إفطار المطرية: مائدة تتسع للجميع عمر البدرى – عاشور الزيات فى شهر رمضان المبارك، تتجلى أروع صور التكافل والتراحم بين أبناء الشعب المصري، حيث تنتشر حفلات الإفطار الجماعى فى كل مكان، وتتحول الشوارع والميادين إلى ساحات عامرة بالخير والعطاء. على الرغم من محاولة البعض لاستغلالها لتسويق أفكارهم ومنتجاتهم تظل هذه الحفلات رمزًا للوحدة الوطنية والتلاحم الاجتماعي، وفرصة للتعبير عن قيم التسامح والمحبة التى يتميز بها المجتمع المصري. فى قلب حى المطرية الشعبي، تحولت الشوارع إلى مائدة رمضانية عملاقة، اجتمع حولها الآلاف من الصائمين، فى مشهد يعكس روح التكافل والتلاحم الاجتماعي. لكن رغم البهجة التى كانت تسود القلوب والوجوه هناك، جاءت بعض المشاهد لتعكر صفو هذا المشهد الروحاني، مثل ظهور عدد من «البلوجرز» بحثا عن اللقطة، وأيضا إقامة عروض أزياء على «الكات ووك» لفريق «ريسكى بويز» وسط هذا الإفطار الشعبي. وقد أثار هذا العرض الذى تضمن ملابس مستوحاة من الأزياء المصرية التراثية فى الصعيد والفلاحين جدلاً واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تجاوز هذا الطقس الرمضانى دوره كعمل خيرى الهدف منه إفطار صائم إلى مناسبة لاستعراض وإقامة الفعاليات وهى الخطوة التى اعتبرها الكثيرون تجاوزًا للأعراف والتقاليد المرتبطة بهذا الشهر. ولم يكن هذا الموقف هو الوحيد الذى تخلل الحفل ، بل انتشرت ايضا مقاطع فيديو بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، تظهر أجواء احتفالية خلال إفطار المطرية، حيث احتشد الشباب فى الشوارع، ومارسوا رقصات على أنغام الموسيقى الشعبية، ما أضفى جوًا مختلفًا على الحدث، كما شهد الإفطار أيضًا حضور عدد من صناع المحتوى للمشاركة فى المائدة الجماعية من بينهم البلوجر أسما رؤوف وجنكيز المصرى وعدنان، وغيرهم. وأثار ظهور صناع المحتوى والعلامات التجارية الشهيرة مثل «بلبن» جدلًا واسعا ما بين من يرى أن ذلك هو محاولة لاستغلال حدث روحانى فى مكاسب مادية بينما يرى آخرون أنه ليس عيبا ان يشارك الجميع فى لمة الشهر الكريم. مائدة أسيوط: قلب واحد ينبض بالمحبة فى أسيوط، تحول كورنيش النيل إلى لوحة فسيفسائية بديعة، اجتمع فيها أكثر من 3000 شخص من مختلف أطياف المجتمع، فى أكبر مائدة إفطار جماعى شهدتها المحافظة. كان المنظم لهذا الحدث المهيب اللواء الدكتور هشام أبوالنصر، محافظ أسيوط، الذى أراد أن يجمع أبناء محافظته على مائدة واحدة، ليعزز روح التآخى والمحبة فى هذا الشهر الفضيل. كانت الأجواء مفعمة بالروحانية والود، حيث شارك فى الإفطار قيادات أمنية وتنفيذية وشعبية ودينية وشبابية، جنبًا إلى جنب مع المواطنين من مختلف القرى والمراكز والمدن. كان حضور رجال الدين من مختلف الطوائف، وعلى رأسهم الأنبا يوأنس والأنبا بسنتى والأنبا ثاؤفيلس والأنبا دانيال لطفى والقس رفيق ثابت، رمزًا لوحدة النسيج الوطنى فى أسيوط. ليلة من ليالى الألفة والخير فى الفيوم فى قلب الفيوم، حيث تتلاقى نسمات الربيع مع نفحات رمضان المبارك، وبينما تستعد المدينة للاحتفال بعيدها القومي، تفتحت قلوب أهلها لمبادرة خيرية غير مسبوقة. حيث اجتمع أكثر من 8 آلاف شخص على مائدة إفطار واحدة، لتجسد أروع معانى التكافل والتراحم. كانت الأجواء تفيض بالبهجة والسرور، حيث توافد الناس، منهم عابرو السبيل، ومنهم الأسر الأولى بالرعاية، ومنهم من جاء ليشارك إخوانه فرحة الشهر الكريم والعيد القومي. وبينما كان الأطفال يلهون ويمرحون، تبادل الكبار أطراف الحديث، وتشاركوا قصصهم وأحلامهم. كان فى مقدمة الحضور الدكتور أحمد الأنصاري، محافظ الفيوم، الذى حرص