الفنان حسام عزت يتقدم ببلاغ ضد مصطفى كامل بسبب انتخابات الموسيقيين    مفتي الجمهورية يشارك في اجتماع اللجنة الاستشارية لجامعة سنغافورة للدراسات الإسلامية    «القومي للمرأة» يهنئ إيمان أنيس لتنصيبها نائباً للأمين العام للاتحاد الأفروآسيوي    أستاذ اقتصاد: ملف الطاقة يشكل قضية محورية وحماية للأمن القومي المصري    مرشحة بانتخابات البورصة: سأعمل على تعزيز التوعية المالية    «رحمي»: القيادة السياسية حريصة على النهوض بقطاع «المشروعات» وتطويره    قاصد محمود: مشروع إيران النووى قائم.. ونتنياهو فشل في فرض السيطرة الكاملة    وزير الداخلية ونظيره الصربي يشهدان توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مكافحة الجريمة    «مارك روته»: البيان الختامي للناتو يؤكد التزام الحلف بدعم أوكرانيا ماليا    الزمالك يجدد محاولاته لضم حارس الأهلي    تقارير- موقف مدافع الهلال من مواجهة باتشوكا    نجم الزمالك السابق: زيزو أفضل لاعب أهلاوي في مونديال الأندية    سقطت من شرفة منزلها.. مصرع طفلة بالعمرانية    القبض على عاطل يقوم بالاتجار في المواد المخدرة بنجع الخطباء في الأقصر    لماذا نشعر بدرجات حرارة أعلى من المعلنة؟.. هيئة الأرصاد توضح    حكومة الانقلاب فشلت في مواجهتها..الكلاب الضالة تهدد حياة المواطنين فى الشوارع    إيرادات الإثنين.. "المشروع X" يواصل تصدره و"في عز الضهر" يتجاوز 2 مليون جنيه    بالعلم الفلسطيني وصوت العروبة.. صابر الرباعي يبعث برسالة فنية من تونس    تفاصيل ظهور شيرين رضا في فيلم «الشاطر» بطولة أمير كرارة    الأزهر يعرب عن تضامنه مع قطر الشقيقة ويطالب بضرورة احترام استقلال الدول    لجنة تفتيش مكبرة لمراجعة أعمال مستشفى أحمد ماهر والجمهورية    وكيل صحة القليوبية: يجب تكثيف الجهود لتحسين الخدمات المقدمة للمرضى    محافظ المنوفية يشهد عدد من الافتتاحات بمستشفى أشمون العام    الهروب إلى النوافير.. درجات الحرارة تقارب ال 100 درجة بواشنطن الأمريكية    شركة طيران العال الإسرائيلية تنظم جسرا جويا لإعادة آلاف الإسرائيليين بعد وقف إطلاق النار مع إيران    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المشروعات والفرص الاستثمارية بمحافظة دمياط    تأجيل جلسة محاكمة «توربيني كفر الدوار» لجلسة الغد    «بزعم إجراء عملية جراحية لنجلتها».. ضبط «مستريحة المحلة الكبرى» بعد الاستيلاء على 3 ملايين جنيه    «ثورة 30 يونيو وبناء الجمهورية الجديدة» في احتفالية ب أسيوط    هالة السعيد: 5.5% نموًا في شركات التكنولوجيا المالية منذ 2018 بدعم من الشمول المالي    رسميًا.. أحمد سامي مديرًا فنيًا لنادي الاتحاد السكندري    يجمع محمد فراج وزينة لأول مرة.. التفاصيل الكاملة لمسلسل «في رواية أحدهم: ورد وشيكولاتة»    «بحبكم برشا».. أول تعليق من مي عمر على تكريمها من مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس    قاصد محمود: مشروع إيران النووى قائم.. ونتنياهو فشل فى فرض السيطرة الكاملة    هيمنة بلا فاعلية.. الأهلي يدفع ثمن إهدار الفرص أمام بورتو (فيديو وصور)    ضعف لياقة مبابي يؤخر عودته لتشكيلة ريال مدريد    تغيير موعد المؤتمر الصحفي للإعلان عن مدرب منتخب اليد الإسباني باسكوال    «السياحة» تشارك في اجتماعات الهيئات الفرعية لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ    جامعة القاهرة تطلق خريطة أنشطتها الصيفية لدعم إبداعات الطلاب واكتشاف مواهبهم    "مصر.. متحف مفتوح".. فعالية جديدة لصالون نفرتيتي الثقافي في قصر الأمير طاز    دمشق تودّع شهداء كنيسة مار إلياس.. صلاة رحيلهم وزيارات للمصابين    استئصال ورم ليفي