رئيس مدينة مرسى مطروح: تعامل فوري مع التعديات والبناء العشوائي بدون تراخيص    عضو اقتصادية الشيوخ: الإنتاج والصناعة الحل السحري للاقتصاد المصري    سوريا تعلن توقيف متزعم خلية داعش الإرهابي في ريف دمشق    كولر يجيب.. هل يتولى تدريب منتخب مصر في كأس العالم 2026؟    خديعة الصداع المزمن.. أخصائي يكشف الحل    وزير المالية: إجراءات استثنائية لخفض الدين مع الحفاظ على الانضباط المالي    العائلة المصرية في برلين: مشاركة إيجابية للجالية المصرية في انتخابات «النواب»    إسرائيل تتحدى العالم: لن ننسحب أبدًا وسنحمى مستوطناتنا    باجو المدير الفني لمنتخب الكاميرون : لن أحفز اللاعبين قبل مواجهة كوت ديفوار    الكرملين: موسكو قدمت عرضا لفرنسا بخصوص مواطن فرنسي مسجون في روسيا    "إسماعيل" يستقبل فريق الدعم الفني لمشروع تطوير نظم الاختبارات العملية والشفهية بالجامعة    تأييد حبس عبد الخالق فاروق 5 سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة    إصابة 6 أشخاص إثر مشاجرة بالشوم والعصي بقنا    جمارك السلوم تحبط محاولة لتهريب كمية من البذور الزراعية الموقوف تصديرها    مصطفى شوقي يطرح «اللي ما يتسمّوا» من كلماته وألحانه | فيديو    ختام مبهج ل «الأقصر للتحطيب»    خبير تشريعات: جولة الإعادة أكدت صعود المستقلين وبروز ملامح البرلمان الجديد    قائمة الإعفاءات الجديدة لدخول قاعات المتحف المصري الكبير    بعد عام من الانفصال.. طلاق شريف سلامة وداليا مصطفى    خبير: صناعة التعهيد خلقت فرص عمل كبيرة للشباب وجذبت استثمارات أجنبية لمصر    برلمانية: الاستحقاق البرلماني الأخير يعكس تطورًا في إدارة العملية الانتخابية    فيديو B-2 وتداعياته على التحرك الإسرائيلي المحتمل ضد إيران ( تحليل )    محافظ الدقهلية يتفقد سوق الخواجات في المنصورة ويقرر غلق جميع المحال المخالفة لاشتراطات السلامة المهنية    تراجع معظم أسواق الخليج وسط ‍تداولات محدودة بسبب العُطلات    نائب محافظ الجيزة يتفقد المراحل النهائية لتشغيل محطة رفع الصرف الصحى بدهشور    الجزائرى محمد بن خماسة آخر عقبات الإسماعيلى لفتح القيد في يناير    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    عاجل- المركز الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي بيع مصانع الغزل والنسيج ويؤكد استمرار المشروع القومي للتطوير دون المساس بالملكية    محافظ الدقهلية: تقديم أكثر من 13 مليون خدمة صحية خلال 4 أشهر    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    جامعة بدر تستضيف النسخة 52 من المؤتمر الدولي لرابطة العلماء المصريين بأمريكا وكندا    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    سيول وثلوج بدءاً من الغد.. منخفض جوى فى طريقه إلى لبنان    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    فحص نحو مليون من ملفات جيفرى إبستين يثير أزمة بالعدل الأمريكية.. تفاصيل    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    لليوم الثاني.. سفارة مصر بإيران تواصل فتح لجان التصويت بجولة الإعادة للدوائر ال19 الملغاة    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    وزيرا «التضامن» و«العمل» يقرران مضاعفة المساعدات لأسر حادثتي الفيوم ووادي النطرون    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استراتيجية إقليمية لإعادة الإعمار في منطقة الشرق الأوسط
نشر في شبكة رصد الإخبارية يوم 18 - 03 - 2016

نظم البنك الدولي مؤخراً منتداه السنوي للهشاشة بهدف تحقيق تقدم على مستوى أهداف التنمية المستدامة في مرحلة ما بعد العام 2015، وقد شهدت الأسابيع الماضية أيضاً وقف إطلاق نار هشاً في سوريا، وانتخابات إيرانية قد تكون محورية، بالإضافة إلى اشتباكات عنيفة بين الأمن الأردني وأعضاء مما يُسمّى بالدولة الإسلامية، لقد دفعتني هذه التطورات كلها إلى إعادة تقييم ما يجب القيام به لحل قضايا الصراع والهشاشة في الشرق الأوسط.
