فشل حزب النور السلفى فى الحصول على أى مقعد فى الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية جعل قادته يطلقون العديد من التصريحات النارية الغاضبة ويلقون التهم جزافًا على من تصوروا أنهم وراء هذا الفشل المدوى.. ونسوا أو تناسوا أن القاعدة العريضة من أبناء الشعب المصرى ودون إيحاء من أحد أو توجيه من قنوات الإعلام المختلفة قد قررت ومنذ فترة طويلة إنهاء وجود التيار الإسلامى داخل الملعب السياسى فى مصر.. قررت ذلك بعد ثورة 30 يونيو 2013 وبعد أن ذاقت الأمرين من حكم جماعة الإخوان الإرهابية فلا وسائل الإعلام لها دور فى تخويف الناخبين من مرشحى حزب النور كما يدعون ولا دعاية وسائل الإعلام نفسها والترويج لحزب «فى حب مصر» قد جاء بهذا الحزب مكتسحًا للمقاعد البرلمانية.. وإنما فى حقيقة الأمر هو الإجماع الشعبى للوطنيين من أبناء هذا الوطن على أنه لا عودة لأى تيار إسلام سياسى سواء كان سلفيًّا أو غيره إلى الحياة السياسية أو البرلمانية مرة أخرى. يجب أن نتأكد من أن هذه هى الحقيقة بعينها ولا شىء آخر سواها.. فالشعب يرفض برلمان قندهار.لا شك أن أسباب الهزيمة المدوية التى لاقاها حزب النور، فى الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية هى مؤشر قوى لما سوف ينتظره فى الجولات القادمة فأنا لست مع الأصوات التى تقول إن ماحدث مع حزب النور ليس مؤشرًا.. وانتظروا ما سيحدث فى الجولات القادمة فسوف يكتسح مقاعد البرلمان فهذا من وجهة نظرى وهم كاذب يعطى الحزب أو المجموعة السلفية أكبر من حجمها الحقيقى الذى ضخمت منه وسائل الإعلام الفترة الماضية حتى وصفته فى صورة العملاق الكاسح الذى سوف يفوز بأغلبية مقاعد البرلمان!! وهذا هو عيب الإعلام سواء كان ورقيًا أو فضائيًا - صدَرلنا المشهد حول هذا الحزب على أنه «البعبع» الذى يهدد عرش البرلمان وللأسف كثير من الكتاب قد انخدعوا وانساقوا وراء هذا التضليل الإعلامى وصدَروا للقارئ مخاوف واهية حول قوة هذا الحزب وقوة السلفيين ونسوا أو تناسوا أن شعب مصر الذى خرج فى 30 يونيو 2013 كانت ثورته ليست ضد الإخوان الإرهابية فقط ولكن ضد كل الجماعات التى تخلط السياسة بالدين، فالمصريون لم ولن يسمحوا مرة أخرى بعودة أى تيار إسلامى إلى بؤرة العمل السياسى أو البرلمانى بعد أن ذاقوا مرارة هذا التيار لمدة عام من خلال حكم جماعة الإخوان الإرهابية التى كادت أن تعصف بالدولة وتدخل بمصر فى منحنى لا يعلمه إلا المولى عز وجل. qqq هذه هى قوة المصريين وفكر المصريين الذين يُقدرون مصلحة الوطن ويتفهمون جيدًا أن البرلمان القادم هو من أهم البرلمانات فى تاريخ مصر الحديث وأن من يستحق أن يجلس على مقعد داخل هذا البرلمان لابد أن يكون وطنيًّا مخلصًا ليست له أهواء أو أفكار عقائدية - تعيدنا مرة أخرى إلى المربع صفر . ففى حقيقة الأمر أن الشعب المصرى الواعى الوطنى قد لقن حزب النور درسًا لن ينساه فقد أعادوه إلى حجمه المُستحق فإن الوعى السياسى الذى وصل إليه الرأى العام المصرى قد وضع هذا الحزب فى حجمه الحقيقى وأنهى أسطورته الزائفة التى تزعم السيطرة على معظم دوائر «غرب الدلتا» ولا شك أيضًا أن نجاح قائمة «فى حب مصر» وفوزها بمقاعد القوائم فى جولة انتخابات البرلمان الأولى وما قابله من هزيمة بالغة لحزب النور وهو رسالة من المصريين برفضهم لهذا الحزب السياسى فى الحياة السياسية والبرلمانية - ليس وحده ولكن لكل الأحزاب أو الأشخاص الذين يتلفعون بعباءة الدين فإن نتائج المرحلة الأولى فى الداخل والخارج قد حسمت الكثير من الجدل ورسخت لواقع سياسى جديد يكاد يخلو بشكل شبه كامل من تيار الإسلام السياسى الذى أصيب ممثله الوحيد فى الانتخابات البرلمانية وهو حزب النور بهزيمة ساحقة حتى الآن - جاءت صادمة له حيث كانت هزيمته فى معقله الأساسى بدائرة غرب الدلتا حيث يقع مقر الدعوة السلفية بالإسكندرية ويمتد ويزداد نفوذها بمناطق مرسى مطروح والبحيرة وهو ما كان بمثابة الصدمة الكبرى لمسئولى الحزب أحدثت بينهم حالة من اللاوعى والارتباك الشديد ظهرت فى تصريحاتهم السريعة فى أنهم يفكرون بشكل جدى فى الأنسحاب من الانتخابات!!وجاءت أيضًا تصريحات قيادات الحزب المتخبطة والمرتعشة تتهم الإعلام بأنه وراء هذا السقوط المدوى للحزب وأن الإعلام قد هاجم الحزب ووصف أعضاءه بأنهم داعشيون وإرهابيون على «حد قولهم» مما تسبب فى هذا السقوط المدوى متناسين أن الشعب المصرى الواعى هو صاحب هذه النتيجة وليس الإعلام.. الشعب المصرى هو الذى يرفض دخول أى تيار إسلام سياسى مرة أخرى إلى حلبة السياسة سواء النور أو غيره فالشعب لا يريد برلمانات «قندهار».في النهاية إذا أردنا تحليل المشهد الانتخابى الذى تم فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية - أرجو ألا نتوقف فقط عند مؤشر ضعف الإقبال على التصويت فهى إشكالية من السهل تلافيها مستقبلا. ولكن لابد أن ننظر إلى الإيجابيات التى أحدثتها الجولة الجولة الأولى من الانتخابات والتى كشفت عنها الصناديق من أن حزب (فى حب مصر) قد تصدر المشهد الانتخابى وأصبح فى الصدارة، كما كشفت الجولة الأولى أيضًا عما تحدثت عنه من انهيار القوه المزعومة لحزب النور السلفى حتى فى عقر داره وعزوته (غرب الدلتا) ولاشك أنه من الضرورى أن نبدأ فورًا فى دراسته ومناقشة جادة وموضوعية حول أسباب عزوف الناخبين خاصة الشباب عن التصويت فى المرحلة الأولى. qqq إن الفهم الصحيح للحالة قد يساعدنا على تخطيها فى المرحلة القادمة حتى تكون نسبة التصويت أعلى بكثير عن السابق فى المرحلة الأولى، فالمشاركة الإيجابية فى التصويت هى الضمانة الرئيسية لمجلس نواب وطنى قوى يعبر عن رأى الأغلبية، ونحن نحتاج بشدة لهذا المجلس وهذه القوة البرلمانية الوطنية فى المرحلة القادمة، فالمجلس القادم فى اعتقادى هو برلمان المهام الصعبة.