لم تحظ مطربة فى تاريخ الغناء العربي، بعد كوكب الشرق أم كلثوم بالشهرة والمكانة التي حصلت عليها المطربة اللبنانية الكبيرة فيروز، واسمها الحقيقي هو نهاد وديع حداد، من مواليد 21 نوفمبر عام 1935، وشكلت مع زوجها الراحل الموسيقار عاصي الرحباني وأخوه منصور الرحباني "المعروفين بالأخوين رحباني"، ثورة فى عالم الموسيقى والغناء العربي. وحصلت فيروز على أرفع الجوائز والأوسمة والنياشين، كما لقبت بالعديد من الألقاب ومنها "سفيرتنا إلى النجوم"، "جارة القمر"، و"جوهرة لبنان"، و"أرزة لبنان" للدلالة على رقي صوتها وتميزه. ويقول أحد القريبين من الرحابنة عن فيروز: «لها شخصية مزاجية وطبع قاس.. ليست سهلة المراس، لكنها كانت صبورة ومطيعة جدا مع زوجها عاصي، خاصة حين يتعلق الأمر بالعمل والغناء.. هنا كانت فيروز تسلم قيادتها للرجل الذي عمل على نحت موهبتها، وجعل منها أيقونة فى أعين جمهورها، ليس فقط بالعمل على الصوت والأداء، ولكن بتحديد كيفية ظهورها، ومتى تتكلم أو تحتجب». ولكن، فى نهاية السبعينيات، وعندما وصلت نجومية فيروز إلى أوجها بدأت تتمرد على عاصي، وأصبحت لها آراءها الفنية الخاصة بها، وبدأت تقوم بأشياء يرفضها عاصي، وهو الذي كانت تترك له كل صغيرة وكبيرة تتعلق بها، ولكن يبدو أن ما حدث كان بمثابة إنذار بقرب النهاية. وبعد فترة من الخلافات، وصل الزوجان إلى المحطة الأخيرة، وبالفعل انفصلت فيروز عن عاصي فى 1978، وعاش عاصي المريض فى رعاية بعض أقربائه". وبعدها بثماني سنوات، كانت آخر سطور فى حياة عاصي، عندما غادر العالم، وألحانه وفيروز، ولكن الفراغ الذي سببه لفيروز كان أكبر، رغم خلافاتهما والانفصال، لكنه كان يمثل ببساطة كل شيء لها. وفى حفل لفيروز بعد موت عاصي، كانت تغني أغنية «سألوني الناس»، وعندما وصلت لمقطع «بيعز عليِّ غني يا حبيبي، ولأول مرة ما بنكون سوا» بكت فيروز، ربما لأن تلك الأغنية كتبت خصيصاً له . وتقول فيروز عن غياب عاصي الرحباني: «غيابه تعبني، وحسسني بكل الإشيا اللي كان حملها عني، شي أكيد، وأنا كل ما أغني بمطرح، أكيد بيكون هو موجود، موجود مش بس بالغنية موجود بشخصه، وبفتكر يعني أني عم بعمُل إشيا متل ما هو بيحبها» ثُم صمتت قليلًا فى محاولة لمداراة دموعها، لكنها غلبت كبرياء فيروز وغالبتها، فبكت. كان عاصي هو كل الدنيا بالنسبة لفيروز، عرفت الشهرة والمجد من خلال ألحانه، وعرفت أيضا الحب لأول مرة معه، وقالت عنه: «حتى حزنه وشجنه كان غريبا ومختلفا.. فلا رجل له دمعة بجمال دمعة عاصي.. كانت حياته قصيرة، بس ملياني شغل وتعب، ما كان يرتاح لا ليل ولا نهار، زيارته عَ الدني كانت قصيرة زرع جمال، تركلنا جمال كتير وفل بكير».