«الإحصاء»: معلم لكل 28 تلميذًا في مصر خلال العام الدراسي 2024 2025    اليوم.. مصر تحتفل بذكرى نصر السادس من أكتوبر    اليوم أم يوم الخميس؟ تعرف على الموعد الرسمي لإجازة 6 أكتوبر 2025    تراجع سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بداية اليوم 6 أكتوبر 2025    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الإثنين 6 أكتوبر 2025    رئيس وزراء باكستان يتطلع إلى تعزيز العلاقات مع ماليزيا    هل يتجاوز محمد صلاح أحزانه في ليفربول ليحقق حلم الصعود للمونديال مع الفراعنة ؟    أحمد صالح: الزمالك أعاد الأهلي لمكانه الطبيعي    طقس اليوم .. أجواء خريفية اليوم وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 30 درجة والصغرى 21    " التعليم " تكشف أهمية التقييمات الأسبوعية والاختبار الشهري لصفوف النقل.. تعرف عليها    ذكرى نصر أكتوبر ال52.. الأفلام المصرية توثق بطولات الجيش    اليوم.. الفصل في المنافسة المصرية الكونغولية على رئاسة «اليونسكو»    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 6اكتوبر 2025في المنيا.. تعرف على مواعيد الأذان    حاكمان ديمقراطيان يتعهدان بمعركة قضائية بعد إرسال ترامب حرس كاليفورنيا الوطني إلى أوريجون    ماذا قال رئيس الاتحاد السكندري عن الدوري الاستثنائي وأحمد دياب ؟    بعد 64 عامًا.. «لا تطفئ الشمس» لإحسان عبد القدوس من السينما والدراما إلى خشبة المسرح    كثافات مرورية بمحاور القاهرة الكبرى وانتشار أمني مكثف أعلى الطرق السريعة    وفاة مغربي عبد الرحمن إداري الفريق الأول بنادي المقاولون    اليوم، انقطاع الكهرباء عن عدة مناطق في الدقهلية    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6-10-2025 بعد آخر ارتفاع.. حديد عز بكام؟    نهر النيل لا يعرف الهزيمة    ميرتس يدعم حظر الهواتف المحمولة بالمدارس في ألمانيا    تطور جديد في واقعة عقر كلب عصام الحضري لمهندسة بالعلمين    استبدليه بالبيض والفول والجبن فورا، استشاري يحذر من اللانشون في ساندويتشات المدرسة    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 6 أكتوبر    حبس المتهمين بإدارة نادٍ صحي لاستغلاله في ممارسة الأعمال المنافية للآداب بمدينة نصر    «مريض وحالته صعبة».. نضال الأحمدية تعلق على تسليم فضل شاكر نفسه إلى السلطات اللبنانية    «أزمة مع النحاس؟».. وليد صلاح الدين يكشف حقيقة عرض أفشة للبيع (خاص)    قناة عبرية: ناشطة من أسطول الصمود تعض موظفة في أحد السجون الإسرائيلية    مدحت صالح يتألق في حفل قصر عابدين بأجمل أغانيه    عيد ميلاد عزيز الشافعي.. رحلة نجاح بدأت من الحلم ووصلت إلى القمة    ترامب: لم يتبق أي قوارب قبالة فنزويلا بعد الضربات الأمريكية    صحة الإسكندرية: تنفيذ 49 برنامجا تدريبيا خلال سبتمبر لرفع كفاءة الكوادر الطبية والإدارية    منتخب مصر يودّع كأس العالم للشباب رسميًا    سكته قلبية.. وفاة شخص قبل نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه بمحكمة الإسكندرية    المنتخب يطير إلى المغرب اليوم لتحقيق حُلم المونديال    من غير غسيل.. خطوات تنظيف المراتب من البقع والأتربة    تامر حسني يرد على تكريم نقابة المهن التمثيلية برسالة مؤثرة: "الحلم اتحقق بفضل شباب المسرح المصري"    "كيفية مشاهدة مباراة السعودية والنرويج في كأس العالم للشباب 2025 بث مباشر"    قرار من النيابة ضد المتهم بالتعدي على آخر في حدائق القبة وبحوزته سلاحان ناري وأبيض    الجامعة البريطانية وبرنامج الأمم المتحدة يطلقان النسخة الرابعة من محاكاة قمة المناخ COP30    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بالذكرى المئوية للعلاقات بين مصر وتركيا    وزارة الحج والعمرة: جميع أنواع التأشيرات تتيح أداء مناسك العمرة    البابا تواضروس الثاني يزور إيبارشية أبوتيج وصدقا والغنايم    31 مرشحًا خضعوا للكشف الطبي بالفيوم.. ووكيلة الصحة تتفقد لجان الفحص بالقومسيون والمستشفى العام    بالصور/ مدير امانه المراكز الطبية المتخصصة" البوابة نيوز"..