عمر الغنيمي: تخطيط صندوق الإسكان الاجتماعي لبناء آلاف الوحدات الخضراء    ترامب في خطابه للأمريكيين: قضينا على التهديد الإيراني وحققنا السلام بالشرق الأوسط لأول مرة منذ 3000 سنة    اللجنتان العربية في المجلس الوطني وفلسطين في البرلمان الأردني تستعرضان مستجدات الأوضاع    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    عبد المنعم سعيد يشيد بمشروعي النهر بتوشكى وقناة السويس: غيرا الجغرافيا المصرية    البرلمان تحت الاختبار.. بين ضغوط الأسعار وحصن الأمن القومي    الإعادة تشعل المنافسة.. مجلس النواب 2025 على صفيح ساخن    لمواجهة تراجع شعبيته، ترامب يلقي خطابا الليلة يكشف أجندته ويستعرض "العصر الذهبي"    ألمانيا: التحقيق مع أربعيني بتهمة بث أغان تروج ل«النازيين الجدد» في سوق لعيد الميلاد    النواب الأمريكي يرفض مشروع قرار لتقييد صلاحيات ترامب    خالد أبو بكر يدعو الجماهير والأندية لدعم الزمالك.. جزء من تاريخ مصر    تطورات جديدة في انهيار عقار المنيا.....مخالفات جسيمة وراء الانهيار    السيطرة على حريق في أحد المحال بمنطقة ألف مسكن بالقاهرة    مباحث قليوب تنتصر للفتيات.. القبض على متحرش طالبات المعهد    تعليق الدراسة حضوريا فى الرياض بسبب سوء الطقس وتساقط الثلوج    أنشطة متنوعة لأهالي عزبة سلطان ضمن برنامج المواطنة والانتماء بالمنيا    شهادة المخالفات الإلكترونية أحدث الخدمات.. «المرور» يسير على طريق التحول الرقمي    نيفين مندور، أسرة الفنانة الراحلة تتسلم جثمانها اليوم    يلا شووت.. المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025: صراع تكتيكي على اللقب بين "أسود الأطلس" و"النشامى"    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    جمال الزهيري: كأس أمم أفريقيا أهم من المونديال بالنسبة لمنتخب مصر    مسؤول روسي: هجوم أوكراني يلحق أضراراً بسفينة في ميناء روستوف جنوب البلاد    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    سوليما تطرح «بلاش طيبة» بالتعاون مع فريق عمل أغنية «بابا» ل عمرو دياب    إعلام فلسطيني: مصابان برصاص جيش الاحتلال في حي التفاح شرق مدينة غزة    بالفيديو.. محمد رمضان يعتذر لعائلته وجمهوره وينفي شائعة سجنه ويستعد لحفله بنيويورك    ضبط 12 مخالفة خلال متابعة صرف المقررات التموينية بالوادي الجديد    عالية المهدي تحذر الحكومة: 65% من الإنفاق العام في مصر يخصص لسداد الديون    محافظ قنا يعزي أسر ضحايا حادث انقلاب ميكروباص بترعة الجبلاو.. ويوجه بحزمة إجراءات عاجلة    اسأل والجمارك تُجيب| ما نظام التسجيل المسبق للشحنات الجوية «ACI»؟    خدعة دبلوماسية وصفقة فاشلة في مفاوضات أمريكا وإيران السرية    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر    نقابة المهن التمثيلية تتخذ الإجراءات القانونية ضد ملكة جمال مصر إيرينا يسرى    مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير.. السيناريست محمد هشام عبيه يكشف رحلته بين الصحافة والدراما    ماستر كلاس بمهرجان القاهرة للفيلم القصير يكشف أسرار الإضاءة في السينما والسوشيال ميديا    سفير مصر في المغرب: الأوضاع مستقرة وتدابير أمنية مشددة لاستقبال المنتخب    التهاب مفصل الحوض: الأسباب الشائعة وأبرز أعراض الإصابة    مصرع عامل تحت تروس الماكينات بمصنع أغذية بالعاشر من رمضان    إصابة 11 شخصاً فى حادث تصادم سيارتين ب بدر    كأس الرابطة الإنجليزية - نيوكاسل يواصل حملة الدفاع عن لقبه بفوز قاتل على فولام    أمم إفريقيا - البطل يحصد 7 ملايين دولار.. الكشف عن الجوائز المالية بالبطولة    المتحدث باسم الحكومة: الأعوام المقبلة ستشهد تحسنا في معدلات