«الأقباط صوتوا لصالح الدولة المدنية»، هذا ما أكده المرشحون الأقباط الناجحون فى الجولة الأولى لانتخابات مجلس النواب، مشددين على عدم صحة الادعاءات التى روجها البعض بأن الكنيسة وجهت الأقباط للتصويت فى اتجاه معين، مؤكدين أن اختيار المصريين الآن أصبح يعتمد على معيار «الكفاءة» وليس «الديانة»، وأن النائب فى البرلمان يمثل المصريين كافة بصرف النظر عن الديانة.فى البداية أكد النائب عماد جاد أنه باستثناء انخفاض نسبة المشاركة فى المرحلة الأولى للانتخابات، فإن نتائج العملية الانتخابية كانت إيجابية للغاية، سواء فيما يخص فوز مرشحى التيار المدنى فى القوائم، أو التراجع الكبير لحزب النور، وأضاف اجمالا أتصور أنها انتخابات مختلفة وتعطى رسائل مختلفة بأن مصر دولة مدنية، وأن التوجه العام هو فقدان مصداقية الأحزاب الدينية. وأرجع جاد إنخفاض نسبة المشاركة فى المرحلة الأولى لأسباب عديدة، أولها طول المدة الانتقالية ما بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والتى بلغت حوالى العام والنصف، وثانيًا تولد قناعة لدى قطاع كبير من المصريين بالاستقرار وتراجع الإرهاب، أى إنه لا توجد مخاطر على الدولة المصرية، ثالثًا حديث البعض على أن البرلمان سيأتى ليعرقل الرئيس، رابعًا أنه لا يوجد حزب للنظام أو الحكومة يجرى الحشد له وتسويد البطاقات لصالحه، وأيضًا فإن عدم تحسن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية أدى إلى عزوف قطاع من المصريين وفى مقدمتهم الشباب عن المشاركة. ونفى جاد انخفاض نسبة مشاركة الأقباط فى المرحلة الأولى، مشيرًا إلى أن أكثر 3 فئات شاركت فى الانتخابات كانت كبار السن والمرأة والأقباط.. وأضاف: أتصور أن هناك فرصة أمام عدد من الأقباط للفوز فى المقاعد الفردية، ففى قطاع الصعيد مثلًا هناك ثمانية أقباط يخوضون انتخابات الإعادة، بعضهم حصل على المركز الأول أوالثانى فى المرحلة الاولى، مشيرًا إلى ان المناخ حاليًا أفضل بكثير مقارنة بالستين عامًا الماضية من الناحية الدينية والثقافية، حيث أن تداعيات ما بعد 30 يونيو أدت إلى تراجع البعد الطائفى، ما يعنى أن هناك فرصة لفوز المرشحين الأقباط بالمقاعد الفردية. وأكد جاد أن أصوات الأقباط كانت لصالح القوى المدنية التى تؤمن بالمواطنة وعدم التمييز والدولة المدنية، نافيًا وبشدة وجود مساندة من الكنيسة لصالح تيارات معينة، مشيرًا إلى أن الكنيسة تحث شعبها على النزول والمشاركة فى الانتخابات من منطلق الإيجابية، وليس تأييدًا لمصلحة جهة معينة. وشدد على أن النائب فى البرلمان يكون نائبًا للمصريين كافة، بصرف النظر عن ديانته. من جهتها أكدت النائبة الدكتورة سوزى ناشد المرشحة الفائزة فى الانتخابات على قائمة «فى حب مصر»،أنها كانت تتمنى مشاركة شعبية أكثر فى المرحلة الأولى. وتوقعت ناشد بأن تكون هناك فرصة لنجاح الأقباط فى مرحلة الإعادة على المقاعد الفردية، خاصة أن من بينهم من سيخوض الإعادة بتاريخ سياسى جيد، ويحظى بمساندة سواء من الأقباط أو المسلمين، مشيرة إلى أن التصويت الآن أصبح لمن له كفاءة وخبرة سياسية جيدة فى العلاقة مع الجماهير. وأعربت عن اعتقادها أن الأقباط من الفئات التى نزلت بكثافة وشاركت بقوة فى العملية الانتخابية، مؤكدة إن أصوات الأقباط كانت للتيار المدنى. ونفت ناشد بصورة قاطعة تدخل الكنيسة فى العملية الانتخابية، مشيرة إلى أن قداسة البابا تواضروس دعا المصريين كافة بمن فيهم الأقباط للمشاركة فى العملية الانتخابية لممارسة حقهم السياسى فى التصويت، وفى ذات الوقت أكدت الكنيسة أنها تقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين والقوائم وهو ما التزمت به بالفعل، مشيرة إلى أن من روج لهذه الشائعات هم من رأوا أن فرصهم فى الانتخابات ضعيفة فبحثوا عن نقاط أو أسباب تبرر موقفهم. من جانبه قال النائب الجديد المهندس مجدى ملك: نحن فى مرحلة بناء الدولة، وبالتالى يجب ان نتخطى حدث الانتخابات بما له