نرفع الطوارئ على مدار 24 ساعة لاستقبال حوادث المواصلات بالطريق الزراعى والدائري..القوى البشرية بقليوب التخصصى لا يستهان بها    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    سعر السمك البلطى والكابوريا والجمبرى في الأسواق اليوم الاثنين 6 أكتوبر 2025    ترقي وإعادة تعيين المعلمين 2025.. «الأكاديمية» تحدد مواعيد جديدة لاختبارات الصلاحية    هناك من يحاول التقرب منك.. حظ برج القوس اليوم 6 أكتوبر    أسعار الذهب في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 6 أكتوبر 2025    فنانة تصاب ب ذبحة صدرية.. أعراض وأسباب مرض قد يتطور إلى نوبة قلبية    على زعزع يخضع للتأهيل فى مران مودرن سبورت    بدر محمد بطل فيلم ضي في أول حوار تلفزيوني: الاختلاف قد يكون ميزة    لحظة تهور سائق في زفة بكرداسة تنتهي بالقبض عليه.. إنفوجراف    أمين الإفتاء: الصبر على الزوجة والتحمل والاجتهاد في الموعظة له أجر وثواب من الله    تعرف على مواقيت الصلاة غد الاثنين 6-10-2025 في محافظة قنا    رمضان 2026.. تعرف على موعد حلول الشهر الكريم وعدد أيامه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم بين 1948 و2024 هل حان الوقت لإعلان وفاة المنظمات الدولية؟

فى تصريحات سابقة لنائب رئيس مجلس الأمن الروسى، دميترى مدفيديف، أكد فيها أن الأسس العالمية التى تأسست بعد الحرب العالمية الثانية وكان نتاجها الأسس والمنظمات الدولية التى تسيطر على العالم الآن قد حان وقتها لأن تندثر لينتج عنها نظام عالمى جديد، إن الأمم المتحدة ستلقى بنفس مصير «عصبة الأمم» التى تشكلت عام 1919 بعد الحرب العالمية الأولى وانعقاد مؤتمر الصلح بباريس آنذاك، وحلت بنهاية الحرب العالمية الثانية فى 1946، لتأخذ الأمم المتحدة مكانها، تصريحات مدفيدفيف لم تكن الوحيدة التى أشارت إلى هذا التنبؤ، إن صح القول، فقد سبقها توقع آخر للباحث السياسى الألمانى ألكسندر راهر، بإنشاء بديل للأمم المتحدة ومقره إحدى عواصم دول بريكس.

هذه التصريحات أو التنبؤات، جاءت قبل عامين من حرب غزة التى شهدت العديد من الانقسامات الدولية داخل أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، فلم يكن حق الفيتو الأمريكى للإدانات الإسرائيلية حول مجازر غزة هو من سعى إلى التأكد من هذا المستقبل القريب للمنظمات الدولية، لكنه كشف «عجز» هذه الدوائر فى تطبيق النظام العالمى والقوانين الدولية، وكان خير دليل على ذلك مشهد تمزيق سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة «جلعاد إردان» لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها أمام العالم كله وكذلك تصريحاته الأخيرة بأن الأمم المتحدة «منظمة إرهابية»، فهل حان الوقت لتشهد المنظمات العالمية مصير «عصبة الأمم»؟ وما الشكل العام الجديد الذى نحن على مشارف مشاهدته؟
منظمات عالمية «إرهابية»
فى تصاعد حدة التوتر بين إسرائيل والأمم المتحدة وسط الصراع الدائر فى غزة، أدلى سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، بتصريحات استفزازية، واصفًا الأمم المتحدة بأنها «منظمة إرهابية».
وفقًا لصحيفة «فايننشال تايمز»، يتهم إردان الأمم المتحدة بالتعاون مع حركة حماس فى غزة حيث يزعم سفير دولة الاحتلال أن الأمم المتحدة توفر الغطاء لحماس وينتقد إسرائيل بشكل غير عادل.