ضخم يزن أكثر من 3 كجم من رحم سيدة بمستشفى قنا العام    الأمن الاقتصادي: ضبط 1257 قضية ظواهر سلبية.. و1474 سرقة تيار كهربائي    هل القرض حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    المفوضية الأوروبية ترحب بالإعلان عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل    مركز البحوث الطبية والطب التجديدي يوقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنصورة الأهلية    انتهاء اختبار مادة اللغة الأجنبية الثانية لطلاب الثانوية العامة النظام القديم    قبل الإعلان الرسمي.. كيركيز يجتاز الكشف الطبي في ليفربول    تنسيق القبول بالصف الأول الثانوي محافظة الغربية للعام الدراسي الجديد    إزالة 10 تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة ضمن الموجة 26 بالشرقية    رئيس "المستشفيات التعليمية" يقود حملة تفتيش ب"أحمد ماهر" و"الجمهورية" لرفع كفاءة الخدمة    «هانتونج» الصينية توقع عقد بناء سفينتين جديدتين للصب الجاف في مصر    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    البحرين وبريطانيا تؤكدان ضرورة تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لوقف التصعيد العسكري    سلمى أبو ضيف: «مش مقتنعة بالخطوبة واتجوزت على طول عشان مضيعش وقت»    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    سى إن إن عن مسئول إيرانى: إسرائيل تواصل الهجمات ولم نتلق مقترحات لوقف إطلاق النار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم بين 1948 و2024 هل حان الوقت لإعلان وفاة المنظمات الدولية؟

فى تصريحات سابقة لنائب رئيس مجلس الأمن الروسى، دميترى مدفيديف، أكد فيها أن الأسس العالمية التى تأسست بعد الحرب العالمية الثانية وكان نتاجها الأسس والمنظمات الدولية التى تسيطر على العالم الآن قد حان وقتها لأن تندثر لينتج عنها نظام عالمى جديد، إن الأمم المتحدة ستلقى بنفس مصير «عصبة الأمم» التى تشكلت عام 1919 بعد الحرب العالمية الأولى وانعقاد مؤتمر الصلح بباريس آنذاك، وحلت بنهاية الحرب العالمية الثانية فى 1946، لتأخذ الأمم المتحدة مكانها، تصريحات مدفيدفيف لم تكن الوحيدة التى أشارت إلى هذا التنبؤ، إن صح القول، فقد سبقها توقع آخر للباحث السياسى الألمانى ألكسندر راهر، بإنشاء بديل للأمم المتحدة ومقره إحدى عواصم دول بريكس.

هذه التصريحات أو التنبؤات، جاءت قبل عامين من حرب غزة التى شهدت العديد من الانقسامات الدولية داخل أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، فلم يكن حق الفيتو الأمريكى للإدانات الإسرائيلية حول مجازر غزة هو من سعى إلى التأكد من هذا المستقبل القريب للمنظمات الدولية، لكنه كشف «عجز» هذه الدوائر فى تطبيق النظام العالمى والقوانين الدولية، وكان خير دليل على ذلك مشهد تمزيق سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة «جلعاد إردان» لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها أمام العالم كله وكذلك تصريحاته الأخيرة بأن الأمم المتحدة «منظمة إرهابية»، فهل حان الوقت لتشهد المنظمات العالمية مصير «عصبة الأمم»؟ وما الشكل العام الجديد الذى نحن على مشارف مشاهدته؟
منظمات عالمية «إرهابية»
فى تصاعد حدة التوتر بين إسرائيل والأمم المتحدة وسط الصراع الدائر فى غزة، أدلى سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، بتصريحات استفزازية، واصفًا الأمم المتحدة بأنها «منظمة إرهابية».
وفقًا لصحيفة «فايننشال تايمز»، يتهم إردان الأمم المتحدة بالتعاون مع حركة حماس فى غزة حيث يزعم سفير دولة الاحتلال أن الأمم المتحدة توفر الغطاء لحماس وينتقد إسرائيل بشكل غير عادل.
