ترامب: قد يتم التوصل لاتفاق بشأن غزة الأسبوع المقبل    فلسطين.. ارتقاء شهداء وجرحى إثر استهداف طائرات الاحتلال مدرسة "الشافعي" بمدينة غزة    تشيلسي يخطف هدفا مثيرا أمام بالميراس    تشيلسي يتقدم على بالميراس بهدف بالمر في شوط أول مثير بمونديال الأندية    السيطرة على حريق داخل شقة سكنية بدار السلام.. صور    الثانوية العامة.. غدًا طلاب النظام القديم يؤدون امتحان الجبر والهندسة الفراغية    عمرو دياب يشعل الساحل الشمالي بأول حفل بعد "ابتدينا"    كول بالمر يضع تشيلسي في المقدمة أمام بالميراس بالشوط الأول بمونديال الأندية (فيديو)    ترامب يوقع رسميا على مشروع قانون خفض الضرائب والإنفاق الحكومي    السقوط في بئر الخيانة.. أحدث فصول اتصالات «الإخوان» مع المخابرات الأجنبية    «الأرصاد» تُحذر من التعرض للشمس بسبب ارتفاع نسب الرطوبة والحرارة الشديدة    أسعار الفراخ والبيض في أسواق وبورصة الشرقية السبت 5-7-2025    أمير صلاح الدين عن مرضه النادر: الدكتور قال لي لو عطست هتتشل ومش هينفع تتجوز (فيديو)    الجرام يتخطى 5300 جنيه.. أسعار الذهب والسبائك اليوم السبت بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    إنريكي: مباراة بايرن ميونخ صعبة.. وهدفنا التتويج بلقب مونديال الأندية    روسيا ترفض العقوبات الأمريكية الجديدة على كوبا    يسرا ولبلبة وتامر حسنى وإيمى سمير غانم والرداد فى حفل زفاف حفيد عادل إمام    محمد فؤاد يحتفل بزفاف ابنته بحضور عدد كبير من نجوم الفن والغناء| صور    تحرك عاجل من محافظ بنى سويف لنقل سيدة بلا مأوى لتلقي الرعاية الطبية    كايروكي في «العالم علمين» 2025.. تعرف على أسعار التذاكر وشروط الحضور    اليوم عاشوراء.. صيامه سنة نبوية تكفّر ذنوب عام مضى    فيضانات تكساس.. 6 قتلى و20 فتاة مفقودة وسط استمرار جهود الإنقاذ    مواعيد مباريات اليوم في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    التشكيل الرسمي لمباراة تشيلسي وبالميراس في كأس العالم للأندية    الفئات المعفاة من المصروفات الدراسية 2026.. التفاصيل الكاملة للطلاب المستحقين والشروط المطلوبة    «إيه كمية التطبيل ده!».. رسائل نارية من أحمد حسن بسبب مدحت شلبي    وزارة العمل تعلن عن 90 وظيفة للشباب براتب 8 الاف جنيه| تفاصيل    منتخب مصر للناشئين يواصل استعداداته لكأس العالم    محافظ المنيا: "القومي للمرأة يعزز مكانة المرأة في التنمية ويخدم آلاف المستفيدات بمبادرات نوعية"    إعلام عبري يكشف العقبة الرئيسية في طريق استمرار المحادثات بين حماس وإسرائيل بشأن مقترح وقف إطلاق النار    إعلام إسرائيلي: تلقينا رد حماس من الوسطاء وندرس التفاصيل    غرق شاب خلال السباحة فى نهر النيل في الأقصر    العثور على جثة فتاة مفصولة الرأس داخل جوال بلاستيك بأبو النمرس.. والنيابة تُحقق    فكهاني ينهي حياة زوجته في الطالبية بدافع الشك في سلوكها (تفاصيل)    محاكمة 15 متهمًا ب"خلية مدينة نصر".. السبت    «أبو حطب» يوجه باستمرار حملات النظافة وتمهيد الطرق بقرى أشمون    البطريرك ساكو يستقبل النائب الفرنسي Aurelien Pradié    حزب العدل يصدر بيانا بشأن مشاركته بانتخابات مجلس الشيوخ    مستوحاة من المشروعات القومية.