بالنسبة للشرق الأوسط، لا بد أن تكون نقطة الانطلاق هي الابتعاد عن أي عملية تعزز صورة الحلول المستنبطة من الغرب والتي تقترح رؤى "جديدة" للمنطقة، تذكرنا هذه المقاربات باتفاقية سايكس بيكو أو "الاستراتيجية الكبرى" للمحافظين الجدد التي ظهرت في أوائل الألفية الثانية، كما وأنها لا تأخذ في الحسبان أنّ منطقة الشرق الأوسط قد تغيرت جذرياً منذ العام 2011، أصبحت المنطقة الآن، على جميع المستويات، تتوقع أن تُعامل بكرامة وأن تكون القوة الدافعة وراء تنميتها.
لقد حان الوقت لنقوم معاً بوضع "استراتيجية إقليمية لإعادة الإعمار" من شأنها أن تعالج العنف بكافة أنواعه، وليس فقط الصراعات المتعلقة بالإسلاميين، تحتاج المنطقة إلى استراتيجية تتطوّر باستمرار، وتتميّز بنظرة شمولية لحل المشاكل وفي الوقت نفسه تستند إلى مختلف أشكال التدخل (على غرار التنمية المدفوعة باعتبارات المجتمعات المحلية، ومشاريع التنمية بين المناطق، وعمليات مكافحة التمرد الهادفة، وتحقيق الاستقرار، بناء الدولة، غيرها) من دون أن تتم فرضها بالقوة، لا بد من الإشارة إلى أنّ الحاجة إلى تطبيق المقاربات الجديدة المبنية على القيادة الإقليمية الحقيقية والمشاركة الواسعة ومشاركة الشباب والاستفادة من التكنولوجيا ستزيد، ولا بد أن تكون ركائز هذه الاستراتيجية تشمل رؤية إقليمية جماعية ومشاركة محلية فعالة وأمن ذكي، بالإضافة إلى المصالحة والعدالة والإنصاف وإعادة الإعمار والتنمية والقدرة.
الرؤية الجماعية: بما أنّ تطلعات الربيع العربي لم تتحقق وانزلقت بعض الدول إلى الطائفية، فهناك الآن حاجة إلى رؤية جماعية تتجاوز الحدود الوطنية، سيكون ذلك من خلال تجميع الموارد في المنطقة، وخاصة جميع مقومات التنمية على نطاق واسع كالموارد البشرية والشعوب المتعلمة ورأس المال وقابلية التحرك والطبيعة، بعد ذلك، يمكننا أن نتطلع إلى اليوم الذي تكون فيه التنمية على مستوى المنطقة فعلاً تآزرياً وليس ضاراً أو معادلة محصلتها صفر، وقد يكون ما حققه المغرب على مستوى الطاقة الشمسية هو خير مثال على ذلك – استثمار ذو رؤية واجه التحديات التنموية والبيئية الإقليمية، وحفّز التوظيف، ورفع الثقة بأن قطاعات التكنولوجيا الفائقة والقطاعات الإبداعية يمكن أن تزدهر في الشرق الأوسط. إنّ رؤية واسعة النطاق كهذه أمرٌ غاية في الأهمية في حال كانت المنطقة تريد أن تنتقل إلى القرن الحادي والعشرين وألا تبقى في حلقة مفرغة من الصراعات والتنمية الفاشلة.