جاء تصريح سفير دولة الاحتلال فى أعقاب استهداف المقر الرئيسى لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فى القدس الشرقية فى هجمات حرق متعمدة، بمشاركة قوميين يهود متطرفين فى هذه الأحداث.
هذه الأزمة لم تكن الأولى التى تواجهها الأمم المتحدة، ففى أعقاب الحرب الروسية- الأوكرانية ظهر الصراع بين واشنطن وموسكو على المنظمة الدولية ايضًا، وتحديدًا فى مجلس الأمن، وذلك على خلفية أنباء تؤكد أن الولايات المتحدة تسعى إلى شطب اسم روسيا من قائمة الأعضاء الدائمين للمنظمة وشدد نائب مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، دميترى بوليانسكى، على أنه «لن يتمكن أحد من نزع حق النقض من روسيا بمجلس الأمن»، فيما اعتبره محللون ردًا على المندوبة الأمريكية ليندا توماس جرينفيلد، التى دعت إلى «إصلاح مجلس الأمن»، منتقدة ما اعتبرته «إفراطا من روسيا فى استخدام الفيتو».
فى معرض إجابته عن سؤال، حول ما إذا كان يمكن حرمان روسيا من حق النقض، قال دميترى بوليانسكى: «بالطبع لا، لا توجد مثل هذه الآلية التى تسمح بذلك، ودون روسيا فى هذه الحالة يجب إعادة بناء الأمم المتحدة من جديد».
واستطرد: «لا أستطيع حتى أن أتخيل كيف يمكن أن تبدو هذه العملية دون أن يصحبها التدمير الكامل لجميع أسس العلاقات الدولية الحديثة، والجميع يدركون ذلك».
بوليانسكى نوه إلى أن روسيا «تبدى موقفها الخاص من إصلاح مجلس الأمن الدولى، ليتسع تمثيل دول إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية فيه».
وفى الإطار ذاته قال نائب رئيس مجلس الأمن الروسى، دميترى مدفيديف: «إن الولايات المتحدة ستعانى من عذاب شديد إذا حاولت التعدى على صلاحيات الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن الدولى»، مشيرًا إلى أن «مصير الأمم المتحدة سيكون حينها مشابهًا لمصير عصبة الأمم».
إعادة التاريخ
حرب روسيا وأوكرانيا لم تكن نهاية لهذه الأزمات المتعددة التى أثبتت «عجز» المنظمات والقانون الدولى فى مواجهاتها، حيث جاءت حرب غزة التى أكدت على فشل تطبيق القانون الدولى، فبعد أن تخطى عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة ووصل ضحايا الإبادة الجماعية إلى أكثر من 35 ألف فلسطينى و80 ألف مصاب منذ 7 أكتوبر الماضى فى غزة، فضلًا عن عمليات التهجير القصرى التى يرتكبها جيش الاحتلال للفلسطينيين، أصبح الشغل الشاغل للمهتمين بالشأن السياسى على مستوى العالم التوقع بأن العالم على شفا حرب عالمية ثالثة إن لم نكن نخوض غمارها الآن، فى ظل المخاطر التى تتهدد العالم مع انتشار الحروب والصراعات المسلحة التى شملت كل مناطق العالم، وهو ما يستدعى الذاكرة التاريخية للحروب فى العالم.
اختلال ميزان العدل الدولى
وفى الواقع إن الحرب العالمية الأولى التى وقعت قبل أكثر من مائة عام بقليل، ما زالت حاضرة فى الذاكرة السياسية والعسكرية للإنسانية والعالم، كما أن الحرب العالمية الثانية التى وقعت منتصف القرن الماضى، هى الأخرى تهيمن على واقعنا السياسى والعسكرى والأمنى المعاصر، وتنذر بويلاتها ومآسيها التى عايشها العالم من تكرار تجارب الحروب الكبرى، أو ما يعرف ب«الحروب العالمية»، نظرًا لاتساع حجم الدول المنخرطة فيها، أو لارتفاع أعداد الضحايا وحجم الدمار والمآسى المصاحبة لها، والأمر يتكرر الآن مع اتساع دوائر الصراع فى العالم فيما يطرح سؤالًا: العالم إلى أين وخاصة أن النظام العالمى السارى منذ عام 1948 على شفا الانهيار، والبشرية تعانى فوضى عالمية غير مسبوقة وحربًا عالمية ثالثة وشيكة ستضع ميثاقًا جديدًا لتهديدات بقاء البشرية، مع استخدام القوة العسكرية لتفكيك الدول وإعادة توحيدها، وأصبحت فعالية القانون الدولى والمنظمة الدولية استثناءً.
