اثارت الهجمات الإرهابية التى شهدتها فرنسا مؤخرًا، مخاوف القارة الأوروبية بأكملها من احتمال تعرضها لهجمات مشابهة ولهذا بادرت أكثر من دولة أوروبية باتخاذ إجراءات تهدف إلى إحباط نشاط الجماعات المرتبطة بتنظيمات إرهابية، وهو ما أكده مسئول استخباراتى غربى - رفض الكشف عن هويته - مشيرًا إلى وجود ما لا يقل عن 20 خلية نائمة تابعة لجماعات ومنظمات إرهابية، تضم ما بين 120 و180 مشتبها، مستعدة بالفعل لشن هجمات فى عدد من الدول الأوروبية، وأضاف لشبكة «سى إن إن» الأمريكية أنه بحسب المعلومات التى حصلت عليها أجهزة استخبارات غربية، فإن تلك الخلايا النائمة يمكنها توجيه ضربات فى كل من فرنسا، وألمانيا، وبلجيكا، وهولندا، والأخيرتين هما الأكثر تهديدا بهجوم وشيك. وبناء على هذه المعلومات، سارعت تلك الدول إلى اتخاذ إجراءات استثنائية لحماية أمنها، وفى مقدمتها بلجيكا، وأعلن رئيس وزراء بلجيكا «شارل ميشال» أنه سيتم تفعيل دور الجيش لحفظ الأمن فى الأماكن العامة، كما سيتم حرمان الأشخاص الذين يتوجهون للمحاربة فى صفوف داعش من الجنسية البلجيكية، وصرح المدعى العام بأن أجهزة الشرطة أوقفت 13 شخصا، وفى هذا السياق، ذكرت صحيفة «لافونير» البلجيكية أنه تم اتخاذ 12 إجراء يتم تنفيذها على المدى القصير، من قبل الحكومة الاتحادية لمكافحة التطرف والإرهاب، وأشارت الصحيفة إلى أنه كان متوقعا الرد على التهديدات الإرهابية، بل إنه أمر ضرورى أيضا، مضيفة أن بلجيكا لم تتجنب بعد هجوما عنيفا، ومازالت التهديدات موجودة، أما صحيفة «لاليبر بلجيك» فأثنت على هذه الإجراءات، قائلة إن التدابير التى نصت عليها الحكومة الاتحادية تبدو مناسبة تماما للوضع القائم، مشيرة إلى أنه مع رفع مستوى التأهب، وتعبئة الجيش لحماية بعض المناطق والمبانى الحساسة، وتعزيز المصالح الاستخباراتية، تكون الحكومة قد اتخذت الإجراءات الصحيحة لمواجهة التهديدات الإرهابية، وتحديد الترتيبات الواجب اتخاذها للتصدى لها. ولم يكن الوضع مختلفا فى ألمانيا، حيث اعتقلت الشرطة شخصين، خلال عملية أمنية كبيرة، بتهمة التجهيز لعملية إرهابية كبيرة فى سوريا، وتجنيد أعضاء جدد فى صفوف داعش، وفى هذا الإطار دعت صحيفة «زود دويتشه تسايتونج» إلى مزيد من اليقظة، واتخاذ الحيطة من أجل تحقيق الأمن، وإبعاد الشعور بالقلق. ولا تقتصر التهديدات على ألمانياوبلجيكا فقط، ففى النرويج أيضا اهتمت الصحف بالتهديدات الإرهابية، وبحالات متطرفين فى البلاد، مثل «عرفان بهائى» الذى اعتقل سابقا وأطلق سراحه، وسبق له أن هدد بعض الأشخاص سنة 2010، وكذلك « الملا كريكار» الذى فرضت عليه السلطات النرويجية مؤخرًا البقاء ضمن دائرة جغرافية محددة فى محيط الشقة التى يقطنها. وإذا كانت الدول السابقة قد قامت بتوجيه ضربات استباقية لمواجهة الإرهاب فى بلادها، فإن فرنسا التى عانت بالفعل من الهجمات الإرهابية مؤخرًا، اتخذت هى الأخرى إجراءات مهمة، حيث ألقت الشرطة الفرنسية القبض على نحو 10 أشخاص للاشتباه بتورطهم فى تدبير الهجمات الإرهابية فى باريس. الإجراءات السابقة التى تتبعها عدد من الدول الأوروبية تؤكد أن أوروبا ماضية فى محاربة الإرهاب والتشدد، وهو ما ذكرته صحيفة «الباييس» الإسبانية التى كتبت تحت عنوان «أوروبا تعزز مكافحتها للإرهاب» أن القادة الأوروبيين يعتزمون تقديم مبادرات جديدة لمواجهة التهديد الجهادى الذى يترصد القارة الأوروبية، وأشارت الصحيفة إلى أن قادة البلدان الأوروبية يدركون أهمية المقاربة السياسية للخروج من هذه الأزمة الأمنية.