على مشاركة الأهالى هذه اللحظات الإيمانية والاجتماعية الفريدة. ليلة جمعت القلوب فى حب المنيا فى المنيا تجمعت قلوب الأهالى فى احتفال مهيب بالعيد القومى ال 106 للمحافظة. لم تكن هذه الليلة مجرد إفطار جماعي، بل كانت لوحة فنية رائعة تجسد روح الوحدة والتآخى بين أبناء هذه المحافظة العريقة. فى قلب الحدث، تألق اللواء عماد كدواني، محافظ المنيا، الذى حرص على مشاركة أبناء محافظته فرحتهم، محاطًا بكبار المسئولين والشخصيات العامة، وكأنهم عائلة واحدة تجتمع على مائدة رمضانية. أضفت الفقرات الفنية التى تخللت الحفل لمسة من البهجة والسرور، حيث صدحت حنجرة الفنان محمد صلاح بأجمل الأغانى الوطنية، وتراقصت أنامل كورال الأطفال على أوتار الفرح، لتعبر عن حبهم وانتمائهم لهذه الأرض الطيبة. لمة الخير تجمع أهالى الدقهلية فى الدقهلية اجتمع الأهالى على مائدة واحدة، «لمة خير» التى نظمتها مؤسسة «حياة كريمة». كان الحفل السنوى للإفطار الجماعى لشباب ومتطوعى المبادرة، الذين بذلوا جهودًا مضنية طوال العام لتغيير حياة الناس إلى الأفضل. كانت الأجواء مليئة بالبهجة والفرح، حيث شارك فى الإفطار 1800 شخص من مختلف الأعمار والخلفيات. وجلس الجميع على المائدة، يتناولون الطعام ويتسامرون، وكأنهم عائلة واحدة كبيرة. تجمع المحبة فى الإسماعيلية فى مشاهد رمضانية فريدة، تجلت روح التآخى والتكاتف فى محافظة الإسماعيلية، حيث أقام الآلاف من أبناء القرى موائد إفطار جماعية، تجسد أسمى معانى الوحدة والمحبة. ففى قرية الحجاز (الكيلو 2)، تجمع أكثر من ألف شخص من رجال ونساء وأطفال وكبار السن، فى حفل إفطار جماعى مهيب، تحت شعار «أسرة واحدة»، نظمه الأهالى بالتعاون مع بعض منظمات المجتمع المدني. وفى مركز ومدينة القصاصين، وتحديدًا فى قرية أم عزام، أقام الأهالى مائدة إفطار مجمعة بالتزامن مع افتتاح مسجد السيدة عائشة، حيث فضلوا الاحتفال بهذه المناسبة المباركة بتناول الإفطار فى ساحة المسجد الجديد. أما فى مدينة أبو صوير، فقد نظم مجموعة من شباب المدينة أول حفل إفطار جماعى تحت شعار «إفطار ولاد البلد»، بمشاركة حوالى ألف شخص من أبناء المدينة. فى أسوان تجمعت القلوب وفى أسوان، حرص اللواء دكتور إسماعيل كمال، محافظ أسوان، على مشاركتهم مائدة الإفطار الرمضانية، ليجسد بذلك أسمى معانى التلاحم والتآخي. بأجواء رمضانية دافئة، جلس المحافظ بجانب عماله، يتبادلون الابتسامات والكلمات الطيبة، بينما تُوزع الوجبات الشهية. كان الإفطار بمثابة لحظة تقدير وعرفان لجهود هؤلاء العمال الذين يسهرون على نظافة وجمال المدينة، ويضمنون سير الحياة اليومية بسلاسة. وعن رآيهم فى مثل هذه الحفلات يقول ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل إن مصر تتميز بالإفطار الجماعى على مر العصور عن غيرها من الدول العربية فهو يعكس روح المحبة والتأخى والألفة والمودة والرحمة ومساعدة الفقير وبث روح الطمأنينة بين فئات المجتمع، مؤكدا على أن هذه الروح موجودة عند المسلم والمسيحى بدليل أن هناك الكثير من الأخوة المسيحيين ينظمون سنويا مائدة إفطار للمسلمين وهذا ما يميز الشعب المصرى عن باقى شعوب العالم. وفى نفس السياق تقول د. سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس إن الإفطار الجماعى هو مظهر من مظاهر قوة العلاقات الاجتماعية بين الأقارب والفئات الاجتماعية المختلفة بشكل عام، مؤكدة أن إفطار رمضان بطقوسه المختلفة يعمل على إحياء العلاقات فى صورة التراحم والمودة والاحترام بالإضافة إلى الطقوس الدينية لأنه يؤدى إلى نمو الاحساس بالاخر متجليا فى تسامح وتقبل الآخر والتزاور والتراحم.