رئيس الوزراء يهنئ شيخ الأزهر بعيد الأضحى المبارك    مجدي البدوي من جنيف: نشارك مؤتمر العمل الدولي لحماية كرامة العامل في ظل التحول الرقمي    وزير الري يتابع الاستعدادات لعقد إسبوع القاهرة الثامن للمياه    وزير العمل: بدء اختبارات كوادر مصرية للعمل في مجال صناعة الزجاج بشركة أردنية    الدولار الأمريكي يستقر أمام الجنيه المصري بداية تعاملات اليوم 3 يونيو 2025    أسعار الخضروات في سوق العبور للجملة اليوم الثلاثاء 3 يونيو    المجلس القومي للمرأة ومستقبل مصر يبحثان تعزيز تمكين المرأة الريفية اقتصادياً    الإسكندرية تستعد لعيد الأضحى: طوارئ في كل الأحياء وتشديد على الذبح داخل المجازر    «البحوث الفلكية»عن كثرة الزلازل في مصر: اليابانيون بيفطروا مع 5 ريختر    «صحة غزة»: إجمالي شهداء لقمة العيش ارتفع إلى 100 شهيد و500 إصابة    لوفتهانزا تمدد تعليق رحلاتها الجوية إلى إسرائيل حتى 22 يونيو الجاري    صحة غزة: الاحتلال يتعمد تقويض المنظومة الصحية عبر عمليات الإخلاء    ترامب: نجدد ترسانتنا من الأسلحة بوتيرة غير مسبوقة    حارس العين: علينا أن نبذل 200% في مواجهة يوفنتوس ومانشستر سيتي    ميلان يقبل عرض الهلال بشأن هيرنانديز    نسخة مذهلة.. ميسي لاعب الأسبوع في الدوري الأمريكي    محافظ القاهرة: طوارئ بمديرية الشئون الصحية لتلقي شكاوى المواطنين خلال العيد    «الأرصاد»: طقس اليوم ربيعي مائل للحرارة والعظمى بالقاهرة 31 درجة    تجهيز 463 ساحة للصلاة.. محافظ الغربية يعلن الانتهاء من الاستعدادات لاستقبال عيد الأضحى    سيدة المسرح العربي في ذمة الله.. نقيب الفنانين يعلن وفاة سميحة أيوب    تامر حسني: نفسي بنتي متدخلش الفن    نقابة المهن الموسيقية تنعى الفنانة سميحة أيوب    الحج 2025 .. ماذا يقال عند نية الإحرام ؟    هل يجوز الاشتراك في الأُضْحِية .. الأزهر للفتوى يجيب    خالد عبدالغفار يوجه بتشديد الرقابة على الأدوية النفسية: سنمنع تحولها لمواد إدمانية    "عبدالغفار": شراكة إستراتيجية مع "إي هيلث" لإطلاق منظومة الصحة الرقمية القومية    تباطؤ انكماش القطاع الخاص غير النفطي في مصر خلال مايو    سامية سامي التعامل الفوري مع أي شكاوى أو استفسارات لضمان أعلى درجات الرضا والراحة لحجاج السياحة    التشكيل المتوقع لقمة نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية بين ألمانيا والبرتغال    مها الصغير توجه رسالة لابنتها نادية السقا بعد تخرجها.. ماذا قالت؟ (صورة)    مصطفى فتحي: كنا نتمنى تحقيق الثلاثية.. وإبراهيم عادل الأفضل في مصر    قرار عاجل من التعليم بشأن المدارس الرسمية الدولية lPS (مستند)    مفاوضات إسطنبول.. روسيا تعرض على أوكرانيا خيارين لوقف النار    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    محافظ أسيوط يتفقد المركز الصحي الحضري لمتابعة مستوى الخدمات الطبية المقدمة    رئيس جامعة القاهرة: تقديم خدمات الكشف الطبي على أبطال مصر في ألعاب القوى    عضو الاتحاد السكندري: محمد