جاء تصريح سفير دولة الاحتلال فى أعقاب استهداف المقر الرئيسى لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فى القدس الشرقية فى هجمات حرق متعمدة، بمشاركة قوميين يهود متطرفين فى هذه الأحداث.
هذه الأزمة لم تكن الأولى التى تواجهها الأمم المتحدة، ففى أعقاب الحرب الروسية- الأوكرانية ظهر الصراع بين واشنطن وموسكو على المنظمة الدولية ايضًا، وتحديدًا فى مجلس الأمن، وذلك على خلفية أنباء تؤكد أن الولايات المتحدة تسعى إلى شطب اسم روسيا من قائمة الأعضاء الدائمين للمنظمة وشدد نائب مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، دميترى بوليانسكى، على أنه «لن يتمكن أحد من نزع حق النقض من روسيا بمجلس الأمن»، فيما اعتبره محللون ردًا على المندوبة الأمريكية ليندا توماس جرينفيلد، التى دعت إلى «إصلاح مجلس الأمن»، منتقدة ما اعتبرته «إفراطا من روسيا فى استخدام الفيتو».
فى معرض إجابته عن سؤال، حول ما إذا كان يمكن حرمان روسيا من حق النقض، قال دميترى بوليانسكى: «بالطبع لا، لا توجد مثل هذه الآلية التى تسمح بذلك، ودون روسيا فى هذه الحالة يجب إعادة بناء الأمم المتحدة من جديد».
واستطرد: «لا أستطيع حتى أن أتخيل كيف يمكن أن تبدو هذه العملية دون أن يصحبها التدمير الكامل لجميع أسس العلاقات الدولية الحديثة، والجميع يدركون ذلك».
بوليانسكى نوه إلى أن روسيا «تبدى موقفها الخاص من إصلاح مجلس الأمن الدولى، ليتسع تمثيل دول إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية فيه».
وفى الإطار ذاته قال نائب رئيس مجلس الأمن الروسى، دميترى مدفيديف: «إن الولايات المتحدة ستعانى من عذاب شديد إذا حاولت التعدى على صلاحيات الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن الدولى»، مشيرًا إلى أن «مصير الأمم المتحدة سيكون حينها مشابهًا لمصير عصبة الأمم».
إعادة التاريخ
حرب روسيا وأوكرانيا لم تكن نهاية لهذه الأزمات المتعددة التى أثبتت «عجز» المنظمات والقانون الدولى فى مواجهاتها، حيث جاءت حرب غزة التى أكدت على فشل تطبيق القانون الدولى، فبعد أن تخطى عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة ووصل ضحايا الإبادة الجماعية إلى أكثر من 35 ألف فلسطينى و80 ألف مصاب منذ 7 أكتوبر الماضى فى غزة، فضلًا عن عمليات التهجير القصرى التى يرتكبها جيش الاحتلال للفلسطينيين، أصبح الشغل الشاغل للمهتمين بالشأن السياسى على مستوى العالم التوقع بأن العالم على شفا حرب عالمية ثالثة إن لم نكن نخوض غمارها الآن، فى ظل المخاطر التى تتهدد العالم مع انتشار الحروب والصراعات المسلحة التى شملت كل مناطق العالم، وهو ما يستدعى الذاكرة التاريخية للحروب فى العالم.
اختلال ميزان العدل الدولى
وفى الواقع إن الحرب العالمية الأولى التى وقعت قبل أكثر من مائة عام بقليل، ما زالت حاضرة فى الذاكرة السياسية والعسكرية للإنسانية والعالم، كما أن الحرب العالمية الثانية التى وقعت منتصف القرن الماضى، هى الأخرى تهيمن على واقعنا السياسى والعسكرى والأمنى المعاصر، وتنذر بويلاتها ومآسيها التى عايشها العالم من تكرار تجارب الحروب الكبرى، أو ما يعرف ب«الحروب العالمية»، نظرًا لاتساع حجم الدول المنخرطة فيها، أو لارتفاع أعداد الضحايا وحجم الدمار والمآسى المصاحبة لها، والأمر يتكرر الآن مع اتساع دوائر الصراع فى العالم فيما يطرح سؤالًا: العالم إلى أين وخاصة أن النظام العالمى السارى منذ عام 1948 على شفا الانهيار، والبشرية تعانى فوضى عالمية غير مسبوقة وحربًا عالمية ثالثة وشيكة ستضع ميثاقًا جديدًا لتهديدات بقاء البشرية، مع استخدام القوة العسكرية لتفكيك الدول وإعادة توحيدها، وأصبحت فعالية القانون الدولى والمنظمة الدولية استثناءً.
