حضور غير مسبوق حظى به ملتقى القاهرة الدولى السادس للرواية العربية والذى يحمل عنوان «تحولات وجماليات الشكل الروائى» وترجع أهمية هذا الملتقى إلى أنه عقد بعد انقطاع دام لمدة ست سنوات ليضم مجموعة كبيرة من الروائيين والكتاب والنقاد من مصر والوطن العربى.أكد الناقد صلاح فضل فى كلمته أن موجات التنوير لم تنتكس فى وطننا العربى، وقد مرت مرحلة التنوير بثلاث مراحل أولاها: المبشرون وعلى رأسهم رفاعة الطهطاوى والجيل الثانى وهم المفكرون الذين أسسوا للنهضة والثقافة والتنوير الحقيقى وكان أحد روادها طه حسين أما الجيل الثالث فهم المبدعون وحملة مشعل التنوير فى حياتنا، وقد قامت معها الجماهير فى ثلاثين يونيه وهم السبب فى دخول حقبة جديدة من الأدب، فالمبدع يساهم فى صناعة الحياة فهم أطباء لأمراض الأمة وحافظون لكيان النهضة. أضاف فضل أن هذه الدورة تتميز بعدة مميزات، حيث شهدت رعاية ثلاثة وزراء وهم د. صابر عرب، ود.جابر عصفور، ود.عبدالواحد النبوى، وهذا دليل على تصميم الوزارة على المضى قدما على مدى ثمانية أشهر مما ينذر بحراك ثقافى، وأضاف أن الثقافة لها نفوذ سياسى ويوجه حركتها، مما يجعل تلك الدورة من الأهمية بمكان أنها تضم الشباب من الجيل الثانى والثالث وهو أمر جيد يساعد فى رصد تحولات الواقع والإبداع معا فهو دعوة لرسم خارطة المستقبل فى مجال الرواية. وألقت د.زبيدة عطا أستاذ التاريخ جامعة عين شمس وزوجة الأديب فتحى غانم كلمة أسرة الأديب فتحى غانم والذى ولد فى مارس 1924 وتخرج فى كلية الحقوق 1944وعمل بالصحافة فتولى منصب رئيس تحرير مؤسسة روزاليوسف، ثم رئيس مجلس إدارة ورئيس التحرير لجريدة الجمهورية ومؤسسة دار التحرير. وأشارت عطا إلى أن أشهر رواياته هى الجبل وهى تعد أول الروايات والتى استوحاها من شكوى أهل الجبل ضد المهندس حسن فتحى، وكذلك عكست روايته زينب والعرش، والرجل الذى فقد عقله، واقع عاشته مصر، واعتبرت من أفضل ما كتب فى تلك الفترة كل منهم عبرت عن أحوال ما مر فترة معينة، كما تسببت مقالاته فى روزالوسف سنة 1976 فى استبعاده منها. انعكاس للواقع وألقى الكاتب المغربى محمد برادة كلمة المشتركين فى الملتقى. قائلا إن الرواية العربية تعبر عن حاضر المجتمعات العربية الممتلئ بالانقسامات ويظهر به الكثير من السلبيات والذى نتج عنه هبات شبابه تمهيدا لإعادة بناء المجتمعات العربية. وأضاف أن أسباب إجهاض نهوض المجتمعات العربية ازدياد استخدام الدين والعنف للوصول للسلطة من خلال جهود الأنظمة الحاكمة. وأشار إلى أن الاستبداد والتسلط أمور تضافرت لإيقاف الاجتهادات الساعية إلى الإصلاح الدينى. ويقول إن الرواية العربية على مدار أكثر من مائة عام حظيت بجوائز عالمية لأنها تحمل خطابا يعنى بهموم المجتمع وأعماق الفرد، كما أن الرواية العربية حظيت بمستويات جمالية مهمة، مؤكدا أن الرواية وثيقة الصلة بالهوية، فالرواية العربية وسيلة لطرح الأسئلة المكبوتة، إضافة إلى إمكاناتها التى تحث القراء على السعى لتغيير الواقع العربى بعيدا عن العنف. عودة حميدة وألقى د.محمد عفيفى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة كلمة وزير الثقافة د.عبدالواحد النبوى والذى أعرب عن سعادته بعودة ملتقى الرواية العربية بعد غياب دام ستة سنوات، وأعرب عن تفاؤله لمشاركة الضيوف العرب من جميع الوطن العربى، وعن سعادته لزيادة قيمة الجائزة لتصبح 200 ألف جنيه، كما هنأ الشعب المصرى بتزامن الملتقى مع المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ والذى يؤسس بحق لدولة مدنية دستورية. وتناول الملتقى فى دورته لهذا العام عددا كبيرا من الأبحاث الأدبية القيمة التى تخص الرواية وكان أهمها ورقة الناقدة د. منى طلبة والتى استدعت التراث فى الرواية العربية الحديثة متخذة من رواية رحلة الضباع لسهير المصادفة نموذجا، حيث برعت المصادفة فى استخدام التراث باستخدام ثلاثة أبنية مختلفة فى روايتها، حيث استخدمت نصوص الجاحظ، بالإضافة إلى روايتها الأساسية، بالإضافة إلى إدخال رواية تراثية قديمة وهى بذلك استخدمت التراث فى استعادة خلق المعنى. وتناول الروائى إبراهيم فتحى تطور التقنيات الروائية فى مصر. وقال إن الرواية المصرية فى الستينيات لجأت إلى استخدام ممرات تصلح للحداثة، ثم جاء جيل جمال الغيطانى وأصلان والبساطى وبهاء طاهر ليصهروا الحداثة مع التراث فى الرواية، أما فى التسعينيات فقد فضل منتصر القماش وغيره من أبناء جيله التصدى للمسائل الفلسفية. كبت الحريات وتطرقت الناقدة زينب العسال إلى آليات القمع وممارسة العنف ضد الحريات وهو الأمر الذى مارسته النظم العربية فانهارت منظومة القيم والحريات فى وطننا العربى وتطرقت إلى تلك الفكرة من خلال روايات نجيب محفوظ ويوسف إدريس، وفتحى غانم، وعبدالعظيم أنيس، وغيرهم ممن عبروا عنها من خلال سيرتهم الذاتية فى رواياتهم عن تجربة اعتقالهم. أما الروائية عزة بدر فقد تطرقت إلى معالجة فتحى غانم لقضية علاقة المثقف بالسلطة والذى يصور أزمة المثقف متأرجحا بين ضميره وولائه وبين مسئولياته الاجتماعية وعلاقته بالسلطة وهو الأمر الذى تؤكده قضية القمع والحرية فى روايات فتحى غانم فيكشف غانم ما تمارسه السلطة من قهر على نخب المثقفين. ويقول الكاتب السعودى يحيى القاسم إن الرواية العربية تشهد تنوعا كبيرا فى اتجاهات الكتابة وتنوعا فى الموضوعات المعبرة عن الهوية العربية وتستخدم فى ذكر الموروث الشعبى من أفراح وأحزان، وكذلك المعتقدات الفكرية ومنظومة القيم والعادات والتقاليد، وكذلك دور المرأة والرجل.