جاءت الزيارة الأولى للرئيس السيسى لروسيا فى العام المنصرم فى 9 مايو الماضى، فى إطار مشاركة مصر فى احتفالات الذكرى ال70 لانتصار روسيا على ألمانيا النازية فى الحرب العالمية الثانية، وقد اكتسبت تلك الزيارة أهمية كبيرة، ليس فقط بالنظر إلى أنها المرة الأولى التى تدعو فيها روسيا رئيسًا مصريًا لهذه المناسبة الجليلة، بل أيضًا لكونها مناسبة أكد فيها رئيس الجمهورية تهنئة الشعب المصرى لنظيره الروسى بذكرى النصر، وتقديره العميق وتكريمه لضحايا الشعوب السوفيتية السابقة، كما أن مشاركة الرئيس كان لها وقع طيب للغاية لدى المواطن الروسى العادى الذى يحمل مشاعر طيبة لمصر والمصريين منذ عقود. والتقى الرئيس السيسى مع نظيره الروسى بوتين، وتناول اللقاء عددًا كبيرًا من مجالات التعاون المشترك، حيث اتفقا حول ضرورة عقد اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادى والتجارى والفنى بين البلدين قريبًا، فضلًا عن مواصلة العمل على تعزيز التعاون فى المجال الزراعى، ولاسيما زيادة الصادرات الزراعية المصرية إلى روسيا، كما تناول اللقاء سبل تعزيز التبادل التجارى وزيادة نشاط الشركات الروسية واستثماراتها فى مصر، إلى جانب متابعة خطوات إقامة منطقة للتجارة الحرة بين مصر والاتحاد الجمركى الأوراسى، الذى يضم مع روسيا كلا من كازاخستان وبيلاروسيا وأرمينيا، كما تم بحث التعاون المشترك فى مجالات الطاقة المختلفة. وعقب أقل من 3 شهور على الزيارة الأولى، قام الرئيس بزيارة أخرى لموسكو، كان الهدف منها تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وبحث القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، ودعم التعاون بين مصر وروسيا فى الأطر والمنظمات الدولية متعددة الأطراف، فضلًا عن العمل على تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وجذب المزيد من الاستثمارات الروسية إلى مصر، لا سيما فى ضوء الإجراءات التشريعية والإدارية التى طبقتها مصر مؤخرًا لجذب وتيسير إقامة الاستثمارات المباشرة. وعكست نتائج تلك الزيارة، مدى صلابة الأرضية التى ينطلق منها الزعيمان المصرى والروسى، حيث كانت أبرز الملفات على أجندة الرئيس فى القمة التى عقدها مع الرئيس الروسى هى تعزيز التعاون فى مختلف المجالات الاقتصادية، وبصفة خاصة مجال الطاقة، حيث تم بحث التعاون فى إنشاء محطة لإنتاج الطاقة الكهرونووية السلمية بقدرة توليد 4800 ميجا وات، من خلال شركة «روزأتوم» العاملة فى مجال بناء المحطات النووية، كما بحث الرئيس مع رئيس شركة «روزنافت» الروسية، إحدى أكبر الشركات العالمية فى مجال التنقيب عن البترول، إمكانيات التعاون فى مجالات البحث والاستكشاف والتنقيب عن البترول والغاز، وكان ضمن نتائج اللقاء مع رئيس الشركة توقيع بروتوكول تعاون بين الشركة ووزارة البترول المصرية للتدريب فى قطاع البترول، فضلا عن بحث زيادة نشاط الشركة فى منطقة محور قناة السويس، وعلى الجانب الرسمى تم العمل على تفعيل مبادرات التعاون بين الجانبين، لتحويلها إلى خطوات ملموسة، وبحث بدء الخطوات الفعلية لإقامة منطقة صناعية روسية فى منطقة قناة السويس فى إطار تصور واضح لتنفيذ استثمارات ملموسة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون العسكرى بين البلدين، فضلا عن بحث القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها الأزمة السورية، والأوضاع فى العراق واليمن وليبيا، وبحث سبل تحريك القضية الفلسطينية.