تمر بنا هذه الأيام ذكرى حرب أكتوبر المجيدة وحرب أكتوبر تعنى لنا الكثير لمن عاصر هذه الحرب. فقد جاءت حرب أكتوبر بعد فترات عانى فيها الشعب المصرى والعربى من مرارة الانكسار ونكسة 67 واحتلال الأراضى العربية التى مازالت منها الجولان تحت نير الاحتلال الإسرائيلى.كان الشباب آنذاك مع الحلم العربى والفكر الناصرى قبل 67 وثورات التحرر فى إفريقيا والوطن العربى والتى ساهمت فيها مصر بنصيب وافر فى تحرير هذه الشعوب واستعادة إرادتها، تلك مصر الفتية بقيادة الزعيم خالد الذكر عبد الناصر والذى يداعب أحلام البسطاء بالحلم العربى ومكافحة الاستعمار. يشعر بالمواطن العادى كقائد وزعيم ليس المواطن المصرى فحسب بل كل من كان فى أرجاء الوطن العربى وإفريقيا إلى أن جاءت حرب 67 وانكسرت أحلامنا فجأة مع ضياع كل مقومات الحلم العربى. وكانت حرب الاستنزاف التى عانى فيها الجيش المصرى وأعاد بناء قدراته من جديد وكانت هناك بطولات رائعة حتى الآن لم يكشف الحجاب عن الكثير منها فى هذه الفترة سواء على المستوى الفردى أو على المستوى العام. وأعتبر أن كل ما قدم من أعمال أدبية أو سينمائية عن هذه البطولات لا يرقى إلى مستوى هذه البطولات التى أعلم بعضها من أصدقاء شاركوا فى هذه الفترات وكانوا خير شباب مصر من 67 حتى 73. شباب مصر المثقف كان خريج جامعات هندسة وطب وغيرها من كليات الجامعات المصرية والتى قدمت نماذج من الفكر والفداء للوطن، والعمل بهدف واحد هو أن المقاتل المصرى قادر على إعادة أرضه وحمايتها وأنه خير أجناد الأرض. إلى أن كان الخداع والتمويه وعبقرية السادات فى إيهام العدو أن مصر لن تحارب وقام بتسريح بعض الوحدات التى انتهت خدمتهم العسكرية وكان ذلك ضمن خطة استراتيجية لتمويه العدو الهدف منها التخطيط لحرب العبور واسترداد العزة والكرامة واختراق أكبر مانع مائى فى العالم بعد إجراء العديد من التجارب التى شارك فيها هؤلاء الجنود والضباط وقدموا فكر وجهد وعرق سنوات ليست قليلة للوصول إلى الهدف الحقيقى وهو النصر فى حرب السادس من أكتوبر التى أبهرت العالم أن رجال مصر عبروا القنال وكبدوا العدو أكبر خسائر وأكدوا أن الجيش الإسرائيلى يقهر!! وأن الإرادة المصرية قادرة على صنع المعجزات.. نعم صنعوا المعجزات بكل مقاييس الحرب والقتال فى جميع الأكاديميات العسكرية. وأكدوا أن الجندى قبل المعدة.. وأن الإرادة القوية تصنع المستحيل وكان الله معنا.. مع الحق والقوة. لكن بيت القصيد هنا ليس التذكير بحرب أكتوبر فقط ولكن كان هناك بطولات من حرب الاستنزاف وحتى حرب أكتوبر مازال أصحابها على قيد الحياة لديهم العديد من قصص وبطولات ومواقف شجاعة.. وشهود عيان على استشهاد الكثير من زملائهم الأبطال. لم تقم أية جهة حتى الآن بتقديمهم بالشكل اللائق ليعلم الأجيال التى جاءت من بعدهم ماذا قدم آباؤهم وأجدادهم من بطولات وأن الحرب لها ثمن، وأيضا السلام له ثمن وأن أرضنا التى نعيش عليها فى سلام كاملة وغير منقوصة.. هناك رجال ضحوا ودفعوا أرواحهم ثمنا لما ننعم به. فلابد أن نعد الكتب وقصص الأطفال والأفلام والمسلسلات التى تعطيهم شكلاً يليق بهذا الحدث بعد كل هذه الفترة، فكل قصة تصلح كتابًا وفيلمًا ومسلسلًا. هذه الأحداث لا يكفينا ما كتب عنها أو ما قدمته وسائل الإعلام حتى الآن بل نطالب بالمزيد وأيضا تخليد ذكرى الشهداء وتخليد من هم على قيد الحياة وتمجيدهم.. فى الاحتفال بهذا اليوم العظيم انتصار 6 أكتوبر 73 نقدم لهم التحية ولكل من شارك فى حرب العزة والكرامة وأعاد لنا الأرض والعرض وما أغلاهما.. إنه الوطن.