« أنت يا اللى حطيت القنبلة بتنتقم من مين؟ منى أنا اللى ربت ابنها بدموع عينيها ؟ حسبى الله ونعم الوكيل فيك وفى أمك اللى معرفتش تربيك لأنها لو كانت ربتك ما كنتش عملت كده عشان 200 جنيه»! هذه الكلمات التى تطعن قلب أى إنسان لديه جوارح ومشاعر لتلك الأم الثكلى والدة النقيب ضياء فتحى الشهيد الذى فقد حياته الأسبوع الماضى وهو يؤدى واجبه بتفكيك قنبلة بمنطقة الهرم. كل خبر مشئوم ينقل إلينا استشهاد ضابط أو مجند أو مواطن بغدر الإرهاب يتبادر إلى ذهنى وربما ذهن الكثيرين منا مشاعر أم الشهيد وكيف مرت عليها الأيام والسنين ليكبر أبنها أمام عينيها متحملة تربيته يوم بعد يوم بين تربية تتقى فيها الله وتعليم تتمنى أن يرفع من مكانته وصحة تحرص عليها وآمال وطموحات لمستقبله وعرسه وزوجته وزريته أحلام يظل الأم والأب يعيشاها فى ابنهم ثم يأتى قاتل حقير مستأجر أو شاب ضال أعمى البصيرة فشل أهله فى تربيته لينهى حياة هؤلاء الشهداء. والدة الشهيد ضياء فتحى الذى استشهد الأسبوع قبل الماضى، والذى تحول إلى رقم فى عداد الموتى، ووسائل الإعلام التى كانت تتسابق لمعرفة أية معلومة وتفصيله عن حياته وأسرته وبلده وأصدقائه - نسيته كما نسيت غيره ممن سبقوه إلى عالم الغيب والشهادة، نسيتهم كما نسيناهم نحن وتحولوا إلى مجرد ذكرى لذويهم الذين يتورارون فى أحزانهم. المهم أن تلك السيدة التى ربت ابنها بدموع عينيها هى التى وضعت يدها على موضع الداء عند هؤلاء القتلة والمجرمين وهو عدم التربية فبالتأكيد إما أن هؤلاء لم يربهم أحد أو أن من ربوهم هم أنفسهم مجرمون! أتذكر فى عام الإخوان الأسود الذى أفصحوا فيه عن هويتهم وتباهو بانتمائهم الفاسد أنى سمعت إحدى إمائهم وهى تصف كيف تربى أولادها على الشدة والصلف فى مواجهة الطغاة وأنها نبهت غيرها من أمهات مساجين الإخوان ألا يبكين أمام الأعداء عند زيارة ابنائهن وهى تقصد ضباط الشرطة ! إذن ضباط الشرطة بالنسبة لهم أعداء وهم يفطمون أبناءهم على تلك المفاهيم، هذا نوع أما النوع الثانى فهو من لم يربه أهله على القناعة والشرف والتمسك بالقيم مهما كان الفقر قاسيا، وهذا النوع هو من يستأجره الإخوان لوضع متفجرات أو استخدام سلاح أو حتى الخروج فى مظاهرات بائسة من أجل حفنة جنيهات. الدولة فى مصر مهما حاربت الإرهاب ومهما استخدمت من وسائل وحققت نجاح، فهى لن تستطيع أن تمحو هؤلاء الذين لم تربهم أمهاتهم واستسهلوا قتل أرواح بريئة ، خلفت وراءها أطفال يتامى وأمهات ثكلى وأرامل فى ريعان الشباب - لا يجب أن يكون عقابهم على مجرد جريمة قتل يتمتعون فيه بما يتمتع به أى متهم من اجراءات تقاض ، ولكنه مجرم من نوع آخر يحتاج أن يرى الفزع بعينيه حتى يكون عبرة لأمثاله وهم ليسوا بقليل !