إنّ المفتاح إلى رؤية شاملة وغير معادية يكون من خلال قبول الإسلام باعتباره دين الأغلبية، وفي الوقت نفسه الاعتماد على الأمن البشري باعتباره أرضية مشتركة، ومن أجل أن يحدث ذلك، لا بد من بعض التغييرات الحقيقية في أماكن مثل إيران والمملكة العربية السعودية – التي من شأنها أن تمكّنهما من ممارسة قيادتهما الإقليمية عبر دمج رؤية جماعية بناءة بدلاً من تكريس العدائية الطائفية.
المشاركة الواسعة: من المهم أن تقر الرؤية الإقليمية بأن التنمية تتطلب مجتمعاً مدنياً نشطاً ووسائل إعلام حرة وعمل وأفكار متأصلة على المستوى المحلي وبمشاركة شعبية. إنّ الدخول في مشاورات على مستوى المنطقة حيث تأتي المساهمات من المدارس والقرى والمجالس المحلية والأحزاب السياسية والنقابات وغيرها من المحافل المدنية، من شأنه أن يساعد المنطقة على أن تحلم بما تريد أن تكون في السنوات ال 50 القادمة.
أمن ذكي: بدلاً من الرؤية الجماعية للتنمية لدينا رؤية للدفاع، تشكلت بحجة وجود تنظيم الدولة الإسلامية، يقرّ الجميع أن الحد الأدنى من الأمن مهم لتنفيذ إعادة الإعمار، إلا أن نقص الأمن لا يمكن أن يكون حجةً للوقوف مكتوفي الأيدي، أثبتت التجربة أن تأخير جهود إعادة الإعمار يرمي بالناس في أتون الصراع والعنف ويؤدي إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية، تحتاج المنطقة إلى العثور على وسائل أفضل لفهم النسيج الدقيق للأمن على المستويين المحلي والإقليمي ليتمّ تطوير استراتيجيات لا يمنع فيها انعدام الأمن في مكانٍ ما تحقيق التنمية في مناطق أخرى. قد يدعم هذا الأمر جهود "إعادة الإعمار الموقعي" التي تخلق نماذج تشير إلى مستوى الاستقرار المرفق بإعادة الإعمار يمكن أن يحققه التدخل وسط حالة أوسع من عدم الاستقرار.
المصالحة والعدالة: لا يمكن حماية استثمار طويل الأمد في مجال إعادة الإعمار من دون مصالحة حقيقية في جميع أنحاء المنطقة، منذ عشرين عاماً، كان خط الصدع الرئيس إسرائيل – فلسطين، أما اليوم، فتعددت خطوط الصدع التي لا بد من معالجتها، بما في ذلك التوترات بين المسلمين والمسيحيين، التوترات بين النازحين والمجتمعات المضيفة والتوترات بين السنة والشيعة، تكمن الطريقة الأساسية لبدء المصالحة في التأكد من أن سيادة القانون تُطبق على الجميع وأن لكلّ الحق في الحصول على العدالة بغض النظر عن الآلية، من هنا، يمكن بناء الكثير على الأنظمة المحلية والتقليدية لتحقيق العدالة والمصالحة.
الإنصاف: من الأخطاء الشائعة التي تحصل عند الحديث عن إعادة الإعمار هي أن هذه الأخيرة تحصل من دون تنظيم ومراقبة كافيين لضمان توزيع المكاسب بالتساوي، لقد شهدت هذه المنطقة مراراً وتكراراً كيف يمكن ل "أمراء" إعادة الإعمار (وأغلبهم كان في السابق أمراء حرب) أن يتضامنوا ليملؤوا جيوبهم على حساب الشعب، مما يطيل أمد الأزمة في ذاك البلد، ارتأى البنك الدولي أن يتولى القطاع الخاص زمام الأمور في ما يتعلق بإعادة الإعمار في أفغانستان، كما وأنه دعم هذا النموذج في أماكن أخرى، لقد أدت جهود الأسد لتحرير اقتصاد سوريا قبل العام 2011 إلى إغناء نخبة فاسدة، مما ساهم في وصول البلاد إلى ما آلت عليه اليوم، لاحقاً، لا بدّ أن تأخذ جهود إعادة الإعمار بعين الاعتبار الأفقر والأقل قدرة – فلا يُهمش أحد على الإطلاق.
