لدينا مشكلة فى إعداد "مشروعات" القوانين الجديدة، وخاصة المتعلق منها بالضروريات التى لا يمكن الاستغناء عنها لكافة المواطنين.. ومنها "السكن"، فقد تعلمنا أن تصدر التشريعات – عامة ومجردة وتستهدف المصلحة العامة وتحقيق التوازن بين الأطراف المختلفة. ولا توجد مصلحة عُليا أكثر من الاستقرار النفسى للكافة والسلام الاجتماعى بين المواطنين، ومن ثم كان يجب على "المشرع" المجهول الذى وضع قانون الإيجارات الجديد أن يوازن بين مصلحة المالك للعقارات القديمة، وقدرة السكان على سداد الزيادة المطلوبة، مع نسبة الزيادة السنوية 15%!! نعم.. لقد تغيرت الظروف، ولا يمكن قبول استمرار القيمة الهزيلة للإيجارات القديمة فى أحياء (جاردن سيتى والزمالك والمهندسين) على سبيل المثال، والتى ينخفض بعضها إلى أقل من 5 جنيهات شهريا!. وأيضا لا يمكن "استيعاب" الزيادات الجديدة المبالغ فيها (ألف جنيه) فى المدن و(500) فى القرى، كحد أدنى، بالإضافة إلى نسبة الزيادة السنوية 15% لمدة خمس سنوات، وبعدها يحق للمالك طرد المستأجر!، والذى قد يكون قد تجاوز الثمانين من عمره ويعيش بقية عمره معتمدًا على معاشه الحكومى! والذى لا يتجاوز ال 5 آلاف جنيه! أعتقد أن "المستأجرين" – قدامى أو جددًا – ليس لديهم مانع من تحمل "القيمة العادلة" للأماكن المستأجرة والتى تتماشى مع الظروف الاقتصادية، والحد الأدنى للأجور، الذى حددته الدولة ولم يلتزم به أحد، فمازالت مرتبات خريجى الجامعات لا تتجاوز ال 5 آلاف جنيه، فما بالك بالحاصلين على الدبلوم والأقل تعليمًا؟! نعم.. يحسب للحكومة أنها بدأت فى فتح الملفات "المسكوت عنها" وعلى رأسها موضوع "الإيجارات القديمة" التى مضى على بعضها أكثر من 75 عاما، ولكن ليس معنى ذلك أن تقذف الحكومة ب "كرة ملغومة" فى ملعب البرلمان ليصدر التشريع المطلوب؟! فالمشرع "المجهول" "ساوى" بين الأماكن التجارية والسكنية فى تعديل العقود والقيمة الإيجارية، حيث أصدرت المحكمة الدستورية حُكم سابق للأماكن المؤجرة لغير السُكنى ومنحت المستأجرين خمس سنوات لتوفيق أوضاعهم، ثم حررت القيمة الإيجارية للعقود الجديدة، ولكن الوضع مختلف بالنسبة للأماكن السكنية، لا تدر عائدًا وإنما محملة بأعباء، حيث يضاف للزيادة المقترحة أعباء أخرى يتحملها المستأجر مثل فواتير الكهرباء والماء والغاز ورسوم النظافة.. وغيرها. بينما الأماكن غير السكنية التى يمكن استخدامها فى أنشطة مختلفة تدر عائد يتجاوز القيمة الإيجارية بكثير. المعلوم أن "الشخص" يحتاج إلى مسكن يأويه، ولقمة تسد جوعه، و"شربة ماء" تروى عطشه، ثم الرزق بيد الله. ولكن المشرع الجديد نسف "الأساس" وهو المأوى!!