الدخل ونمو ينعكس على المواطنين    وزير الاتصالات: ارتفاع الصادرات الرقمية إلى 7.4 مليار دولار وخطة لمضاعفة صادرات التعهيد    نوبات غضب وأحدهم يتجول بحفاضة.. هآرتس: اضطرابات نفسية حادة تطارد جنودا إسرائيليين شاركوا في حرب غزة    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    القاضى أحمد بنداري يدعو الناخبين للمشاركة: أنتم الأساس فى أى استحقاق    وزارة الداخلية: ضبط 40 شخصاً لمحاولتهم دفع الناخبين للتصويت لعدد من المرشحين في 9 محافظات    الإسماعيلية تحت قبضة الأمن.. سقوط سيدة بحوزتها بطاقات ناخبين أمام لجنة أبو صوير    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهى عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    الحكومة تستهدف استراتيجية عمل متكامل لبناء الوعى    محافظ الجيزة: زيادة عدد ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى أبو النمرس إلى 62    السيسي يرحب بتوقيع اتفاق الدوحة للسلام الشامل بين حكومة وتحالف نهر الكونغو الديمقراطية    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    باريس سان جيرمان وفلامنجو.. نهائي كأس الإنتركونتيننتال 2025 على صفيح ساخن    إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقدير موقف الإعلاميين الحالي من النظام المصري

تعج الساحة الإعلامية المصرية بحزمة من التغيرات الواضحة في لغة ونبرة الخطاب الموجه لقيادة الدولة المصرية. هذا الخطاب الإعلامي لا ينفك أبدًا عن تعقيدات المشهد السياسي، وخاصة في الوقت الذي بدأت تتشكل فيه ملامح مرحلة جديدة مع بداية العام الحالي 2016.
فقد سلط الإعلام المصري الضوء على مجموعة من الأحداث الأخيرة وانطلق من خلالها ليوجه مجموعة من الانتقادات الواسعة للسلطة الحاكمة يمكن وصفها بأنها الأبرز منذ انقلاب الثالث من يوليو 2013، بيد أن هذا النوع من التحرك الإعلامي لا يمكن تفسيره بسردياته المختلفة إلا بملاحظة الفوارق الدقيقة بين المنابر الإعلامية التي انطلقت من خلاله وتوجهات هذه المنابر وموقعها من مراكز القوى المختلفة، بالإضافة إلى فهم السياقات السياسية والمصالحية الحالية مع عدم إغفال التطور الذي يشهده مسرح الأحداث الإقليمي.
تأثير المشهد الداخلي
شهد شهر يناير من العام الحالي، انعقاد أول جلسة من جلسات برلمان 2016، وعلى الرغم من أن الكثير من المحللين المتابعين يقللون من الأهمية السياسية لهذا البرلمان، إلا أن هناك بعدًا مهمًا لهذا البرلمان؛ إذ إنه يمثل الواجهة لصراع مراكز القوى الذي ظل مكتومًا منذ تولي السيسي للحكم. فقد حصل علي المصيلحي الذي رشح نفسه لرئاسة البرلمان على 110 أصوات من إجمالي 596 صوتًا هم عدد أعضاء البرلمان. هذه المجموعة يمكن اعتبارها ممثلة عن حجم أحد أهم مراكز القوى الحالية وهم رجال جمال مبارك. في حين أن كتلة المصريين الأحرار حصدت 63 مقعدًا وهي كتلة ذات ولاء مركب لنجيب ساويرس المسيحي ونجيب ساويرس رجل الأعمال. لذا فإن الكتلتين السابقتين فقط تقتربان من تشكيل الثلث المعطل داخل البرلمان هذا بخلاف الكتلة التي أعلن توفيق عكاشة عن نيته تشكيلها ممن سماهم مستقلين لتكوين ما قال إنها هيئة برلمانية مستقلة وهذة الكتلة في حال ما تشكلت يمكن اعتبارها الكتلة المعبرة بشكل صريح عن المخابرات العامة المصرية التي يبدو تململها بسبب اعتراضها على نسبة تمثيلها في دائرة صنع قرار السيسي؛ إذ يبدو جليًا تركيز توفيق عكاشة -المحسوب على جهاز المخابرات العامة بحسب ما تشير المعلومات- منذ ما يقارب عامًا على نقد القرارات التي توحي بها هذه الدائرة للسيسي مثل قرار العاصمة الجديدة وقرار حفر التفريعة الجديدة لقناة السويس وكذلك قرار قانون الخدمة المدنية الجديد.