وما عليه من سلبيات أو إيجابيات، أو تحفظات لدى البعض على النظام الانتخابى أو تقسيم بعض الدوائر، ويجب التركيز تحديدًا للسير نحو الاستقرار، ودفع عجلة التنمية للمساهمة فى بناء الدولة، وأضاف لدينا الكثير من الملفات التى تحتاج إلى جهد مخلص من كل الفصائل والأحزاب على اختلاف انتمائتها، حتى لا ننشغل بعيدًا عن هذا المسار ونهتم بمخرجات العملية الانتخابية التى نتمنى أن تكتمل باختيارات صحيحة من قبل الشعب المصرى لنواب لديهم المقومات الفكرية والثقافية التى تساهم فى التعامل مع الإشكاليات والملفات التى نريد علاجها. وأكد على أن مقاعد الأقباط فى البرلمان القادم لن تقتصر على القائمة، مشيرًا إلى أن هناك أقباطا سوف ينجحون على المقاعد الفردية فى بعض الدوائر التى بها كثافة قبطية، والتى تم فيها ترشيح بعض الشخصيات القبطية التى تحظى بقبول مجتمعى من الأقباط والمسلمين على السواء لما لها من تواجد فى المجتمع المصرى بصفة عامة، و لدينا فى محافظة المنيا أكثر من مرشح سينجحون على المقاعد الفردية. وأضاف: لابد أن يحظى المرشح ايا كانت ديانته بقبول المجتمع بصفة عامية دون الفرز الطائفى أو التمييز، مشيرًا إلى أن المناخ يتيح بنسبة ما فى بعض الدوائر انتخاب أقباط فى المقاعد الفردية، وهذا الأمر يتطلب تغيير ثقافات وموروثات عقيمة دخلت المجتمع المصرى منذ السبعينيات، وأضاف أعتقد أن المناخ تغير كثيرًا فعلى سبيل المثال كان المرشح ضدى بدائرة مركز سمالوط نجل المشير عبد الحكيم عامر، وحصلت على اصوات وتأييد اخوتى المسلمين ووصل ما حصلت عليه القائمة التى أمثلها فى دائرة سمالوط إلى ما يزيد عن 70% فى حين حصلت القائمة الأخرى التى يمثلها المنافس على أقل من 30%، وهذا مثال حى على أنه عندما يكون الأقباط متواجدون فى المجتمع ولديهم تواصل مع كل فئاته بجميع أطيافه، فإنهم يحظون بقناعاته وقبوله دون تمييز أو تفرقة. وأكد مجدى ملك إنه لم يتم توجيه الصوت القبطى لأى مرشح أو فئة معينة، مشيرًا إلى أن كل مجلس قروى كان لديه ارتباط بمرشحيه الذين صوت لهم، مشددًا على أنه لم يحدث إطلاقًا أى تدخل من الكنيسة أو رجال الدين المسيحى للتوجيه لصالح مرشح بعينه، وأضاف الكنيسة يهمها فى المقام الأول السلام المجتمعى والارتباط بين العائلات فى القرى قبل أى شىء آخر. من جهتها أكدت الدكتورة مارجريت عازر المرشحة فى الجولة الثانية للانتخابات على قائمة «فى حب مصر»، إنها لا ترى كما يتصور البعض أن الإقبال على التصويت فى المرحلة الاولى كان ضعيفًا، وبررت ذلك قائلة أن الحالة مرتبكة ولا نستطيع أن ننكر أن الحياة السياسية فى مصر أصبح لها شكل جديد، خاصة بعد اختفاء الشكل الحزبى وسقوط الكتلتين التصويتين القادرتين على التنظيم والحشد والمتمثلتين فى الحزب الوطنى والإخوان، مع عدم اتضاح صورة الأحزاب الجديدة بشكل واضح. مشهد مرتبك وأضافت عازر أن شكل العملية الانتخابية كان جديدًا على الشارع المصرى، بمعنى أنه فى بعض الدوائر كان على الناخب أن يختار نائبًا واحدًا، فى حين يختار فى دوائر أخرى نائبين أو أكثر، بالإضافة إلى القائمة، كل هذا أربك المشهد فكان الإقبال ضعيفا جدًا فى اليوم الأول لدراسة الوضع، لكن الإقبال زاد فى اليوم الثانى، وأعتقد أن نسبة ال 28% المشاركة فى الانتخابات، وفى ظل هذا الوضع الذى لا يوجد فيه صراع إيدلوجى معقولة فى هذا التوقيت. وحول ما إذا كان المناخ مناسبا الآن لنجاح قبطى على المقاعد الفردية، اجابت عازر دعنا نرى التجربة الثرية التى نمر بها الأن، والتى نرسخ فيها لمبدأ المواطنة، وهذا يرجع لمشاركة الأقباط فى العملية الانتخابية، ونسبتهم فى المشاركة مشرفة جدًا، خاصة مع تغير ثقافة الناخب فأصبح معيار الاختيار الآن هو معيار الكفاءة اكثر من أى عنصر آخر وفى هذا إرثاء لمبدأ المواطنة. وأكدت أن الأقباط صوتوا مثل كل المصريين لعنصر الكفاءة سواء من المسلمين أو المسيحيين وبالطبع فقد كان الاتجاه هو الحفاظ على الدولة المدنية.