حروب القوى العظمى حولت الأمم المتحدة من منظمة للحفاظ على السلام والأمن الدوليين إلى منتدى للمجادلات الدعائية العقيمة التى فى الأغلب لا يهتم بها الكثيرون بل أكدت اختلال ميزان العدل الدولى، ورغم أن الكثير من الخبراء والساسة يؤكدون أن العالم أصبح أكثر تحصينًا من أى وقت مضى ضد الوقوع فى حرب عالمية أخرى، بعد استيعابه دروس الحربين العالميتين الأولى والثانية، وما اقترفته البشرية من دمار استمر لعقود طويلة، لا سيما أن العالم يعيش اليوم فى كنف منظومة دولية راسخة ومستقرة، إلا أن التقارير العسكرية العالمية تؤكد أن النظام الدولى ينهار والمؤسسات الدولية تم تعطيلها أو إضعافها عمدًا ولا تؤدى وظيفتها.
الانهيار القادم
وفق التقرير الصادر من منظمة العفو الدولية فى 24 أبريل الماضى، تحت عنوان «منظمة العفو الدولية تدق ناقوس الخطر بشأن المنعطف التاريخى الحاسم الذى يواجهه القانون الدولى فى ظل الانتهاكات الصارخة من جانب الحكومات والشركات» أكد أن العالم الآن فى مفترق الطرق وأن المؤسسات الدولية تم تعطيلها أو إضعافها عمدًا ولا تؤدى وظيفتها فى حماية الشعوب بعد العديد من الانتهاكات الناجمة عن الصراعات على مستوى العالم، خاصة بين فلسطين وإسرائيل، واستنتجت منظمة العفو الدولية أن النظام الدولى الذى أنشئ بعد عام 1948 على وشك الانهيار وحافته، وأن جميع المؤسسات الدولية التى تم إنشاؤها لحماية السلام والأمن فى العالم لا تؤدى وظيفتها.
إن منظمة العفو الدولية اعترفت بأن الولايات المتحدة الأمريكية -فى سبيل حماية إسرائيل من التدقيق الدولى- قامت بإضعاف مجلس الأمن بالأمم المتحدة، وكذلك الشأن بالنسبة لمحكمة العدل الدولية، وأن حرب إسرائيل على فلسطين واستخدام الذكاء الاصطناعى فى الحرب لقتل النساء والأطفال حتى الرضع منهم، وأزمات إنسانية وغيرها فى أجزاء أخرى من العالم تثبت الانهيار المحتمل، كالحرب بين روسيا وأوكرانيا والأزمة فى السودان وإثيوبيا، وكان تحرك المؤسسات الدولية بطيئًا للغاية لا يتناسب مع التهديد، ثم درجات الخطر والانتهاك الحقيقى الجسيم للقانون الدولى الإنسانى.
عجز القانون الدولى أمام المصالح
وفى الحقيقة إن نظام العلاقات الدولية الحالى لا يقوم على قواعد القانون الدولى والمؤسسات الدولية، بل يعتمد على التوزيع الفعلى لموازين القوى بين الدول الكبرى وتحالفاتها ومصالحها المشتركة، وهذا بالضبط ما أصاب القانون الدولى فى مقتل وانتقص من فعالية وقابلية تطبيق قواعده، وذلك منذ الفترة التى تلت نهاية الحرب العالمية الثانية التى كان من نتاجها أن القوى العظمى سوف تعمل بشكل مشترك على الحفاظ على السلام العالمى وحل النزاعات الدولية على أساس ميثاق الأمم المتحدة لمنع نشوب حرب عالمية ثالثة جديدة.
بيد أن ذلك النظام العالمى انهار بسرعة وسط المواجهة بين القوتين العظمتين بعد الحرب العالمية الثانية هما الاتحاد السوفييتى قبل تفككه - والولايات المتحدة الأمريكية فى أوروبا ثم فى مختلف أنحاء العالم ثم استئثار سيطرة القطب الواحد الأمريكى على كوكب الأرض وتهميشه لقوى جديدة ظهرت فى عصرنا الحديث.