هذا المشهد الحاصل يمكنه تأكيد ما ذكره السياسي أيمن نور بخصوص تسريب لتقرير تم تقديمه للسيسي في 9 ديسمبر 2015 يوصي السيسي بتأجيل عقد البرلمان في ظل تفكك التحالف الانتخابي للسيسي المسمي بتحالف "دعم مصر".
وتكمن الأهمية الخاصة لهذا البرلمان لدى السيسي باعتباره بوابته لإجراء تعديلات دستورية مهمة بالنسبة له وهي التعديلات الخاصة بصلاحيات الرئيس وحصانة وزير الدفاع وقد ألمح السيسي إلى ذلك في أكتوبر 2015 عندما قال إن الدستور كتب بنية حسنة وقد واجه هذا التلميح نقدًا من بعض المنافذ الإعلامية وقتها كان أبرزها عمرو أديب في برنامج "القاهرة اليوم" على قناة الأوربت المملوكة للأمير السعودي بندر بن محمد بن سعود.
تمثل مجموعة رجال الأعمال مجتمعة مركزًا مهمًا للقوة داخل الدولة المصرية وعلى الرغم من أنها شريحة غير متجانسة أي أنها مختلفة الولاءات إلا أن المصالح المشتركة تجمعهم وخاصة حينما يخوضون معركة مصلحية مصيرية مع النظام فالصراع المكتوم بين هذه الشريحة ونظام السيسي خلال عام ونصف العام والذي كان يتجلى من جهة بإحالة مجموعة منهم للنائب العام من أمثال محمد فريد خميس صاحب "النساجون الشرقيون" ونجيب ساويرس رجل الأعمال الأبرز إلى جانب إلقاء القبض على البعض مثل صلاح دياب الذي يمتلك قرابة 70% من التوكيلات الأميركية في مصر، كما تجلى هذا الصراع المكتوم من جهة أخرى في سحب بعض رجال الأعمال أرصدتهم من البورصة المصرية واستخدام الإعلام للضغط على السلطة الحاكمة.
