بات الثالوث المرعب المتمثل فى تأزم الحل السياسى وتمدد تنظيم داعش الإرهابى وشبح الإفلاس يهدد بتعميق أزمة ليبيا، ويوما بعد يوم يزداد الوضع تأزما وتعقيدا وبات مهددًا بالانفجار بعد انتكاسة الحل السلمى بين الفرقاء إثر فشل جولات الحوار بجنيف والجزائر وأخيرًا مدينة الصخيرات فى المغرب ورفض الحل العسكرى من قبل دول إقليمية ودولية ودول جوار أيضًا، بينما يستمر تنظيم داعش فى بسط سيطرته وتمدده فى الأراضى الليبية وما زاد الطين بلة الوضع الاقتصادى الذى ينذر بكارثة حسب آراء الاقتصاديين ومنظمات دولية كانت الجولة الخامسة من جلسات الحوار الوطنى الليبيى انعقدت بالصخيرات فى المغرب تحت رعاية الأممالمتحدة، وكان الهدف من هذه الجولة التى وصفت بالحاسمة مناقشة المسودة الرابعة للاتفاق السياسى استنادا إلى الملاحظات التى قدمتها مختلف الأطراف مؤخرًا وانتهت نتائجها بقرار البرلمان المنتخب بتعليق المشاركة فى جلسات الحوار وعودة نوابه إلى ليبيا ورفض سفرهم إلى ألمانيا لاستكمال المباحثات ورفض مقترح الأممالمتحدة بتشكيل حكومة وحدة وطنية ورفض البرلمان المنتخب المسودة لعدة أسباب منها ما يتعلق بجزئية مجلس الدولة المزمع إنشاؤه بموجب مقترحات الأممالمتحدة كونه يصبح وصيًا على مجلس النواب ومنح بموجبها أيضا حق الفيتو على قراراته، فضلًا عن الاعتراض على تركيبته التى تتكون من 120 عضوا منهم تسعون عضوا من المؤتمر الوطنى العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته أما المسألة الثانية التى جرى التحفظ عليها فتتعلق بمسألة تشكيل جيش موحد حيث اقترح ممثلو برلمان طبرق صيغة بديلة تكمن فى إعادة تأهيل الجيش الوطنى الليبى لقطع الطريق أمام الكثير من الميليشيات المسلحة، وتتكون مسودة الاتفاق الأخيرة من 69 مادة تنص على تشكيل حكومة وفاق لمدة عام وتعيين رئيس وزراء أمامه مهلة شهر لطرح تشكيلة حكومته على البرلمان كما تضمنت المسودة ثمانية بنود هى: حكومة الوفاق الوطنى المجلس الأعلى للدولة وتدابير بناء الثقة والترتيبات الأمنية والعملية الدستورية والهيئات والمجالس والدعم الدولى والأحكام الختامية كانت جولات حوار الصخيرات السابقه نجحت فى الاتفاق على مبدأ تشكيل حكومة التوافق الوطنى دون تحفظ لكن ظلت مسألة حسم السلطة التشريعية مثار خلاف ونزاع بين البرلمان المنتخب والمنتهية ولايته التى ربما ستجعل التوقيع على أى اتفاق يحتاج أسابيع وربما أشهر طويلة. وكان برنادينو ليون المبعوث الخاص إلى ليبيا قد أعلن فى ختام جولة حوار الصخيرات عن جاهزية 80% من مسودة الاتفاق السياسى لحل الأزمة فى ليبيا مؤكدا أن بعض التفاصيل البسيطة لا تزال موضع نقاش وهى أمور تحتاج فيها الأطراف إلى مزيد من المشاورات مع ممثليها، مؤكدًا استعداد الأممالمتحدة اقتراح أسماء الشخصيات الليبية التى يمكن أن تشارك فى حكومة الوفاق بمجرد التوصل إلى اتفاق كما هدد ليون فى حال عدم التزام الأطراف المسلحة بوقف هجماتها ضد المدنيين فى العاصمة طرابلس فى إشارة إلى مليشيات «فجر ليبيا» بعقوبات دوليه تطال الاطراف التى تقوض الحل السلمى، فالتقارير الاقتصادية الصادرة من المنظمات الدولية تقول إن ليبيا الدولة الغنية بالنفط مهددة بالإفلاس، وبحسب اقتصاديين ومسئولين ليبيين وأمريكيين فإن ليبيا تنفق الاحتياطات الدولية بمعدل مثير للقلق فليبيا استنفدت العام الماضى 27 مليار دولار من احتياطاتها التى تبلغ حاليا نحو 81 مليار دولار حسبما ذكر صندوق النقد الدولى وإذا لم يتوقف القتال هذا العام مما يسمح باستئناف صادرات النفط على نطاق أوسع قد تنفق الدولة نفس هذا المبلغ، فالأموال تنفد من ليبياحسب قولهم وعندما تخلو الدولة من العملة الصعية لن تتمكن من شراء الطعام ولا دفع الرواتب. كما توجد مؤشرات مالية واقتصادية أخرى قائمة ففى عام 2014 انكمش إجمالى الناتج المحلى فى ليبيا بنسبة 20% ليصل الى 30% وبلغ العجز المالى نحو 50% من اجمالى الناتج المحلى ويعتقد صندوق النقد الدولى أن العجز سيكون هذا العام بنفس الحجم على الأقل وهو أمر وصفه مسئولون بالصندوق بأنه وضع خطير للغاية. أما الخطر الثالث فيتمثل فى تمدد داعش بالأراضى الليبية فأمام تعثر التسوية السياسية بين طرفى الصراع الليبى يوغل التنظيم الإرهابى فى العمق الليبى من أجل تأمين معسكرات له خارج قلاعه فى سوريا والعراق، فالمحللون يرون أن سقوط مدينة سرت فى يد داعش يحمل تطورا نوعيا إذ أن التنظيم سيطر بذلك على قاعدة القرضابية الجوية التى تبعد نحو عشرين كيلومترا جنوبالمدينة وتضم مطارها الدولى كما أنه بدأ يزحف جنوبا نحو منطقة الجفرة وسط البلاد التى تسيطر عليها قوات فجر ليبيا. وتمثل الجفرة صيدا ثمينا بالنسبة لداعش ففيها قاعدة جوية ذات أهمية استراتيجية كما أنها قريبة من حقل المبروك النفطى أحد أغنى حقول البلاد.