هل يقبل الاتحاد الأوروبى بمطالب رئيس الوزراء البريطانى «ديفيد كاميرون» الأربعة أو بالأدق «شروطه» لتفادى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى؟ ربما كانت هذه القضية الأبرز على الساحة الدولية، بعد اللقاء الذى جمع كاميرون مع «دونالد تاسك» رئيس المجلس الأوروبى بداية الأسبوع الماضى، لبحث قضية بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبى. ويطالب كاميرون بأربعة شروط أساسية للموافقة على إعادة التفاوض حول علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبى، وتتلخص هذه المطالب فى السماح لبريطانيا بألا تكون جزءًا من الطموح الذى تأسس عليه الاتحاد الأوروبى وهو «اتحاد أوثق»، لذا فلن تشارك بريطانيا فى اندماج سياسى أوروبى أبعد مما هو عليه الوضع الحالى، وأيضًا تقييد حصول الأوروبيين الوافدين إلى بريطانيا سواء كانوا يعملون أو عاطلين على مساعدات حكومية، ويريد الوزراء البريطانيون بالتحديد وقف تدفق الأوروبيين على المملكة المتحدة، للحصول على مساعدات معينة وسكن مجانٍ، إلى أن يكملوا فترة أربع سنوات إقامة فى بريطانيا. المطلب الثالث يتمثل فى منح صلاحيات وسلطات أكبر للبرلمانات الوطنية تمكنها من عدم قبول تشريعات الاتحاد الأوروبى، وتؤكد المملكة المتحدة نظام «البطاقة الحمراء» الذى يسمح للدول الأعضاء بإلغاء أو الاعتراض على أى توجيهات من الاتحاد الأوروبى غير مرغوب فيها، وأخيرًا الحصول على اعتراف واضح بأن اليورو ليس هو العملة الوحيدة للاتحاد الأوروبى، وضمان ألا تحرم الدول التى هى خارج منطقة اليورو من المزايا، وتريد لندن أيضا تطمينات بأنها لن تضطر إلى المساهمة فى مشروعات الإنقاذ المالى لاقتصادات منطقة اليورو. هذه هى المطالب الأساسية التى تفاوض بشأنها كاميرون مع تاسك فى مباحثات مطولة تم تمديدها أكثر من مرة، قبل أن يخرج تاسك يوم الثلاثاء الماضى ليعلن التوصل إلى مشروع اتفاق مع كاميرون، بهدف الترويج لبقاء بريطانيا فى الاتحاد الأوروبى، وأشار تاسك، إلى أنه أرسل مشروع الاتفاق إلى الدول الأعضاء فى الاتحاد، مضيفًا أن الهدف هو الحفاظ على وحدة الاتحاد الأوروبى، وأكد رئيس الاتحاد الأوروبى على ضرورة التوصل إلى اتفاق على كل شىء أو لا شىء، قائلاً: «نحن بحاجة لحل وسط، فالفشل سيمس كامل المستقبل الأوروبى المشترك». وقد أشاد كاميرون بهذا الاتفاق المبدئى قائلًا فى تغريدة على تويتر «نرحب بالتقدم الحقيقى فى المجالات الاربعة التى تحتاج فيها بريطانيا إلى تغيير»، إلا أن الزعيم المحافظ الذى لم يتردد فى التصعيد قبل أسبوعين أضاف «لكن ما زال هناك عمل كبير». ولأن قضية بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبى من أهم القضايا التى تهم أوروبا بشكل عام، حازت تلك المباحثات على اهتمام واسع من وسائل الإعلام العالمية، فذكرت «بى بى سى» أن هذا الاتفاق سوف يتيح لكاميرون الدعوة لاستفتاء شعبى على عضوية بلاده فى الاتحاد الأوروبى قبل إجازات صيف 2016، أما صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية فأكدت أن الاتفاق المنشود سيتم عرضه على العواصم ال 28، وستكون للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بشكل خاص جهود مؤثرة فى إقناع كاميرون عندما يأتى إلى هامبورج فى 12 فبراير الحالى، وستنعقد القمة الأوروبية بعد ذلك بستة أيام، على أمل أن تكون كل العقبات قد تم التغلب عليها، بحيث يحسم أمر الاستجابة لتطلعات لندن فيها، بما يضمن بقاء بريطانيا فى الاتحاد الأوروبى. على الجانب الآخر، رأت عدد من وسائل الإعلام أنه من أبرز العوامل التى ستشكل قرار الحكومة البريطانية، إضافة إلى الرأى العام، هو تهديد اسكتلندا بإعادة إجراء استفتاء للاستقلال، فى حال خروج بريطانيا من الاتحاد، بحسب ما حذرت مسبقًا، الوزيرة الأولى الاسكتلندية «نيكولا سترجيون» وأوضحت أن الانفصال عن أوروبا سيكون بمثابة خرق لقوانين استفتاء العام الماضى، حين قال كاميرون إن بقاء اسكتلندا فى المملكة شرط أساسى لحماية عضوية بريطانيا فى الاتحاد، وقد يلحق انفصال اسكتلندى، انفصالاً إيرلنديًا أيضًا.