بعد أن أتمت الأنساق الأولى للجيوش تحقيق المهام المباشرة المخصصة لها شرق القناة توقفت القوات لمدة 4 أيام من ( 10 – 13) أكتوبر حيث تحولت إلى تعزيز الخط المستولى عليه وتأمين رءوس كبارى الجيوش وتعزيز المعابر على القناة. وقامت تشكيلات الجيوش الميدانية خلال هذه الوقفة بصد العشرات من هجمات العدو بعد أن فاق من هول المفاجأة وحاول استرداد بعض وعيه فوجه عددا من السرايا وألوية المشاة والمدرعات والمشاة الميكانيكية التى ركزت ضرباتها على أجناب رءوس الكبارى التى باتت صخرة قوية تكسرت عليها محاولات العدو . واستهدف العدو من تلك المحاولات الوصول إلى المعابر لتدميرها لإيقاف تدفق القوات المصرية ناحية الشرق وعزل القوات التى عبرت القناة، ولكن محاولاته باءت بالفشل . لقد شهدت تلك الفترة تدفق الإمدادات الأمريكية الحديثة ومنها الأسلحة التى لم تكن قد دخلت الخدمة بعد، بل ما زالت فى طور التجريب، ودخلت الطائرات الفانتوم ومعدات التدخل الالكترونى وصواريخ شرايك المعدلة ضد الرادارات والقنابل التليفزيونية ضد وسائل الدفاع الجوى الأرضية . وبات جليا أمام القيادة المصرية أن العدو يحاول تثبيت الجبهة المصرية لحين تصفية الجبهة السورية ثم يعاود التركيز على الجبهة المصرية، وطلبت سوريا الضغط على إسرائيل من أجل تخفيف الضغط الإسرائيلى عليها بعد أن وصلت نيران دبابات الأخيرة إلى مشارف دمشق وقصفت طائرات إسرائيل عددًا من المصانع والمنشآت المدنية فى المدينة ذاتها . واستجابت القيادة المصرية وتقرر تعجيل القوات بالضغط على العدو شرقا فى سيناء . وفى صباح يوم 11 اكتوبر أتمت أجهزة القيادة العامة تقدير الموقف والتخطيط لتطوير الهجوم شرقا بجزء من القوات المدرعة والميكانيكية للوصول إلى المداخل الغربية للمضايق والممرات وتلخصت الفكرة فى استخدام مفارز قوية للسيطرة على شريحة من الأرض عمقها 30 كم من القناة عند المداخل الغربية وأوكل إليهما تدمير قوات العدو الموجودة هناك وحرمانها من استخدام الطريق العرضى الذى يقع على هذه المسافة ويوفر للعدو حرية الحركة والعمل ضد رءوس الكبارى . كما كلفت أيضا تلك المفارز بأن تمنع اندفاعات العدو من الشرق إلى الغرب عبر تلك المضايق والممرات لتحقيق المهمة النهائية للقوات المسلحة خلال الأيام التالية وفقا للخطة الموضوعة. وقد أحاط بهذا القرار مخاطر عدة أهمها خروج القوات من ستر غطاء صواريخ الدفاع الجوى المتمركز غرب القناة وبالتالى فإن ضربات العدو الجوية المتتالية والتى لوحظ ازديادها عقب وصول الإمداد الأمريكى قد تؤثر على القوات .ولذلك نص التوجيه على استخدام مفارز صغيرة الحجم نسبيًا ولكنها ذات قدرة نيرانية كبيرة، على ان تكون من خارج التكوين الأصلى لفرق المشاة الخمس التى كان عليها ان تستمر فى التمسك برءوس الكبارى . وبلغ إجمالى طلعات العدو الجوية خلال الوقفة التعبوية 1050 طلعة طائرة استطاعت قواتنا الجوية ان تسقط خلالها 41 طائرة إسرائيلية على امتداد الأربعة ايام، وخلال تلك الفترة بدأت ترسانة الأسلحة الأمريكية تفتح أبوابها على مصراعيها لدعم إسرائيل اعتبارا من اليوم الأول للوقفة التعبوية حيث يتم إفراغ تلك الترسانة فى مطار العريش ومنه مباشرة إلى جبهة القتال . وقد وصف وزير الدفاع الأمريكى فى ذلك الوقت «جيمس شليزنجر» الموقف بأنه اثر بشكل خطير على المخزون الأمريكى