تمخض الجبل فولد فأرًا.. ربما ينطبق هذا المثل بشكل كبير على نتائج القمة الأوروبية الطارئة التى عٌقدت لمناقشة أزمة الهجرة غير الشرعية، بعد أن لقى حوالى ألف مهاجر غير شرعى مصرعهم فى مياه البحر المتوسط مؤخرا، حيث يرى الكثيرون أن الإجراءات التى أعلنتها دول الاتحاد الأوروبى لمعالجة تلك الأزمة ليست كافية. وكان زعماء دول الاتحاد الأوروبى قد اتفقوا- خلال القمة الطارئة التى عُقدت فى بروكسل، لمعالجة أزمة المهاجرين فى المنطقة- على زيادة ميزانية عملية «تريتون» البحرية الهادفة إلى الحد من عدد المهاجرين إلى أوروبا بمقدار ثلاثة أضعاف، كما قرر الاتحاد الأوروبى أيضا دراسة إمكانية القيام بعمل عسكرى ضد المهاجرين، وتكليف وزيرة خارجية الاتحاد «فيديريكا موغيرينى» بمهمة الحصول على تفويض دولى للقيام بمثل هذه العملية، وقد قوبل هذا القرار بانتقادات شديدة من منظمات دولية وحقوقية، وفى هذا الإطار حث الأمين العام للأمم المتحدة «بان كى مون» أوروبا على عدم اللجوء إلى حل عسكرى قائلا «ما من حل عسكرى للمأساة فى البحر المتوسط»، مضيفا «المهم أن تكون هناك مقاربة دولية تأخذ فى الاعتبار جذور المشكلة، الأمن وحقوق الإنسان للمهاجرين واللاجئين، كأن توجد قنوات هجرة قانونية ومنتظمة». لم تكن الانتقادات الموجهة للاتحاد الأوروبى مقصورة فقط على المنظمات الدولية والحقوقية، إذ أجمع العديد من الصحف الأوروبية التى اهتمت بمتابعة الحدث، على انتقاد ورفض قرارات الاتحاد الأوروبى الخاصة بمعالجة أزمة الهجرة غير الشرعية، وفى هذا السياق انتقدت صحيفة «براونشفايجر تسايتونج» الألمانية الخطوات التى تنوى دول الاتحاد الأوروبى تفعيلها لمواجهة تهريب البشر إلى أوروبا، قائلة إن «مفهوم الردع قد يكون مفيدا عندما يتواجه خصمان مسلحان، وليس عندما يتعلق الأمر بأناس لا يوجد لديهم فى أوطانهم شىء يخسرونه»، وتابعت «وبدلا من مواصلة إحكام إغلاق الحدود الخارجية، ينبغى على دول الاتحاد الأوروبى أن تفحص طلبات اللجوء فى البلدان الأصلية للاجئين، وأن تفتح قنوات قانونية للهجرة أمام الناس فى مناطق الحروب، كل هذا لن يمنع أشخاصا آخرين من امتطاء قوارب صغيرة كثيرة والوقوع ضحايا لعصابات مهربين منعدمة الضمير، لكن سياسة مغايرة يمكن أن تقلل من المعاناة». لم تختلف صحيفة «لافونير» البلجيكية كثيرا، حيث انتقدت المقاربة الأمنية المتشددة التى لخص فيها القادة الأوروبيون معالجتهم لمشكلة الهجرة فى المتوسط، من خلال تشديد المراقبة على الحدود والأمن فى البحر، وتدمير قوارب المهربين، وتوزيع عادل للاجئين على بلدان الاتحاد ال 28. وقالت الصحيفة إن «الهجرة موضوع شائك ومعقد، ولا يمكن سوى الأسف للاستخفاف الذى يعامل به، بل حتى الأنانية الأوروبية، مثل طبيب يقترح ضمادة لعلاج مريض بالسرطان». أما صحيفة (لاليبير بيلجيك) فقد كتبت من جهتها أن الخيارات المتفق عليها بين القادة الأوروبيين لا تثير كثيرا من الحماسة، مضيفة أن القادة الأوروبيين لم يفعلوا أكثر من تعزيز صورة أوروبا كقلعة منيعة، والغرب كأنانى ومتغطرس ومنغلق على نفسه. من جهتها، أشارت صحيفة «أيه بى سى» الإسبانية إلى أن الاتحاد الأوروبى يعترف بأنه ليس لديه حل سريع لمشكلة الهجرة، وأن القادة الأوروبيين يدركون صعوبة إطلاق أى تدخل ضد سفن مهربى البشر فى البحر الأبيض المتوسط.