مصيلحي لا غبار عليه.. ويتعرض للهجوم لهذا السبب    لموسم حج صحي، 8 نصائح مهمة من القومي للبحوث لمقاومة نقص المياه والأملاح بالجسم    منها «سيد الظلام» ما هي أكثر الأبراج شرًا.. اكتشف الجانب المظلم لكل برج    أسعار الفاكهة اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025 في أسواق الأقصر    حبس المتهمين بخطف شخص بسبب خلافات مالية بالمقطم    إيذاء للناس ومخالفة لأخلاق الإسلام.. دار الإفتاء توضح حكم ذبح الأضاحي في الشوارع    ماذا قدم الزمالك وبيراميدز مع بسيوني قبل نهائي الكأس؟    قرار مفاجئ من ياسين السقا بعد خبر زواج والدته مها الصغير من طارق صبري    البيت الأبيض: اتصال محتمل بين ترامب وشي الأسبوع الجاري    «كل حاجة هتبان».. هاني سعيد يرد على رحيل إدارة بيراميدز والدمج مع مانشستر سيتي    الحج 2025.. هل يجوز للمحرم إزالة شيء من شعره أو أظفاره أثناء إحرامه    لماذا فشل مقترح عقد امتحانات الثانوية العامة ب الجامعات؟.. التعليم تجيب    أول تعليق رسمي من والي "موغلا" بعد زلزال تركيا    منح شهادات امتحانات النقل مجانًا لطلاب الوادي الجديد    وسط تحذيرات صهيونية من دخولها . اعتقالات تطال مهجّري شمال سيناء المقيمين بالإسماعيلية بعد توقيف 4 من العريش    أحفاد نوال الدجوي يبدأون مفاوضات الصلح وتسوية خلافات الميراث والدعاوى القضائية    رحمة محسن: اشتغلت على عربية شاي وقهوة وأنا وأحمد العوضي وشنا حلو على بعض    1400 طالب يوميًا يستفيدون من دروس التقوية في مساجد الوادي الجديد    ضبط "نملة" وبحوزته سلاح آلي ومواد مخدرة في دراو بأسوان    قرار من رئيس جامعة القاهرة بشأن الحالة الإنشائية للأبنية التعليمية    حين يتعطر البيت.. شاهد تطيب الكعبة في مشاهد روحانية    الكشف عن تمثال أسمهان بدار الأوبرا بحضور سلاف فواخرجي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"لا بد من إسكات المساجد" - مقال ل"ساري عرابي"

كانت تلك عبارة أطلقها أحد الضباط الانقلابيين خلال محادثة في مجموعة ال"واتساب" التي شكّلت غرفة الاتصال ما بين الضبّاط الأتراك الذين تولّوا المهمة التنفيذية لفرض إجراءات الانقلاب على الأرض، وقد بدت هذه العبارة في هذا السياق تحديدا؛ مكتنزة بالمفارقة الدالّة على وجه آخر للصراع، ما بين أدوات الاتصال الحديثة، وأدوات الاتصال القديمة.
ولمزيد من المفارقة، فإن تلك الحديثة هي الوجه الأبرز للحضارة الاستعمارية الغالبة، والتي يبدو أن لها دورا ما في المحاولة الانقلابية الأخيرة في تركيا، بينما كانت أداة الاتصال القديمة، والتي هي المسجد، روح الشرق كلّه، ووجهه أيضا، والذي حكمته تركيا، عبر الدولة العثمانية قرونا طويلة.
وكانت هذه الدولة، لإدراكها هذا المعنى، قد حوّلت كنيسة "آيا صوفيا" إلى جامع للمسلمين الذين لم يكن لهم مسجد بعد في القسطنطينية، فأيّ معنى يمكن لمساجد هذه المدينة أن تستبطنه وهي تساهم في إسقاط انقلاب له جذور ممتدة في عواصم الغرب القديمة في أوروبا، وفي عاصمته الجديدة "واشنطن"؟!
