شابات فى عمر الزهور.. لم يترددن فى اقتحام الكتابة الأدبية فى محاولة منهن لإثبات الذات والتعبير عن الواقع الصعب الذى يعيشه جيلهن.. وبأسلوب ساخر ومحبب لدى القراء استطعن طرح مشاكل هذا الجيل كالعنوسة وتأخر سن الزواج، وعبرت عن معاناة الملايين من الفتيات بأقلام رشيقة واعدة فى عالم الكتابة الساخرة. «أكتوبر» التقت مع عدد من هؤلاء المبدعات الشابات وخرجت بالحصيلة التالية: فى البداية تحدثت إلينا سارة فوزى أحمد التى تبلغ 24 عاما وتخرجت فى قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة لتصبح معيدة بذات القسم وتقول إن رحلتها مع الكتابة بدأت منذ خمسة أعوام عبر مدونتها الخاصة والتى حملت اسم «سنة أولى إعلام» وهى كاتبة صحفية بعدة مواقع إخبارية شهيرة، تجدر الإشارة إلى أن سارة فازت بالمركز الأول لأفضل مقال فى المسابقة الأدبية على مستوى كلية الإعلام جامعة القاهرة لثلاثة أعوام متتالية هى 2011، 2012، 2013 كما حصلت على تكريم من قبل المجلس الأعلى للثقافة فى ديسمبر 2014، ولها مؤلفان هما: محاضرتين وكوباية شاى، إسكريبتورا يندرجان ضمن الأدب الساخر فى معالجة ونقد القضايا الاجتماعية, يشتمل إسكريبتورا على مجموعة متنوعة من المقالات تبلغ عشرين مقالا تندرج ضمن الأدب الاجتماعى الساخر، وإن أردتُ وصف إسكريبتورا فهو يمثل رحلة أى إنسان مع الحياة ومع التجارب والضغوط المتلاحقة التى نعيشها حاليا كشباب. أما عن «محاضرتين وكوباية شاى» فهو يعرض يوميات سارة أثناء دراستها بكلية الإعلام بجامعة القاهرة ويصعب تصنيفه ضمن لون أدبى محدد فهو مزيج من قصص شخصية وتجربة جامعية استمرت طيلة 4 أعوام، فالكتاب يمثل يوميات تعكس الواقع الجامعى بكل سلبياته وإيجابياته لكل طالبة بكلية الإعلام أو بأى كلية أخرى فى منظومة التعليم المصرى. سارة فوزى أكثر ما شغلها هو الكتابة عن المرأة المزيفة التى تصطنع شخصية غير حقيقية لتجعل الآخرين يبدون إعجابهم بها ولعل المواقف تبرهن عن زيف مثل تلك النساء وتكشف أقنعتهم وهو ما استعرضته سارة فى كتابها إسكريبتورا فى مقال «للبنات فقط» واستعرضت أيضا نماذج للفتاة الغيورة والفتاة المتسلطة والمرأة القيادية بصورة مبالغ بها والفتاة شديدة الرومانسية وبعض النماذج السلبية للنساء ونقدتهم بصورة لاذعة على أمل ألا تتبنى القارئات هذه النماذج الرديئة. كما تناولت أيضا فى «كتاب محاضرتين وكوباية شاى» الفتاة الراغبة فى الزواج والمتطلعة إليه ليس لأجل الحب ولأجل تدشين مؤسسة زواج ناجحة بل لأجل «دبلة الخطوبة والزفة وإغاظة زميلاتها على الفيس بوك والشو المصاحب للخطوبة» أى إن رغبتها فى الارتباط لا تنبع من اقتناعها بأهمية الارتباط بل رغبة فى المباهاة الاجتماعية وعيش الأجواء الاحتفالية بصورة مؤقتة. بصمة الكاتب وتناولت سارة قضايا عامة فى كتابيها ولا توجه مقالاتها لفئة معينة فليست كاتبة للمرأة أو للطفل أو للمراهقين ولكن كاتبة فى المطلق ولفئات عمرية متنوعة ومن بين القضايا التى جذبتها: الفيسبوك وتأثيره على مستخدميه وطبيعة العلاقات والتفاعلات داخل الفيس بوك، الحب فى زمننا الحالى، ثقافة هدم الناجحين، أهمية ترك بصمة طيبة فى الآخرين، اكتشاف الذات، الإيمان والعمل لتحقيق الحلم والدعوة للتفاؤل. وأغلب تناولها لتلك القضايا أو غيرها يكون فى إطار ساخر بعيد عن التكلف أو التصنع أو المبالغة فى التناول. وعن الأسلوب الساخر فتقول سارة إنه من