النظام فى خدمة القوى العظمى
إن القوى العظمى فى تنافسها العالمى، انتهكت بشكل تعسفى قواعد القانون الدولى، والسلامة الإقليمية والسيادة وحق الدول فى تقرير المصير، فقد استُخدمت القوة العسكرية تحت ستار شعارات أيديولوجية، وكانت حدود الدول تتغير باستمرار، وتم استخدام القوة العسكرية لتفكيك الدول وإعادة توحيدها (كوريا وفيتنام والشرق الأوسط والأدنى وباكستان والقرن الأفريقى، وغيرها) وفى كل صراع، كانت الولايات المتحدة الأمريكية على قمته بتقديمها مساعدات عسكرية مباشرة لحلفائها فى الشرق أو الغرب، وكان أبرزها إسرائيل فى الإبادة الجماعية للمدنيين فى قطاع غزة بفلسطين، فضلًا عن السباق غير المسبوق فى الأسلحة النووية والتقليدية حتى الأسلحة الفضائية، ومواجهة مسلحة بين القوى العظمى وحلفائها فى جميع القارات وفى جميع المحيطات، وهو سباق تسبب فى تكاليف اقتصادية ضخمة لجميع الدول.
وتعتبر السنوات الأخيرة من القرن الحادى والعشرين أكدت وبوضوح أن قواعد القانون الدولى والمؤسسات الدولية لا تعمل إلا على سبيل الاستثناء، وفى تلك الحالات النادرة عندما تتيقن القوى الكبرى من مصلحتها المشتركة، وبخلاف هذا الأمر فلا احترام لقواعد وأحكام القانون الدولى وبهذه المثابة فإن الأمن القومى للدول، يتعرض للتهديد واحتمال نشوب حرب نووية عالمية ليس بعديًا، حيث أصبح التهديد النووى بين القوى العظمى هو الأمر المعتاد ويمكن أن نرى العدو الإسرائيلى داخل هذه الدائرة وبكبسة زر واحد من قبل «المختل الإسرائيلى» يمكن أن تنهى شعوب المنطقة كلها.
الحرب العالمية القادمة
وفق خبراء فإن حربًا عالمية ثالثة وشيكة سوف تضع ميثاقًا جديدًا للمجتمع الدولى، ونأمل ألا تكون هناك حاجة إلى حرب عالمية ثالثة لوضعه، ذلك إن شعوب الكرة الأرضية تعترف اعترافًا مؤلمًا بالتحديات التى تهدد بقاء البشرية وازدهارها وللقضاء على الواقع المحموم للعالم الإنسانى المعاصر، وهو ما يتوقف على الوعى العام العالمى وقوة تأثيره لوضع نموذج جديد للقانون الدولى وقواعده وأحكامه باعتباره القانون الفعلى لمجتمع دولى حقيقى فى ظل سيادة القانون الدولى سيادة فعلية تكفل للشعوب العيش فى أمان وعدل، كما يكفل للدول سيادتها دون تدخل وانتهاء احتلال المصالح لتحديد أهداف القوى الدولية.
ملامح النظام العالمى الجديد
فى تصريحات للوزير اللبنانى والدبلوماسى السابق فى الأمم المتحدة غسان سلامة، قال فيها إن الأمم المتحدة ومجلس الأمن تحديدًا فى حالة «شلل تام» أمام الحروب القائمة، وأضاف سلامة فى مناقشة كتابه تحت مسمى «إغراء المريخ: الحرب والسلام فى القرن الحادى والعشرين» إن شلل المنظمات الأممية دام لفترة طويلة خلال فترة الحرب الباردة، بسبب الصراع بين واشنطن وموسكو. وكان من المأمول أن يستعيد المجلس وظيفته الأساسية كضامن للأمن الجماعى على المستوى العالمى إثر سقوط جدار برلين عام 1990. وهو ما فعله المجلس وعلى نطاق واسع، لا سيما عبر تنظيم عملية تحرير الكويت عام 1990، باتخاذ 12 قرارًا لم تكتفِ بحشد 65 دولة فحسب، بل أيضًا بوضع حدود وأهداف واضحة للعملية. كما قام بذلك فى حالات أخرى مع صعوبات وإخفاقات، مثل رواندا والبوسنة.