حروب القوى العظمى حولت الأمم المتحدة من منظمة للحفاظ على السلام والأمن الدوليين إلى منتدى للمجادلات الدعائية العقيمة التى فى الأغلب لا يهتم بها الكثيرون بل أكدت اختلال ميزان العدل الدولى، ورغم أن الكثير من الخبراء والساسة يؤكدون أن العالم أصبح أكثر تحصينًا من أى وقت مضى ضد الوقوع فى حرب عالمية أخرى، بعد استيعابه دروس الحربين العالميتين الأولى والثانية، وما اقترفته البشرية من دمار استمر لعقود طويلة، لا سيما أن العالم يعيش اليوم فى كنف منظومة دولية راسخة ومستقرة، إلا أن التقارير العسكرية العالمية تؤكد أن النظام الدولى ينهار والمؤسسات الدولية تم تعطيلها أو إضعافها عمدًا ولا تؤدى وظيفتها.
الانهيار القادم
وفق التقرير الصادر من منظمة العفو الدولية فى 24 أبريل الماضى، تحت عنوان «منظمة العفو الدولية تدق ناقوس الخطر بشأن المنعطف التاريخى الحاسم الذى يواجهه القانون الدولى فى ظل الانتهاكات الصارخة من جانب الحكومات والشركات» أكد أن العالم الآن فى مفترق الطرق وأن المؤسسات الدولية تم تعطيلها أو إضعافها عمدًا ولا تؤدى وظيفتها فى حماية الشعوب بعد العديد من الانتهاكات الناجمة عن الصراعات على مستوى العالم، خاصة بين فلسطين وإسرائيل، واستنتجت منظمة العفو الدولية أن النظام الدولى الذى أنشئ بعد عام 1948 على وشك الانهيار وحافته، وأن جميع المؤسسات الدولية التى تم إنشاؤها لحماية السلام والأمن فى العالم لا تؤدى وظيفتها.
إن منظمة العفو الدولية اعترفت بأن الولايات المتحدة الأمريكية -فى سبيل حماية إسرائيل من التدقيق الدولى- قامت بإضعاف مجلس الأمن بالأمم المتحدة، وكذلك الشأن بالنسبة لمحكمة العدل الدولية، وأن حرب إسرائيل على فلسطين واستخدام الذكاء الاصطناعى فى الحرب لقتل النساء والأطفال حتى الرضع منهم، وأزمات إنسانية وغيرها فى أجزاء أخرى من العالم تثبت الانهيار المحتمل، كالحرب بين روسيا وأوكرانيا والأزمة فى السودان وإثيوبيا، وكان تحرك المؤسسات الدولية بطيئًا للغاية لا يتناسب مع التهديد، ثم درجات الخطر والانتهاك الحقيقى الجسيم للقانون الدولى الإنسانى.
عجز القانون الدولى أمام المصالح
وفى الحقيقة إن نظام العلاقات الدولية الحالى لا يقوم على قواعد القانون الدولى والمؤسسات الدولية، بل يعتمد على التوزيع الفعلى لموازين القوى بين الدول الكبرى وتحالفاتها ومصالحها المشتركة، وهذا بالضبط ما أصاب القانون الدولى فى مقتل وانتقص من فعالية وقابلية تطبيق قواعده، وذلك منذ الفترة التى تلت نهاية الحرب العالمية الثانية التى كان من نتاجها أن القوى العظمى سوف تعمل بشكل مشترك على الحفاظ على السلام العالمى وحل النزاعات الدولية على أساس ميثاق الأمم المتحدة لمنع نشوب حرب عالمية ثالثة جديدة.
بيد أن ذلك النظام العالمى انهار بسرعة وسط المواجهة بين القوتين العظمتين بعد الحرب العالمية الثانية هما الاتحاد السوفييتى قبل تفككه - والولايات المتحدة الأمريكية فى أوروبا ثم فى مختلف أنحاء العالم ثم استئثار سيطرة القطب الواحد الأمريكى على كوكب الأرض وتهميشه لقوى جديدة ظهرت فى عصرنا الحديث.
