إرساء مبادئ الديمقراطية الدولية أمر بات غائبًا عن المجتمع الدولى بعد أن احتكرت خمس دول فقط حق النقض "الفيتو" ما مكنهم دون غيرهم من صناعة القرار الدولى، فبات الفيتو ديكتاتورًا يحكم العالم ويدير الصراعات وفق الأهواء والمصالح الخاصة للدول صاحبة حق النقض الفيتو. التاريخ شاهد على تطور العمل الدولى وفق معطيات الواقع السياسى والأمنى العالمى فى كل عصر وزمان، فعلى سبيل المثال تم إنشاء عصبة الأمم فى أعقاب الحرب العالمية الأولى عام 1919 وكانت حينها انعكاسًا لموازين القوى الدولية لكن بعد أن تشكل واقع دولى جديد فى خضم الحرب العالمية الثانية حل محلها منظمة الأممالمتحدة عام 1946، فى دلالة واضحة أن كل تغير كبير بموازين القوى الدولية يتبعه إعادة تشكيل لمنظومة العمل الدولى، وهى الفكرة التي يجب استحضارها الآن فى ظل تسارع المتغيرات الدولية وإعادة تشكيل موازين القوى بل اتجاه العالم إلى تعددية الأقطاب، وهذا بالطبع فى ظل تراجع حاد لدور الأممالمتحدة سواء على الصعيد السياسى والأمنى أو حتى الإنسانى، وباتت المنظمة العجوز فى حاجة ماسة لاستعادة شبابها عبر إعادة هيكلة إدارية كاملة تبدأ من إصلاح الخلل الأهم المتعلق بتشكيل مجلس الأمن الذى تغيب عنه المجموعة العربية والقارة الإفريقية كصانع قرار حقيقى بعضوية دائمة، خاصة أن عدم منح الدول العربية والإفريقية مقعدًا دائمًا بمجلس الأمن هى فكرة من مخلفات عصور الاستعمار يجب التخلص منها على الفور، كما يجب التخلص من أداة الفيتو التى تمثل عائقًا حقيقيًا أمام ترسيخ الديمقراطية الدولية التى يجب أن تكون المرجعية الأساسية لصناعة القرار العالمى عبر استخدام آلية أغلبية الأصوات. مصر تحدثت كثيرًا عن العوار الحادث داخل مجلس الأمن وأهمية إصلاح المنظومة الأمنية الدولية، والتى من الممكن أن تساهم بشكل حقيقى فى ترسيخ الاستقرار العالمى عوضا عما يحدث الآن من عجز أممى كامل أمام الصراعات والحروب التى تهدد مستقبل منظومة العمل الدولى، لقد حان الوقت ليتخلص العالم من ديكتاتورية الفيتو وينعم بالديمقراطية الدولية التى يجب منحها فرصة حقيقية لعلها تصنع السلام بعد تجربة مريرة لحق النقض عبر العقود الماضية لم تخلف سوى الحروب والدمار حول العالم، فهل يعقل مثلاً أن تجمع الجمعية العامة للأمم المتحدة على حق الشعب الفلسطينى فى الحياة وتقرير مصيره وحصوله على دولته المستقلة ثم يأتى فيتو أمريكى يهدم تلك الإرادة الدولية، ديمقراطية النظام العالمى مطلب عادل يحقق السلام.