أصعب الأساليب الأدبية وأكثرها ذكاءً و الكاتب الساخر هو صاحب العين ثلاثية الأبعاد.. صاحب الوعى والفكر المستنير فهو يبحث ويتعمق ويقرأ ما بين السطور وما وراء الحدث والعمق هو البعد الثالث فى المعالجة الساخرة الهادفة لأى موضوع، الشكليات والسطحيات تندرج ضمن النكات والقفشات أما العمق هو الذى يجعل القارئ يتوقف ليقرأ ويعيد قراءة الجملة أو الفقرة الساخرة ويعيها جيدا.. فالكتابة الساخرة هى السهل الممتنع حتى إن مصطلح السهل الممتنع وُضع لأجلها. كما أن الكتابة الساخرة ليست مسخرة وضحكا لأجل الضحك وليست نكتة أو مزحة بل هى إبداع من هموم وأوجاع..وكل شيئًا قابل للمعالجة الساخرة شريطة ألا تتحول تلك السخرية إلى مجرد قفشات بلا هدف وقهقهة بلا معنى ومبالغات سمجة تجعل قارئها ينساها بمجرد قلب صفحات الكتاب أو الجريدة. أما عن تجربتها فى الكتابة فتقول سارة لم تكن يسيرة ولم ترض أى دار نشر عرضت عليها كتبى بنشرها حتى ساعدنى والد صديقتى وعرفنى على الكاتب الصحفى والسيناريست هشام أبو المكارم والذى يمتلك دار طباعة. سارة تحضر الآن لكتاب جديد وهو سيكون رواية اجتماعية مبنية على أحداث واقعية لمجموعة من النساء. أدب الرحلات فتاة أخرى وهى دينا إبراهيم شعبان التى تبلغ من العمر 19 سنة وهى مازالت طالبة تدرس فى قسم الإذاعة والتليفزيون كلية الإعلام جامعة القاهرة تقول إن هدفها فى المستقبل أن تعمل بالكتابة التى تعتبرها هوايتها الأولى وعشقها للقراءة كان الدافع وراء خوض التجربة. والدة دينا ساعدتها وشجعتها الكتابه واكتشاف ذاتها. دينا لها مؤلف وحيد وهو «خواطر من كوكب الزهرة» والكتاب يتضمن العديد من الموضوعات العاطفية والفلسفية والنفسية والإنسانية المكتوبة بلغة سهلة وأسلوب سلس، اقتبست اسم الكتاب من كتاب «الرجال من المريخ و النساء من الزهرة» لجون غارى. ويتكون الكتاب بشكل عام من أربعة فصول ويتحدث الفصل الأول عن العواطف الإنسانية، لاسيما عاطفة الحب كما يتحدث أيضاً عن بعض المشكلات العاطفية التى تواجه الكثير منا، بينما يتضمن الفصل الثانى بعض الأمور الفلسفية، أما الفصل الثالث فيتحدث عن معاناة المرأة بوجه عام ومعاناة المرأة الشرقية بوجه خاص، كما يشتمل الفصل أيضاً على بعض المشكلات التى تواجه المرأة فى مجتمعنا العربى كالنظرة السائدة للمرأة العربية على إنها أداة لإشباع رغبات الرجل لا على إنها حياة لا يستحقها الا الرجال الحقيقيون بالإضافة إلى تهميش المرأة العربية ومشكلة العنوسة وغيرها من المشكلات، أما الفصل الرابع والأخير فيتضمن بعض مشكلات الوطن و أزماته. بدأت دينا فصول كتابها بالحديث عن سن اليأس وتقول إنه أكثر المشكلات التى تواجه المرأة العربية لأنه يتم النظر لها على أنها سلعة انتهت صلاحيتها، وشرحت فى كتابها بالتفصيل عن ما تشعر به المرأة وما تتحمله دون أن يشعر بها الرجل وذلك منذ طفولتها حتى نضجها. كما ناقشت مشكلة العنوسة ورغم أن الموضوع تمت معالجته فى الكثير من المؤلفات ولكن دينا عالجتها بإحساس الأنثى الخائفة هى أيضا من لقب عانس لكن ترى إن كرامة الأنثى فوق كل شىء وحذرت من خطورة لقب ظل راجل ولا ظل حيطة. كما ناقشت فى كتابها كافة حقوق المرأة والظلم الذى تتعرض له من كبت من الرجل والذى ظهر نتيجة المجتمع بمعاييره المختلفة تماما عن معايير الصواب و الخطأ. وتقول دينا: إنها تتمنى لأن تكون تلميذة نجيبة فى مدرسة الراحل الكبير أنيس منصور.