قال وزير المالية هاني قدري دميان ، إن التحدي الحقيقي أمام الحكومة هو تغيير منهجية إدارة الاقتصاد القومي ليدار باعتباره اقتصاد "غنى" وليس اقتصاد "فقر" كما كان يحدث في الفترات السابقة، وبحيث يدار ككيان واحد وفق رؤية موحدة وليس كوحدات منفصلة. وأضاف هاني دميان، خلال لقائه اليوم الأربعاء ، بأعضاء نادي روتاري مصر الجديدة، أن الإمكانات والقدرات الكبيرة التي يتمتع بها الاقتصاد المصري وتنوع مصادر نموه، هي ما ساعد علي الانتقال من اقتصاد مثقل بشدة من تداعيات الأزمة المالية العالمية والمرحلة الانتقالية الصعبة التي شهدتها مصر إلى آفاق أرحب ودون تأثيرات جسيمة على ركائز اقتصادنا الوطني. وقال إنه لتحقيق هدف تغيير منهجية إدارة الاقتصاد تنفذ الحكومة عددا من الإصلاحات الجذرية إلى جانب إطلاق مجموعة من المشروعات القومية العملاقة، مثل مشروع قناة السويس الجديدة فهو من أهم المشاريع التنموية التي سيكون لها تأثير مباشر على أداء الاقتصاد المصري على مدى الثلاثة قرون المقبلة، لافتا إلى أن هذا التأثير ظهر بوضوح في نجاح عمليات حشد التمويل للمشروع، حيث استطعنا جمع نحو مليار دولار يوميا دفعها المصريون وتراوحت قيم اكتتاباتهم بين 10 جنيهات و 100 مليون جنيه وأكثر. وأضاف أن أهمية مشروع القناة الجديدة تأتي أيضا من خطط التنمية المستدامة التي يعتمد عليها المشروع لمنطقة إستراتيجية عالميا كقناة السويس إلى جانب ما يتضمنه المخطط العام للمنطقة من مشروعات ضخمة سواء في البنية التحتية أو مناطق صناعية ولوجستية عملاقة على جانبي القناة. وأوضح أن الحكومة أعلنت أيضا عن عدد آخر من المشروعات القومية مثل مشروع استصلاح المليون فدان الأولى موزعة على عدد من مناطق الجمهورية للخروج من الوادي الضيق إلى مناطق عديدة منها منطقة منخفض القطارة وغرب المنيا، لافتا إلى أن عمليات الاستصلاح والإستزراع ستتم وفقا لأحدث نظم الري عالميا لضمان الاستدامة وحسن استغلال الموارد المائية المتاحة. وقال إن خطط الخروج من الوادي الضيق تعتمد على مشاريع كثيفة استخدام العمالة سواء في الإنشاء أو التشغيل بهدف توفير ملايين من فرص العمل الجديدة. وأشار إلى أن السياسات المالية تدعم هذا التوجه من خلال العمل على تحقيق التوازن المالي لأن المستثمر لن يأتي وهو غير مطمئن علي السياسات المالية المتبعة وقدرة الاقتصاد على توليد فوائض ومدخرات تدعم هذه التوازنات. وقال إن هذه الأهداف تسعى الحكومة لتحقيقها من خلال الإجراءات الاقتصادية التي تم اتخاذها بالفعل مثل تحريك دعم الطاقة وإصلاح الأجور وتوسيع القاعدة الضريبية لتشمل كل الدخول والأرباح دون أي مساس بالفئات الأولى بالرعاية وفي نفس الوقت المضي قدما في الوفاء بالاستحقاقات الدستورية فيما يخص الإنفاق على قطاعات التعليم والصحة والبحث العلمي والإسكان، وذلك من خلال توفير مصادر تمويل ذاتية ومتجددة في المقام الأول وليس بالاقتراض. وأضاف أن الإصلاح الضريبي هو جزء من منظومة تحقيق العدالة الاجتماعية حيث نقوم بتوزيع العبء الضريبي بطريقة تصاعدية بما يتماشى مع ما يطبقه العالم كله فالنظام الضريبي المصري تصاعدي منذ إنشائه، وزادت التصاعدية فيه مع الإصلاحات الأخيرة. وفي شأن آخر، أشار وزير المالية هاني قدري دميان إلى أن منظومة الخبز المدعم الجديدة التي تطبق حاليا في 14 محافظة شهدت تطورا في الجودة وفي آليات التوزيع؛ مضيفا أن هذه المنظومة نجحت في الحد من مصادر تسرب الدعم الذي تحول إلى دعم نقدي في صورة نقاط يحصل عليها المواطنون من ترشيد استهلاك الخبز. وقال إن قطاع الرعاية الصحية سوف يشهد تطورا نوعيا كبيرا خلال الفترة المقبلة كاشفا عن خطة لاعتماد المستشفيات العامة بالتعاون مع البنك الدولي الذي رصد نحو 200 مليون دولار لبرنامجي اعتماد الجودة وتطوير المعدات والأجهزة الطبية، مشيرا إلي أن هذا البرنامج جزء من موازنات البرامج التي سيتحول لها الإنفاق العام علي الصحة لتحقيق هدف ال 3% من الناتج المحلي وفاء بالاستحقاقات الدستورية. وحول إجراءات إصلاح مناخ الأعمال قال الوزير إن المستثمر يعاني من بيروقراطية وقوانين مقيدة للاستثمار وهو ما يعمل وزير الاستثمار جاهدا لتغييره ومحاربته وهي أصعب معركة حيث تتطلب إرساء فكر العمل المؤسسي لتحسين حقيقي في مناخ ممارسة الأعمال ، مشيرا إلى أن وزير الاستثمار جاد في إرساء نظام الشباك الواحد للتعامل مع الجهات الحكومية. وقال إنه يجب تغيير ثقافة العاملين بالقطاع الحكومي في التعامل مع المستثمرين حيث يجب أن يعي الجميع أن من يعرقل المستثمرين لتحقيق استفادة شخصية إنما يعرقل البلد بأكمله فلو تراجع المستثمر لن نجد فرص العمل لأبنائنا.