الإسكندرية مدينة متعددة الثقافات، حيث اختلطت بها الحضارات وعاش فيها أبناء الديانات الثلاث.. وكانت تمثل شعاع التنوير للشرق كله، وقد شهدت عروس البحر المتوسط مولد المطرب العالمى السكندرى الأصل اليونانى الجنسية «ديمس جورج روسوس».. فى حوارى حى الأزاريطة وبالتحديد فى «2» شارع ابن شجاع فى منطقة سويتر بجوار جامعة الإسكندرية وبالقرب من النادى اليونانى والقنصلية اليونانية.. ولد وعاش وتربى مثل آلاف الأسر اليونانية التى جاءت من اليونان إلى مصر فى نهاية القرن التاسع عشر بحثًا عن أرض جديدة ولقمة العيش.. ولأن شعوب البحر المتوسط ومنها مصر واليونان لهم سمات متشابهة عاش اليونانيون فى الإسكندرية وبورسعيد، حيث كان البحر المتوسط شريان يجمع بينهما.والجالية اليونانية فى الإسكندرية فصل من فصول المدينة «الكوزمولولتيانية» المدينة متعددة الثقافات والحضارات.. اندمج اليونانيون فى المجتمع السكندرى.. وساهموا فى الحركة الثقافية والصناعية والتجارية وكان منهم «كافاس» أمير الشعراء اليونانيين الذى كان يعيش فى قصره فى منطقة العطارين.. وأكبر تجار القطن فى مصر سلفاجو وغيرهم الكثير، ومنهم الفنان ديمس روسوس وقد كان مقر البطريركية اليونانية الأرثوذكسية عامل جذب للجالية، وقد عم الحزن من أثينا إلى الإسكندرية فى لحظات حينما علمت الجالية اليونانية بالإسكندرية برحيل المطرب العالمى، واشتد الحزن فى الحى الذى كان يقيم فيه فى منطقة الأزاريطة. «أكتوبر» ذهبت إلى حيث ولد المطرب بشارع ابن شجاع والتقت فى مسقط رأسه وفى الشقة التى ولد فيها بأحد أصدقائه وهو ميمى أبو علفة الذى كان جارًا لديمس روسوس وكان يحضر إليه عندما يزور الإسكندرية ويسأله عن الأحوال وعن الأصدقاء القدامى وعما تبقى من اليونانيين والمصريين من المنزل يقول أبو علفة إن روسوس كان من يومه فنانًا وكان يصطحب أصدقاءه للغناء والعزف على آلة الترومبت.. وكان دائم التردد على النادى اليونانى المجاور للمنزل للعزف والغناء وكان يأتى فى زيارته ويجلس معنا على المقهى، وكان يضع الشيشة فى فمه.. ولا يدخنها، وكانت منطقة الأزاريطة مكتظة باليونانيين فأصحاب المقاهى والجرسونات والحلاقين وأصحاب محلات البقالة من اليونانيين.. وآخر مرة زار منزله منذ حوالى 10 سنوات ومعه عدد من الصحفيين والمصورين.. وكان والده يعمل فى مخازن القطن بمنطقة مينا البصل.. وكانت أسرته طيبة.. وعندما كان يحضر ديمس روسوس للإسكندرية يطلب من أصدقائه فى الإسكندرية إعداد بعض المأكولات السكندرية وخاصة المأكولات البحرية.. وقد غادر هو وأسرته الإسكندرية عام 1964 وكان عمره 18 عامًا. عاشق لمصر والإسكندرية يقول إدموند نيقولا كاسيماتس رئيس النادى اليونانى البحرى بالإسكندرية وعضو مجلس إدارة الجمعية اليونانية بالإسكندرية وصديق المطرب العالمى إنه كان عاشقا لمصر والإسكندرية وكان يتحدث اللهجة المصرية بطلاقة لأنه عاش فيها صباه وكانت والدته أولجا يونانية من أصول إيطالية ووالده جورج كان مديرًا لإحدى الجمعيات المنتشرة لرعاية الجالية بجوار عمله.. وكان يعتز بمسقط رأسه وكان له أخى يدعى قسطنطين يعمل طبيبًا وجميعهم هاجروا لليونان فى منتصف الستينيات وتعلم ديمس روسوس فى مدرسة إيريدس اليونانية فى المراحل الأولى ثم انتقل لمدرسة البطريركية اليونانية بالإسكندرية ومنها انطلقت موهبته فى الموسيقى، حيث بدأت علاقته بالموسيقى فى سن العاشرة مع عزف آلة الترومبيت وتأثر بموسيقى الجاز.. وبدأت العزف فى كورال الكنيسة البيزنطية اليونانية بالإسكندرية وعندما ذهب لليونان مارس العزف فى ديسكوهات أثينا.. وعمل فى إحدى الفرق.. وكون فرقته الأولى «وى فايف» التى أثارت ضجة كبيرة وأسس فرقته الثانية «أفرودابيتز تسايلد» التى انطلقت فيها شهرته عندما وصلت الفرقة إلى فرنسا من مايو 1968 انطلقت ثورة الطلاب والشباب وغنى للثورة. حكاية الجبلاية وفى عام 1975 زار ديمس روسوس مصر لأول مرة بعد مغادرته لها بعد الحنين لمسقط رأسه.. وشارك فى الغناء فى حفل كبير بنادى الجزيرة الأوبرا، ومن عام 1999 غنى فى افتتاح فى مركز القاهرة الدولى. وكان مغرمًا فى حفلات بالغناء بالجلباب المزركس أو القفطان وسر ذلك كما يقول صديقه أدموند نيقولا أن كان يقول أنه يذكره بمسقط رأسه وباللبس الشعبى للمصريين وكذلك لأنه كان يجد فيه كرامة خاصة أنه كان ضخم البنيان وكان يذكر بأبناء البلد فى مصر الذى عاشق وتربى وسطهم وكان يشاركهم عادتهم وتقاليدهم. ديمس روسوس غنى للإسكندرية أغانى عديدة باللغات الأدبية عبر فيها عن جمال المدينة والحنين إليها اعترافًا بدورها الثقافى والسياحى.. وغنى فىالنادى اليونانى بالإسكندرية وكان معجبًا بمكتبة الإسكندرية التى أحيت المكتبة القديمة من أشهر أغانيه «إلى الأبد» «وداعًا صديقى» «وحين أحبك» «بعيدًا». باع ملايين الإسطوانات.. وتوفى فى مستشفى خاص فى أثينا عن عمر يناهز 69 عامًا حافلة بالموسيقى والغناء والذكريات مع مسقط رأسه الإسكندرية التى عاش وتعلم فيها حتى فترة الصبا.. وستذكره الإسكندرية دائمًا كابن من أبنائها.. عاش ضمن أبناء الجالية اليونانية التى مازال أبناؤها يعيشون فى تناغم واندماج حتى أنهم كانوا يصدرون صحيفة يونانية يومية تسمى «تشيدروس» حتى منتصف الستينيات وكان العديد منهم أعضاء من نقابة الصحفيين بالإسكندرية.. وداعًا ديمس روسوس.. ويبقى الفن عابر القارات والدولة وتبقى مصر والإسكندرية رمزًا للحضارة وحاضنة لكل الثقافات والديانات.