من الأسلحة والمعدات بالقدر الذى سوف يرغم حكومة نيكسون على طلب زيادة ميزانية الدفاع لعام 1974 من الكونجرس . ونظرا للخسائر التى منيت بها إسرائيل خلال الأيام الأولى للمعركة والهزائم المتلاحقة تم تعيين بارليف بدلا من جونين يوم 10 أكتوبر وأبدى الأول فى جلسة الحكومة صباح ذلك اليوم عدم ارتياحه من الجو الكئيب الذى اصبح يسود الاركان العامة وعند الضحى وصل بارليف إلى مركز قيادة جونين فى الجنوب . وسرعان ما عاد شارون إلى مركز القيادة واقترح معاودة الهجوم مع قوات مندلر بشرط ان يشترك معهما لواءان مدرعان يهاجمان فى اتجاه شاطئ البحيرات المرة . ووافق بارليف على الخطة وأمر بدفع كوبرى فى اتجاه الدفرسوار ليكون جاهزا للاستخدام بمجرد ان تسنح الفرصة. وتحول مطار العريش إلى نقطة ضخ للمعدات العسكرية الأمريكية إلى الجبهة الإسرائيلية حيث وصلت إليه الطائرات الجالاكس الأمريكية الضخمة تحمل الدبابات والمدرعات والأسلحة لتعويض الخسائر الفادحة التى منيت بها إسرائيل وفى مساء الحادى عشر من اكتوبر ناقش جونين واروى بن آرى بعض التفاصيل وتحفظ ادان وشارون على الخطة وإعادة الأسلحة الأمريكية إلى ذهن بارليفإحياء خطة العبور العتيقة الا انها لم تلقى قبولا لدى كثير من الحاضرين وخلال يوم 13 أكتوبر استعدت مجموعات العمليات الإسرائيلية الثلاث ووصل إليعازر لتفقد الجبهة وفى الساعة 1100 غادر مندلر مركز قيادته للاجتماع باليعازر فى مركز قيادة شارون الا أن قذيفة مصرية حطمت عربته نصف الجنزير وقتلته وتحطمت فى اللحظة نفسها العربات المجنزرة المرافقة له. وصدرت الأوامر بتولى الجنرال كالمان ماجن قيادة مجموعة عمليات مندلر. فى الوقت ذاته كانت غرفة العمليات بالقوات المسلحة المصرية تتابع كافة التحركات على الجبهة لحظة بلحظة تنقلها عناصر الاستطلاع والمخابرات الموجودة خلف خطوط العدو لتجعل مسرح عمليات المعركة كتابا مفتوحا أمام القيادة . وفى نفس الوقت قامت طائرتا استطلاع امريكيتين طراز «CR71A» باستطلاع الجبهة من بورسعيد شمالا وحتى جنوب الصعيد وعلى ارتفاع 20 ألف متر وبسرعة 3 اضعاف سرعة الصوت، لترسل لإسرائيل صورة كاملة للجبهة المصرية ومناطق تمركز الدفاع الجوى والقوات البرية . فى الوقت الذى كانت الوقفة التعبوية تقترب من نهايتها والتى لم تكن فترة سكون ولكنها كانت فترة نشاط كبير يهدف إلى صد هجمات العدو المضادة المتوقعة فخلال تلك الفترة أمكن لقواتنا تدمير 500 دبابة للعدو وآلاف الأفراد وتم الاستيلاء على كل حصون العدو وقلاع خط بارليف وكان آخر موقع له تم الاستيلاء عليه خلال الوقفة التعبوية هى النقطة القوية بلسان بورتوفيق وأسر 32 جنديا إسرائيلى و5 ضباط وذلك فى الساعة 1245 يوم 13 أكتوبر. استهدفت الوقفة التعبوية ضمان ثبات وتعزيز رءوس الكبارى التى تم الاستيلاء عليها لتصبح قاعدة قوية ترتكز عليها القوات حال تطوير الهجوم . تحقيق الدفاع الجوى عن القوات فى رءوس الكبارى وإسقاط اكبر عدد ممكن من طائرات العدو مع تحقيق الحماية لقواتنا التى عبرت الضفة الشرقية ، مع توفير القدرة على تحقيق الحماية لقواتنا أثناء أعمالها القتالية بالانتقال المتتالى لعناصر الدفاع الجوى بالصواريخ خلف القوات . إعادة تنظيم وتجميع القوات فى مناطق رءوس الكبارى واستكمال الإمداد الإدارى والفنى بالاحتياجات استعدادا لتطوير الهجوم شرقا.