منذ أكثر من شهر نشرت بصفحة «مواقف إنسانية» حالة الطفلة «فاطمة» التى تبلغ من العمر سبع سنوات بعد أن جاءتنى الأم باكية وهى تحمل الأوراق والمستندات الخاصة بطفلتها الوحيدة.. الملاك الذى يعيش ويضيئ جنبات البيت.. الملاك الذى يعيش تائها بين السماء والأرض.. «فاطمة» الصغيرة هى حالة من الحالات الكثيرة التى أثرت فى وجعلت قلبى ينفطر عليها.. وخاصة بعد أن حكت الأم حكاية الملاك الذى هبط عليها من السماء ليرى الله ماذا تفعل هذه الأسرة معه؟ كانت الأم والأب حامدين الله شاكرين له نعمته عليهما.. فرحت الأم بها حملتها.. هدهدتها.. كانت تتمنى من الله أن تكبر وخراط البنات يمر عليها.. ولكن المصائب لا تأتى فرادى.. «فاطمة» تصرخ.. تبكى.. وعندما حان الوقت أن تتحرك أو تتفوه بحروف لم تفعل.. بل زادت صرخاتها وبكاؤها.. لاحظت الأم أن جسدها يتمايل هنا وهناك وكأنه شىء هلامى.. لم يمض على هذه الملاحظة وقت حتى بدأت الطفلة تتعرض لنوبات من التشنجات شديدة.. ذهبت بها الأم إلى الطبيب لترى ما حدث لفلذة كبدها.. وبعد الفحص طلب منها عمل أشعة على المخ وتحاليل وهنا ظهر المستور.. «فاطمة» مصابة بشلل دماغى أدى إلى شلل رباعى أفقدها القدرة على الحركة والكلام والتحكم فى عمليتى الإخراج وكانت روشتة طويلة من العلاج.. نعم إن شفاءها مستحيل ولكن هذه الأدوية كما أخبر الأطباء الأم فقط لمساعدتها حتى لا تتعرض لنوبات التشنجات.. وحتى لا تتيبس المفاصل والعظام.. سبع سنوات والحمل ثقيل.. ويزداد ثقلا شهرا عن الشهر الذى يليه.. الأب يعمل عاملا أرزقيا.. وكان طلب الأم من صفحة مواقف إنسانية مساعدتها فى شراء كرسى متحرك بمواصفات خاصة أولا لأنها غير قادرة على حمل الطفلة ونقلها من مكان إلى آخر.. ثانيا وهو قد يكون الأهم أنها وزوجها لا يملكان ثمن هذا الكرسى.. وهنا كان على أن أوجه نداء لأهل الخير لمد يد العون لهذه الأم الصبورة المسكينة الذى ابتلاها الله فى أعز ما لديها.. وبالفعل بمجرد نشر الحالة كانت صديقتى فاعلة الخير التى تمد يدها دائمًا لمساعدة مثل هذه الحالات تتصل بى وطلبت منى إرسال الأم لإحدى شركات الأجهزة الطبية التى تتعامل معها.. اتصلت بالأم التى لم تصدق نفسها حملت طفلتها على كتفها.. ومن مدينة 6 أكتوبر جاءت بها إلى مقر الشركة بوسط البلد وتم التأكد من المواصفات المطلوبة فى الكرسى المتحرك وكانت عبارة عن أحزمة طولية وعرضية لتمسك الجسد الهلامى حتى لا يتحرك فى كل اتجاه وتمنعه من السقوط من عليه.. كانت تكلفة تجهيز الكرسى بهذه المواصفات كثيرة نوعا ما وعرفت من فاعلة الخير أن المبلغ الذى رصدته أكبر مما توقعت.. ولكنها وافقت وأكدت أن الله سوف يرزقها وتستطيع تغطية التكلفة.. وكان الخير يقف على الباب.. فلم تمر ساعة على هذا الاتصال حتى عاودته مرة أخرى وكانت مسرورة هذه المرة.. وأكدت لى أن هذه الطفلة بالفعل ملاك وهى فى حاجة فعليا لهذا الكرسى وكان برهانها أنه خلال هذه الساعة قد رزقها الله بأكثر من عشرة آلاف جنيه وأنها متبرعة بهذا المبلغ لثلاث حالات بجانب حالة الطفلة «فاطمة» وجاءت واختارت الحالات الثلاث بنفسها وكان المبلغ من نصيب أولا حالة «جمال» الذى يحتاج إلى شراء علاج يصل ثمن العلبة منه إلى 150 جنيها.. أما الحالة الثانية فهى حالة مريم ومحمود اللذين جمعهما مرض السرطان وتزوجا داخل أروقة المعهد القومى للسرطان، ولكن حالة محمود تدهورت وهو الآن لا يستطيع أن يوفر مصاريفه هو وزوجته ومصاريف العلاج والمرض.. وأما الحالة الثالثة كانت لعائشة الأرملة والتى تعانى من فيروس (C) وتحتاج إلى مصاريف العلاج ولها من الأولاد أربعة بمراحل التعليم المختلفة.. وهكذا كانت «فاطمة» الملاك الحارس. وكانت رحلة استلام الكرسى المتحرك رحلة طويلة قام بها الزميل المصور عبد الله عبد العزيز الذى رافق الكرسى من مقر الشركة بوسط البلد إلى الحى الحادى عشر بمدينة السادس من أكتوبر، حيث منزل فاطمة.. رصد مشاعر الفرح والامتنان لأمها ولأبيها.. وقد أخبرنى بعد عودته وهو متأثر بما رأى بأن الطفلة لا يتعدى وزنها 9 كيلو جرامات وحاولوا وضعها على الكرسى بكل حرص فهى مصابة بتيبس فى الساقين والذراعين.. وبالرغم من بلوغها السابعة من العمر إلا أن أسنانها لم تكتمل بعد.. يقول نظرت لوجهها وابتسامتها الذى ملأت وجهها وتأكدت أنها ملاك يعيش داخل هذا البيت. وفى النهاية فإن الشكر من أم فاطمة وأبيها لفاعلة الخير التى أدخلت الفرحة على هذه الأسرة التعيسة.. ونحن بدورنا نقدم لها الشكر. جعل الله ما تفعله من خير فى ميزان حسناتها وحسناتنا.