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستحدث رموز انتخابية جديدة    في زيارة رسمية.. البابا ثيودوروس بمدينة كاستوريا باليونان    4 أبراج «أثرهم بيفضل باقي»: متفردون قليلون الكلام ولا يرضون بالواقع كما هو    «جيل Z» يشتري الفكرة لا السلعة.. خبير يحذر الشركات من تجاهل التحول إلى الذكاء الاصطناعي    دعاء يوم عاشوراء مكتوب ومستجاب.. أفضل 10 أدعية لمحو الذنوب وقضاء الحاجه (رددها الآن)    ميدو يكشف: شيكابالا حالة نادرة في الكرة المصرية.. والوفاء للزمالك عنوان مسيرته    «الحيطة المايلة» في الجسم.. خبير تغذية يكشف خطأ نرتكبه يوميًا يرهق الكبد    بدائله «ملهاش لازمة».. استشاري يعدد فوائد اللبن الطبيعي    دون أدوية.. أهم المشروبات لعلاج التهاب المسالك البولية    تفاصيل قافلة طبية شاملة رعاية المرضى بالبصراط مركز المنزلة في الدقهلية    ضبط لص لمحاولته سرقة كابلات كهربائية في مدينة 6 أكتوبر    أخبار × 24 ساعة.. الحكومة: زيادة تغطية الصرف الصحى فى الريف ل60% عام 2025    قراران أمريكي وبرازيلي يدفعان أسعار الزيوت العالمية إلى الارتفاع في يونيو    سكرولينج.. عرض يحذّر من تحول الهاتف المحمول إلى لص الحياة على مسرح الريحاني    مصادر للقاهرة الإخبارية: رد حماس تضمن فتح المجال لمفاوضات غير مباشرة للتهدئة 60 يوما    للصيانة.. فصل الكهرباء بقرية إبشان وانقطاع المياه في قرى دسوق وقلين بكفر الشيخ    اليوم| نظر دعوى عدم دستورية مواد قانون السب والقذف    ما هي السنن النبوية والأعمال المستحب فعلها يوم عاشوراء؟    عالم أزهري: التربية تحتاج لرعاية وتعلم وليس ضرب    خطيب الجامع الأزهر: علينا أن نتعلم من الهجرة النبوية كيف تكون وحدة الأمة لمواجهة تحديات العصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهاية "سيسي"... والخوف من البديل

من أعظم أدلة وجود الله سبحانه وتعالى أنه قد خلق في سائر البشر حبا لفضائل بعينها، وكرها لرذائل بعينها، وقَلَّ أن تجد إنسانا شبه سوي يناقشك في أساس هذه الفضائل أو الرذائل، إنها قواسم إنسانية مشتركة بين سائر الأديان والملل والنحل والفلسفات الأرضية شرقيها وغربيها.
ومن فضل الله على البشرية أن جعل كره الظلم والنفور منه من أهم سمات الإنسان اللازمة، فلا تكاد تجد عبر التاريخ من يرى الظلم فضيلة مطلوبة لذاتها، بل تجد دائما طغاة يبررون الظلم، ويفلسفون الإجراءات الظالمة، أو يحاولون تصوير الظلم على أنه استثناء، أو أنه ظلم صغير تافه لاتقاء ظلم كبير عظيم.
للمرة الأولى في التاريخ نرى حاكما يحاول أن ينازع في أساس فكرة الظلم، يحاول تغيير نفور البشر من الظلم، يحاول خلق بشر جديد، له فضائله الخاصة التي يحبها، ورذائله الخاصة التي يكرهها ... إنه السيد عبدالفتاح "سيسي" رئيس جمهورية الأمر الواقع في مصر، يحاول أن يخلق المصريين بشرا لهم مواصفات جديدة لم يخلقها الله، هو ربنا الأعلى، ونحن عبيده ... وقد خلق "سيسي" عبيده يحبون الظلم، ويرونه فضيلة، ويكرهون العدل ويرونه رذيلة !
يد العدالة مغلولة بالقانون ... ما هي العدالة؟
بعد يومين تبين أن العدالة قتل دون تحقيق !
وما هو القانون الذي يغل يد العدالة؟
تبيَّنَ أن القانون المقصود هو مجرد حقوق المواطن البدهية في أن يقف أمام قاض، يسمع الشهود، مع فرصة المثول في عدة درجات تقاض
إذن ... المطلوب الآن لكي يتحقق العدل ... أن تقتل الدولة الناس، دون أن يحصلوا على محاكمة.
سيقول قائل : سنحاكمهم ...!