إلا أن الثابت أن الحد الأدنى من الثقة اللازمة لكى يعمل المجلس بشكل مجدٍ لم يعد موجودًا. فاليوم لم يعد الغرب يثق فى فلاديمير بوتين، وينظر الأمريكيون بعين الحذر إلى الصين، بينما تنظر موسكو وبكين إلى خطط واشنطن للعالم بكثير من الارتياب. لذلك وحين تنهار الثقة المتبادلة بين القوى الكبرى التى لها مقعد دائم وحق النقض، يصاب مجلس الأمن بالشلل، وهذا هو حال اليوم بشأن أوكرانيا، إذ يصعب المضى قدمًا فى ظل عرقلة روسيا لكل ما يمكن تقريره. ونفس الحال بالنسبة للحرب فى غزة، فكما رأينا، لا يمكن لمجلس الأمن أن يكون فعالا مع حق النقض الذى تمتلكه الولايات المتحدة المنحازة بشكل كلى لإسرائيل. إن حساسية مجلس الأمن مرتبطة بشدة بطبيعة العلاقات بين القوى الكبرى، وهذا ما يختلف عن باقى منظمات الأمم المتحدة.
ووفق تقديرات للكاتب الروسى يفجينى بوزنياكوف، فى صحيفة «فزجلياد»، حول توقع الباحث السياسى الألمانى ألكسندر راهر إنشاء بديل للأمم المتحدة، حيث أوضح بوزنياكوف أن الرئيس الأمريكى جو بايدن عزم على مناقشة تغيير هيكلية مجلس الأمن الدولى فى الجمعية العامة للأمم المتحدة. وذلك عقب تصريحات جون كيربى، منسق الاتصالات الاستراتيجية فى مجلس الأمن القومى بالبيت الأبيض، فى مقابلة مع صحيفة تلجراف. ووفقًا له، ترى الولايات المتحدة أن مجلس الأمن يجب أن يصبح «أكثر تمثيلًا وشمولًا».
وكانت موسكو تؤيد إجراء تغييرات فى هيكلية مجلس الأمن الدولى. ففى يونيو الماضى، قال وزير الخارجية سيرجى لافروف: إن توسيع مجلس الأمن يجب أن يكون بإضافة دول من آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية إليه إلا أن سعى الولايات المتحدة يختلف شكلًا ومضمونًا عن أهداف روسيا، إلا أن الأهداف من أجل إصلاح مجلس الأمن الدولى شكل من أشكال المواجهة بين الدول الرائدة فى العالم من أجل النظام العالمى المستقبلى. فالآن يتقرر ما سنراه على الساحة الدولية فى غضون عشر إلى عشرين عامًا، هل سيكون عالمًا متعدد الأقطاب أم أحادى القطب؟ ووفق بوزنياكوف، فإن دول الجنوب العالمى تصر على أن تُمثّل فى مجلس الأمن، على قدم المساواة مع الدول الغربية. وجو بايدن مستعد لتقديم تنازلات لإفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا وأستراليا، لكن ليس مع إضافة أعضاء يتمتعون بحق النقض إلى مجلس الأمن.
ومن الواضح أن الولايات المتحدة ستحاول توسيعه بإضافة موالين لواشنطن بدرجة ما. وفى الوقت نفسه، فإن ألمانيا تريد أيضًا شغل كرسى فى مجلس الأمن الدولى.
إصلاح منظومة مجلس الأمن الذى تسعى إليه الدول العظمى من المؤكد أنه لن يكون وفق تقديراتهم، فإفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا لن ترضى بتوسيع مجلس الأمن الدولى دون منحها حق النقض.
ووفق تقديرات الكاتب الروسى يفجينى بوزنياكوف، والمؤرخ السياسى الألمانى ألكسندر راهر فإنه على الأرجح، سوف يبدأ النظام العالمى «بالانقسام إلى طبقات». حملة «الديمقراطيات ضد الديكتاتوريات» التى أعلنها جو بايدن لن تؤدى إلا إلى تفاقم الوضع. وعلى الأرجح، فى المستقبل القريب، سيشهد العالم هيئتين منفصلتين من الأمم المتحدة. ستكون إحداها مع أمريكا ومقرها نيويورك؛ والثانية تمثل حقوق الجنوب العالمى وسيكون مقرها فى إحدى عواصم دول بريكس.
2


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.