وقد كان الصراع الإعلامي بين النظام ومختلف مراكز القوى سببًا أصيلًا في الإخراج الإعلامي لمشهد الانتخابات الرئاسية ومن بعدها البرلمانية على عكس التصويت على الدستور.. ففي التصويت على الدستور لم تكن جبهة 30 يونيو بكل ما تحمله من تناقضات ومراكز قوى قد تصدعت بعد، بل إن المشترك وقتها بينهم كان كبيرًا، لذا تم إخراج التصويت على الدستور في مشهد يبدو بانوراميا ليجسد ما تم تسميته إقبال تاريخي في حين أن بعض مراكز القوى ومنها رجال الأعمال والمخابرات العامة قد أرادت إيصال رسالة للسيسي في الانتخابات الرئاسية من خلال تسليط العدسة في أول يومين على الضعف الشديد في الإقبال وإبراز ذلك بشدة وقطع الطريق على أي وسائل إعلامية قد تحاول أن تقدم مشهدًا مختلفًا. في الوقت الذي تحولت فيه هذه القنوات كلها لملمع لصورة الانتخابات في اليوم الإستثنائي الثالث بعدما أوصلت مراكز القوى المحركة لتلك القنوات رسالتها للسيسي ورجاله ومفادها أنه من غير المقبول ذلك التلميح الذي أورده السيسي في حواره الإنتخابي مع إبراهيم عيسي بشأن أن أحدا ليس له أي فضل عليه وأنه غير محمل بأي فواتير يدفعها لأي جهة . في حين أن السيسي والإعلاميين الموالين للمخابرات الحربية وأبرزهم وائل الإبراشي وإبراهيم عيسي قد برعوا أثناء انتخابات البرلمان في استخدام ذات السلاح الذي استخدم ضدهم في انتخابات الرئاسة فقد صوروا الضعف الشديد في الإقبال بشكل ملفت للغاية يقطع الطريق على أي منفذ أخر أن يعكس غير هذه الصورة لتظل هذه الصورة ممثلة للشرعية المنقوصة لهذا البرلمان حتي لايتسرب إلى خواطر هؤلاء الأعضاء يوما أنهم يستمدون شرعيتهم من المنتخبين لهم.
الصراع بين مراكز القوى هذه بدأ في هذا البرلمان مبكرا حينما تم معارضة قانون الإسكان الجديد الذي يتيح مساحة واسعة وحصرية للهيئة الهندسية للقوات المسلحة في تنفيذ و الإشراف على مشروعات الإسكان والبنية التحتية وهذا ما يتصادم مع مصالح رجال الأعمال كما أن بعض مراكز القوى بدأت التلويح بإمكانية معارضة بعض القرارات الغير هامة بالنسبة لها مثل قرار التمديد للقوات المصرية في الخليج فقط من أجل الحصول على مكاسب في ملفات أخري .. كما أن الخلاف حول قانون الخدمة المدنية ومعارضته بشكل درامي مثل اللجوء للإعتصامات داخل البرلمان وخلافه يبرز رغبة بعض تلك المراكز في إحراج السيسي شعبيا وخاصة أن هذا القانون يمس 7 مليون مصري بشكل مباشر وحوالي 30 مليون أخرين بشكل غير مباشر.
إن ضمور حراك المؤيدين لمحمد مرسي والإخوان لا يمكن إغفاله أثناء الحديث عن اتساع مساحة الصراعات المعلنة بين أجنحة النظام القائم فيبدو أن المشهد الهزيل الذي خرجت به مظاهرات 25 يناير الأخيرة إلى جانب حالة الصراع المعلن بين قيادات الإخوان المسلمين وما يبدو أنه انكفاء للإخوان على مشاكلهم الداخليه قد أغري الأجنحة المتناحرة داخل إطار السلطة فربما اعتقدت أن كثيرا من التهديد الذي كان يمثله الإخوان قد زال , ما يفتح الباب أمامهم لخوض الصراعات المؤجلة وحسمها إن أمكن ذلك.
