عبر وسائل الإعلام الدائرة في فلكها إلى سيناريوهات خطيرة يمكن أن تتدحرج إليها الأزمة بما فيها الخيار العسكري، فعلياً أو للضغط على الدوحة، وهذا ما استدعى -مع الأسباب الأخرى -موقفاً تركيا مختلفاً.
كانت تركيا قد أبرمت مع قطر اتفاقية للتعاون العسكري في كانون الأول/ديسمبر 2014 فُهِمت في سياق التدابير القطرية الاحترازية المتخذة بعد أزمة سحب السفراء الخليجيين من الدوحة في 2014، وأقرها البرلمان التركي في 19 من آذار/مارس 2015 ووقعها الرئيس التركي ونشرت في الجريدة الرسمية في 28 منه، تتعلق بالتعاون العسكري والصناعات الدفاعية وتشمل إقامة قاعدة عسكرية تركية في قطر وإمكانية نشر قوات تركية على الأراضي القطرية والعكس بالعكس. ومنذ ذلك الوقت والقاعدة في طور التشييد ويتواجد مئات المستشارين الأتراك في قطر، وفق المعلومات التي رشحت.
أمس الأربعاء، 7 يونيو/حزيران 2017، صادق البرلمان التركي على مشروعَيْ قانون يتعلقان بالعلاقات التركية -القطرية، الأول في مجال تأهيل وتدريب قوات الدرك (الجندرما) والثاني متعلق بتعديل (أو إضافات) على الاتفاقية سابقة الذكر. وورد في مسوغات مشروع القرار أنه يستهدف "تحديث المؤسسات العسكرية القطرية، وتطوير إمكانات وقدرات القوات المسلحة القطرية عبر التدريب والتأهيل والمناورات، وتنويع التعاون في مجالات التدريب والتأهيل العسكري، والمساهمة في السلام الإقليمي والدولي من خلال زيادة العمل الثنائي والتنسيق بين البلدين عبر المناورات والتدريب المشترك".
بهذا المعنى، وباعتبار أن الاتفاقية مبرمة أصلاً وفي غياب أي حديث عن إرسال فعلي لقوات عسكرية تركية إلى قطر (الذي يحتاج لموافقة البرلمان وفق الدستور التركي)، يمكن فهم أن التعديل يستهدف زيادة عدد القوات التركية الممكن تواجدها على الأراضي القطرية من جهة، وتطوير الاتفاقية ومجالات التعاون العسكري بين الطرفين بشكل مستمر من جهة ثانية.
اللافت في مشروع القرار كان التوقيت بطبيعة الحال والتزامن مع الأزمة القطرية -الخليجية، إذ "سرّع" حزب العدالة والتنمية من عرض المشروع للتصويت في الهيئة العمومية للبرلمان على إثر أزمة قطع العلقات الدبلوماسية مع قطر، بعد أن انتظر في أدراجه منذ شهر كانون الثاني/يناير الفائت بسبب بيروقراطية العمل البرلماني وبطئه. الرسالة التركية تبدو هنا مزدوجة، سياسية وعسكرية.
أولاً: الرسائل السياسية:
هذه الرسائل أقرب للانحياز للدوحة في أزمتها وأنها لن تكون وحدها ولن تترك للعزلة والاستفراد. وهي رسالة تتناغم مع تصريحات الرئيس التركي التي سبقتها بساعات، حين تحدث -بلغة مختلفة هذه المرة -عن "لعبة" تدار خلف الأزمة في الخليج وعن نية تركيا "الاستمرار في تطوير علاقاتها" مع قطر.
هذه الرسالة السياسية أريد لها أن تكون أكثر وقعاً، فأردفت بحديث خصه لصحيفة الراية القطرية د. ياسين أقطاي رئيس لجنة الصداقة التركية -القطرية في البرلمان والنائب السابق لرئيس حزب العدالة والتنمية تحت عنوان "لن نسمح بفرض العزلة على قطر". كما سارت معه على التوازي أنشطة نخبوية -شعبية للتعبير عن دعم الدوحة في أزمتها، مثل تصدّر "هاشتاغات" داعمة لها في تويتر وتسيير مظاهرات مؤيدة لها في إسطنبول.
