حالة من الغضب تسود منظمات المجتمع المدنى احتجاجًا على مشروع قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، خاصة وأن القانون يتيح لأجهزة الأمن اتخاذ إجراءات حجب المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعى ثم إخطار النيابة العامة خلال يومين ثم تتولى النيابة عرض الأمر على دائرة مستعجلة فى محكمة جنايات القاهرة خلال يوم واحد وتفصل المحكمة فى مدى قانونية قرار الحجب فى اليوم ذاته، حيث اعتبرت أن القانون وسيلة لانتهاك الحريات لأنه يمس الخصوصية.قال شريف هلالى المدير التنفيذى للمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدنى وحقوق الإنسان إن القانون يحتاج إلى مناقشته فى خلال حوار مجتمعى قبل إصداره وذلك لعلاقته المباشرة بحرية الرأى والتعبير، معتبرًا القانون من حيث المبدأ مقيدا لحقوق الإنسان والحريات. وأوضح الهلالى أن معيار الأمن القومى الذى استند إليه القانون والذى يتيح لأجهزة الأمن لأول مرة فى التاريخ أن يحجب أى مواقع أو صفحات إلكترونية إذا أرتأت جهات التحرى والضبط فى وزارة الداخلية أنها تمثل تهديدًا للأمن القومى. وأعرب هلالى عن تخوفه من استخدام المصطلح كذريعة يعطى الحق المطلق لوزارة الداخلية فى إغلاق المواقع والصفحات الإلكترونية والتواصل الاجتماعى.. موضحًا أنه بعد ثورة 25 يناير يوجد عدد كبير من المواقع الإخبارية وبالتالى فإغلاق هذه المواقع قد يتسبب فى أزمة كبيرة تتعارض مع الحقوق والحريات ولذلك فمن الضرورى أن يخضع القانون للدراسة قبل إصداره. كما شدد هلالى على ضرورة أن يكون هناك حوار مجتمعى جاد حول القانون حتى نتلاشى ما حدث مع قانون الانتخابات البرلمانية وتقسيم الدوائر ومباشرة الحقوق السياسية حتى يحصل على توافق مجتمعى قبل صدوره ويتوافق مع مبادئ حقوق الإنسان الموقعة عليها مصر فى جنيف. وطالب هلالى بأهمية دعوة المجتمع المدنى مثل نقابة الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان دراسة كافة الآراء حول القانون حتى يحظى بموافقة مجتمعية ولا يتم الطعن فى عدم دستوريته. ضد حرية الرأى المحامى الحقوقى ومدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائى وحقوق الإنسان محمد زارع رفض أن يكون هناك فكرة أو مشروع لقانون يحد من الحريات وخاصة حرية الرأى والتعبير والتى كلفها الدستور والقانون. وأوضح أن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات يضر بالأمن القومى ولا يحمى الأمن القومى وسيزيد من العنف لأنه يقيد حريات المواطنين فى التعبير عن الرأى وتداول المعلومات وخاصة صفحات التواصل الاجتماعى التى تعد الوسيلة الرئيسية لتداول المعلومات والتعبير عن الرأى. مؤكدًا فى الوقت ذاته أنه ليس ضد مكافحة الجريمة التى ترتكب عن طريق شبكات الإنترنت والتحريض على العنف. وإنما تكون عن طريق القضاء والنيابة وليس عن طريق وزارة الداخلية، وأعرب زارع عن أمله فى أن تكون سلطة الحجب فى يد القضاء والنيابة العامة وليس فى يد السلطة التنفيذية. وبالتالى فمن الضرورى أن تحقق النيابة العامة فى الواقعة ثم ترسل القضية إلى القضاة ثم ينظر مدى جدية إغلاق هذه المواقع من عدمه ويحدد مدى خطورته على الأمن القومى أما غير ذلك فهو ضد حرية الرأى والتعبير. كما حذر زارع من كبت الحريات مرة أخرى «معتبرًا إياها دعوة للعنف من جديد» واصفًا القانون بأنه خطوة للوراء فى مجال الحريات وحقوق الإنسان، ووجه زارع رسالة للرئيس عبد الفتاح السيسى قائلًا «إن ثورة 25 يناير و30 يونيو جاءت من أجل الحرية وأنه من غير المعقول أن يتم العصف بحرية الرأى والفكر. من جهته أكد مالك عدلى مدير شبكة المحامين بالمركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن القانون حال إقراره سيجعل مصر فى مصاف الدول التى تنتهك حريات الرأى والتعبير. وأوضح عدلى أن المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعى أصبحت المتنفس الوحيد للشباب ومن خلاله استطاع أن يسقط الأنظمة وبالتالى فإن حجب هذه المواقع يعد انتهاكا للحريات، وأعرب مدير شبكة المحامين بالمركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن أمله بألا يصدر القانون بشكله الحالى وأن يتم مناقشته ودراسته. إختراق الحجب وأشار إلى أن وسيلة حجب المواقع أثبتت عدم نفعيتها فى الكثير من الدول واستطاع الشباب أن يخترق هذا الحجب، لافتًا إلى أن القانون ينتهك خصوصيات المواطنين ولا يحميها كما يدعى بعض المسئولين، والقانون هو واحد من ضمن القوانين سيئة السمعة التى تشكل انتهاكًا لحقوق المواطن المصرى وعدم الحق فى المعرفة، داعيًا الحكومة إلى الدعوة لحوار مجتمعى حول القانون قبل إصداره. حرية التعامل بدوره أكد محسن بهنسى المدير التنفيذى لمركز الشهيد لحقوق الإنسان أن أى قوانين تحد من حرية التعامل مع الإنترنت فهى لابد أنها تمس الخصوصية وتفتح أبواب التتبع والمراقبة للمواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعى. حق التعبير وحول تعارض القانون مع الدستور أوضح الفقيه الدستورى المستشار نور الدين على أنه عندما نتحدث عن دولة سيادة القانون وأن أساس الحكم فى الدولة هو تلك السيادة وتخضع الدولة للقانون وبالأخص القانون الأثمى وهو القانون الدستورى مضيفًا أنه من حق الدولة وفقًا لنص المادة 31 من الدستور أن تحمى أمنها المعلوماتى والقومى حيث تنص تلك المادة على أن القضاء والمعلومات جزء أساسى من منظومة الاقتصاد والأمن القومى وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليه على النحو الذى ينظمه القانون إلا أنه ليس معنى ذلك أن تخل الدولة بالحرية الشخصية للمواطن وفقًا لنص المادة 54 فى الدستور باعتبارها حقًا طبيعيًا ولا يجوز المساس بها إلا بأمر قضائى مسبب يستلزم التحقيق فضلًا على أن المادة 57 فى الدستور نصت على حرمة الحياة الخاصة وهى مصونة لا تمس وهى متمثلة فى المراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية وغيرها من وسائل الاتصال وسريتها مكفولة ولا تجوز الاطلاع عليها أو رقابتها إلى بأمر قضائى ولمدة محددة وبالأحوال التى يحددها القانون ولا يجوز للدولة تعقيدها ولا وقفها أو حرمان المواطنين أو المساس بتلك الحقوق. وأشار على إلى أن مواقع التواصل الاجتماعى تعد أحد وسائل حرية الرأى والفكر وحيث أن لكل إنسان حق التعبير عن رأيه سواء بالكتابة أو التصوير وغير ذلك فى وسائل التعبير والنشر وفقًا لنص المادة 65 فى الدستور. وأكد الفقيه الدستورى على أحقية الدولة فى حماية أمنها القومى ولكن بالشروط التى حددها الدستور.