من بين جميع دول العالم ، توجد دولتان فقط جميع سكانها من قومية واحدة وهما : سلوفاكيا والصومال ، أما باقى دول العالم فلديها تنوع قومى ، ومع ظهور نظام الدولة الدستورية بنهاية القرن ال19 ، أصبح التنوع القومى داخل الدولة الواحدة ظاهرة إنسانية ، هذا وقد خاضت جميع دول العالم تجاربها الخاصة فى هذا المجال ، منها التجارب الناجحة ، والفاشلة أيضا. ومن التجارب الناجحة التى لفتت إنتباهى فى إستيعاب التنوع القومى والدينى داخل الدولة الواحدة ، كانت التجربة الصينية ، فالصين الذى يبلغ تعداد سكانها حتى نهاية 2008م حوالى 1328.02 مليون نسمة (ماعدا هونج كونج ومكاو وتايوان) وفقا للدستور هى دولة متعددة القوميات والأديان ، حيث تتكون من 56 قومية ، ولما كانت قومية (هان) تمثل 91.6% من مجموع السكان فإن القوميات الآخرى تسمى بالأقليات القومية. ووفقا لبيانات الإحصاء الخامس للسكان عام 2000م ، فإن من بين 55 أقلية قومية توجد 18 قومية يتجاوز تعداد كل منها مليون نسمة ، وهى قوميات (تشوانج – مان – هوي – مياو – الويجور – يي – توجيا – منغوليا – التبت – بويي – دونج – ياو – كوريا – باي – هاني – لي – القازاق – داي) ،، كما توجد 17 قومية يتراوح تعداد كل منها بين 100 ألف إلى مليون نسمة ، وهى قوميات (شه – ليسو – قلاو – لاهو – دونغشيانغ – وا – شوي -ناشي -تشيانغ – تو – شيبوه – مولا – قرقيز – داوور – جينغبوه – سالار – ماونان) ،، و20 قومية تعداد كل منها أقل من 100 ألف نسمة ، وهى قوميات (بولانج – طاجيك – بومي – آتشانغ – نو – أوينك -جينغ – جينوه – دآنغ – أوزبك – روسيا – يويقو – باوان – ألونتشون – دولونغ – تتار – ختشه – قاوشان) ، أماقومية (لوبا) فهى القومية الأقل عددا على الإطلاق ، حيث يبلغ تعدادها 3000 نسمة فقط. وتستخدم لغة " هان " المنطوقة والمكتوبة فى كافة أنحاء البلاد ، ومن بين 55 أقلية قومية توجد قوميتان فقط تستخدمان اللغة الهانية وهما قوميتا هوي ومان ، بينما تستخدم كل من ال53 قومية الآخرى لغتها الخاصة ، وتيت التدريس فى المدارس التى تقبل طلاب الأقليات القومية بلغاتهم القومية ، إلى جانب اللغة الهانية. هذا بالنسبة للتنوع القومى ، أما ما يخص التنوع الدينى ، ففى الصين أكثر من 85 ألف دار عبادة ، وأكثر من 300 ألف رجل دين ، وأكثر من 3000 هيئة دينية ، ولكل من البوذية والإسلام والكاثوليكية والبروتستانتية أتباع فى الصين ، إضافة إلى أديان خاصة بها مثل : الطاويةوالشامانية ودونغبا. وتطبق الصين سياسة حرية الإعتقاد الدينى ، حيث تجرى جميع النشاطات الدينية تحت إشراف رجال الدين والمعتنقين أنفسهم ويحميها القانون ، أما الكتب المقدسة لمختلف الأديان فتنشرها وتوزعها الهيئات الدينية ، ولكل دين مجلته الوطنية التى توزع داخل الصين وخارجها. هذه هى الصين كما أراها ، دولة متعددة الأديان والقوميات والثقافات ، دولة متسامحة عادلة إستيعابية ، أضع تجربتها الناجحة أمام أعين الجهات المعنية ، كمثال يحتذى به ، لعل وعسى.