يرى الباحث التركي في الشئون الدولية، علي حسين باكير، مؤشرات تأثر عبد الفتاح السيسي (قائد الانقلاب العسكري) بالسياسات الجديدة للملكة العربية السعودية مع وصول الملك سلمان إلى الحكم. وأشار باكير في مقال نشر له اليوم، الأحد، بموقع عربي 21، إلى أن مؤشرات ذلك تتضح شيئا فشيئا، حيث يقوم السيسي بما وصفه ب"مناورات معقدة" لاسترضاء الملك سلمان من تغيير وزراء والقوة العربية المقترحة، وحتى التقارب من طهران، مؤكدًا أن هذا "لا يوحي بأن السيسي يسير في الطريق الصحيح". ولفت باكير النظر إلى أن السيسي يقوم بالتقارب من إيران لحماية نفسه من الضغط السعودي، مشيرًا إلى أنه في 4 مارس 2015، قال الإعلامي يوسف الحسيني في حلقة من برنامجه "السادة المحترمون" على قناة "أون تي في"، موجّهًا كلامه للملك سلمان "ليس هناك من هو وصي علينا.. لو أفقتم من النوم يومًا ما، ووجدتم أننا بدأنا نمد جسورًا مع طهران، فلا تصابوا بالاندهاش". وأوضح الباحث في الشئون الدولية أن "حديث الحسيني جاء بالتأكيد من مكتب السيسي كما ورد في تسريبات بثتها قناة معارضة للنظام"، مستنتجًا أن النظام المصري لجأ بالفعل إلى "سياسات ابتزازيّة"، ليحد من الضغوط السعودية عليه من جهة، وليضمن أيضًا استمرار الدعم له من جهة أخرى. واستطرد باكير في مقاله: "لو استمر السيسي في اللعب بورقة إيران سيؤلب عليه دولا مثل الإمارات وإسرائيل الداعمتين له"، وأن إيران لا تستطيع أن تعوّض مصر غياب أي دعم سعودي مفترض، فضلاً عن دعم دول أخرى قد تتراجع عندما ترى انفتاحًا مصريًا على إيران مثل الكويت". وتابع: "حاول نظام السيسي تقديم نفسه على أنه حامٍ للأمن القومي المصري والعربي، لكنّ كثيرين يرون أنّه يقوّض بسياساته الرعناء والارتجالية ما تبقى من الأمن القومي المصري، ويقضي على إمكانية التوصل إلى موقف موحد مع باقي الدول العربية القائمة، إزاء التحديات الإقليمية التي تواجهها، وفي هذه النقطة بالتحديد لا نعرف كيف سيساعد انفتاح مصر على إيران في تبرير الموقف المصري من اجتياح الأخيرة لأربع دول عربية.. وأين سيكون موقعه من الخارطة العربية إذا ما كانت علاقاته جيدة مع إسرائيل وإيران، وسيئة مع المملكة!". وأشار الباحث التركي إلى أن النظام المصري اليوم "أضعف من أي وقت مضى، والورقة الاقتصادية تدوس على رقبته، وصحيح أن لا رغبة لدى المملكة بالدخول في صراع معه، لأنّ مصر دولة مهمّة في النهاية للسعودية وللعرب جميعاً، ولكن لا يمكن للسيسي المراهنة على هذه المعطيات للحصول على دعم مفتوح، كما ليس بإمكانه استخدام إيران لابتزاز المملكة، فهي ورقة محروقة، وضررها أكبر من فوائدها عليه بكثير". واختتم باكير مقاله بالتأكيد على أن السيسي يجب أن يفهم أن السبيل الوحيد لتصحيح وضعه ووضع مصر في المنطقة، هو تعديل سياساته الداخلية والخارجية، بما يتلاءم مع التحديات التي تواجه الدول العربية، وبما ينسجم مع الانفتاح السعودي – التركي، وعندها ستكون الفوائد لمصر وللمنطقة برمتها.