إعادة الإعمار والتنمية: ثمة حاجة ماسة للعثور على طرق جديدة لحثّ التنمية من خلال انخراط دولي في المنطقة، بفعل انعدام الاستقرار الحالي، تحوّل الإنفاق إلى الأمن وبعيداً عن أساسيات التنمية، ونتيجة لذلك، تراجعت بعض أهم مؤشرات التنمية – حرية التعبير ومشاركة المرأة والفقر ونوعية التعليم، يحصل ذلك كلّه بينما تواجه المنطقة تحديات مالية بسبب تراجع أسعار النفط بشكلٍ كبير، قد يكون ذلك فرصةً لا سيما وأن بعض الدول كانت بحاجة إلى ما يحذّرها من الآثار المؤذية المترتبة على نموذج التنمية الذي سيتمّ ضمنه استثمار مليارات الدولارات في الغرب، مما سيؤدي إلى خلق فرص عمل وأنظمة اقتصادية مستقرة على بعد آلاف الأميار وعلى حساب المنطقة، إن كان الغرب يريد أن يساعد المنطقة، فعليه أن يسعى إلى تركيز العقول داخل العالم العربي على قيمة الاستثمار من أجل حل المشاكل الإقليمية بطريقة تفيد الطرفين معاً، ففي نهاية المطاف، عندما تنعم المنطقة باستقرار أكثر ينعكس ذلك على ازدهار الدول المجاورة في الشرق وكذلك في الغرب.
بناء القدرات: من أجل تحقيق ذلك، لا بد أن نستثمر مبالغ كبيرة في تعزيز القدرات المستدامة على المستويات الإقليمية والوطنية والمحلية، لا بد من الاستثمار في التعليم على جميع المستويات، خصوصاً ما بعد التعليم الابتدائي وذلك لتزويد الشباب والشابات الذين سيصبحون قادة بالقناعة والقدرات لإعادة بناء المنطقة، وفي سعينا لتحقيق النمو، ركّزنا على العلوم الصعبة والهندسة والدراسات التجارية وعلوم الحاسوب ولكننا أهملنا ثقافاتنا ولغاتنا وتاريخنا، لا بد أن نصحح هذا الخلل، فقد حان الوقت لكي نكتب أفكارنا في لغتنا الأم وألا نعتمد على الترجمة.
ومن أجل أن يتحقق كل ذلك، لا بد من معالجة الهشاشة ضمن رؤية إقليمية متماسكة، وليس خطة وطنية فردية. لن تكون هذه الرؤية بناء إلا إذا حاول المجتمع الدولي والجهات المانحة النظر إلى المنطقة ككل – كقطعة قماش واحدة من أجل تسهيل تنقل السكان ورأس المال والأفكار والعمال بين البلدان – وتشجيع المسؤولية الإقليمية من خلال جعل دول مختلفة تؤدي دوراً قيادياً كل دولة بحسب مجال كفاءتها، يمكن للشركاء الدوليين أن يدعموا ذلك من خلال أشكال تمويل جديدة ومبتكرة تستخدم ضمانات مضمونة من المنطقة، وليس كل بلد على حدة، لو استطعنا تبني مقاربةً إقليمية بحق، قد يأتي اليوم حين نضع كرامة الإنسان والتنمية البشرية فوق الشواغل السياسة التافهة والطائفية.
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.