تستضيف العاصمة الجزائرية جولة حوار ليبية جديدة، هذه المرة محملة بمحاذير من خطر تمدد تنظيم داعش الذي يسيطر على مدينة سرت ويزحف باتجاه مدن أخرى، ورغم أن أصل تواجد فرقاء الأزمة بليبيا في الجزائر، هو إيجاد توافق لحل الأزمة الأمنية والسياسية في البلاد، لكن ظل "داعش" لم يفارق أطوار المباحثات والنقاش. انطلقت في الجزائر مؤخرا جولة جديدة للحوار الليببي، بمشاركة أكثر من عشرين شخصية من قادة أحزاب وناشطين سياسيين، لبحث تشكيل حكومة وطنية ومسودة اتفاق سياسي شامل لحل الأزمة في البلاد، وقال برناردينو ليون، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، خلال افتتاح الجلسة إن «الاجتماع يُعقد في ظروف صعبة جداً تعيشها ليبيا حيث هناك تراجع على كل المستويات في وقت يسجل تمدد كبير لتنظيم داعش الإرهابي»، مضيفًا «ما أن نحاول القيام به خلال هذين اليومين هنا مناقشة كيفية تحسين مسودة الاتفاق، وإرسال رسالة مفادها أنها مقبولة من قبل جميع الليبيين». وفي أبريل الماضي سلم "ليون" لأطراف النزاع في البلاد، فور انتهاء جولات المباحثات التي أجريت في مدينة (الصخيرات) المغربية، مسودة مقترحة تتضمن حل الأزمة الليبية وفق بنود كتبت على ضوء تلك المباحثات، وفي الوقت الذي أبدى مجلس النواب الليبي (البرلمان) المنعقد في مدينة طبرق موافقته على المسودة، بعد إجراء تعديلات علي بعض بنودها، أعلن المؤتمر الوطني العام المنعقد في طرابلس، رفضه التام للمسودة، قائلا على لسان عمر حميدان المتحدث باسمه، إن «المؤتمر يرفض تماما النظر في مسودة المقترح المقدمة من بعثة الأممالمتحدة، كونها لم تستند على حل موضوعي وشامل ومتوازن»، الأمر الذي دعا البعثة اليوم لاقتراح مسودة رابعة لحل الأزمة الليبية. في نفس السياق عبر الفرقاء الليبيين عن تفائلهم بقرب التوصل لحل سياسي ينتزع ليبيا من بحر القتال المتواصل منذ العام الماضي وإقامة حكومة وطنية واحدة، حيث أشاد وزير الخارجية والتعاون الدولي بالحكومة الليبية المؤقتة محمد الدايري بالحوار متفائلًا بقرب التوصل إلى اتفاق يسهم في حل الأزمة الليبية، وأوضح الدايري في تصريح أدلى به لعدد من وسائل الإعلام في بروكسل بأن الأيام القادمة ستكون حاسمة وستشهد تطورات هامة على هذا الطريق"، على حد تقديره. وذكرت وكالة أنباء "آكي" الإيطالية أن وزير الخارجية الليبي أثنى في تصريحه على الجهد الذي بذلته الأطراف في مدينة مصراته للاقتراب من السلطات الشرعية، معبراً عن أمله أن يسير المتواجدون في طرابلس (وهم سلطة غير معترف بها حالياً) في الاتجاه نفسه. من جانب آخر؛ قال عبد الحفيظ غوقة نائب رئيس المجلس الانتقالي سابقًا في ليبيا إنه يتوقع توصل أطراف الأزمة الليبية إلى توافق حول حكومة وحدة وطنية قبل منتصف شهر يونيو الجاري، وقال النائب السابق لرئيس المجلس الانتقالي: "نحن متفائلون أنه قبل منتصف هذا الشهر (يونيو) نكون قد وصلنا إلى اتفاق حول حكومة الوفاق الوطني كأهم مخرجات هذا الحوار، مضيفًا "هذه الجولة من الحوار ستكون حاسمة كما قال المبعوث ألأممي إلى ليبيا، وستكون نهائية سواء بالنسبة للأطراف السياسية في الجزائر، أو الأطراف المشاركة في مسار الصخيرات بالمغرب". وأكد غوقة أن "مسودة الاتفاق السياسي التي ستعرض خلال هذه الجولة من الحوار أعتقد أنها لن تكون قابلة للأحد والرد كسابقتها كونها أخذت في الاعتبار مواقف كل الأطراف المشاركة في الحوار، وبالتالي هي لبت إلى حد كبير أسس التوافق للوصول إلى اتفاق للانتقال السياسي في ليبيا". وعن مضمون هذه المسودة قال غوقة: "المهم أنه تمت المحافظة على العمود الفقري الذي تضمنته المسودات السابقة وهو المحافظة على سيادة ووحدة ليبيا والاحتفاظ بالمسار الديمقراطي بالمحافظة على السلطة الشرعية المنتخبة من قبل الشعب الليبي، وهو مجلس النواب ودعم الجيش في مواجهة التنظيمات المتطرفة". مند بدء الأزمة الليبية وتعددت الحوارات والمبادرات من دول الجوار في محاولة لوقف القتال، لكن يرى الخبراء أن هذا الأمر يؤثر على أهمية الحوار ولم يعط مؤشر بجديته، حيث انتقل الحوار الليبي في العام الماضي من جنيف إلى المغرب بمشاركة نواب من برلمان طبرق المعترف به دوليًا والمؤتمر الوطني الليبي في طرابلس، ولم يمض أسابيع وشهدت الجزائر حوارًا آخر متزامنًا مع حوار المغرب مستضيفة فيه قوى سياسية وحزبية وشخصيات من المجتمع المدني، ثم استضافت القاهرة جلستين للقبائل الليبية في شهر أكتوبر من العام الماضي، ومايو من العام الجاري.