ألا تبدو هذه في ذاتها لحظة فارقة كذلك؟ أو رمزا على اللحظة الفارقة التي تمثّلت في إسقاط الانقلاب، والذي يبدو أنه ولأهميته التاريخية، قد تجسّد في عدد من الرموز، كان منها المسجد في وجه "واتساب"، فإذا كان الضباط الانقلابيون قد اختاروا "واتساب" وسيلة للتشبيك والاتصال، فإن الجماهير اختارت المساجد وسيلة مضادة، للاتصال والتعبئة والحشد، ربطت بها تركيا كلها.
فوق ذلك، تصدّى التكبير للرصاص، ولقذائف الدبابات والطائرات، وبدا وكأنه أقوى من أصوات الطائرات التي كانت تخترق حاجز الصوت لترويع الجماهير. وهنا ثمّة مفارقة أخرى، فأردوغان قبل 18 عاما كان قد ألقى قصيدة قال فيها: "المآذن رماحنا.. والقباب خوذاتنا.. والجوامع ثكناتنا.. والمؤمنون جنودنا..".
سجن أردوغان حينها بسبب هذه القصيدة، وقيل بعدها إن الرجل تجاوز هذه الشعارات، لتثبت المساجد، بعد عقدين تقريبا، أنها أكبر من الشعار، وأسرع من "واتساب"، وأقوى من الطائرة المقاتلة، فحين سماع عبارة الضابط الانقلابي تلك، يخيّل لنا وكأن المساجد تماما، كما في قصيدة أردوغان، ثكنات تضج بالجنود المؤمنين، المدججين بالرماح والخوذ.
لا تقاتل المساجد، والمؤمنون الذين فيها، دفاعا عن سلطة سياسية، إذ أضعف ما يكون المسجد، حينما تهيمن عليه السلطة السياسة، لأنها تسلب منه روحه، فيفقد موقعه الذي هو روح الجماهير، ويخسر مكانته التي هي قلعة لحماية المجتمع من تغول الدولة، وانحراف السلطة السياسية.
ومن ثم فإن دور المسجد في إسقاط الانقلاب دلّ من جهة، على عودته روحا للجماهير وقلعة للمجتمع، من بعد عقود التغريب والتحديث القهريين، ومن جهة أخرى كان يمثّل المجتمع في الدفاع عن نفسه وعن خياراته، لا عن سلطة سياسية بعينها.
يبقى بالإضافة إلى ذلك، أمران؛ الأول أن المساجد عبّرت عن الإسلام بما هو مشروع تحرري مفتوح، فرمز العبادة الأشهر في الإسلام، والذي هو محلّ العبادة الأكثر صراحة في الخضوع لله، بات رمزا لحرية الإنسان، فالعبادة لله شرط للتحرر من العبادة لكل ما سواه.
وعلى هذا تنهض مهمة الابتعاث، كما عبّر عنها ربعي بن عامر: "الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام". ويمكن أن نضع مساهمة المساجد الصادقة والناجحة، في إسقاط الانقلاب التركي، في مواجهة العديد من أصحاب خطاب الحرية، من قوى وشخصيات، سقطت في الاختبار التركي، كما سقطت من قبل في الانقلاب المصري.
والثاني؛ أن مواجهة المساجد، لم تكن مع القوى العلمانية التقليدية في تركيا، حتى لو كانت مع انقلاب قامت به قطاعات من الجيش الذي اعتُبِر تاريخيّا حامي العلمانية الكمالية، وحتى وإن اتصّل بشكل أو بآخر بالقوى الغربية، كما هو واضح حتى الآن.
ولكن المساجد واجهت هذه المرة، جماعة دينية، الأمر الذي يعني أن ما تمثلّه المساجد قد واجه ما تمثّله تلك الجماعة، أي ما يمثّله المسجد من صراحة ووضوح وعلو وارتفاع، كان في مواجهة ما تمثّله تلك الجماعة من مخاتلة وغموض وتقية وخفاء، تقوم بدورها بالهيمنة على الدين بما يفرّغه مجددا من وظيفته التحررية، ومن موقعه في حماية الناس والجماهير.
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.