وأنا أقول : محاكمة بلا شهود، ووفقا لما صدر من فرمانات "سيسي" خلال الأيام الماضية (ما سمي زورا "قانون الإرهاب") تساوي في جوهرها قتل فرقة اغتيالات لمجموعة من المواطنين العزل في شقة ما ... لا فرق بين الأمرين !
بإمكاننا أن نجعل ضباط أمن الدولة قضاة ... فلنكلف السادة ضباط أمن الدولة بقتل من يرونه مذنبا ... ففي النهاية مذكرة الضابط ستذهب للقاضي، ولا داعي لسماع الشهود ... فقد كوَّن القاضي عقيدته ... لقد فرغنا المحكمة من معناها، تماما كما فرغنا العدل والظلم من معنييهما، وخلقنا إنسانا جديدا يحب الظلم (لأنه فضيلة) ... ويكره العدل (لأنه رذيلة).
تفسيري لما يجري من جنون أمام أعيننا أننا أمام مسؤولين في أيام دولتهم الأخيرة، يلعبون بكافة الأوراق المتاحة، وهم حريصون على الاستمرار في اللعبة حتى لو أدى الأمر إلى قلب الطاولة على الجميع، بل إحراق الدنيا وما فيها ... إنها علامات نهاية مفجعة.
المشكلة في البديل ... والمستبد دائما يزرع الخوف من البديل !
إنه الخوف ... ذلك الانقباض القلبي الذي يهز أعماق الإنسان فيبدأ بالاضطراب، والتلعثم، والصراخ، والعويل، والتقوقع، والاختباء، والهروب ... الخ.
الخوف عصا المستبد التي تضرب محكوميه ليل نهار دون عناء منه، ودن جهد من شرطته، ودون مراقبة من عيونه.
الخوف يحول كل إنسان من مشروع كيان حر يهدد المستبد، إلى حطام خانع يائس، ينصر المستبد بنشر يأسه دون أن يشعر.
هكذا رأيت كثيرا من الثوار اليوم، وصلوا إلى درجات مؤسفة من اليأس، وغرقوا في دركات مخجلة من الخوف.
يقول أحدهم (المستبد يحمي أسلوب حياتي الرديئة ... وأنتم تهددون ذلك).
هكذا يصف حياته (رديئة)، وخوفه يصور له الحفاظ على الرداءة عملا بطوليا، لذلك ... فلندعم المستبد، أو فلنصمت، فلنقبل بالاستبداد (على ما تفرج)!
يقول أحدهم : (دعم حفتر واجب وطني) ... أي والله العظيم قالها !
خوفه يصور له أن دعم العملاء الذين يقتلون ويغتصبون برعاية سائر شذاذ الأرض عمل وطني، وأن ذلك سيحافظ على مصر من آثار الحرب الأهلية في ليبيا.
وكأنه لا يمكن لمصر أن تمنع الحرب الأهلية في ليبيا لو أرادت، ولكن خوفه صور له تسعير الحرب الأهلية فضيلة، وكأن الحرب الأهلية لو بدأت في ليبيا لن تحرق مصر (معلومة : ما يحدث في ليبيا ليس حربا أهلية حتى الآن .. وأسأل الله أن لا تفتح هذه البوابة الجهنمية أبدا) !
يقول أحدهم: (فلتقتل الدولة من تشاء ... المهم أن تظل هناك دولة). أقسم بالله العظيم ثلاثا قالها بعض الثوار !
ولا رد عندي سوى أن من قال ذلك كان يبشر الناس في يوم من الأيام بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، فعل ذلك حين انتصر على خوفه، وحين ركبه اليأس انحط إلى أسفل السافلين حتى أصبح يبرر القتل على الهوية، المهم ... أن تبقى الدولة.
المستبد يزرع في الناس الخوف من كل شيء، فتراه يزرع فيهم الخوف من القتل، فيقتل حتى يملأ الدم وعي المواطنين الأحياء.
ويزرع فيهم الخوف من السجن، ولكي يتحقق ذلك لا بد أن يسجن آلاف الأبرياء، لأن الاكتفاء بسجن المذنبين لا يحقق الخوف من جبروته.
ويزرع فيهم الخوف من الفقر ... لذلك لا بد من إفقار الناس، ولا يخيف الناس من الفقر أكثر من الفقر نفسه.