كما أن الحالة الاقتصادية والأمنية المتدهورة قد وفرت مادة مناسبة لإستخدامها ضد السيسي فهناك حالة تململ شعبي واضحة وغضب مكتوم تجلي في تحرك الأطباء ضد ممارسات أمناء الشرطة وكذلك انتفاضة أهالي الدرب الأحمر بعد حادثة القتل التي ارتكبها أمين شرطة أيضا في فبراير من العام الحالي بالإضافة إلى تحرك مجموعات ألتراس النادي الأهلي ضد قيادات الجيش والداخلية في ذكري ما يعرف بمذبحة استاد بورسعيد ما استدعي تدخل السيسي في مداخلة هاتفيه مع عمرو أديب في محاولة لإحتواء هذا الغضب المتصاعد
ومن المهم هنا الإشارة إلى أن التفاعل الإعلامي مع بعض الأحداث أحيانا لا يكون بسيطا بل مركبا بمعني أنه قد تتلاقي فيه مصالح متضادة فعلي سبيل المثال فإن تحرك أمناء الشرطة في مظاهراتهم في أغسطس 2015 يبدو أنه قد حرك رغبة كانت كامنةلدي قيادات الداخلية في التخلص من مركز القوى الذي بات يشكله أمناء الشرطة داخل الوزارة لذا فمن الطبيعي ملاحظة تركيز أغلب القنوات على انتقاد ممارسات أمناء الشرطة في الوقت الذي تختلف فيه تبعية وأجندة هذه القنوات ولكن هذا الخلاف في التوجه والتبعية يلحظ من خلال الفوارق الدقيقة في طريقة المعالجة ففي حين يركز أحمد موسي - المحسوب على جهازي المخابرات الحربية وأمن الدولة - على ممارسات أمناء الشرطة حصرا دون الداخلية ككل يركز أخرين من أمثال توفيق عكاشة وعمرو أديب على الداخلية كوزارة وفي القلب منها أمناء الشرطة
تأثير المشهد الإقليمي
منذ صعود الملك سلمان إلى سدة الحكم وبعد ما قام به من تغييرات مهمة في البنية الداخلية للقصر الملكي السعودي بإطاحته بالتويجري ومقرن وتعيينه محمد بن نايف وليًا للعهد وتعيين ابنه وليا لولي العهد في أبريل 2015 بدت ملامح مختلفة في السياسة السعودية تجاه مصر . فالسعودية الرسمية تحرص على علاقتها مع النظام المصري باعتبار أنها تري أن استمرارالنظام المصري بشكله الحالي لا يمثل حتي الأن تهديدا حقيقيا كما قال جمال خاشقجي في صحيفة الحياة اللندنية وخاصة في ظل حاجة السعودية للجيش المصري لأداء أدوار إقليمية قتالية سواء في اليمن أو سوريا بينما يبدو أن السعودية لم تعد تحظر النقد المباشر و غير المباشر للنظام المصري في وسائل اعلامها وخاصة في ظل الهجوم النسبي المحدود الذي تعرضت له سعودية سلمان في الإعلام المصري كما جاء على لسان ابراهيم عيسي في قناة القاهرة والناس المملوكة لرجل الأعمال طارق نور الذي تربطه علاقة نسب مع السيسي . وقد بدت قناة العربية السعودية أكثر قدرة من ذي قبل على توجيه النقد للنظام المصري بأشكال مختلفة ما حدا بأحمد موسي الذي يظهر على قناة صدي البلد المملوكة لرجل الأعمال المقرب من النظام محمد أبوالعنين أن يهاجم قناة العربية بشكل مباشر وواضح . كما أن المتتبع لأداء عمرو أديب على أوربت المملوكة للأمير بندر بن محمد بن سعود يلحظ تصاعدا في نقده لأداء السلطة الحاكمة بشكل أوبأخر منذ يونيو 2015 حيث انتقد السيسي حين لام الإعلاميين على أدائهم في يونيو 2015 وهاجم السيسي عندما ألمح عن رغبته في تعديل الدستور في أكتوبر 2015ووجه نقدا لأداء النظام حينما تحدث عن حالة عدم الرضا التي اصبحت منتشرة بين قطاعات واسعةمن الشعب المصري وذلك في نوفمبر 2015 وانتقد وضع صور السيسي على (أفيشات) الحملة السياحية (هي دي مصر ) في ديسمبر 2015 . في الوقت الذي توعد فيه توفيق عكاشة لأول مرة السعودية بأنه سيفتح ملفات فساد العائلة المالكة وسيتحدث عن العلاقات السرية بين السعودية واسرائيل في فبراير 2015 في هجوم غير مسبوق المستوي على وسيلة إعلام مصرية منذ إنقلاب الثالث من يوليو.
كما يبدو أن التوصل لتشكيل حكومة وحدة وفاق وطنىية ليبيىةواستبعاد حليف النظام المصري خليفة حفتر قد حجم من مساحة تأثير النظام المصري على الجانب الليبي وقلص من إمكانية مناورته بهذا الملف من أجل تحقيق مكاسب من جهات إقليمية على رأسها الإمارات.
