لم يكن غريبًا حجم الأزمات والشكوك التى تحيط بحزب النور السلفى، فمنذ ظهوره بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير كشريك لجماعة الإخوان الإرهابية فى الحكم وهو مثار للجدل، حيث سرعان ما تحول النور من شريك فى السلطة إلى المعارضة وهو أول من هدد بملف أخونة الدولة، وذلك على خلفية الأزمة التى نشبت بين الرئاسة والقيادى فى حزب النور خالد علم الدين والذى كان يشغل منصب مستشار الرئيس حينذاك.وبعد 30 يونيو انضم للفريق الرافض لحكم جماعة الإخوان الإرهابية وكان من أشد المؤيدين لرحيل مرسى عن حكم مصر، وتصدر اسم النور الصحف والفضائيات العالمية كونه الحزب الإسلامى الوحيد الذى أيد الثورة فى ظل الترويج من قبل جماعة الإخوان الإرهابية بأنها حرب على الإسلام، فى المقابل يواجه الحزب اتهامات بأنه حزب المنتفعين والمتسلطين ووصف بأنه الشريك المخالف عندما كان يهدد بالانسحاب من لجنة الخمسين لكتابة الدستور، وفى الاستفتاء على الدستور اتهمته القوى السياسية بأنه حزب دينى وليس سياسى وأن قواعده تنتمى لجماعة الإخوان الإرهابية وطالبوا بحله أسوة بحل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان. وعلى الرغم من هجوم القوى السياسية عليه ورفضها للتحالف معه فى الانتخابات البرلمانية والتى تم تأجليها عقب حكم الدستورية العليا ببطلان قوانين الانتخابات التشريعية وتأكيد الجميع بأن حزب النور لن يتمكن من الحصول على مقاعد فى البرلمان لعدة أسباب أهمها أن الشعب المصرى لا يرغب فى تكرار تجربة الإخوان، وأنه لن يستطيع أن يحقق شروط القائمة التى تضمنت وجود أقباط ومرأة على القوائم فى ظل رفض جميع القوى للتحالف معه، رغم كل هذه الأزمات إلا أن حزب النور وكعادته عمل فى صمت وخرج ليفاجأ الجميع وكان أول من تقدم بقائمة انتخابية كاملة فى الانتخابات دون التحالف مع أحزاب أخرى. أزمة السفارة الهجوم الضارى على «النور» من جميع التيارات السياسية جاء على خلفية اللقاءات غير المعلنة مع الدبلوماسيين الأمريكيين وآخرها الزيارة الرسمية التى توجه خلالها عدد من أعضاء الحزب إلى مقر السفارة الأمريكية وعقد اجتماع مع مسئولين بالسفارة الأمريكية و5 مسئولين من جهاز « سى آى إيه» وصدرت اتهامات ضد الحزب بالخيانة والعمالة إلى أن خرج نادر بكار نائب رئيس الحزب وطالب من يشكك فى وطنية «النور» أن يتقدم للنائب العام بالمستندات التى تثبت تخابرهم ضد مصر. كما شهد خلال اليومين الماضيين أزمة أخرى حول الخطاب المزور المنسوب إلى الدكتور يونس مخيون حول تهجير الأقباط فى بنى سويف والمُرسل إلى المهندس إبراهيم محلب وهو ما نفاه مجلس الوزراء وأكد أن الخطاب مزور. كما وقعت أزمة بين الحزب وبين تيار الاستقلال، حيث قام الأخير برفع دعوى قضائية لحل الحزب واتهامه بأنه قائم على أساس دينى، فضلا عن رفض بعض القوى السياسية مرة أخرى للتحالف مع «النور» فى تشكيل القائمة الموحدة التى دعا إليها رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى ويسعى لتشكيلها حزب المحافظين. ويعتبر حزب التجمع أشد الرافضين للتحالف أو الاجتماع مع حزب النور وأكثر المطالبين بحله، وقال المتحدث الرسمى باسم حزب التجمع نبيل ذكى ل « أكتوبر» إننا نعرف جميعًا منذ أيام مبارك أن النور لا يستطيع أن يعيش إلا فى كنف السلطة ويتعاون مع الأجهزة الأمنية، وبالتالى فهو لا يشكل خطورة على الدولة بشكل مباشر وإنما وجوده فى الحياة السياسية يهدد بتقسيم الدولة على أساس طائفى، مضيفا أن النور يمارس دعاية تستغل الدين لأغراض سياسية. وبيّن ذكى أن النور يطرح نفسه كبديل للإخوان ويرغب فى التقرب من أمريكا ولذلك فهو يحرص على إجراء اللقاءات مع المسئولين فى السفارة الأمريكية سواء فى القاهرة أو الإسكندرية. وأشار المتحدث باسم التجمع إلى أن الدستور هو الرافض لحزب النور وليس التجمع حيث نص صراحة على حظر قيام أحزاب على أساس دينى، وأضاف أن النور ينكر أنه قائم على أساس دينى والفيصل هو الانتخابات البرلمانية القادمة، وسنرى هل ستكون هناك شعارات دينية من عدمه؟ وهل ستكون هناك دعاية دينية واستغلال لدور العبادة فى الدعاية الانتخابية من عدمه؟، مطالبا بحل الحزب لأنه قائم على أساس دينى. يخالف الدستور بدوره، أكد محمد عطية عضو المكتب السياسى لتكتل القوى الثورية أن حزب النور يعمل على خلفية دينية وهو بذلك مخالف للدستور والقانون شكلا ومضمونا. وكشف عطية أن النور يعد الغطاء السياسى لجماعة الإخوان المسلمين وتيار الإسلام السياسى وأبرزهم البناء والتنمية والأصالة فى البرلمان القادم، مضيفا أن وجود حزب النور على الساحة السياسية وخوضه الانتخابات البرلمانية بوابة العبور للإرهابيين لدخول البرلمان. مضيفا أنه توجد علامات استفهام كثيرة حول حزب النور ولقاءاته مع مسئولين أمريكيين وبالتالى وجوده يُشكِّل خطورة على الدولة. وأوضح عضو المكتب السياسى لتكتل القوى الثورية أننا تقدمنا ببلاغ إلى لجنة شئون الأحزاب لحل حزب النور، مشيرًا إلى تضامن عدد كبير من الشخصيات العامة مع البلاغ الذى تقدمنا به وأبرزهم جمال زهران وياسر قورة وأحمد دراج. طارق سهرى رئيس الهيئة العليا بحزب النور صرح ل «أكتوبر قائلا: «لا أعرف لماذا كل هذا الهجوم على حزب النور، وبالرغم من أن النور أبسط مما يكون»، مضيفا أن الحزب يدفع إيجار مقراته من اشتراكات أعضائه وأحيانا نقتص من مرتبات الزملاء فى الحزب. وحول الإشاعات التى تخص الزيارات السرية لقيادات الحزب فى السفارة الأمريكية، أكد سهرى أن حزب النور حزب كسائر الأحزاب المصرية ويتم دعوته من جميع السفارات العربية والأجنبية، ويقوم الحزب بإرسال وفد ممن تختاره الهيئة العليا لتمثيل الحزب فى السفارة كما يحدث فى غالبية الأحزاب. مضيفا أن جميع المناسبات التى حضرها النور فى السفارات كان يتواجد بها ممثلون عن كل الأحزاب. وأشار سهرى إلى أنه فى إحدى المناسبات دعى «النور» إلى السفارة الدانماركية وقد وافق الحزب على الحضور كونها فرصة للرد على الإساءات للرسول «صلى الله عليه وسلم» وكى نوضح لهم أنهم الخاسرون من هذه الأفعال الشائنة، موضحا أنه على الرغم من حضور جميع الأحزاب إلا أن حزب النور الوحيد الذى تمت مهاجتمه بشكل غير عادى وتم توجيه الاتهامات الشائنة للحزب بأنه حزب منتفع ولا يعرف القيم.. وأضاف رئيس الهيئة العليا للحزب أن الشائعات تلاحق الحزب فى كل تصرفات، فعلى سبيل المثال عندما استطعنا تشكيل القائمة الانتخابية اتهمنا بأن الحزب دفع 15 مليون جنيه للأقباط، فى ظل أن الحزب لا يحتكم على مصاريف إيجار مقراته، مضيفا أن حزب النور ما هو إلا مجموعة من الأشخاص الذين يعيشون وسط الشعب المصرى فى الشوارع والمحافظات والقرى والنجوع وهذا هو السبب فى ملاحقة حزب النور، مبينا أن «النور» لا يتعامل مع الناس بنبرة التعالى وهو سر نجاحه وسبب الهجوم عليه. فلاش إعلامى من جانبه، وصف الدكتور أشرف ثابت عضو الهيئة العليا بحزب النور فى تصريحات خاصة ل « أكتوبر» أن الاتهامات التى توجه للحزب بأنها مجرد فلاش إعلامى يأتى من منطلق المنافسة الانتخابيه بين الأحزاب السياسية. مضيفا أن الحزب حريص على عدم الانزلاق فى مثل هذه التلاسنات الإعلامية، مبينا أن الحزب حقق نجاحات فى الشارع المصرى من خلال تواصله الدائم مع المواطنين فى ظل حالة الجمود التى انتابت جميع الأحزاب السياسية. وكان الدكتور يونس مخيون قد أصدر بيانا حول أزمة الخطاب المزور طالب فيه جهات التحقيق المعنية باتخاذ الإجراءات القانونية تجاه مزورى الخطاب حرصًا على مصلحة البلاد، وأضاف أن الخطاب يأتى فى إطار مسلسل التشويه الذى يتعرض له حزب النور فى المنافسة الانتخابية الشرسة وسعى بعض القوى السياسية التى فشلت فى التواصل مع الشعب المصرى لإزاحة النور عن المشهد السياسى.