النظام فى خدمة القوى العظمى
إن القوى العظمى فى تنافسها العالمى، انتهكت بشكل تعسفى قواعد القانون الدولى، والسلامة الإقليمية والسيادة وحق الدول فى تقرير المصير، فقد استُخدمت القوة العسكرية تحت ستار شعارات أيديولوجية، وكانت حدود الدول تتغير باستمرار، وتم استخدام القوة العسكرية لتفكيك الدول وإعادة توحيدها (كوريا وفيتنام والشرق الأوسط والأدنى وباكستان والقرن الأفريقى، وغيرها) وفى كل صراع، كانت الولايات المتحدة الأمريكية على قمته بتقديمها مساعدات عسكرية مباشرة لحلفائها فى الشرق أو الغرب، وكان أبرزها إسرائيل فى الإبادة الجماعية للمدنيين فى قطاع غزة بفلسطين، فضلًا عن السباق غير المسبوق فى الأسلحة النووية والتقليدية حتى الأسلحة الفضائية، ومواجهة مسلحة بين القوى العظمى وحلفائها فى جميع القارات وفى جميع المحيطات، وهو سباق تسبب فى تكاليف اقتصادية ضخمة لجميع الدول.
وتعتبر السنوات الأخيرة من القرن الحادى والعشرين أكدت وبوضوح أن قواعد القانون الدولى والمؤسسات الدولية لا تعمل إلا على سبيل الاستثناء، وفى تلك الحالات النادرة عندما تتيقن القوى الكبرى من مصلحتها المشتركة، وبخلاف هذا الأمر فلا احترام لقواعد وأحكام القانون الدولى وبهذه المثابة فإن الأمن القومى للدول، يتعرض للتهديد واحتمال نشوب حرب نووية عالمية ليس بعديًا، حيث أصبح التهديد النووى بين القوى العظمى هو الأمر المعتاد ويمكن أن نرى العدو الإسرائيلى داخل هذه الدائرة وبكبسة زر واحد من قبل «المختل الإسرائيلى» يمكن أن تنهى شعوب المنطقة كلها.
الحرب العالمية القادمة
وفق خبراء فإن حربًا عالمية ثالثة وشيكة سوف تضع ميثاقًا جديدًا للمجتمع الدولى، ونأمل ألا تكون هناك حاجة إلى حرب عالمية ثالثة لوضعه، ذلك إن شعوب الكرة الأرضية تعترف اعترافًا مؤلمًا بالتحديات التى تهدد بقاء البشرية وازدهارها وللقضاء على الواقع المحموم للعالم الإنسانى المعاصر، وهو ما يتوقف على الوعى العام العالمى وقوة تأثيره لوضع نموذج جديد للقانون الدولى وقواعده وأحكامه باعتباره القانون الفعلى لمجتمع دولى حقيقى فى ظل سيادة القانون الدولى سيادة فعلية تكفل للشعوب العيش فى أمان وعدل، كما يكفل للدول سيادتها دون تدخل وانتهاء احتلال المصالح لتحديد أهداف القوى الدولية.
ملامح النظام العالمى الجديد
فى تصريحات للوزير اللبنانى والدبلوماسى السابق فى الأمم المتحدة غسان سلامة، قال فيها إن الأمم المتحدة ومجلس الأمن تحديدًا فى حالة «شلل تام» أمام الحروب القائمة، وأضاف سلامة فى مناقشة كتابه تحت مسمى «إغراء المريخ: الحرب والسلام فى القرن الحادى والعشرين» إن شلل المنظمات الأممية دام لفترة طويلة خلال فترة الحرب الباردة، بسبب الصراع بين واشنطن وموسكو. وكان من المأمول أن يستعيد المجلس وظيفته الأساسية كضامن للأمن الجماعى على المستوى العالمى إثر سقوط جدار برلين عام 1990. وهو ما فعله المجلس وعلى نطاق واسع، لا سيما عبر تنظيم عملية تحرير الكويت عام 1990، باتخاذ 12 قرارًا لم تكتفِ بحشد 65 دولة فحسب، بل أيضًا بوضع حدود وأهداف واضحة للعملية. كما قام بذلك فى حالات أخرى مع صعوبات وإخفاقات، مثل رواندا والبوسنة.