الأداء الإعلامي المصري
في مقابلته مع خالد صلاح على قناة النهار في ديسمبر 2015 أوضح توفيق عكاشة أنه كان يلعب دورا تم رسمه حينما اتهم السيسي أنه من الإخوان إبان حكم محمد مرسي وذلك للوصول لما تم يوم 3 يوليو 2013.
ولا يوجد دليل على ولاء إعلاميين بعينهم لجهة محددة سوي تسريب مكتب السيسي الذي ذكر فيه اللواء عباس كامل مدير مكتب السيسي أسماء الإعلاميين الذي عبر عنهم ب (بتوعنا)ولكن تحديد باقي الولاءات يكون نتيجة عملية تحليلية لتاريخ الإعلامي وتعليقاته المختلفة في الأحداث المختلفة والتي تكشف لنا بعد انقضائها وجهات نظر الأجهزة المختلفة ومراكز القوى المختلفة حيالها.
وتجدر الإشارة إلى أن الولاءات غالبا ما تكون مركبة بمعني أن الولاء قد يكون لجهاز بعينه فقط مثل توفيق عكاشة وقد يكون لرجل أعمال في المقام الأول على علاقة بجهاز ويتغير الولاء بتغير ولاء رجل الأعمال مثل عمرو أديب وقد يكون ولاء لجهاز في المقام الأول يقيم علاقة مع رجل أعمال وفي هذه الحالة يغير الإعلامي من منبره إذا ما تغير ولاء رجل الأعمال مثل إبراهيم عيسي وقد يكون ولاء بعض الإعلاميين لجهازين معا في أغلب الأوقات مثل أحمد موسى.
والمعلومات عن تبعية هؤلاء الإعلاميين يمكن استياقها من خلال تبنيهم لوجهات نظرالأجهزة المختلفة في الصراعات المعلنة أو من خلال الصراعات الشخصية التي قد تحدث بين الإعلاميين ذاتهم والتي تجعل بعضهم يلمح بتبعية البعض مثل الخلاف الدائر الأن بين عمرو أديب وتوفيق عكاشة ومن قبل بين خالد صلاح وعمرو أديب .. وفيما يلي تصور لخريطة التبعية لأهم الرموز الإعلامية والقنوات التي يظهرون عليها.
التبعية
ملكية القناة
اسم القناة
اسم الاعلامى
المخابرات العامة
توفيق عكاشة
الفراعين
توفيق عكاشة
أمن الدولة والمخابرات الحربية
محمد أبوالعنين
صدي البلد
أحمد موسى
المخابرات الحربية
طارق نور
القاهرة والناس
إبراهيم عيسى
المخابرات الحربية
أحمد بهجت
دريم
وائل الإبراشى
السعودية وأجهزة مصرية مختلطة
بندر بن محمد بن سعود
اوربت
عمرو أديب
مختلط بين نجيب والمخابرات الحربية
نجيب ساويرس
اون تي فى
يوسف الحسينى
وبالرغم من إختلاف التوجهات والتبعية لمراكز القوى فقد شن الإعلاميون السابقون هجوما يبدو ممنهجا على السلطة الحاكمة على امتداد شهر فبراير 2015 فتوفيق عكاشة رفض دعوة السيسي بالإصغاء له فقط وقال (نسمع كلامك ليه انت فاكرنا عساكر عندك) ويوسف الحسيني علق على حادثة الدرب الأحمر بقوله (احنا اتصدمنا في السيسي ) في حين وصف أحمد موسي مظهر السيسي بالضعيف تعليقا على مداخلته مع عمرو أديب وفي حين هاجم وائل الإبراشي وزير الداخلية وطالب بإقالته وانتقد السيسي في إبقائه عليه. ولم ينج السيسي من نقد إبراهيم عيسي الذي تصاعدت نبرته وخاصة بعد حكم حبس اسلام البحيري ومن بعده فاطمة ناعوت والروائي أحمد ناجي أما عمرو أديب فقد استغل الأحداث المتراكمة الأخيرة في تقريع السلطة الحاكمة واتهام أجهزة سيادية بحماية من وصفهم بالكلاب النابحة في إشارة لتوفيق عكاشة ومرتضي منصور . كما بدا جليا احتفاء غالب القنوات والإعلاميين بقضية الطفل ذي الأربع سنوات المحكوم عليه بالمؤبد وإظهارها كدليل على المظالم الفجة التي أصبح النظام مسئولا عنها ببنيته القضائية والتنفيذية والسياسية.