هذا القرار السياسي بعدم السماح بخنق قطر وعزلها يتفرع عنه إجراءات اقتصادية لدعم صمودها في وجه الحصار، فقد سيّرت أنقرة منذ ساعات الأزمة الأولى أربع طائرات شحن للدوحة في رسالة أولية. ثم أصدر أردوغان تعليماته لوزير الاقتصاد نهاد زيبكجي بمتابعة الأزمة عن كثب لتحديد الاحتياجات الضرورية التي يفترض أن تحدد بالتفصيل بعد اجتماعات من وفدين من البلدين، تبعها تصريح لرئيس اتحاد المصدرين الأتراك محمد بويوك أكشي بالاستعداد لتغطية احتياجات قطر من الماء والغذاء، إضافة لمواد البناء.
ثانياً: الرسائل العسكرية:
جاءت هذه الرسائل واضحة جداً من سياق تقريب موعد التصويت على مشروع القرار على وقع الأزمة، رغم أنه لا يتضمن خطوات عسكرية ميدانية فورية. فقد أرسلت أنقرة إشارة مهمة على الآفاق التي يمكن أن يصل إليها التعاون العسكري مع الدوحة، وأنها عازمة على تطويره ورفع سقفه خلال وقت قصير، ويُعتقد على نطاق واسع بأن تركيا ستسرّع من خطوات نشر جنودها على الأراضي القطرية لتكون الرسالة أكثر وقعاً وأوضح لغة.
ومما يضفي المزيد من المعنى على فكرة الموقف التركي المستجد أو المتطور أن الخطوات التركية المذكورة تتناقض نوعاً ما مع أجندة التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها أنقرة وسياسة "تقليل عدد الخصوم والأعداء" التي تعلنها الحكومة (2)، ولكنها تتفق أيضاً من جهة أخرى مع سياق تعاظم القوة الخشنة التركية وامتزاجها مع القوة الناعمة المستخدمة حصراً في السنوات السابقة من قبل أنقرة (3).
إضافة إلى ذلك، فقد زاد من أهمية هذه الرسالة التركية أنها تزامنت مع زيارة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إلى أنقرة لبحث الملفات الإقليمية وفي المقدمة منها الأزمة في الخليج معبراً عن "تطورات إقليمية مقلقة" تحتاج إلى "تبادل وثيق للآراء مع أنقرة"، ومذكراً بموقف بلاده المحذّر من تغيير الخرائط في منطقة الخليج.
خلاصة:
يبدو أن الرسالتين التركية والتركية -الإيرانية قد بلغتا هدفهما، سيما مع اتصال الرئيس الأمريكي بأمير قطر وإعلانه استعداد بلاده للوساطة واستضافة لقاء في البيت الأبيض لهذا الهدف، فخفت حدة التصريحات التي تلمّح للحلول العسكرية، وورد لفظ "الشقيقة" بالإحالة إلى قطر على لسان وزير الخارجية السعودي لأول مرة ربما منذ بداية الأزمة.
وبالعودة إلى سياق الأزمة ومسار مستجداتها، يمكن القول إن صدمة اللحظة الأولى قد مرت، وأن رسالة التوازن التي دعمت الموقف القطري يمكن أن تساهم في إقناع الطرف الآخر بضرورة -ووحدانية -الحل الدبلوماسي على طاولة الحوار وليس بالضغط للحصول على تنازلات كاملة أو التهديد بالتدخل المباشر أو الانقلابات العسكرية.
وهكذا تكون أنقرة قد تضامنت مع حليفها القطري واستبقت استهدافها المحتمل، بأن أرسلت رسالة دعم لا تخفى، وإن لم تعلن انحيازاً تاماً ولم تستعدِ الطرف الآخر، وساهمت في إعادة المعنى والزخم لمسار الحل التفاوضي والوساطة الكويتية، عن قصد أو دونه، إلا إن أدت رعونة بعض الأطراف لتدهور الأوضاع نحو مسارات كارثية غير مرغوبة (4).
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.