إلا أن الثابت أن الحد الأدنى من الثقة اللازمة لكى يعمل المجلس بشكل مجدٍ لم يعد موجودًا. فاليوم لم يعد الغرب يثق فى فلاديمير بوتين، وينظر الأمريكيون بعين الحذر إلى الصين، بينما تنظر موسكو وبكين إلى خطط واشنطن للعالم بكثير من الارتياب. لذلك وحين تنهار الثقة المتبادلة بين القوى الكبرى التى لها مقعد دائم وحق النقض، يصاب مجلس الأمن بالشلل، وهذا هو حال اليوم بشأن أوكرانيا، إذ يصعب المضى قدمًا فى ظل عرقلة روسيا لكل ما يمكن تقريره. ونفس الحال بالنسبة للحرب فى غزة، فكما رأينا، لا يمكن لمجلس الأمن أن يكون فعالا مع حق النقض الذى تمتلكه الولايات المتحدة المنحازة بشكل كلى لإسرائيل. إن حساسية مجلس الأمن مرتبطة بشدة بطبيعة العلاقات بين القوى الكبرى، وهذا ما يختلف عن باقى منظمات الأمم المتحدة.
ووفق تقديرات للكاتب الروسى يفجينى بوزنياكوف، فى صحيفة «فزجلياد»، حول توقع الباحث السياسى الألمانى ألكسندر راهر إنشاء بديل للأمم المتحدة، حيث أوضح بوزنياكوف أن الرئيس الأمريكى جو بايدن عزم على مناقشة تغيير هيكلية مجلس الأمن الدولى فى الجمعية العامة للأمم المتحدة. وذلك عقب تصريحات جون كيربى، منسق الاتصالات الاستراتيجية فى مجلس الأمن القومى بالبيت الأبيض، فى مقابلة مع صحيفة تلجراف. ووفقًا له، ترى الولايات المتحدة أن مجلس الأمن يجب أن يصبح «أكثر تمثيلًا وشمولًا».
وكانت موسكو تؤيد إجراء تغييرات فى هيكلية مجلس الأمن الدولى. ففى يونيو الماضى، قال وزير الخارجية سيرجى لافروف: إن توسيع مجلس الأمن يجب أن يكون بإضافة دول من آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية إليه إلا أن سعى الولايات المتحدة يختلف شكلًا ومضمونًا عن أهداف روسيا، إلا أن الأهداف من أجل إصلاح مجلس الأمن الدولى شكل من أشكال المواجهة بين الدول الرائدة فى العالم من أجل النظام العالمى المستقبلى. فالآن يتقرر ما سنراه على الساحة الدولية فى غضون عشر إلى عشرين عامًا، هل سيكون عالمًا متعدد الأقطاب أم أحادى القطب؟ ووفق بوزنياكوف، فإن دول الجنوب العالمى تصر على أن تُمثّل فى مجلس الأمن، على قدم المساواة مع الدول الغربية. وجو بايدن مستعد لتقديم تنازلات لإفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا وأستراليا، لكن ليس مع إضافة أعضاء يتمتعون بحق النقض إلى مجلس الأمن.
ومن الواضح أن الولايات المتحدة ستحاول توسيعه بإضافة موالين لواشنطن بدرجة ما. وفى الوقت نفسه، فإن ألمانيا تريد أيضًا شغل كرسى فى مجلس الأمن الدولى.
إصلاح منظومة مجلس الأمن الذى تسعى إليه الدول العظمى من المؤكد أنه لن يكون وفق تقديراتهم، فإفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا لن ترضى بتوسيع مجلس الأمن الدولى دون منحها حق النقض.
ووفق تقديرات الكاتب الروسى يفجينى بوزنياكوف، والمؤرخ السياسى الألمانى ألكسندر راهر فإنه على الأرجح، سوف يبدأ النظام العالمى «بالانقسام إلى طبقات». حملة «الديمقراطيات ضد الديكتاتوريات» التى أعلنها جو بايدن لن تؤدى إلا إلى تفاقم الوضع. وعلى الأرجح، فى المستقبل القريب، سيشهد العالم هيئتين منفصلتين من الأمم المتحدة. ستكون إحداها مع أمريكا ومقرها نيويورك؛ والثانية تمثل حقوق الجنوب العالمى وسيكون مقرها فى إحدى عواصم دول بريكس.
2


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.