ويمكن تفسير ذلك طبقًا للسيناريوهات التالية:
السيناريو الأول
محاولة المنافذ الإعلامية التنفيس عن الغضب المكتوم لدي قطاعات واسعة من الشعب المصري والذي بات مرصودا لدي الأجهزة المعنية لإظهار التناغم بين الإعلام ونبض الغاضبين ومن ثم يمكن توجيههم وإعادة استيعابهم وما قد يعزز هذا السيناريو هو مشاركة الإعلاميين المحسوبين على المخابرات الحربية ومكتب السيسي ذاته في هذه الحملة الموسعة من النقد.
السيناريو الثاني
أن هناك قرارا قد أتخذ بالتخلي عن السيسي باعتبار دوره قد انتهي وأن أطرافا حساسة في الداخل والخارج لم تعد في استطاعتها تحمل تكلفة بقائه ولذا بدأت حملة الدعاية السلبية للسيسي ونظامه في استعداد لتلميع البديل سواء كان من داخل المؤسسة العسكرية ذاتها أو مدني ذو صلة وثيقة بالمؤسسة العسكرية وما قد يعزز هذا السيناريو هو ما يمكن تسميته التطابق الأدائي للإعلاميين الأن مع ما كانوا يقومون به في نهايات عهد مبارك.
السيناريو الثالث
أن حملة النقد الأخيرة المتزامنه غير متفق عليها بين كافة الأطراف إنما جاءت محصلة لرغبة كل جهة أو جهاز أو مركز قوي في تحقيق هدف محدود باستخدام وسيلة ضغط على رأس النظام وبنيته وأنه بمجرد تحقيق هذا الهدف المحدود ما تلبث الأوضاع والمواقف أن تعود لسابقتها وما قد يعزز ذلك السيناريو هو أن هؤلاء الإعلاميين قد سجل لهم نقدا للسيسي وللنظام من قبل ولكنه مالبث أن تم تجاوزه مثل انتقاد يوسف الحسيني للسيسي إبان ما تسمي بمجزرة الدفاع الجوي في فبراير 2015 وانتقاد ابراهيم عيسي للسيسي على خلفية تصريحه (انتوا اللي استدعتوني) في إبريل 2015؛ حيث قال له إن عصر التفويض قد انتهي وكذلك انتقادات عمرو أديب المتكررة منذ يونيو 2015.
السيناريو الرابع
أن حملة النقد الأخيرة تأتي في سياق التمهيد لإتخاذ قرارات هامة وتغييرات هيكلية في مواقع وزارية وقيادية وما قد يعزز ذلك السيناريو سوابق مثل حملة النقد التي وجهت للبنية التشريعية للدولة ولتردد السيسي بعد مقتل النائب العام في يونيو 2015 وكذلك حملة النقد التي تم توجيهها للأداء الحكومي والفشل الإداري في سياق التمهيد لقانون الخدمة المدنية في أغسطس 2015.