المستبد يزرع في الناس جوهر الخوف، فترى الناس يخافون من أي شيء، وينشرون خوفهم متطوعين (مثل أصدقائي الثوريين) ولكن المستبد يلبس الخوف أقنعة كثيرة، فتارة يزرع فيهم الخوف على الدولة، والخوف على الجيش، والخوف على المؤسسات.
وإذا فرغ من ذلك تراه يخترع لك مخاوف جديدة، فترى إعلام المستبد يخوف الناس من "تدهور الأوضاع، أو "المخاطر الخارجية"، أو من "تطور الأحداث المجاورة"، أو من "سوريا والعراق".
المستبد ينفخ في بالونة الاستبداد حتى تصبح بحجم منطاد يسد السماء، فيمنع المطر والشمس والهواء، حتى ترى الناس في نهاية الأمر أصبحوا يخافون من أشياء لا ينبغي أن يخافوا منها، مثل أن يخافوا من تحقق العدل والكرامة والحرية، فترى المثقفين يخافون من الثقافة، وترى أساتذة الجامعة يرحبون بفصل الطلبة والأساتذة، وترى العلماء يخافون من العلم، وترى النقابيين يرحبون بإغلاق النقابات، وترى السياسيين يؤيدون القمع !
حين وصل بعض الناس لهذه الدرجة رأينا "سيسي" ينفخ فيهم من روحه، فيحولهم مسوخا يقبلون بفكرة أن "يد العدالة مغلولة بالقانون".
في هذه اللحظة السوداء تجد مصر (في خندق واحد) مع إسرئيل كما قال "نتانياهو"، فالعلاقة بين مصر وإسرائيل (سمن بلدي على عسل نحل) !!!
ما يحدث في سيناء عواقبه وخيمة، والسبب فيه تصرفات نظام عسكري أرعن، ولكنه يستمر في تخويف الناس، وتجييش العواطف لكي ينتهك وينتهك، والحل هو حذف هؤلاء الحكام من المشهد، عسى أن يتمكن المخلصون من تضميد جراح سيناء العزيزة.
ملايين المصريين اليوم يعلمون أن تحويل البلد لمسخ يقبل بفكرة "فضيلة الظلم"، و"رذيلة العدل" ... معناه مصيبة لم تحدث في تاريخها من قبل، إنها الفكرة الجهنمية الوحيدة التي قد تؤدي إلى حرب أهلية، أو شكل من أشكال الاحتراب الداخلي في بلد لم يعرف هذا الشكل من النزاعات.
ما الحل إذن؟
الحل في بديل ينقذ الوطن، ولكن نحن أمام ورطة "الخوف من البديل" !
هل ماتت مصر؟
لو أن غالبية المصريين صدقوا أكذوبة انقلاب الفضائل والرذائل لقلت لكم إن بطن الأرض خير من ظهرها، ولكن الحقيقة أن مصر بخير، وهي في مخاض عظيم.
إن الخوف الذي يزرعه المستبد في أرضنا لم ينبت سوى شجيرات شوك متناثرة، وهي في طريقها للفناء، أما بذرة الحرية التي زرعتها ثورة يناير العظيمة، فقد أينعت ثمرة طيبة جيلا كاملا، يُقسم أن يكمل الطريق وهو يتسلم جثث ذويه من المشرحة، فتيات يزغردن ببشرى شهادة الأحباء قبل أن يسمحن لعيونهن بالبكاء على الآباء، زوجات يربين أولادهن على إكمال الثورة قبل إكمال المرحلة الإعدادية !
ولكن ... نحن نتعامل اليوم مع خوف الناس والمؤسسات والدول من البديل !
واجب المرحلة هو تقديم البديل الآمن للخائفين، وذلك باصطفاف وطني ثوري رشيد، يتناسى الأجندات والتوجهات والأيديولوجيات ... لكي ينقذ مصر من هذا المسخ الفكري الذي يحاول أن يتلف جوهر إنسانيتهم.
سيتحقق ذلك قريبا بإذن الله، لأننا أمة عظيمة، ولأن الله رزقنا بجيل عظيم لا يخاف الموت، ولا يخاف من تخويف الطغاة والشياطين (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
مصر في ورطة ... ويجب على كل صاحب ضمير أن يتحرك لخلق البديل، ولا يعطلنكم خوف الناس من البديل، فلرب خوف دفع الناس إلى القفز فوق النار، ومواجهة الأخطار ... أحيانا يدفعنا الخوف إلى أشياء هي عين الشجاعة.
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين ...
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.