السيناريو الخامس
وهو وجود حالة صراع حقيقية بين أجهزة وأجنحة ومراكز قوي داخل بنية دولة السيسي وتحديدا بين المخابرات الحربية من جهة والمخابرات العامة من جهة أخري وكذلك الداخلية من جهة ثالثة وجماعة جمال مبارك من جهة رابعة ورجال الأعمال بشكل عام من جهة خامسة ..وذلك نظرا للإختلاف في توزيع استحقاقات المرحلة و لتضارب المصالح وكذلك تصفية لحسابات قديمة وخاصة مع نشوء كيانات مثل البرلمان مثلت حالة حصانة نسبية لبعض هذه الجهات مع ملاحظة أن النقد المنطلق من مجموعة إعلاميي المخابرات الحربية ينبغي تفهمه في سياقين : الأول.. إختلاط ولاء بعضهم لرجال أعمال يخوضون معركة خاصة الأن مع مكونات النظام الرئيسية مثل يوسف الحسيني والسياق الثاني ..أن انتقادات ما يمكن تسميتهم إعلاميي المخابرات الحربية الخالصين ذات طبيعة خاصة تمهد للسيسي للدفع باتجاه المذيد من العلمنة المجتمعية كما هو الحال مع ايراهيم عيسي أو التمهيد لتخلص السيسي من عبء أمناء الشرطة وبعض قيادات الوزارة النافذين وكذلك تحجيم دور بعض الأجهزة الأخري مثل المخابرات العامة كما هو الحال مع وائل الإبراشي ويأتي ذلك كله بالتوازي مع تراجع دور العدو المشترك لتلك الأجهزة ومراكز القوى وهم الإخوان المسلمون وانزوائهم نسبيا نظرا لانشغالهم بإشكالياتهم الداخلية.
ويعتبر السيناريو الخامس هو السيناريو المرجح نظرا للسياقات التي ذكرت في صدر هذا التقرير وكذلك لضعف السيناريوهات الأربعة الأولى أمامه.
فبالنسبة للسيناريو الأول فمشاركة ما يمكن تسميتهم بإعلاميي المخابرات الحربية في حملة النقد الأخيرة لا يعد دليلا كافيا على رغبة النظام في التنفيس عن الغضب الشعبي المكتوم إذ أن نبرة وطبيعة الإنتقادات المنطلقة من إعلاميين محسوبين على أجهزة وجهات أخري تبدو نوعية وصاخبة بدرجة غير مسبوقة ولا تتناسب مع هدف التنفيس للاحتواء.
أما بالنسبة للسيناريو الثاني فإن ثمة مشاهدات لاتوحي برغبة حقيقية في التخلص من السيسي وخاصة مع تركيز إعلاميين مثل توفيق عكاشة وسيد على وعمرو أديب ووائل الإبراشي على قضية وحدة المصير مع السيسي كما أن دولة السيسي قد قطعت أشوطا كبيرة في كسر العزلة السياسية التي عانت منها في البداية وقطعت أشواطا هامة في تحجيم الحراك المناهض للإنقلاب في الوقت الذي قد لاتتحمل فيه دولة مثل السعودية أي اضطراب هيكلي للسلطة في مصر في هذا التوقيت الحساس بالنسبة لها مما دفعها إلى التعهد بتوفير الاحتياجات البترولية لمصر لمدة خمس سنوات قادمة.
وبالنسبة للسيناريو الثالث والرابع فالقول بأن هذه الانتقادات تشابه ما مر من انتقادات سابقة على مدار العام ونصف الماضي سواءً لتحقيق أهداف محدودة لطرف ما أو للتمهيد للسيسي لإتخاذ قرارات هامة أمر فيه شك إلى حد كبير فالانتقادات التي وجهت للنظام سابقا كانت محدودة كيفا وكما بالإضافة إلى انها كانت محصورة زمانيا ومكانيا ولم تكن شاملة و متزامنة وممتدة مثل تلك الحملة.
أما عن مستقبل هذا السيناريو فهو مرهون بقدرة الأطراف المتصارعة على حسم المعركة لصالحها أو العودة لحالة التهدئة وفقا لتفاهمات مباشرة أو غير مباشرة كما أن مستقبل هذا السيناريو سيتأثر بشدة وقد يعاد تموضعه بشكل كامل في حال بدا أن عناصر من خارج هذه البيئة بدأت تظهر وتستعيد عافيتها مثل الإخوان المسلمين وما يطلق عليه الكيانات الثورية..
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.